ترجمة وتعليق حازم خيري
" إيهِ يا موتُ لن تمس خلودي
فاقضِ ما شئت لستَ وحدك تقضي!"
فوزي المعلوف(***)
اهتمام ادوارد سعيد بـ "أسلوب المرحلة الأخيرة" من حياة المفكرين ـ والذي ينطلق من عمل ثيودور أدورنو عن الأسلوب الموسيقي في المرحلة الأخيرة عند بيتهوفن ـ يعود إلى أوائل تسعينيات القرن الماضي. في البداية، مثل هذا الاهتمام خطوة على طريق كتابات سعيد في النقد الأدبي والموسيقي، بعد: "الثقافة والامبريالية" عام 1993 و"متتاليات موسيقية" عام 1991. أيضاً من الملائم القول بتأثر سعيد في معالجته لأسلوب المرحلة الأخيرة بتجربة مرضه القاسية والتي أودت بحياته. ولأن سعيد كان دائماً خصماً للحلول الدينية والترنسندنتالية، لم يكن ثمة احتمال أن تقوده مواجهته الشخصية مع الموت إلى نوع ما من السعي للسلام الروحي، أو ممارسة الخلاص الفلسفي، أو إيجاد حلول استرجاعية للقضايا.
مذكرات سعيد "خارج المكان" عام 1999 ـ التي وبحسب وصفه برهنت على صعوبة الاكتمال ـ كانت بشق الأنفس محاولة للتجول خارج نبرات حياته أو توفير مرجعية استرجاعية لنوع ما من الكلية [شكل كلي ـ المترجم] السعيدية. وفضلاً عن كونها، بصورة ملموسة ومُعلنة، محاولة للاستذكار وإعادة بناء عالم اجتماعي مفقود الآن في مصطلحات عالم آخر، تسعى المذكرات لرسم خريطة لشبكة البدايات، ووصف بالغ الصعوبة لكلية حياة من نقطة ما عند نهاية الفكر. وربما يُقال أن "خارج المكان" كانت أول ممارسة لسعيد في "أسلوب المرحلة الأخيرة"، على نحو ما يُفهم، في الواقع، من تأخر ظهور مقالاته الكاشفة عن الذات، والتي من المُفترض أن تؤلف كتاباً عن أسلوب المرحلة الأخيرة. كسرد للبدايات ـ يشبه إلى حد كبير خبرة سعيد الأولى في النقد الأدبي، "البدايات" عام 1975 ـ جاءت المذكرات تأملاً واسعاً حول معلمات الحياة العلمانية، حول كفاح الإنسان لإعطاء تفسيرات فقط في حدود هذا العالم، حتى فيما يخص أمثلة تاريخية، بدا العالم وقتها عصياً وسلبياً إزاء أي نوع من المغزى.
إن كتاباً حول "أسلوب المرحلة الأخيرة" لم يكتمل، ومع ذلك ثمة مقالات متنوعة أو مقاطع من محاضرات وكتابات في مناسبات مختلفة، عبر ال 15 سنة الأخيرة من حياة سعيد، تشي بأن المشروع كان دائماً حياً ووشيكاً. مقالة "أفكار حول أسلوب المرحلة الأخيرة" المنشورة حديثاً في London Review of Books، تُعد عرضاً مجزئاً، لكن عبقرياً للمشكلة التي كان سعيد يتحراها أو يسعى لسبر غورها، فضلاً عن أنها تطرح إطار عمل آخر كلياً يمكن من خلاله ادراك الأعمال الأخيرة لادوارد سعيد(1). وهنا يمكن ملاحظة، على نحو عرضي، أن سيمنار الدراسات العليا الذى اعتاد سعيد تدريسه في جامعة كولومبيا في تلك الأثناء، حمل عنواناً مزدوجاً "الأعمال الأخيرة/أسلوب المرحلة الأخيرة". وأعني بالأعمال الأخيرة، كتاب "الأنسنية والنقد الديمقراطي" عام 2004، والكتابات السياسية في الصحافة في السنوات الأخيرة، والتى جُمعت بعد وفاته في "من أوسلو إلى العراق وخارطة الطريق" عام 2004. ونُشرت مع مقدمة عميقة بقلم مؤرخ جامعة نيويورك توني جودت، إضافة إلى خاتمة رائعة ومؤثرة، كتبها