لم تكن ثورة الخامس والعشرين من يناير ثورة جياع أو ثورة رعاع. ولكن من أهم أسباب تفردها وعظمتها أنها كانت ثورة مثقفين، وإن شئنا الدقة، هي ثورة شباب المثقفين. فمن الثابت أن من دعا للتظاهر هم مستخدمي أحدث وسائل الاتصال العصري "الفيس بوك". لذا كان تفردها في أنها ثورة سلمية، وثورة حضارية. تقدمها الشباب، ودعمها الشعب بكل فئاته الاجتماعية والعمرية. فهي ثورة لم تعرف قائدا بعينه، وإنما كل ساهم بقدر فيها. وأكرر.. في طليعتهم الشباب، ومن ورائهم كافة الأعمار.
ولأن الكاتب يعيش حياة مجتمعه، لذا فالنص الأدبي المنتج، يعيش حالة جدل مستمر مع هذا المجتمع. ولا شك أن المجتمع المصري كان يعيش في الفترة الأخيرة - قبيل الثورة - موجات هادرة تحت السطح، واختلف تلقي المبدع المصري، وتعايشه مع هذه الموجات بحسب عديد المؤثرات التي تُكّون تقبله للعالم من حوله. ولعديد الظروف المجتمعية التي أقلها التدخلات الأمنية، جاء أغلبها آخذا صورة الهروب، أو الانغماس في الماديات، أو المقاومة السلبية، التي تعبر عن الرفض، دون أن تطالها يد الأمن الفارض وجوده. فسعي الإنتاج الأدبي إلي القيام بثورته الذاتية علي الموروث من الأشكال والأنواع الأدبية. فتداخلت الحدود بينها، وأصبح هناك ما يسمي ب(النص) للتخلص من قيود النوع، وحطم المسار التقليدي المتصاعد في الحدث، واتجه إلي السير أفقيا بدلا من السير تصاعديا، الأمر الذي فتت الحدث، وتماهي الزمان في المكان. فكانت الثورة الأدبية هي ثورة الشكل الأدبي، الذي أصبح هو البطل، وهو الرسالة، وهو التعبير الحق عن روح الحياة الاجتماعية المعاشة. ولم تكن هذه ثورة فرد، وإنما هي ثورة جيل، كان له إمتداد من أجيال سبقته، تشرب منها، واستكمل مسيرتها. وفي كل، كان المجتمع المحيط هو الرافد الأكبر لهذا الإبداع، يستقي منه مادته، ليعيد صبها فيه بشكل جدلي، يحاول – المبدع – أن يسلط الأضواء علي ما يراه يستحق اللإلتفات، فيخطف عين القارئ نحوه، ثم وجدانه، ومن بعدها.. فعله. ونظرة سريعة علي بعض ما قدمته المطابع في العقد المشار إليه نستطيع تلمس ذلك في العديد منها، والتي تشترك في الكثير من السمات، وتعبر عن الثورة الإبداعية التي هي تعبير ورغبة في الثورة علي أرض الواقع، ولكن بصيغة الإبداع المعتمدة علي الإيحاء دون التصريح.
ولذا كان المستغرب أن يحاول البعض إمتطاء صهوتها، بحجة أنهم – تنبأوا – بهذه الثورة في أعمالهم، مؤكدين صدق القول أن "للنجاح ألف أب، أما الفشل فهو لقيط"، وكأنهم جميعا قد تحولوا لعرافين، خاصة من كتاب الرواية الأكبر عمرا، متغافلين حقيقة أن كل ما يكتب، هو إضافة ومساهمة في خلق مناخ صالح لتوليد الثورة، حتي ما كان منها – ظاهريا – لا يتحدث عن أوجاع محددة، أو يحمل دعوة محددة. فإذا ما تأملنا المشهد الروائي المصري في العقد الأول من قرننا الحالي، نستطيع أن نلحظ بوضوح دخول العديد من الشباب مجال النشر الروائي، مقدمين أنفسهم برواياتهم الأولي التي تحمل فورة الشباب وحماسه، محاولين أن يكونوا جيلا جديدا، لا في العمر فقط، وإنما في تقديم الأعمال الأكثر جرأة، حيث تصاعد المستتر إلي العلن، في مواكبة للحاصل علي أرض الواقع، حيث تزايدت الحركات الاحتجاجية المباشرة - ولا يعني هذا انقطاع الصلة بما قبلها – لاستطعنا تحديد عدد من العناصر الغالبة ومنها:
(1) التركيز علي إبراز صورة المجتمع الفاسد المعاش.
(2) الاعتماد علي الإسلوب المباشر والمواجهة غير المتخفية.
(3) اتخاذ منطقة وسط البلد كرمز ودلالة.
(4) الخروج الهروبي إلي خارج المدينة، وربما خارج الحضر عموما.
(5) المقاومة السلبية (الهروب إلي ما يمكن تسميته بـ " المٌنّسيات " كالمخدرات والخمر والجنس).
