سيرةُ الثّورةِ الحقِّ
بينَ رصاصٍ يَصطَلي كحُلْماتِ فتياتِ الثّورةِ أمشي لِأذكرَ فتاتي رفيقةَ الحزبِ ملدوغَةً بحليبِ وردَتِها..أنا ابنُ شوارِعَ احتفرَ أسماءَها الرّصاصُ والطّابورُ الخامِسُ..ثمّتَ نحنُ نَسْهرُ وفتياتٍ مُثوّراتٍ بما يَتَشَهّيْنَ الليلةَ مُتحزّبينَ بفتياتٍ يَتَعَرَّيْنَ عَ الماسنجرِ وفتياتٍ يَنكَحْنَ حتى الحجر فِ الطّريقِ..نسهرُ في حانةِ الوطنيينَ مُرنّحينَ بأغنيةِ البيرةِ وحرِّيّةِ الخَلْقِ..الحانةُ مفتوحةٌ كقميصِ ثائرةٍ بينَ ذراعيْ مُخْبرٍ..وللحانةِ أنْ تتفتّحَ زهرةَ الشّارعِ أو تصيرَ الشّارِعَ كُلّهُ..(تُرى هل سَلَكتِ الشّوارِعُ غيرَ دُروبِها..هلْ انتفَضتْ كي يسّاقطَ الأفقُ أسماكاً وعوازلَ حمْلٍ وأحذيةَ ثوّارٍ)
دوريّاتُ مُشاةٍ \ناقلاتُ جُندٍ تُقيءُ جرادَها في طُرُقاتٍ تَفِحُّ بأدخنةِ إطاراتٍ وخطى قدّيسينَ أوباشٍ..ل3 أيّامٍ ورائحَتي مِسْكُ أسماكٍ مُخلّلةٍ )..المُراهِقةُ الثّوريّةُ رفيقةُ الدّروبِ الآنَ معي مُتدَرِّعَيْنِ بالمِتراسِ الأخيرِ ( نقِفُ المِتراسَ الأخيرَ )..أنا عَ المِحَكِّ إذاً في مَهَبِّ جحيمِ الشّوارِعِ..ما ضرُّ أن أطوِّرَ أسلِحَتي بغيرِ ما أتى بهِ ليلُ القتلى( زُجاجاتُ الفودكا تغدو المولوتوفَ مثلاً..)..ما ضَرُّ أنْ تُعيرَني رفيقةُ الحزبِ سروالَها المُلوّنَ المُتوَحِّدَ رايةً تدورُ في مَهبِّ جَحيمِ الشّوارِعِ..تعيرَني سروالَها (الأنقى رايةً) كي أتلثّمَ بهِ الآنَ..سألتقِطُ قلبي حجراً قربَ منّي مُلوِّحاً بِسُتيانِها مِقلاعاً..
داخلي تُهروِلُ الخلائقُ
سأهتِفُ مصلوباً عَ بوابةِ العالمْ
*ليلاً \ طور كرم
بساطةٌ دونَ البساطةِ
ببساطة ٍجدّاً أريدُ كأيِّ أحدٍ أن أنامَ..السّاعةُ رَمَتْ بي لمفارِمِ ثانيَتها صباحاً (غداً يجبُ أنْ أبكِّرَ لأشغالي)..وأُصلّي الآنَ جداً أنْ أنامَ كالعالمينَ..ولأنَني مِن هذي البلادِ المؤجّلةِ أبداً..ولأنني امرؤٌ تعوّدَ أنْ ينامَ مُهدهَداً بما يئزُّهُ الرّصاصُ..تعوّدَ أنْ يُهدهِدَهُ ليلٌ يتصادى فيهِ الرّصاصُ الذي يُردِّدُ اسمَ الحياةِ وينَخِّلُ لحمَ الهَدأةِ
اللّيلةُ خادَعَتْني تماماً وأتَتْ عَ غيرِ ما تأتيهِ..إذْ لا أزيزَ صُرّارٍ حتى ولا رَصاصٌ يئزُّ..إذاً كيفَ لي أنْ أنامَ..كيفَ سأحاولُ الأمرَ (رحيماً) بسِحرِ الرّصاصِ أطلِقُ عَ نفسي الرّصاصَ عََلّي أحسِنُ أنْ أنامْ..