وديع ابنه. حتى الوصف الأكثر بساطة لحياة سعيد وأعماله يخبرنا بالتشابك القائم بين مجالي الأدب والسياسة عنده، على نحو مستمر ووطيد، رغم احتفاظ كل مجال بمعلماته الانضباطية الصارمة، فالأدب والسياسة في تمايزهما الواضح، يسيران كعناصر مترابطة من مشروع حياة سعيد، والذى عبر عنه بمهمة النقد العلماني. لكن، ما الذى يميز بالضبط هذه الأعمال الأخيرة من مشروع سعيد المُمتد والمعني بالنقد العلماني، ويجعلنا قادرين على الحديث عن أسلوب المرحلة الأخيرة عنده؟
في مقالته آنفة الذكر، يقدم إدوارد التوصيف الأكثر ايجازاً لمفهوم مراوغ بطريقة أخرى. عائداً إلى تفسير أدورنو لأعمال بيتهوفن الأخيرة، يميز ادوارد الإصرار على ذاتية عنيدة لبيتهوفن. سواء فيما يتعلق بمادته الموسيقية التي تتجاهل المنطق التكاملي الصارم والذى كان أسلوب التوقيع السيمفوني للمؤلفين الموسيقيين، لصالح "المشاكسة والانحراف عن المسار". أو "مناهج عرضية " تشي بتخلي بيتهوفن النهائي عن إمكانية التركيب. ادوارد يشير إلى ما خلص إليه أدورنو من أن أسلوب بيتهوفن في أعماله الأخيرة، بعيد عن انجاز تركيب هارموني، كونه يُنتج تمزقاً داخلياً، يترك هذه الأعمال مُعلقة في الزمن ويصبغها برعب عنيد وكارثي. سعيد يوافق على أن أعمال بيتهوفن الأخيرة تظل غير متحدة بتركيب أعلى، فهي لا تتسق في أي مشروع، ولا يمكنها التصالح أو التوصل لحلول، لأن ترددها وتشظيها تأسيسي، لا زخرفي ولا يرمز لأي شيء آخر. الأعمال الأخيرة تكون تقريباً "كلية مفقودة، وبهذا المعنى تكون فاجعة. لكن سعيد يؤكد أن قراءة أدورنو تسعى لتعريف التأخر كعلاقة محددة بشكل يذهب إلى ما وراء المكون البيوجرافي المحض لفنان في مرحلة متأخرة، يسعى جاهداً لترك بصمته الأخيرة. مهما تكن العلاقة بالبعد البيوجرافي ـ لا أحد يقترح انه ليس ذي صلة ـ وبالتالي مهما تكن علاقة الفن بواقع بعينه، فان أسلوب المرحلة الأخيرة يشهد للفن كنقطة متطرفة تتجاهل التقاليد(بما في ذلك الخاصة بالفنان) وتقتحم التأكيد الأخرس للواقع المعاصر، الذي حتى ذلك الحين يكون قد أمد الفنان بهوية جزلة.
التأخر إذن يصبح ظرفاً في حد ذاته: استجابة تخريبية من قبل ذكاء إبداعي إزاء محدودية الحياة غير القابلة للإلغاء، من ناحية، وإزاء إحياء بعينه عبر تذكر هائل لقوى التاريخ، من ناحية أخرى. سعيد يُقر بإيماءات أدورنو الخاصة بأسلوب المرحلة الأخيرة في توصيفه لشخصية بيتهوفن قبل المضي قدماً إلى حالتين تُجاهدان الظرف نفسه، لكنهما تأتيان من أطراف المتوسط، وتقتربان من خياله: الروائي الصقلي جوزيبي دي لامبيدوزا والشاعر اليوناني السكندري قسطنطين كفافي. انه يتعرف في كل منهما على وعي مُغاير لزمنه، بشكل مفارق، يُجرد الحاضر من صفة المراوغة والغموض، ومن ثم يشحذ قوته كتاريخ قيد الصنع. هذا التخيل المغاير لزمنه يحدوه الحصول على متعة عظيمة وثقة في موقع الأدب المنفي والخارج على المسار الذي يتجاهل سلطة الوقت الحاضر، وبناء على ذلك، لا يُصبح مستوعباً في توتر غير محسوم بين ما يكون الآن عديم القيمة، وبين ما يمكن أن ينتهي به المطاف إلى التهشم. مثل هذا الموقع بدلاً من ذلك يُعيد، بلامركزية وبعدم مضاهاة، بناء شروط الفهم النقدي لتاريخ حاضر، لتحقيقها في المستقبل. سعيد يخلص إلى أن ثمة امتياز لأسلوب المرحلة الأخيرة يتمثل في:
"إتاحة كل من التحرر من الوهم والمتعة، بدون حل التناقض بينهما. ما يبقيهما في حالة توتر، كقوى متساوية تندفع بقوة في اتجاهات متعارضة، هو شخصية ناضجة للفنان، تخلو من التباهي والغطرسة، لا تخجل من اللاعصمة أو الثقة المتواضعة، وهي أمور تُكسبها للفنان سنوات العمر أو المنفى"(TLS n. p.) هكذا، يتميز أسلوب المرحلة الأخيرة بشجاعة واضحة، وليس جرأة ساذجة، يتميز بالثبات على رؤية شخصية، لكن دون فقد الاتصال سواء بالحدود المطلقة للأخلاق أو بتحدي الحدود الذي يُمكن الإنسانية من صنع التاريخ في وجه مستقبل غير نهائي. وفي اعتقادي، ليس للقارئ الفطن أن يفتقد صدى هذه الفقرة الأخيرة في مقالة سعيد الحاسمة حول أسلوب المرحلة الأخيرة. إنها ضمناً ذاتية المرجعية، كما أنها على نحو صريح وثيقة الصلة بشكل أدبي وظرف اجتماعي.
مقالات سعيد حول الأنسنية كانت شهيرة قبل طباعتها بسنوات. في دوائر مُعينة في الإنسانيات، لم تلق قبولاً طيباً بكل ما في الكلمة من معنى، فقد أُخذت على أنها تحمل الدليل الأكثر قوة على التحول المزعوم لسعيد ضد النظرية. المحاجة ذاعت على أكثر المستويات بساطة! على نحو قريب الشبه بالنظرية الفرنسية وقت تأوجها، في روح 1968، وما أحدثته من نقد مدمر لافتراضات التقليد الإنساني، كانت أي محاولة للدفاع وإعادة شرعنة خطاب الأنسنية ترقى لتكون ضد النظرية. هذا القياس المنطقي ليس بسيطاً فحسب، انه بالكامل غير دقيق من ناحيتين. سعيد لم يكن ببساطة ضد النظرية، ومن يسمون بمنظري ما بعد البنيوية لم يكونوا أيضاً ضد الأنسنيين. ليس ثمة انسجام أو تنافر بين مصطلحي "النظرية" و"الأنسنية". العلاقة بينهما، دائماً ما تكون، ممكنة تاريخياً، حتى قبل أن يحمل المُصطلحان أي تماسك يمكن تمييزه، حتى قبل أن يتم تسميتهما، من هيدجر وامتداداً للوراء إلى نيتشة إلى ماركس. سعيد بالطبع لم يُخف إحباطه إزاء ما أدركه على أنه فيتشية [التعلق بالأشياء والوله بها – المترجم] النظرية، نوع محدد من تشكيل الذات الأكاديمية باستخدام لغة مخلخلة تقوض جوهرياً أي إطار مرجعي خارجها. لقد وجد أن هذا يخون فعلاً الأغراض السياسية للنظرية ـ التي، من ولائه المبكر المُعلن لجورج لوكاش وأنطونيو جرامشي، لها معنى فقط في ارتباط جدلي بالتطبيق العملي ـ وهاجم بعنف مثل هذه الاتجاهات في كل من الدراسات الأدبية الأوروبية وما بعد الاستعمارية، والتي سبق وأن ولى هو نفسه وجهه شطر معلماتها النظرية في وقت من الأوقات. من هنا، فالتهمة الموجهة إلى سعيد هي التحول. المحاضرات حول الأنسنية قوبلت، عملياً في كل مكان في الجامعات الأمريكية، مع شعور بالخيانة من جانب هؤلاء الذين اعتبروا أثناء سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي من بين حلفائه في الإنسانيات. فضلاً عن شعور بالتفوق من جانب غرماء متنوعين بدءوا كمدافعين عن المبادئ الأنسنية الأنجلو أمريكية ضد الهجوم الخارجي.