ولا شك أن النظرة الشمولية لتلك العناصر، تعطي علي الفور صورة للمجتمع، لا بصورته الظاهرة فقط، وإنما بمحرك ومكنون ذلك المجتمع. وهي وإن لم تكن تدعو للثورة مباشرة، فهي تهيئ المناخ الضاغط بالإحساس بالفساد والظلم والقهر، ذلك الإحساس المولد للغضب الذي هو الوقود المحرك لفعل الثورة.
أولا – التركيز علي إبراز صورة المجتمع الفاسد المعاش
ويأتي في مقدمة الروايات التي برز فيها المجتمع بسوءاته وبصورة لا تحتمل التأويل، حيث لم تحظ رواية حديثة بمثل ما حظيت به رواية "عمارة يعقوبيان"(1) لعلاء الأسواني. رغم تناولها لما تناولته روايات كثيرة، خاصة روايات القرن الجديد بما أفرزته من مجموعة من الخصائص التي تميزت بها، والتى منها الدخول إلي الموضوع مباشرة، والحديث عن مجموعة السوءات التي تعتور المجتمع المصري في سنواته الأخيرة، وسير الأحداث في طريق أفقي أكثر من سيرها في طريق رأسي، مثلما كانت الرواية في العقود الأخيرة من القرن الماضي. ورغم اشتراك عمارة يعقوبيان في الكثير من هذه السمات، إلا أن شيئا خاصا يميزها ويعطيها هذه الشهرة الواسعة، والنجاح المستحق، والوصول بها إلي عالم السينما ليجسدها ألمع نجوم الشاشة في مصر.
لقد نجح الأسواني في اقتحام بعض ما يعتبر محرما، وظنه الكثيرون دخول إلي حقل ألغام، فاقتحمه وأخذ فيه تشريحا وفضحا، خاصة تناوله شخصية كانت لم تزل في سلطة الحكم، وتملك من كراهية الناس ما لم يملكه أحد غيره، ذلك هو شخصية كمال الفولي الذي لا يختلف اثنين في تحديده، خاصة وأنه أحد أبرز من أفسدوا الحياة السياسية في مصر طوال نصف قرن. وقد رسمه بكل وضوح وشجاعة، فكانت القراءة حوله وعنه بمثابة التشفي الذي قد يشفي بعض الغليل.
ولنتأمل شخصية طه الشاذلي، ابن البواب المتفوق في دراسته، تصور أن مجموعه في الثانوية العامة يمكن أن يشفع له في دخول كلية الشرطة، غير أن وظيفة أبيه – كبواب – تقف حائلا دون ذلك، فتنزرع المرارة في نفسه، وهو الذي كان يتغلب علي ذلك الوضع الاجتماعي في تعامله مع سكان العمارة، ويلتحق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وفيها، رغم قيام الثورة، ينقسم مجتمع الطلبة إلي طبقة (القشطة) واللبن (الرايب)، وبالطبع يجد نفسه مدفوعا نحو الأخيرة التي فيها يتعرف علي مجموعة الطلبة الاسلاميين والذي يقوده إلي المعتقل، وفيه يفقد البقية الباقية من إيمانه بشيء في هذا البلد، حيث تتحطم نفسه، ويري من صنوف التعذيب ما لم يكن يتوقعه لو وقع أسيرا في يد الإسرائيليين:« لقد أذلوني يا مولانا .. أذلوني لدرجة أني أحسست أن كلاب الشوارع عندها كرامة أكثر مني .. تعرضت لأشياء لم أكن أتصور أن مسلما يفعلها أبدا .. حتى لو كانوا كفارا .. أوليس لديهم ذرة من رحمة؟! أليس لديهم أولاد وبنات وزوجات يحبونهم ويشفقون عليهم؟! لو أنني اعتقلت في إسرائيل لما فعل بي اليهود مثل ذلك .. بل لو كنت جاسوسا خائننا لديني وبلدي لما فعلوا بي ذلك.» ثم «أنا الأن ميت .. قتلوني في المعتقل .. عندما يعتدون علي عرضك وهم يضحكون .. عندما يطلقون عليك اسم امرأة ويجبرونك علي أن تجيب باسمك الجديد فتضطر إلي الإجابة من قسوة التعذيب .. كانوا يسمونني فوزية .. وكانوا كل يوم يضربونني حتى أقول أمامهم: أنا امرأة واسمي فوزية. تريدني أن أنسي كل ذلك وأعيش». وبالطبع لا يمكن أن يطالب أي إنسان ذلك الذي عاش هذه التجربة أن ينسي، وكيف له أن يعيش؟ وقد أصبح طه الشاذلي في عداد الموتي – معنويا – إلا أنه نذر نفسه ليكون في عداد الأموات فعليا، أصبح الانتقام من معذبيه هو هدف حياته، ترك كليته وانضم إلي صفوف الجماعات الاسلامية الانتحارية، ويصل إلي مراده، يصل إلي معذبيه، وبعد أن ينتقم من قائد تعذيبه .. يموت .. وكأنه قد أدي أمانته وحقق هدفه، فمات وارتاح. ولم يكن طه الشاذلي هو الوحيد من الجانب الذي من المفترض أن أحواله تحسنت بما آل إليهم من ممتلكات عبد العال باشا وزكي بك، فهناك عبده – أيضا – فرد الأمن المركزي، النازح من الصعيد والذي استغل حاتم رشيد حاجته للمال وقدرته الجسدية في اشباع حاجته الجنسية اللوطية، والذي وصلت به الحال – أيضا – إلي القتل والمصير المحتوم من ورائه. وكانت هناك أم بثينة، تلك التى من المفترض أن يكون عائد ما تم مصادرته من أملاك البشاوات قد عاد إليها، إلا أن الفقر والحاجة جعلتها تغمض العين عما يحدث لابنتها في العمل ومن أصحاب الأعمال مدعية أن (البنت) تستطيع الحفاظ علي عملها وعلي شرفها في نفس الأن.