*الثانية صباحاً\ طور كرم
الكيبوتسُ والكلابُ
ضَبْطاً تُقابِلُني (افني حيفر)..الكيبوتسُ الذي يعني (أرضُ الآبارِ) التي ينتشلونَ منها أدمُعَنا..الليلُ مُترَدِّدٌ هنا..كأنَّ اللّيلَ وإنْ كانَ يهبطُ كصلاةِ المُترَهِّبِ فهوَ الأبرصُ بنجومِهِ..سكانُ الكيبوتسِ الآنَ ينامونَ عَ سَجيّةِ كلابِهِمْ حَذَراً وأحلامُهُمْ في جيوبِ بيجاماتِهِمْ..كلابُ الحراسةِ مفطورةٌ عَ روائحِنا التي لا رائحةَ لها..تحرسُ ليلَ الكيبوتسِ..
نحنُ المُستيقظينَ نجلِسُ طوالَ فواتِ أعمارِنا قربَ جُثثِنا التي تبتسِمُ لنا جيوكنداتٍ..نهشُّ عنْ جُثثِنا ذبابَ الشّخيرِ..نحرُسُها حتى مِن اليقظهْ..
*الواحدةُ صباحاً\طور كرم
المتوسِّطُ طريداً يأتي
كلَّ ليلةٍ لا محالةَ يشلحُ المُتوَسِّطُ قفاطينَهُ ليأتيني كأسَ نبيذٍ أزرَقَ..مُشنشلاً بقلوبِ الصّيادينَ جلاجِلَ أصدافٍ..بقياثرَ مِن ملحٍ وزهرةٍ فيروزٍ..أنا لا أبصِرُ المُتوسِّطَ البعيدَ عنّي 7موجاتِ الأناملِ..أيَّ جدارٍ أقامَهُ الأسباطُ العصريونَ بيننا..لكنني أُحسُّهُ اللّجلَجةََ تحتَ مُرتجَفِ جلدي (وهلْ أشعرُهُ إلاّ يهدُرُ تحتَ جلدي)..أتنشّقُهُ مُختنِقاً سعادَةً..كلَّ ليلةٍ لا محالةَ يأتيني المُتوَسِّطُ مُتصَبِّباً أسماكاً ومُطارداً مِن خفرِ السّواحلِ لِيختبىءَ في مُضطرَبِ منامي..فِ الحُلمِ الدّوارِ
لا محالةَ أبداً أصحو والفراشُ مُبلّلاً يموجُ كلَّ صباحٍ..
*صباحاً\طور كرم
صنعةٌ
كَسَلاً أنتَ تصدَأُ..تكسَلُ أن تقومَ منَ الفِراشِ إلى المرحاضِ صُبْحاً..أنْ تطلُبَ تاكسي يُقِلُّكَ مِن الشّرفةِ إلى المطبخِ أو بالعكسِ..تكسَلُ أنْ تبولَ عَ نفسِكَ مُطفِئاً نفسَكَ لو التقمَتْكَ النيرانُ..أكهنُ إذا ما سَوِسَتْ ضرسُكَ سوفَ تكسَلُ أنْ تتلوّى..وماذا إذاً لو وَهَنَتِ الحياةُ لديكَ مُغادِرَةً كلَّ ما فِ الحياةِ هلْ تكسَلُ أيضاً أنْ تموتْ..
*مساءً\ طور كرم
فتاةٌ باريسَ
اللّحظةَ تُلِحُّ عليَّ "ماري"لأذكُرَ فتاةَ ضاحيةٍ في "باريسَ"..ماذِيّةَ عينينِ..الثّغرَ يضحكُ حَدقَةً للسّمواتِ الباريسِيّةِ..البارفانَ الذي لَمْ يُصنعْ بعدُ..الآنَ أفتحُ زجاجةَ نبيذٍ فرنسيٍّ بطعمِكِ(أنتِ الفرنسيّةُ كنبيذِ ليلتي هذي)..لأمتصَّكِ مِنْ فمِ الزّجاجةِ..ألتمِسُ نحرَكِ يَشِفُّ في عنْقِ الزّجاجةِ..أيّةَ فتاةٍ تشِفّينَ حدَّ هذي اللّحظةِ لتصيري وحدَكِ الزّجاجةَ..أنا أنخبُ الآنَ كلَّ ما يغتلي في عروقِكِ..أنخبُكِ آخرَ قطرةٍ تبتدي عَرَقَ اللّحظةِ.."ماري"كيفَ أصحو..