قراءة حريصة لكتاب "الأنسنية والنقد الديمقراطي"، مع ذلك، تبين أن سعيد أربك الجانبين معاً. هو يبدأ المحاجة بنقد حاد للأنسنية الأمريكية في الآونة الأخيرة، لأمثال آلان بلوم، وليام بينيت، أو صول بِلو الذين يمثلون "معاداة عقلانية الحياة الأمريكية" ويتصفون بـ”سوء تذوق أكيد للنغمة" و"زم كريه للشفاه يعبر عن الكآبة والاستنكار"، كل هذا تحت تأثير "ولع أمريكي بغيض بإضفاء الطابع الأخلاقي على التقليصية [الإرجاع إلى صيغ صغرى ـ المترجم]" و اقتناع راسخ بأن "الثقافة المستحسنة هي النافعة بطريقة تعويضية غير مغشوشة وغير معقدة في النهاية". في الوقت نفسه، سعيد لا يتشدق بكلمات عن "التعددية الثقافية الكسولة" و"الرطانة المتخصصة للإنسانيات". هو يعترض على "مناهضة الأنسنية على أساس أيديولوجي" ويعتبر ذلك ممارسة سلبية تلغي بداهة سيادة موضوع التنوير، بدلاً من تفكيك افتراضات يحشدها هذا الموضوع في مشهد دائم التغير لعالم ما بعد التنوير، كي يأخذ الذاتية تحديداً بعيداً عن محاصرة أيديولوجية محكمة محتملة.
اعتراض مزدوج الجانب ينبئ عن غرض مزدوج أيضاً. سعيد في البداية يعلن مشروعه أن يكون "ناقداً للأنسنية باسم الأنسنية"، أيضاً، وفي وقت لاحق، يُجاهر بطموحه للوصول إلى موقع "الأنسني اللاأنسني" والذي هو برأيه موقع "مشحون جدلياً" يتخذ الأنسنية لتدشين "تقنية شغب"(H 77). أي قارئ نابه لأعمال سعيد يعرف أن لغته يمكن أن تحقق التشابك الأكثر روعة للارتيابي مع الطوبائي، لكنها أبداً ليست مُلتبسة أو سفسطائية. هذه التأكيدات المتناقضة ذاتياً بوضوح، لا تقودها رغبة فاسدة في الإرباك، بل، على العكس، التزام صارم ببيان الأساليب المخادعة والمُضللة والتي بها تُنتج وتُصقل الهويات ـ وأعني بها هنا، كلاً من الأنسني و"الضد أنسني"، لكن في جوهرها كل الهويات ـ.
بالنسبة للرجل الذي قال ذات مرة، ببساطة وإيجاز، "الامبريالية هي تصدير للهوية" ـ في مقالة له عن جان جينيه، والتي كان سيتم تضمينها في كتاب حول أسلوب المرحلة الأخيرة ـ نقد الهوية ليس مجرد موقف سياسي عرضي(كما في نقد "سياسات الهوية" على سبيل المثال)، بل موقف فلسفي يستجوب أي ممارسة للإقصاء. بدون تبني إطار عمل وجودي [منسوب إلى الأنطولوجي، علم الوجود – المترجم]، سعيد يهاجم باستمرار أي بنية، خطاب، أو مؤسسة تجعل نفسها غير خاضعة للمسائلة عن صياغة الهوية، ليس يهم ماذا تكون الضرورة التاريخية أو الإستراتيجية السياسية. من هنا، تفكيكه الدؤوب للسلطات التي تُطالب بطاعة صارمة والتزام بمبادئ قبلية: قومية، امبريالية، دين، الدولة، أو تلك التعريفات للثقافة التي تُكبل مجتمعات في أطر عمل مفاهيمية للـ"حضارات" ـ كان هذا، بالطبع، زخم "الاستشراق".