وفي مقابل هذه النماذج المقهورة، كانت هناك أيضا النماذج المستغلة للفساد الحاصل، والذي يمثله سطح العمارة "عمارة يعقوبيان" كمجتمع نخر فيه السوس فأصبح هشا ويحتاج الإزالة. كان طبيعيا أن يفرز الفساد وجوها جديدة تحتل صدارة المجتمع وتصبح رموزه. يبرز من بينها أمثال كمال الفولي، المهندس الأول للإنتخابات المزورة التي تفرز أمثال الحاج عزام، الذي استخدم الحصانة للتجارة في البودرة، واستخدم الحصانة في تحطيم حلم سعاد التي تمنت أن يكون لها ابن من زواج شرعي من الحاج عزام، فاختطفوها وأجروا لها عملية إجهاض إجبارية، وهي لا تستطيع فعل شيء، وكمال الفولي الذي استطاع أن يتعايش مع كل العصور، ويأكل علي كل الموائد. كمال الفولي هو النتاج الحقيقي لتخريب الإنسان المصري الذي قاله زكي بك لبثينة مثلما سنري لاحقا.
***
عندما تم اعتقال عدد من طلبة جامعة الأزهر، عقب تظاهرهم ملثمين بحرم الجامعة احتجاجا علي حرمان عناصر منهم من دخول الامتحانات، تدخل البوليس بالقبض علي هذه العناصر، ارتفعت بعض الأصوات العاقلة تطالب بعدم اعتقال هؤلاء الطلبة، وأن الاعتقال ليس هو الوسيلة المثلي لعقابهم، وأن الاعتقال يحول هؤلاء الطلبة إلي قنابل موقوتة، غير أن القوة البوليسية لم يكن لها آذان. تتوارد تلك الواقعة إلي الذهن فور الوصول للسطور الأخيرة من رواية "تغريدة البجعة"(2) التي صاغها بإحكام يحسد عليه الروائي "مكاوي سعيد"، والتي عبرت بصورة ممتعة عن العشوائيات الآخذة في التزايد والاتساع، والتي أنجبت أولاد الشوارع الذين فقدوا المأوي، ومن ثم فقدوا الانتماء الذين سعوا إلي البحث عنه، حتي ولو في أحضان الغريب. تبدل الحميع، وتغيرت المواقع والأهداف، ولم يعد شيئا مستقرا علي حاله، وهو ما يعكس حالة القلق، وعدم الاستقرار أو الوضوح التي سادت المجتمع.
فبعد رحلة طويلة لـ "مصطفي" استعرض فيها التغيرات المجتمعية في مصر عبر العقود الستة الأخير، بادئا من مرحلة الماركسية وسيادة اليسار في مصر، في ستينيات القرن الماضي، ووصولا إلي محرقة بني سويف التي اندلعت في أحد مسارحها، ملتهمة العشرات من كتاب ونقاد المسرح في مصر، مرورا بالمذابح الإسرائيلية في لبنان. وصولا إلي المرحلة الآنية، بضبابيتها، ومكمن الخطر فيها وتماهي الرؤية المستقبلية، بعد أن رقصت البجعة رقصتها الأخيرة، وأشرفت علي الموت. ينشأ "مصطفي" في حي الطالبية بالهرم، وكأي فتي يكون له منها، ومن محيط الدراسة أصدقاء، ورغم عدم التناغم بين كل من عصام الذي يستأثر به الفن التشكيلي فيما بعد، وأحمد الحلو المنضم لأحد الخلايا الماركسية، إلا أنهما يشكلان اللبنة الأولي لعالم مصطفي، وينجح أحمد الحلو في اقناع مصطفي بالانضمام لتلك الخلية التي تتعرض للاعتقال في سن مبكرة. ويستمر في المعتقل ثلاثة أشهر «نظرا لتفاهة الخلية التي كان يقودها جامعي حديث التخرج»، ويخرج مصطفي ليجد والده «بقايا إنسان». و يتحول أحمد الحلو مع صديقته المتطرفة يساريا "شاهيناز" إلي أقصي اليمين، وليترك أحمد شركة البترول التي يعمل بها ويتفرغ لبيع الكنافة والبسبوسة، التي تعدهما زوجته – فيما بعد – شاهيناز التي تتفرغ هي الأخري لأعطاء الدروس الدينية في إحدي دور الحضانة القريبة، ويصل بهما الأمر إلي تخويف ابنتهما الصغرى من الحديث والسلام علي مصطفى الغريب بالنسبة لها. وليخرج أحمد من دائرة مصطفى الذي لم يتبق له من الصداقة الحقة في البدايات سوي عصام.