*ليلاً\ طور كرم
ماركةُ إيلي ويتني
بيضاءُ هي ملابسي الدّاخليّةُ..أنا أعرفُ عن عبيدِ حقولِ القطنِ في "أمريكا" العدلِ..أعرفُ أنَّ زنوجاً أراقوا عَرَقَهُم نخباً مِن أجلِ زهرَتِكَ القطنِ يا "إيلي ويتني"..كمْ مِن زَنجيٍّ نفقَ كيْ أرتدي هذا السِّروالَ اليومَ..420 رقيقاً مُقابلَ مفرشِ سريرٍ\760 مقابِلَ قميصِ التي شيرتِ هذا\2100 مُقابلَ سراويلَ داخليّةً لنساءِ السيناتوراتِ\4300 مُقابلَ جوْرباً مُزدوجاً..سلامٌ يا "أمريكا" الحرَّةُ..هلْ نرتدي اليومَ إلاّ أرواحَ أؤلاءِ الزّنوجِ..أرواحاً تحلِجُ إلى الآنَ روحَ هذا القطنِ..أرواحاً ترِفُّ مُتفتِّحةً في زهرةِ القطنْ..
*إيلي ويتني 1793:كان أحدَ مستعمري ولاية ماساشوستس في حقبةِ رقيقِ الحقولِ
*الواحدةُ صباحاً\طور كرم
الشّاعرُ :*إلى يهودا عميحاي
بلا أيّةِ موادٍ حافظةٍ باقٍ ضُحى الحمائمِ يا "عميحايُ"..صوتي بلا موادٍ حافظةٍ سيظلُّ..تينُ القرى وشميمُ الخبزِ والصّباحُ الذي يتنفّسُ لائباً كالأسماكِ فِ العينينِ..مَن سَلخَ جلودَ الأطفالِ رِقاعاً للقصائدِ في "سَعسَعَ" و "قِبيَةَ" يومَ استرحتَ تنتبِذُ رُكنَكَ في شرفةِ مُحارِبِ البلماخِ* أو في ليلةٍ عذراءَ تفتحُها زجاجةَ الشمبانيا في فندقِ الملكِ "داوودَ"..نمْ يا رفيقَ الأغاني..ربما تتشابهُ رضّاعةُ الطِّفلِ والقنبلُةُ اليدويّةُ طويلاً..الإصبعُ عَ الزِّنادِ وطلقُ امرأةٍ ستلدُ القتيلَ..يتشابهُ دمُ الرّمانِ في عُروقِنا والماءُ..طائراتُ الورَقِ وسِمْتِيّاتُ قراصنةِ الجوِّ..الشّاعرُ ولصوصُ اللآلىءِ..لكنَّ الشّاعرَ لا يجدِّف بالنّملةِ..الشّاعرُ لا يُتقِنُ إلاّ لعبَةَ أنْ يقتلَ نفسَهُ..نمْ يا رفيقَ الأغاني في سينما حياتِكَ..في ماذا ستكتُبُ يا "عميحايُ"..هناكَ طفلٌ ثقّبَهُ الرّصاصُ لينزِفَ نملاً مسحوراً..بموادٍ حافظةٍ أو بدونِها سِيّانَ..هلْ تشابهنا إذاً ذاتَ حربٍ..هلْ نَبتَتْ أصابعُكَ مبتورةً في كفِّي ذاتَ سلامٍ أو بالعكسِ..هلْ تشابهتْ تتشابهُ قلوبُنا حمائمَ ضارِيَةً تهوي بنا في سمواتٍ بلا قاعٍ..الحمائمُ التي انذعرتْ تهجُرُ صدورَنا
الحمائمُ التي تنبَحُ أيّانَ غدٍ بينَ أشجارٍ الزّيتونْ..
*يهودا عميحاي منَ الجيل المؤسس للشعر في إسرائيلَ. أما البلماخُ فهي عصابةٌ قتلةٍ وقد قامت بالعديد من المجازر وقد كان ينتمي إليها "عميحاي" الشاعر.