المقالات حول الأنسنية تتبع هذا الخط من التفكير فيما يخص الهوية، لكن تركز على لُب الشخصية الذي يقود إنتاج الهوية: على هذا النحو هو الانسان. هذا التركيز يُشحذ بلا هوادة عن طريق تجاهل التفلسف المجرد حول "طبيعة الانسان"، لكي يتقدم للأمام نطاق الممارسات البشرية ـ صنع المجتمع، صنع التاريخ ـ كحدود تأسيسية للانسان. في هذا الخصوص، أنسنية سعيد الأنتينومية [المتناقضة – المترجم] فوق ذلك تطوير آخر لمهمة النقد العلماني، الذي يجب أن يُفهم على أنه يعمل على أرضية ما هو علماني وما هو نقدي. النص مليء بتوصيف هذه المهمة. أختار اثنين: "إن أي فهم للأنسنية يعني إدراكها بما هي ديمقراطية، مفتوحة على كافة الطبقات والخلفيات، وبما هي مسار لامتناه من الكشف والاكتشاف والنقد الذاتي والتحرر...الأنسنية مذهب نقدي"(H 21). و: "حري بالأنسنية أن تكون مدرسة في الإفصاح، لا في الكتمان أو في الإشراق الديني....[إنها] مطالبة بأن تنقب في صنوف الصمت المختلفة، وفي عوالم الذاكرة، للجماعات المرتحلة الناجية بالكاد من الفناء، كما في أمكنة النبذ والحجب، لتستخرج نمطاً من الشهادات لا تجد طريقها إلى تقارير المراسلين..."(H 73,81)
بأخذها معاً، هذه العبارات تستهدف ممارسات خاصة وعامة عبر مطالبتها بالإفصاح ـ سعيد مُغرم باستخدام بنفس الكثرة كلمة "التقشير" [إزالة القشرة الخارجية - المترجم] ـ عن كل الاستراتيجيات الاستبعادية، سواء كانت سلطتها تُنجز باسم الذات(وامتدادها العام) أو باسم الآخر(وماهيته الضيقة). هكذا، يمكن أن نفهم دعوة سعيد "لممارسة نمط تفكير مفارق"(H 83; his emphasis) كدعوة لتدمير أي توجهات أرثوذكسية [سُننية – المترجم]، بغض النظر عن الغرض من ورائها أو تبريرها. ليس ثمة صعوبة شديدة في رؤية لماذا كل من التقليديين الدوجماطيقيين، الذين يدافعون عن نقاء المكنون الأدبي أو نقاء حقوق الإنسان، ومتعددي الثقافات الدوجماطيقيين، الذين يرفضون تأكيد أي شيء خلاف منزلتهم كأقلية، سوف يجدون الكثير مما هو مؤلم في هذا الكتاب. لكن من المحتمل أن يفوت عليهم أن اعتراض ادوارد المُفترض ليس ضد موقفهم ضمن معطيات سياسية، تاريخية أو حتى نظرية، لكن ضد أرثوذكسية موقفهم، ضد تحصنهم، عدم قدرتهم على التفكير في أن موقفهم، بعد كل شيء، يحمل كذلك، علامة دنيويته، علامة كونه مصنوعاً في لحظة مُحددة في العالم، عدم القدرة هذه تهدم وتحبس المسؤلية التاريخية عن مثل هذه المواقف، لأنها تحرمها من إدراك أن تبقى منفتحة، تماماً كما بسهولة، أن تُهدم (تُجدد، تُصنع خلاف ذلك) عندما تقتضي الأوضاع الدنيوية ذلك. سعيد بالتأكيد يستحق شرف أن يكون مفكراً كونياً، لكنه بلغ ذلك عبر كونه دائماً مفكراً دنيوياً.
هذه الدنيوية تمنح معنى لكل من الأنسنية والنقد(الذين، على أي حال، يتشابكان) كممارسات تنخرط بثبات في الكفاح من أجل قبول واحتضان الجديد، الناشيء، غير المعروف بعد، ما لم يتم التفكير فيه، ما لم يتم تخيله بعد. هذا الموقف مهم لمحاجة سعيد عن الممارسة الأنسنية، لكنه يتواجد أيضاً في صميم توصيفه لأسلوب المرحلة الأخيرة. عند نقطة "كبر السن" ـ نقطة شيخوخة الجسد، نضج الأعمال، وصول الخبرة الحياتية لاكتمالها ـ يكون المرء من ذلك الحين منفتحاً على الجديد باصرار أكبر، غالباً على الجديد ضد القديم، مُعارضاً بذلك ما يكون سلفاً في المكان، مُطمئناً وواثقاً. هذه الروح الحداثية القلقة والمُضطربة ـ "مُحدثة متعة وخيبة أمل بدون حل التناقض بينهما" (TLS n. pag.) ـ تتخلل جميع أرجاء المُحاجة وتفسر بالضبط لماذا هذا الكتاب، وقد كُتب على ما يبدو في قمة الحكمة الفكرية للمؤلف، مُثير بشدة لضيق الكثيرين، وتخريبي جداً.