***
عندما يدور الحديث بين مجموعة، ويصل الحديث إلي نقطة معينة، ويصر الجميع علي تخطي هذه النقطة، فإن التساؤل يدور، لماذا يخشي الجميع الحديث فيها، ويصبح المؤكد أن هناك خطورة ما في خوض هذا الحديث، أي يصبح من التابوهات المحرم الخوض فيها. ذلك ما أرادته رواية "قنطرة الوداع"(3) للروائي والقاص "فؤاد مرسي". الذي يستدعي ويلح علي دور المثقفين تحديدا – وهو ما جاء في ثورة 25 يناير وما أشرنا إليه سابقا - فقد ربط فؤاد مرسي الوداع بالقنطرة، حيث الوداع ليس بالضرورة يعني الموت، وإنما الفراق، أو الفقد، فهو يشير هنا إلي نوع من الفقد، كما أنه لم يستخدم كلمة (كوبري) مثلا، فكان حتما أن يكون استخدام "قنطرة"، يعني شيئا غير عبور النهر، فالقنطرة، تعني المعبر علي القناة الصغيرة، يعرفها أهل الريف، أي أنه أراد شئيا غير الموت الحقيقي، شيئا يبدو أقل من ذلك فعليا، شئ محلي، ليس علي مستوي الريف – المعلوم تحديدا - إذ ربما علي المستوي القطري. وهو ما يؤكده متن النص، في محاولة للإيحاء بأن الحديث يدور في مصر الآن. ففي أحد خطابات الصديق المهاجر إلي دول النفط، يسأل صديقه الذي يفكر في اللحاق به:
«حدثني عما يحدث في مصر؟ عندي نظامان لاستقبال الدوليان عربسات وأسيا سات، وما أشاهده يجعل القاهرة غريبة وناسها أغرب، ماذا يحدث في بر مصر وجوها وبحرها؟ لصالح من وذنب من؟ أين تفسيراتك .. وتحليلات محمد الإستراتيجية، أين دور المثقفين؟ أين أنت وأنا من هذا كله، ماذا نريد للمستقبل، وماذا يريدون لنا؟»
وفي رسالة أخري يقول ذلك الصديق من علي البعد:
«وما فهمته أنك تنتظر السفر بفارغ الصبر، وما علمته منك غموض الظروف، دعني لا أسألك عنها، دعنا نتحدث عما قبل ونتحدث فيما بعد، لأنه الأهم، لا أعتقد أننا تأخرنا، لكنها خطواتنا البطيئة في زمن عجول.» إذ رأي الصديق أن يدور الحديث بين الماضي والأتي، وترك الحاضر فراغا مجهولا، وكأنه غير موجود، وكأنه يعبر عن التيه والضياع وعدم اليقين فيما يدور فيه، وأيضا كأنه محظور الحديث فيه. إلا أن النص يدور في هذا الحاضر، وكأنه يشير إلي الضلع الثالث من أضلاع التابوهات المحرمة، فكيف استطاع أن يحل المعضلة، أن يتحدث فيما هو غير مسموح الحديث فيه. وكيف يري ما قد يغيبه القرب، أو كيف يظل يستنشق الرائحة الكريهة من عاشرها طويلا؟ ونستطيع القول أن " قنطرة الوداع" في تعبيرها عن الفترة الفوارة فيما قبل الثورة انحصر فؤاد بين نوعين من الرفض – الإيجابي في البداية، وكأنه في زمن كان ولم يعد... والسلبي الذي هو كائن في الزمن الحاضر – اللذين يحيطان بفعل الرواية، فيصبغانها بصبغة الرفض.
