بحثا عن ضوء القمر
كنتُ أقرأ تحت ضوء القمر،
وأحيانا، في ظل فانوس يترنح،
ثم صرتُ أقرأ الشوارع تحت أعمدة الكهرباء،
متصفحا أوراقَ حياتي في مدينة تسترُ وجهَها
في النهار لتكشفَ بعدَ الغروب عن فخذيها
بعدَها، دخلتُ بغدادَ، رأيتُها تغورُ في الوحل
وثمة منْ يُرَتّبُ بيتَهُ بحصدِ جيرانِهِ المارقين
لكنها كانتْ مزركشةَ الثياب
والجمالُ من نسائها يَغارُ،
والليالي بالفتنةِ ساهرهْ
كنتُ أفكّ فيها شفرةَ الغريب
بحثا عن السنبلة.
قولي، يا حرائقُ يا شوارعُ يا فصولُ
وأنتِ أيتها العظامُ النّخِرَةْ،
لماذا بعد كلِّ التضحيات:
* لم أعثرْ على وطني
* أنَّ ما تَرَكَتْهُ المقاديرُ
غيرُ الذي قرأتْهُ العيونُ وكفُّ الطالعِ
* كل ما كتبتُ عنه في الماضي
صرتُ نادما عليهِ
وكل ما أحببتُ داستهُ سنابكُ الخيلِ
ومشى فوق أثدائه الغيابُ
* كان منفانا دورةً مُفترضةْ
والآنَ صارَ الهواءُ والماءُ والأهلُ
والنخلُ والذكرياتُ والكلامُ ونحنُ منفى
* أخذَ المنفى يَسْتغيثُ بنا كي نجدّدَ دورتَه الدموية
بعد أنْ أطبقَ خطْمُ الوحشِ، في بلاد الخديعةِ والموت،
على عُنُقِ الأبجدية
* نستعينُ بالسحابِ لأنّ أشجارَنا
شرعتْ تنبتُ في الفضاء
ربما هذا هو الحلُّ الوحيدُ
كي نهزمَ الذاكرة.
* سابقا كنتُ أنظرُ للآتي بمرآة الربيع
واليومَ أجمعُ حباتِ الخريفِ المتناثرة.
أجيبي، يا نبوءةُ يا نجومُ
وأنتِ أيتها الساحرةْ،
هل ما رأيناه،
كلُّ الذي به تنبأت؟
6-09-2011
شاعرٌ متقاعد
في صباح مطير كهذا،
بعثتُ نصوصي لشاعرْ،
تأخرَ في نشرها طويلا
قلتُ لعلّ فيها شهوةَ المحارب الذي سفكوا
دمَّ زوجتهِ وأطفالِه أجمعين
ثم قاموا بحرق أشجاره وقلع عيون والديه
قلتُ: من حقه فهو ذو عيالٍ وصاحبُ موقع
في كل مهرجانٍ وخيمةٍ أو هِبَةٍ تعمل في الظلام
قلتُ: إنّ تكرار اسمي
قد يُغيضُ بعضَ ممتدحيهِ وأربابِ نعمته
أو أنه يذكّرني كي أدبّجَ دعوةً له
أو مقالةً عنه، أو أنّ مكاني تمّ حجزهُ
لمُريد لستُ إيّاهُ، لزبونٍ جديد
قلتُ: قد يكون نهارُه مشمسا
وقصائدي مُمْطرةْ
لم أكنْ عارفا أنه ميّتٌ
قد أحالوه من زمنٍ
للتقاعد في أسفلِ الأبدية.
18-08-2011
قرَعُ عبدِ الخالق
نبّهني القرَعُ المشرئبُّ وذاك المنطوي على نفسه
أنّ الأولَ يسبرُ الآتي على ذبذباتِ الرياح
والآخرَ يبحثُ عن جذوره
بين الأرض والغصون
نبّهني إلى الذي بالروح والضوء دَحاهُ
ليحكي قصة الخلودِ بين البشرْ
هكذا تُروّضُ الفطنةُ الطبيعةَ في الفضاءِ الاسكندينافي
هكذا تحوّلَ الشرقُ إلى رمزٍ ومشكاةٍ ونور
تكنزها أعينُ القرعِ التي تحلّقُ في الأفق
أبعدَ من بابلَ والثلج، أقربَ من صرخة الوليد
أشكالٌ وألوانٌ تسحبُ الغطاءَ
من تحت أرجل الغيمِ والمطرْ
أحلامٌ تتسامى في تحليقها تحدّقُ فينا
تقرأُ الغيبَ بعيني فينوسَ وأسوارِ زُحلْ
معزوفةٌ فريدةٌ يبحثُ عبدُ الخالقِ عنها
في أسطورةِ الخلقِ وترنيمةِ القرَع.
06-09-2011
شُرْفة
يُمكن أنْ يكونَ- هَا-هَا-هَا
يُمكن أنْ يكونَ- هُو-هُو-هُو
يُمكن أنْ يكونَ- هُما-هُما-هُمَا
يُمكن أنْ يكونَ-همُْ-هُمْ-همْ
يُمكن أنْ يكونَ- هُنّ-هنّ-هنّ
يُمكنُ أنْ يكونَ – الحقَّ ونقيضه-الشهيقَ والزفير- المنفِيَّ والمنفَى- المُقّدَّرَ لا القدر.
لكنه لا يمكنُ أنْ يكونَ - ذاته – نفسَه- روحَهُ- جسده، اسمَهَ السليبَ قبل أنْ يُسَمّى-
ذلك المعولَ- الأزميلَ الطينَ- الأساسَ- اللبِنَةَ اللُّحْمَةَ- البناءَ الزوالَ الخلودَ- النغمَ الضائعَ- الغريقَ الماءَ-الثمرَ الترابَ- الشجرةَ الجفافَ- الكلماتِ بلا أبجديةٍ- العربيةَ بلا نقاط- الرمزَ الأزليَّ- تفسيرَ الغيب بمخيلة النبوة- القُبْلةَ القِبْلةَ - السجودَ الركوعَ- التهجدَ الملكوتَ-المالكَ المملوكَ- الكشفَ الحجابَ- الفناءَ التجلّي- النجمَ- الكوكبَ المذبوحَ لا الذابحَ- سكونا مُدَويّاً- الاسترخاءَ تأملا لا كسلا- الشكرَ امتنانا لا عبوديةً- الرسمَ تشكلا وتلوُّنَا لا تلوينا – الصورةَ لا الإطارَ- الجوهرَ واللبَّ لا القشرةَ – التسامي لا التهافتَ – الهبةََ لا الواهبَ- الصحراءَ في الماء – السماءَ في لغزها- الكلامَ في تفرده- القطيعةَ في تأسيسها – الغيابَ في هيبته- هباءَ الحدود- كوكبا يبحث عمّنْ يكتشفه- ترتيلا لا يُمَلُّ- انبثاقا لا ينقطعُ- رجاءً يُسْمعُ- همسا لا صراخا- الأرضَ والفضاءَ- أل هو وال هيَ- الدفترَ والقلمَ- الرؤيةَ والرؤيا.
أين الانبعاثُ يا تُرى؟ هل الولادةُ والموتُ هو الشيء الوحيدُ الذي يمكنُ أنْ يكون؟
يا سماءُ يا بهاءُ يا ضوءُ يا خيالُ يا طاقةُ يا غيابُ أوْقدوا عند مذبحهِ
شمعةَ الممكنات لكي يكونَ روحَهُ جسدَهُ نفسَهُ ذاتَهُ التي تُطِلُّ
من شرفة الهاوية.
03-08-2011