*منتصفُ الليل\ طور كرم
الحياةُ لديَّ
أفتحُ النّافذةَ فيدخلُ المتوسِّطُ عَ موجةِ أنفاسي و كيبوتسُ(افني حيفرَ) غصْباً يدخلُ مِنْ نافذتي..ومَنْ نشرتْ أسماءَنا عَ حبلِ الغسيلِ..أفتحُ النافذةَ فأرى الكيبوتسَ غصْباً ومَنْ تقرصُ أرواحَنا بملاقطِ الغسيلِ
أفتحُ النّافذةَ لأرى الكيبوتسَ (وحدَهُ الغَلْقَ)
أفتحُ النّافذةَ صرتُ
لا أجدُ النّافذهْ
*منتصفُ اللّيلِ\ طور كرم
القصائدُ المُفخّخةُ
لِمَ لا أقرأُ أشعاراً فِ الكنيستِ..لستُ الخائنَ لكنْ سأذهبُ اليومَ الكنيسِتَ مُنتخباً مِنْ أشجارٍ و أطفالٍ رُدِموا..نائباً عنْ قائمةِ القتلى والعاهاتِ..مندوباً عن منازلِ التّنكِ فِ المخيّمِ لأنتصِبَ اليومَ أمامَ جنرالاتِ الحربِ\برلمانيينَ صقورٍ\باباواتِ الترانسفيرِ\حاخاماتٍ بادلتِ اللهَ بالعجلِ المُفدّى..إذاً فلأقفِ اليومَ فِ الكنيستِ لأقرأ ما تيسَّرَ مِن توراةِ القصائدِ\مُصحفِ لمزاميرِ أضاحي الفسْحِ\إنجيلِ أنشادٍ مُفخّخٍ بأصابعِ الأطفالِ التي ستظلُّ مِسلّاتٍ في أعينِ الجنرالاتِ وأعلنُ بيتَ قصيدي: لا جنرلاتِ سوى الأطفالِ..إذاً لِمَ لا أقرأُ قصائدَ عَ منبرِ الكنيستِ..أطلِقُ عَ معشَرِ البرلمانِ الرّصاصَ مِن فمي..أطوي القصائدَ وأرسِلُها طائراتٍ ورقيّةً تقصِفُ مبنى الكنيستْ..
*الواحدةُ صباحاً\ طور كرم
السقوطُ فيِ الأعالي
الطّفلُ الذي أطاحتْ به رَصاصة ٌهوى يهوي مِنْ الشّرفةِ(ليَسقطَ معه اسمُ الشّرفةِ)..هو ذو الأعوامِ ال5..ظللتُ 5أعوامٍ أشاهِدُهُ وهو يهوي..مِنْ أعوامٍ 5 إلى الآنَ وهو ما يزالُ يهوي..ليرفعَ ربتما شرفةً أخرى
*ليلاً\ طور كرم
مُشاهدةٌ
يَمرُقُ الميْتُ وهوَ يُجرجِرُ مقبرةً مِنَ الأحياءِ..الجنائنُ تمرُقُ مُجرجرَةً رائحَتَكَ والأنفاسَ..الصّيادُ جارّاً البحرَ بالشّبكةِ..عرباتُ الجنودِ مُجرجرةً العواصِمَ..الوقتُ يمرُقُ مُضيِّعاً ساعاتِهِ..تمرُقُ الطّيرُ وهي تُجرجِرُ السّماءَ مِن ياقةِ الأفقِ..يمرُقُ الشّارِعُ مُجرجِراً الشّوارِعَ التي كأمعاءِ الجوعى..مرَقَ النّهارُ يُجرجرُنا كلاباً مِن عُلبِ الكولا وأكياساً و حفّاضاتِ أطفالٍ إلخ..يمرُقُ النّهرُ مُجرجراً نهرَهُ والحصى عَ خدِّ جدّتي..فِ العالمِ مرَقتُ أمرُقُ..بجديلةِ أمّي أجرجِرُ العالمَ مِنْ سُرّتِهِ خلفَ العالَمْ..
*الظّهيرةُ\ طور كرم
شاعر من فلسطين