***
وفي روايته "لذات سرية"(4) يرسم حمدي الجزار صورة المجتمع المليئ بالتناقضات الدافعة للخلل الذي يجعل من سارده شخصية غير منسجمة، غير متوافقة، تشعر بالدونية التي تقتل أي طموح فردي، وبالتالي أي تقدم أو خير يرجي في المجتمع. ويحدد – الجزار – هذه العلاقة غير السوية بين الفرد والمجتمع في «أقول لنفسي: الهرب من الصراع لن يجعلك مشاهدا مفصولا عن الأحداث أبدا، لأنك ببساطة أحد أبطال الفيلم إن لم تكن أهمهم علي الإطلاق،، أنت لست مجرد متفرج صُنعت المسرحية لأجله، بالتأكيد الفعل الدرامي اليومي المتجدد دوما يجب أن يعنيك، يجب أن تعرف». وقد تجسدت هذه العلاقة بين الفرد والمجموع في خلق تلك الشخصية – السارد – الانطوائية الدونية الخجولة الناتجة عن ذلك الضغط الواقع عليها بين طبقات المجتمع الحادة، والباعثة لثورة الغضب الدافع إلي الفعل المتهور الحاد، أو الانطواء والتقوقع داخل الذات. فقد تضخم الفساد، وطغي كبار الفاسدين والمفسدين، بما أعاد لللأذهان صور الطبقات في المجتمع، والتي من المفروض أنها قد اختفت منذ ما يزيد علي الخمسين عاما، إلا أنها ظهرت الآن بشكل أقوي، حيث تباعدت المسافات بين طبقة تملك وتحكم وتتحكم، وطبقة تنسحق وتشقي للحصول علي القليل من أسباب الحياة. ونجح حمدي الجزار حين صور الطبقة الأولي بالبرص، لما له من خصائص. فهو متسلق علي السقف – في الأعالي - كما أنه يتميز باستنبات ذيل جديد – وربما أكثر من ذيل – كلما قطع منه ذيل أو جزء من الذيل. فضلا عن أن الرسول صلي الله عليه وسلم قد أمر بقتله، لأنه ما من دارة في الأرض إلا وحاولت إطفاء النار علي إبراهيم عليه السلام، إلا تلك "الفويسقة" أي البرص.
ولما كانت الطرق قد سدت بالفعل، الفعل الجماعي الذي حتم عليه تواجده في مجتمع، فإنه – السارد – لايجد ملاذا سوي التقوقع داخل الذات والعودة إلي الشرنقة الإنسانية الأولي المحصورة في صورة الجنس، ذلك الفعل الذي يظل دائما في الخلفية، قد تتعدد الوجوه، وتتعدد المواقف، وتختلف الرؤي، إلا أنه يظل دائما في الخلفية «كانت طرحتها تعمل بنجاح مثل ماكينة خياطة جيدة، إذا أرختها علي كامل ناصيتها بدت طالبة عادية من طالبات جامعة القاهرة العريقة، بدت جامعية محجبة تدرس اللغة العربية مثلا، وإذا أعادتها قليلا للوراء ستنتقل من دراسة اللغة العربية إلي دراسة الإنجليزية، وإذا زادت المساحة المكشوفة من شعرها ستنتقل إلي دراسة التمثيل بالمعهد العالي للفنون الممسرحية .. أكاديمة الفنون علي بعد دقائق من هنا».
ثانيا - الاعتماد علي الإسلوب المباشر والمواجهة غير المتخفية.
تميزت الرواية في تلك الفترة بالاقتراب الشديد من المباشرة، وكأنها تعلن التحدي والمواجهة. فبعد أن ظلت الرواية تعتمد في فترات طويلة علي المواربة والرمز والكناية، للهروب من المواجهة المباشرة خوفا من بطش النظام وقهره. وكنبض الشارع الحي، بدأت الرواية تتخلص من تلك المواربة وذلك الخوف. ففي رواية علاء الأسواني لم تكن الشخصيات الحياتية المعاشة وحدها ما تقدم برواية "عمارة يعقوبيان" إلي صدارة المشهد الروائي في تلك الحقبة، وإنما يضاف كذلك اعتمادها علي عودة السرد إلي أسلوب الحكي السلس البسيط، الذي يجذب القارئ من جديد إلي القراءة المهجورة في ظل سيطرة الصورة وغيرها من الأسباب التي تراجعت القراءة أمامها.
وتجربة جديدة، شكلا ومصمونا، يقدمها ياسر إبراهيم في تجربته الأولي "بهجة العمي"(5) حيث يضمن عمله الكثير من التدخلات المعرفية التي تخرج بالقارئ عن منطقة الاستنامة، وكأنه تقول له تنبه، فلست أقدم لك حدوته قبل النوم. فكان الحديث عن (العمي) والعميان الذين أضاؤوا للمبصرين طريق النور، أؤلائك المبصرون الذيناتجه بصرهم إلي وجهة خاطئة، متمثلة في (النظر) إلي الحكام، وأيضا نظرة الحكام لهم. فكانت تلك العلاقة غير السوية. «كذلك فإن حجم أي رئيس دولة في حجم ناطحة سحاب، لذلك لا يري الناس رؤوسهم، ينظرون دائما إلي أقدام الرؤوساء». وعلي القارئ أن يتوقف أمام هذه العبارة وحدها، ليتأمل، ويستخرج المعاني، ويستخرج المدفون من الطاقة للحركة، وللرفض.
