يقف الباحث التونسي صابر الحباشة في إصداره الأخير " نوافذ المعنى: إطلالات متجددة على علم الدلالة العرفنيّ " متناولا بعض أحدث النظريات اللسانية في دراسة المعنى وهي النظرية العرفنية (cognitive theory) وينتقل بين تضاريسها محاولا الإفادة من أدبياتها في معالجة مبحث الدلالة وهو مبحث عصيّ على الإحاطة، باعتراف معظم الدارسين.
ويذكر الحباشة في مقدمة كتابه أنه تناول "عددا من الدراسات والمعالجات الدلالية لقضية الاشتراك الدلاليّ انطلاقا من الأبعاد العرفنية والدلالية والمعجمية والتداولية لظاهرة تعدّد المعنى، في عدد من تلاوينها وقسم من تلافيفها".
ويبيّن اهتمامه بطرائق معالجة المشترك اللفظيّ في الدراسات اللسانيّة المعاصرة، والمشترك في الدرس اللسانيّ الحديث، وقد عرض إلى جانب ذلك لبعض قضايا المشترك الدلاليّ. وركّز بالخصوص على النظر في بعض قضايا المشترك الدلاليّ، وإلى علم الدلالة العرفنيّ عند ديرك جيرارتز. كما اهتمّ الكتاب بالمعالجة المعجمية للاشتراك الدلاليّ في مقاربة الحبيب النصراوي. كما عُني الباحث بتطبيق تحليل جزئيّ على فعل (جعل) في بعض الآثار التراثية. كما انصرف اهتمامه إلى عرض مدخل لدراسة حجاجية الاشتراك: اسم العلـَم والأعمال المقصودة بالقول نموذجين.
وتمثل هذه المداخل والإشكاليات أشتاتا من البحث الدلاليّ لتقصّي سبل تفريع تعدّد المعنى واشتراكه، من منظورات مختلفة وعبر معالجات متنوّعة، عسى أن تكون مفاتيح لتحليل مناسب لظاهرة المعنى.
وهذه المحاولة تنضمّ إلى محاولات للحباشة سابقة أوردها في بعض مصنّفاته من قبيل "في المعنى: مباحث دلالية معرفية" (2008) و"تحليل المعنى" (2010) و"أسئلة الدلالة وتداوليات الخطاب"(2011)...
ويرجو الحباشة بعمله هذا أن يرفع لبنات أخرى في صرح البحث الدلاليّ العربيّ، بما يحقّق عناصر مشروع لسانيّ عربيّ يأخذ من المناهج الحديثة ويضيف إليها، في جدل خصيب، تحتلّ فيه لغةُ الضاد موضعَ القلادةِ غُصْنًا رَطيبًا ونفحَ طيب.
ويشار إلى أن هذا الكتاب يصدر عن عالم الكتب الحديث، في إربد بالأردن، في 148 صفحة من القطع الصغير.