كتاب "من أوسلو إلى العراق وخارطة الطريق" يجمع كتابات سعيد السياسية في الصحافة أثناء السنوات الثلاث الأخيرة من حياته. العنوان يُرجع صدى دعوته لتفكيك "إعادة الترتيب الجغرافية التقنية"(H 143). معظم هذه القطع كُتبت كأعمدة منتظمة في جريدة "الأهرام ويكلي" المصرية الناطقة بالانجليزية، وتقريباً كل القطع، التي تكون قصيرة، موجزة، ومتاحة على نطاق واسع، تم التشارك فيها، وأعيد إنتاجها في جرائد متنوعة حول العالم، أو وُزعت على نطاق واسع خلال الانترنت. في هذا النمط من الكتابة لجمهور واسع من القراء، سعيد يسعى جاهداً لانجاز القوة القصوى لقالب المقالة للامساك بمتطلبات الزائل وسريع الزوال ـ عالم الواقع، السياسات اليومية ـ كقوى التاريخ التي تترك أثراً مُستمراً، كالأحداث التي تتجاوز أعمارها الدنيوية الزائلة. فقط كاتب مقال بارع، مثل إدوارد سعيد، يستطيع أن يقتنص من الزائل وسريع الزوال شعوراً قوياً بالمستقبل غير المعروف: "يخترع المرء الأهداف خطفاً ـ بالمعنى الحرفي للمفردة اللاتينية inventio التي يستخدمها علماء البلاغة للتشديد على معنى إعادة العثور على، أو إعادة تجميع انجازات ماضية، في مقابل الاستخدام الرومنطيقي للاختراع بما هو شيء تخلقه من لاشيء. وهذا يعني أن المرء يستطيع افتراض تحقيق وضع أفضل تأسيساً على وقائع تاريخية واجتماعية معلومة" (H 140)
ما يميز هذه المجموعة من الكتابات، مع ذلك، من ناحية، شعور أعظم بعجلة، ضراوة طاقة، مُفعمة على نحو ملحوظ بما امتلكه الكاتب سلفاً من قدرة على التحمل مُلهمة، ومن ناحية أخرى، سياسات نقد ذاتي واضحة، صُقلت بتأن، أحاطت نقد الخصم بأساليب حتى اليوم غير مُستكشفة. كل هذا يعطى هذه الكتابات ـ التى تركزت، بالطبع، على القضية الفلسطينية، دون اغفال تداعياتها الكونية ـ أسلوباً متميزاً، إذا جاز لي معالجة الكتابة السياسية بمصطلح أدبي: أسلوب كتابة يتميز بحدته وعناده، ليس فقط في مضمونه، لكن أيضاً في شكله وبشده. فقط، شخصية ادوارد سعيد المركبة، الدارسة لكتابات أدورنو تجاوزت الدرس، أنتجت أسلوب الكتابة في المرحلة الأخيرة في سياق كتابة سياسية في الصحافة. وشعوري بهذه القطع، كقارئ يرمي بنظره إلى الوراء، وعلى مسافة من الفورية التاريخية التي ولدتهم، هو أن انخراط سعيد طويل الأمد في النضال الفلسطيني خدم في شحذ تركيزه الفكري على نحو لم يستطع القيام به التفكير النظري الأكثر صرامة والتواءً على النفس.