ثالثا – اتخاذ منطقة وسط البلد كرمز ودلالة
لم يكن مصادفة ان تتخذ مجموعة كبيرة من الروايات وسط البلد كمسرح لها. ربما لتمثيل عاصمة البلاد وكناية عن البلاد عموما، وربما لقربها من مقار "الحكومة" وكأنها تعلن المواجهة عليها، خاصة وزارة الداخلية التي تمثل القهر علي الإنسان المصري. ومن هذه الروايات علي سبيل المثال "عمارة يعقوبيان"، "تغريدة البجعة"، "مواقيت الصمت"(6). وإن اتخذت رواية "لذات سرية" لحمدي الجزار ما يشبه منطقة وسط البلد أو المنطقة المركزية، حيث اتخذت من ميدان الجيزة مركزا لأحداثها كمنطقة تؤدي إلي القديم (شارع الأهرام وما يؤدي إليه من آثار فرعونية) وأكاديمية الفنون (وما تمثله من نهضة فنية) وكذلك يؤدي - الميدان – إلي كل من جامعة القاهرة (وما تمثله من نهضة علمية) وإلي أسواق الجيزة وما تمثله من طبقات شعبية. وتأتي "عمارة يعقوبيان" أيضا من أبرز الروايات التي اتخذت وسط البلد مسرحا لها، حيث الرواية قائمة علي اسم حقيقي لعمارة موجودة فعلاً بشارع طلعت حرب بناها المليونير جاكوب يعقوبيان عميد الجالية الأرمنية عام 1934.يعتبر البعض هذا المبنى الكائن بوسط القاهرة (عمارة يعقوبيان) شاهد على تاريخ مصر الحديث في المائة سنة الأخيرة بكل ما يحمله من أزمات ونجاحات ونكبات.
رابعا - الخروج الهروبي إلي خارج المدينة، وربما خارج الحضر عموما
في كثير من الأحيان يكون الصمت أبلغ من الكلام. وعدم الحديث عن موضوع معين، هو في ذاته تعبير عنه. فإذا كان الواقع المعاش هو مرجعية الإبداع وخامة المبدع، وحين يهرب المبدع من الحديث عن هذا الواقع، فهذا في ذاته تعبير عن هذا الواقع. فهو إما رافض لهذا الواقع، وإما أنه فاقد القدرة علي معايشته. وفي كلا الحالين هو رفض له.
وحين نري عملين بهما تقارب كبير وصدرا في فترة زمنية متقاربة،وكلاهما يخرج إلي إتساع الصحراء بعيدا عن أجواء المدينة الخانقة، فهذا بدوره يعبر عن رؤية لهذه الفترة، تلك التي تشعر بالاختناق في الداخل، وبالتالي رفضه. وإذا ما علمنا أن الرواية الأولي منهما وهي رواية "دموع الإبل"(7) للروائي محمد إبراهيم طه صدرت في العام 2008. أي في فترة الفوران الداخلي، وحلم التغيير. نجد الرواية قد هجرت الحضر وانطلقت نحو الصحراء، إلا أنها لم تغادر الهم الداخلي، فظل الشكل الخارجي لها هو الهروب، أو الاحتجاج الصامت، بينما المضمون ينوء بهموم الحاضر في المدينة والقرية. خاصة حين تستخدم (الجمل) كوسيلة الصحراء علي الوجه المباشر، وكرمز دلالي علي وجه آخر، لما للجمل من قدرة علي التحمل و الصبر، فضلا عن أنه – الجمل – رغم صبره وتحمله، فإنه إذا ما فاض صبره و انفجر، فإن ثورته تكون عنيفة. وكأننا أمام تحذير من طول الضغط ولحظة نفاد الصبروفقدان القدرة علي تحمل المزيد. فإذا ما تأملنا مشهدا من "دموع الإبل" هو: «أمسكت ساعدها، خمشته بيدي، فتأملتني بعينين حانيتين، وضمت رأسي إلي صدرها. كقاعود صغير يدس وجهه في ضرع الناقة، مرغت وجهي متلمسا موضع حنانها الحقيقي. انتصبت حلمتاها من خلف الهدوم، فوضعت فمي كما رأيت الرجال، ورضعت بنهم، بينما كان اللبن ينبثق عبر الهدوم إلي فمي.»
فمثل هذا المشهد لا يوحي بالفعل الحقيقي للرضاعة، بقدر ما يوحي برمزيته. فضلا عما بالعبارة من تشبيه يؤدي كذلك إلي الرمزية «كقاعود صغير يدس وجهه في ضرع الناقة» ليزيد الرابط الذي نراه بين الإبل والإنسان. هذا في الوقت الذي يردد فيه دوما، ويصبح الوسيلة التي يستخدمها أصدقاؤه (كامل وعابد) لإخراجه من ضائقته، ترديده للنشيد «يا مصر أنا رضعت هواكي، من الصبا وجري في دمي.» وكأن الكاتب يشير بشكل صريح للعلاقة بين فعل الواقع وفعل الرمز. فتصبح الإحالة هنا إلي مصر الأم وأبنائها. إلا أن مصر الأم والعشيقة ترفض هذا الهروب الاحتجاجي، وترفض هذا السفر، فيهيم "سالم" عشقا بـ "سلمي" وتهيم به عشقا لكن الحياة لم تطب له هنا، ورأي السفر هو الحل، غير أن "سلمي/ مصر" لا تريد لأبنها أن يفارقها، فهي في حاجة إليه: «باستسمحك يا حاجة .. تدعي لي .. أنا انقسم لي السفر. بكت وقالت: ماتسبنيش يا سالم، وقربتني منها، فشعرت بالدفء. فكشفت صدرها وقالت بتوسل: هذا ما أملك يا سالم فلا تسافر». وكأن مصر تستحلف أبناءها ألا يفارقوها، وأن يسعوا لخلاصها.
