سَبَق وأن كَتبتُ -هنا- قَبل سَنتين تَقريبًا مَقالاً بعنوان: (نَثرُ الشَّطَّة عَلَى تُجَّار الشَّنْطَة)، بيّنت فيهِ العَلاقة القَديمة التي تَربطني بالشَّاعر والنَّاقد المصري «عبدالله السّمطي»، حيثُ استوطن الرَّجُل المملكة، وأخذ يَتناغم مَع ثَقافتها، ويَتساجل مَع مكوّناتها الفِكريّة، درَاسةً ونَقدًا ومُتابعةً..!
وقُلت: إنَّني كُنتُ إلى عهدٍ قَريبٍ أُتابع باهتمام مَا يَنشر هَذا الأديب، الذي يَتمتَّع بسَردٍ مَاتع، وحرفٍ رائعٍ.. ولَكنْ -ومَا بَعد لَكن مُرّ أحيانًا- تَوقَّفتُ حِين لَمستُ أنَّ الرَّجُل بَدَأ يَسلك مَسلكًا لَم نَتعوّده مِنه..!
فقَد دَخَل الرَّجُل عَالَم الثَّقافة والتَّأليف، وبَدَأ يَكتب كُتبًا، حَاولتُ أن أهضم بَعضها، وفَعلت، ولَكن هُناك مَا لَم أستطع هَضمه.. حيثُ كَتَب كِتَابًا عَن تَجربة الشَّاعر «سعد الغامدي» -ثَاني رَجُل في شَركة تويوتا- وقُلنا «مَقبولة»، ثُمَّ زَعم أنَّه سيَكتب كِتَابًا عن تجربة الشّاعر «عبدالله باشراحيل» -رَجُل الأعمَال المَعروف-، وقُلنا إنَّ هَذا لو تَم؛ سنَبلعه مَع كَأس مَاء يُزيل الغصَّة..!
ثُمَّ زَعم أنَّه سيَكتب كِتَابًا عن «الأدب السّعودي» تَحت عنوان: «نسيج الإبدَاع»، فقُلنا هَاتوا لَنا كَأس مَاء آخر لنقبَل هَذا الإصدَار..!
وقُلتُ أيضًا -آنذَاك-: إنَّ مَا يَستحيل عَليَّ هَضمه هو كِتَاب ألّفه وأصدره الأستاذ «السّمطي»؛ عَن تجربة الأستاذ «تركي السّديري» الصّحفيّة، وكِتَاب آخر لنفس الكَاتِب عن تَجربة الأستاذ «خالد المالك» الصّحفيّة، ومِثل هَذين العَملين لا يُمكن أن يُقبلا مِن هَذا الرَّجُل؛ لاعتبَارات كَثيرة مِنها: عدَم الاختصَاص، وكذلك بُعدها عَن اهتمَامات السّمطي الأدبيّة.. كَمَا أنَّه مِن الأُولَى أن يَكتب عَن هَذين الأستاذين (السّديري والمالك) أحد تَلاميذهما..!
حَسنًا.. مَا الجَديد في الأمر..؟!
الجَديد أنَّ الأستاذ النَّاقِد «عبدالله السمطي» استمَر في غَيّهِ واستغلاله.. والله كُنتُ أظنّه سيَصدر كِتَابًا نَقديًّا عَن الشَّاعِر المُبدع -الفقير مَاليًّا- «محمد الثبيتي» -رحمه الله- كَما كُنتُ أظنّه -عَلى الأقل- سيُصدر كِتَابًا عَن تَجربة الشَّاعر «غازي القصيبي»، وكُنتُ، وكُنتُ، ولَكن ظنوني كُلّها ذَهَبَت في صَحراء العَدَم! حيثُ لَم يُصدِر شَيئًا مِن هَذا، بَل أصدَر ثَلاثة كُتب، إليكم عَناوينها، وعَليكم تَقييم مَضامينها..!
يَقول الخَبَر الأوّل: أصدَر النَّاقد «عبدالله السمطي» كِتَابًا نَقديًّا جَديدًا، يَتناول فيهِ شِعر مَعالي الدّكتور «عبدالعزيز خوجة»، وزير الثَّقافة والإعلام، الكِتَاب يَحمل عِنوان: (جَماليّات القَصيدة في شِعر عبدالعزيز خوجة)... إلخ..!
ويَقول الخَبَر الثَّاني: أصدَر النَّاقد «عبدالله السمطي» أحدث دراساته النَّقديّة بعنوان: (بنية القَصيدة الحَديثة في شِعر إبراهيم العواجي.. وَكيل وزارة الدّاخليّة سَابقًا)..!
ويَقول الخَبَر الثَّالث: يَصدر قَريبًا كِتَاب (جَدليّة الوَعي بين الثَّقافي والاجتماعي)، للنَّاقد «عبدالله السمطي»، يَضم الكِتَاب أربعة حِوارات، كَان «السمطي» قَد أجرَاها مَع وَكيل وزارة الثّقافة والإعلام للعَلاقات الدوليّة؛ الدكتور «أبوبكر باقادر»... إلخ..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي..؟!
بَقي القَول: هذه هي الدِّراسات التي «تُؤكل عيش»، وهَنيئًا لَنا بهَذا النَّاقِد الذي يَعرف «مِن أين تُؤكل الكَتِف»، ولَيتنا نَعرف أن نَسلك مِثل هَذا السّلوك الرَّائع، والنَّقد النَّافع، الذي يَجعل مُؤلّفه كَثير المَنافع، مَادّي الدَّوافع، حِين لا يبرح النَّاقد الكِتَابَة عَن أهل المَنَاصب والدّولار، ومَا يَسيل لَه كُلّ لُعابٍ جَائِع..!.