الملمح الرئيسي في هذه النصوص هو التحدث إلى الجماهير العربية، رفع رهانات الخطاب والتفكر في ومع الجماهير العربية. من هنا، نرى الكثير من الطاقة يتم إنفاقها في استنطاق وبلورة نقدية لأشياء عربية، ليس فقط فلسطينية. يقترن هذا بسعي إلى الإخبار عن تعقيدات الواقع الأمريكي، وتبديد الأحكام المُسبقة الساذجة وضيقة الأفق إزاء المجتمع الأمريكي والثقافة والسياسات. لا يعني هذا أن نقد سعيد لسياسة إسرائيل وجبن المفكرين الإسرائيليين يكون بحالٍ أقل قسوة عما كان عليه باستمرار. الأمر، على وجه التحديد، انه مهما كان النقد لاسرائيل، فإن سعيد يسعى جاهداً ليبين، انه يجب أن يتم في سياق النقد الذاتي. لسببين: أولاً، النقد الذاتي سوف يشحذ نقد الخصم ويجعله أكثر فائدة، سوف يحركه إلى مجال التطبيق العملي؛ وثانياً، النقد الذاتي ونقد الخصم يجب أن يتزامنا لتشارك المجتمعين وتواطئهما على نحو يتعذر معالجته، في كل من التاريخ والواقع المُعاش. هذا، حسب اعتقادي، هو الموقف الأكثر راديكالية من بين مواقف سعيد في هذا الصدد في السنوات الأخيرة من رحلة كتابته، ترجيعاً لقناعته العامة بأن "الثقافات تتشابك ولا يمكن أن تُفصل عن بعضها البعض إلا بالبتر"(H 52)
من أجل هذا السبب، سعيد سوف يهاجم بعنف الأسلوب المعاصر لمباشرة السياسات، مُتحدثاً عن السياسات الأمريكية والإسرائيلية للغزو والاحتلال، وكذلك الاستجابات الإسلامية، بعبارة تضرب مثلاً على النقد العلماني الذي أنفق حياته في النضال من أجله: "شيطنة الآخر ليست قاعدة كافية لأي نوع من السياسات اللائقة". ويمكن لنا أيضاً أن نضيف فقط أن شيطنة الآخر دائماً ما تدل على "سياسات دينية"، الفجاجة أقل مشكلاتها. ففيها نجد أن، عدم تساوي القوى، بغض النظر عن الموقع في المعادلة الذي يجد المرء نفسه فيه، يفترض هالة ميتافيزيقية، ومن ثم يُصان(حتى لو أن النية هدمه) عبر تشجيع نوع ما من الإقصاء الدوجماطيقي أو محو الوجود الفعلي للخصم. بعبارة أخرى، إنها سياسات إلغاء.
في مقابل شيطنة الآخر، التى لابد وأن تترك ورائها آثاراً حقيقية للوحشية والهدم(بما في ذلك الهدم الذاتي)، تجيء كتابات سعيد الصحفية لتضرب مثلاً على سياسات النهضة الأنسنية. انها تشجع النقد الديمقراطي الذى لا يتهكم على اسمه المغبون: نقد يعيش ويتكلم إلى العالم، يتجاهل مجموعة من الأنصار، وتقييماتهم الاستحسانية الفعلية، يُعيد باستمرار تشكيل دوائر المناصرين حول التقييم الاستجوابي للقضايا، وهكذا يفقدون سلطتهم البارة وينفتحون أنفسهم على إعادة التفكير التخريبي. في هذا العالم، حيث يحتل الاله على نحو مزعوم عقل اللاعبين السياسيين في أنحاء العالم ـ الذين يبررون بصعوبة الجنون والسخرية في محاولة وقحة لتمريرهما على أنهما ورع وفضيلة ـ صوت ادوارد سعيد، مُصاناً في هذه التأملات السريعة والحادة حول تاريخ قيد الصنع، يواصل إمدادنا بأسلحة مواجهة. وبرغم شغف جميع خصومه بالاحتفاء بغيابه الجسدي، نراهم لا يستطيعون تجاوز براعة الحضور الفعلي لميراثه بكل معنى الكلمة. سواء في كتابة تاريخ الماضي أو كتابة الأحداث الجارية في الحاضر، ادوارد سعيد أبداً لم يتردد في قناعته المُعلنة بأن: "كل النقد يُطرح كمسلمة ويُؤدى على افتراض أنه وُجد ليبقى"(5). أسلوب المرحلة الأخيرة هو على وجه التحديد الشكل الذي يتحدى نقائص الحاضر، فضلاً عن مسكنات الماضي، كي يلتمس هذا المستقبل، كي يطرحه ويُنجزه، حتى ولو في كلمات وصور، واشارات وتمثيلات، تبدو الآن غامضة، في غير الأوان المناسب، أو مستحيلة.
الهوامش:ـ
(*) ثمة أمر مثير للدهشة في الحضارة الغربية، وهو نظرة أبنائها، وفي طليعتهم المفكرين ومراكز البحوث الإستراتيجية، لانجازات حضارتهم ـ على ضخامتها ـ في تواضع جم، ووعي راقٍ بحتمية غلبة النقص على أفعال الجنس البشري، فضلاً عن اتخاذهم من التراث والحاضر تكأة للوثوب نحو المستقبل، على حد تعبير الفيلسوف المصري عبد الرحمن بدوي، الفار من جحيم الفساد الجامعي.
