تركت الشاعرة الإيرانية فروغ فروخزاد(1935-1967) أثرا قويا في الأدب الإيراني الحديث، وأسهمت في ميلاد جيل جديد من الشواعر الإيرانيات، هذه إحداهن "شيما نثاري حقيقي فرد"، والتي يقدمها الشاعر والمترجم الفلسطيني في بحثه الدائم حول جغرافيات شعرية جديدة. شاعرة إيرانية بروح متمردة ورغبة في الانعتاق لا تضاهيها إلا رغبة الحياة، شاعرة مسكونة بالقلق وبسؤال أنطولوجي عميق يبحث عن الكينونة.

خبَّأْتُ وجهِي لنُورِكَ

شيما نثاري حقيقي فرد

ترجمةُ: محمَّد حلمي الرِّيشة

 

الأَرضُ العجيبةُ

قالَ شاعرٌ فِي أَرضي ذاتَ مرَّةٍ:
"حيثُما أَكونُ، وفِي أَيِّ وقتٍ، فالسَّماءُ لِي"
سأَقولُ: كيفَ يُمكِنُني أَن أَطيرَ إِلى سمائِكَ؟
بينَما أَنا ضائعةٌ منْ دونِ علامةٍ

أَنا فِي الأَرضِ الَّتي لاَ يَرى أَحدٌ
مَدى صُعوبةِ تحمُّلي أَلمي فِي اليدَيْنِ
أَنا فِي الأَرضِ الَّتي لاَ أَحدَ يشعرُ
برقَّةِ رُوحي المحاصرةِ كلِّها فِي النِّطاقاتِ

إِلى أَيِّ مَدى يجبُ أَن أَعدُو للبحثِ عنْ سمائِكَ
منْ أَجلِ الوصولِ إِلى قصَّتِكَ لأَفرَّ منْ هذَا النِّطاقِ
كمْ وقتًا يجبُ أَن أَبكيَ حتَّى أُحرِّرَ نَفْسي
لأَفرَّ بلُطفٍ وهدوءٍ منْ هذهِ الأَرضِ

لقدْ فَقدتْ أَرضي هذهِ حياتَها
بَينما أَنا علَى قيدِ الحياةِ أَمشي علَى قِشرتِها
لاَ أَحدَ يَرى كمْ أَهتمُّ
لأَحصلَ علَى إِفراجٍ ممَّا ظَللْتُ فيهِ

كلُّ الأَرواحِ فِي أَرضي فِي نطاقٍ
كيفَ يُمكِنني أَن أَطيرَ بدونِ أَجنحتِي؟
بَينما أَنا فِي نطاقٍ لأَصلَ إِلى أَرضِ
أَحلامي، الأَرضِ المدهِشةِ فِي السَّماءِ

 

 

المقدَّسُ

كأْسُ جَسدي يحتاجُ نبيذَكَ
رقصةُ رُوحي تحتاجُ إِشارتَكَ

دُموعي وعينايَ الحمراوانِ همْ عذرُ
هذهِ النُّقطةِ والبوصلةِ، أَنا أَرُوقُ

أَنتَ تُغرِقُني فِي نعمتِكَ
أَنا خبَّأْتُ وجهِي لنُورِكَ

أَنتَ المحيطُ، وأَنتَ الشَّمسُ
أَنا النَّهرُ، وإشعاعُ هذهِ الإِشارةِ

 

أَنا مِن الغُبارِ، وسوفَ أَنامُ فِي الغُبارِ
رُوحي حرَّةٌ مِن قفصِ الشَّهوةِ هذَا

كيفَ يُمكِنني أَن أَراكَ بعينَيَّ؟
بينمَا أَنا علَى الأَرضِ وأَنتَ فِي السَّماواتِ

كيفَ تُنادِي السَّماواتُ اسمِي
فِي حينِ أَنَّ رُوحي تلاشتْ فِي العارِ

الكلمةُ لهَا دليلُكَ وضَوْؤها
كيفَ يُمكِنُني وصولُكَ بانعدامِ البَصرِ؟

رَبِّتْ علَى رُوحي فِي كلِّ رَكعةٍ
دعْ ضوءَكَ ينعكسُ فِي رُوحي

يا شِيما اصمِتي واقرَئي الكلمةَ
ابحثِي عَن مسارِكِ فِي مكانِ عبُورِكِ

 

 

الإِطارُ والسِّجنُ

أَنا صورةٌ فِي هذَا السِّجنِ
محاصَرةٌ تمامًا فِي إِطارٍ خشبيٍّ

 

واقفةٌ تجاهَ جدارٍ منَ الطُّوبِ الأَحمرِ
تمامًا معَ قلبيَ فِي اللَّهبِ


الغبارُ والرَّمادُ فوقَ نافذتِي كلِّها
مَا منْ آذانٍ لتشعرَ بعَويلي

ولاَ منْ عيونٍ تذْكرُ وجهِي
كلُّ مَا لديَّ هوَ رُوحٌ مستعبَدةٌ

محاصَرةٌ فِي الظَّلامِ معَ الدُّموعِ تمامًا
مَا منْ نهرٍ لينظِّفَ نافذتِي

ولاَ منْ حبٍّ ليُريحَ قَلبي
لكنَّ كلَّ الظِّلالِ الرَّماديَّةِ والظَّلامِ

للدَّربِ تعانقتْ فِي الضَّبابِ
وستارةَ الحريرِ البنِّيَّة

رقصاتٌ فاترةٌ فِي جوفِ اللَّيلِ
حينَ أَطلبُ قداسةَ الرَّبِّ

أَتمنَّى أَن أَكسرَ هذَا الإِطارَ
حتَّى أَتنفَّسَ علَى يدِ المحيطِ

أَركبُ علَى فلكٍ إِلى النُّورِ
بعيدًا عنْ هذهِ الرِّمالِ

 

الاستماع

قراءة صوتية للكلمات

 

* ولدتْ فِي إِيرانَ يومَ 11 يوليو/ تموز 1984. حصلتْ علَى شهادةٍ فِي الهندسةِ لميكانيكيَّةِ. لدَيها شغفٌ فِي كتابةِ القصصِ والقصائدِ. ظهرتْ أَعمالُها فِي مختلفِ المواقعِ علَى الإِنترنت، وفِي الصُّحفِ أَيضًا.

محمد حلمي الريشة: شاعرٌ وباحثٌ ومترجمٌ. نابلُس- فِلسطين.(حقوقُ التَّرجمةِ العربيَّةِ للمُترجمِ)

m.h.risha@gmail.com