وحتي لا يسارع من يظن أننا نقحم المعاني علي النص، أو نسقط عليه من خارجه نوضح له أنه في الوقت الذي أراد فيه سالم أن يتطوع في الجيش، رغم إعفائه، يفاجأ بطرده من الخدمة، ولماذا؟ لأن التحريات جاءت عنه تفيد بأنه من الطبقة الدنيا، من طبقة الفقراء والمهمشين: «بس .. بس آه .. ده ولد تربية مرة، والمرة دي من عائلة البط، والبط نفران، ورد وعبد الفتاح، أولاد محمود البط اللي يعلم الله من أين حط علي البلدة.» أي أن سالم طرد من خدمة البلاد لمجرد أن التحريات أثبتت فقر منبته، فلم تعد (مصر) بلده إذن، ففقد الحب، وفقد الانتماء، فطلب الهجرة، في الوقت الذي تحتاجه فيه سلمي/ مصر.
ولاتتشابه رواية "خور الجمال"(8) لأحمد أبو خنيجر مع رواية "دموع الإبل" في سنة النشر فقط، وإنما في الخروج أيضا إلي الصحراء، باحثة عن جذور الإنسان الأولي، حين كان يعيش في الاتساع الرحب لينشأ عالما من التكامل البشري القائم علي الحب، في إطار من المعتقدات البدائية، حيث يجد الإنسان المتعة، فنجد أنفسنا في ظل تصاعد التوترات وعدم الشعور بالأمان، وطغيان سطوة الدولة البوليسية، قد خرجنا إلي رحبة الصحراء لنعيش الحياة الإنسانية التي خلقنا الله عليها. وهو ما يصدق قوله أيضا في رواية "مسألة وقت"(9) لمنتصر القفاش والتي صدرت أيضا في نفس العام (2008)، حيث يحفر منتصر بأظافره في جوانية الإنسان بحثا عن مفتاح الكنز المخبوء في طيات المُغيب من حياته، مستفيدا من المحاولات العديدة للفلاسفة وعلماء النفس الذين سعوا نحو الوصول لهذا الهدف، ويأتي في مقدمتهم "فرويد"، الذي ربط تصرفات الإنسان منذ الطفولة بحياته الجنسية. حيث جعل "منتصر القفاش" تطور ونمو سارده مرتبط بحياته الجنسية كذلك. مستخدما العلاقات الجدلية الملتبسة الشائكة بين الحلم في النوم واليقظة، وبين الموت وما يبعثه الموتى للأحياء من رسائل تؤثر في مسيرة الأحياء، خالقا بذلك ديناميكية الحركة التي تؤدي لتصاعد وتنامي شخوص روايته، وتحرك الساكن – الظاهري – وصولا لتحقق تلك الشخوص من داخلها، لا من خارجها، وما ذلك في احتياج إلا "مسألة وقت". فالأمر هنا أيضا بحث عن التحقق، عن الوجود، عندما يشعر الإنسان/ الكاتب بفقدانهما في محيطه/ مجتمعه. فإذا ما نجح الكاتب في نقل ذلك الإحساس وهذا الشعور لقارئه، فإن عدوي الرفض، وحمي الرغبة في العيش وفي الحياة، في التغيير لابد ستسري في أوصال المجتمع.
خامسا – المقاومة السلبية (الهروب إلي ما يمكن تسميته بـ " المٌنّسيات " كالمخدرات والخمر والجنس
في حالات القلق والإحساس بالضياع، يلجأ الإنسان إلي المسكنات أو الملهيات، ويأتي في مقدمتها، ممارسة الجنس. وقد كثر استخدامه (الجنس) في الرواية في هذه الفترة، ليس كمحاولة للخروج من الحالة النفسية غير المستقرة فحسب، وإنما أصبح يستخدم كنوع من التمرد علي المسلمات والتابوهات الأقل ضررا. فإذا كان اقتحام السياسة متبوع بالمطاردة البوليسية، واقتحام الدين مطارد بالجماعات الدينية، بل وربما من الشريحة الأكبر في المجتمع. لذا أصبح اقتحام الجنس هو الأقل ضررا في هذه التابوهات، ليعلن بها الكاتب تمرده ويسعي من خلالها نحو التحقق أو البحث عن الذات.
في "تغريدة البجعة" تمرض "سامنثا" وتهجر عصام، وبعد موتها يكتشف الحقيقة، فيهجر الحياة و يعزف لحنه الآخير قبل الموت، وقد حول جدران الشقة بالكامل – بعد أن أفرغ منها محتوياتها – إلي لوحات تصف سامنثا في كل حالاتها. ليرتمي في أحضان الجنس مع زينب، وليبيع نفسه كما "فاوست" للشيطان الجديد. حتي زينب، تلك التي تتحمل أي أذي من مصطفي لإشباع شبقها الجنسي «بت أحس أن هذه الأنثي عضو جنسي أنثوي يتحرك علي قدمين» فلم يكن في حياتها من شيء سوي ممارسة الجنس، فقد كان مصطفي يشكك في انتسابها لجريدة ما كما كانت تدعي، أو نقابة ما، كل ما هو متيقن منه فقط، أنها علي استعداد لتحمل أي شيء، في سبيل إشباع شبقها. فعدم الانتماء والإحساس بالضياع الذي ساد مجتمع المهمشين وأبناء الشوارع، لم يدع لهم من مهرب إلا إلي الجنس، وكأنه الملاذ، أو اللحظة التي يجد الإنسان فيها نفسه.
وفي رواية "كائن العزلة"(10) استطاع محمود الغيطاني أن يغرسنا في مضمونه الرافض منذ قراءة العنوان. فـ "كائن العزلة" تمثل بشكل واضح رؤية هذا الجيل من الشباب للأحداث من حوله، ذلك الجيل الذي لم يعد بري فيما حوله شيئا يخصه منذ أن فقد الانتماء، عندما أصبح يري أن لا دور له فيما يدور، يري الفساد فلا يستطيع تغييره، يري الانكسار فلا يستطيع رفع رأسه أو التعبير عن نفسه سوي بالكلام، فكان تحويل الإنسان إلي مجرد (كائن) وكأنه مسخ مشوه، ولم يكن أمام هذا (الكائن) سوي (العزلة) وكأنه يتواري من الخجل. فنري الراوي يقول: - «أنا ليس عندي أي نوع من الحلول، كل ما هنالك أنني أحد هؤلاء الأشخاص الذين يتأملون الواقع المحيط بهم بكل ما فيه من هوان، وسياسات متخبطة حمقاء و عفنة. خلاصة الأمر إنه إذا كنا نريد كأمة عربية أن نفعل شيئا ما، من البديهي أن الفعل أقوي كثيرا من القول، وهذا هو المنطقي الذي لا ننتظر الآخر كي يقوله لنا، إلا أن كل ما نفعله الآن مجرد كلام» وقناعة من الراوي بأن (الكلام) لم يعد يجدي، فسعي إلي الفعل، غير أنه لم يجد فعلا سوي إثبات الذات بالجنس. فتري الراوي يقولها مباشرة صريحة «أذكر أن أحدهم قال في حالات الانكسار القومي والحروب الطويلة يلجأ الإنسان إلي التغلب علي تلك الحالة بالانغماس في ممارسة الجنس». فكان استخدام الجنس عند محمود الغيطاني – علي كثرته- مبررا وغير مجاني.
من العرض السابق لبعض ما أنتجته المطابع في الرواية المصرية خلال الفترة المشار إليها، نستطيع أن نتبين أن الرواية كانت هي الوقود المشتعل أسفل المرجل المعبأ بالماء البارد، ظلت النار من تحته مشتعلة، وظل الماء آخذ في طريقه نحو الغليان، إلي أن وصل لدرجته (الغليان) فتصاعد البخار وتزايد حتي استطاع رفع الغطاء في الخامس والعشرين من يناير 2011.
هوامش:
(1) - عمارة يعقوبيان – علاء الأسواني – طبعة مكتبة مدبولي – 2002
(2) - تغريدة البجعة – مكاوي سعيد – الطبعة الأولي - مكتبة الأسرة 2007
(3) - قنطرة الوداع - رواية – فؤاد مرسي – كتابات جديدة – الهيئة المصرية العامة للكتاب 2008
(4) - لذات سرية – حمدي الجزار – الدار للنشر والتوزيع – الطبعة الأولي 2008
(5) - بهجة العمي ـــ ياسر إبراهيم ــــ ميريت للنشر والعلومات ـــ طبعة أولي 2003
(6) - مواقيت الصمت – خليل الجيزاوي – الدار العربية للعلوم للناشرون –الطبعة الأولي 2007
(7) - دموع الإبل – محمد إبراهيم طه – دار الناشر للنشر والتوزيع – الطبعة الأولي 2008
(8) - خور الجمّال – رواية أحمد أبو خنيجر – روايات الهلال – العدد 717 – سبتمبر 2008
(9)- " مسألة وقت " – منصر القفاش – روايات الهلال –العدد 709 – يناير 2008
(10) - كائن العزلة – محمود الغيطاني- دار سنابل –الطبعة الأولي 2006