في المقابل نجد أبناء حضارتنا الإسلامية بوجه عام، وثقافتنا العربية على وجه الخصوص، وقد نظروا لانجازات حضارتهم العتيقة نظرة تأليه وتقديس! ومن ثم، ينحشرون فيها، فلا يملكون لها نقداً أو تطويراً، ويعجزون عن اتخاذها تكأة للوثوب نحو المستقبل! على عكس ما يفعل أبناء الحضارة الغربية! بل يزيدون الطين بلة، بادمانهم "الشاذ" لاستنساخ انجازات الأسلاف ـ وبعضها عبقري ـ! لننظر مثلاً إلى تعاطي الغربيين مع "دولة المدينة"، حيث كان العالم الاغريقي يتكون من مجموعة مدن يُطلق علها اسم "دول المدينة"، وكانت هذه المدن منتشرة في جبال اليونان ووديانها وسواحلها، وفي الجزر القريبة منها. الغربيون اجتهدوا، عبر رحلة طويلة وشاقة، في تطوير "دولة المدينة"، حتى وصلوا بأنفسهم وبالعالم إلى التعريف الراهن للدولة، وهو: انها مجموعة من الأفراد يقيمون بصفة دائمة في اقليم معين، وتسيطر عليهم هيئة منظمة استقر الناس على تسميتها الحكومة.
في مقابل ما فعله الغربيون بتراثهم السياسي، أعني نقدهم وتطويرهم لدولة الاغريق، نجد أبناء حضارتنا الاسلامية، وقد أحجموا بضيق أفق، عن فعل الشيء نفسه مع دولة النبوة والخلافة الرشيدة. يعزز مُحاجتي هذه اكتفاء مفكر اسلامي بارز كمحمد عمارة، عضو مجمع البحوث الاسلامية ورئيس تحرير مجلة الأزهر، باصدار كُتيب صغير(هدية مجلة الأزهر المجانية لشهر شوال 1432)، بعنوان "الوثائق الدستورية في دولة النبوة والخلافة الرشيدة"، قدم له بعبارات جاء فيها: "إنها نماذج من الوثائق تنصف الفكر والتاريخ معاً. وتشهد لنظر المفكرين، ولجهاد الثوار، ولعدل كثير من الخلفاء. فتنفي عن تراثنا الحضاري ظلماً عظيماً ألحقه به باحثون كثيرون، كما تفتح الباب أمام المستقبل، الذى نرجو له أن يكون أكثر اشراقاً .. وأخف في القيود والعقبات!" كلمات الرجل تشي بكارثية مأزقنا الحضاري، بل وكارثية إدراك مفكرينا، حتى البارز منهم، لكيفية الخروج من هذا المأزق! غير أن ما يدعو للاحترام حقاً هو رغبة عمارة الصادقة في تزخيم النقاش الدائر حول طبيعة دولة "ما بعد هجمات 11 سبتمبر"، والتى يجري الآن على قدم وساق تهجير مجتمعاتنا إليها، على خلفية انهيار دولة "ما بعد الاستعمار(1945-2001)، بتدخل غربي مُعلن وواقعي.
نهاية التاريخ الإسلامي وشيكة على ما يبدو! فالنظر النزيه والمُنظم في الأدبيات الغربية، خاصة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، يكشف عن رغبة غربية ضارية في توجيه رصاصة الرحمة إلى الحضارة الاسلامية! كون أبنائها قد مروا بمرحلة طويلة من التخلف والضعف النسبي، وتخلفوا بشدة عن ركب الحضارة الانسانية، على حد تعبير تقرير لشيرل بينارد، صادر عن مؤسسة راند، بعنوان: اسلام مدني ديمقراطي: الشركاء والموارد والاستراتيجيات. خطورة مثل هذه التقارير تنبع من تأكيدها لما عبر عنه الروسي ألكساندر زينوفيف، في كتابه الغرب(ظاهرة الغربوية)، من تخوف ازاء ما يشنه الغربيون على مناطق العالم من حروب باردة ثقافية، لا تعني مجرد تأثير الغرب عليها، ولا مجرد قيام تلك البلاد باستعارة بعض مظاهر نمط الحياة الغربي، ولا مجرد استعمال ما ينتجه الغرب من قيم مادية وثقافية، ولا مجرد القيام برحلات إلى الغرب، وإنما هي شيء أكثر عمقاً وأهمية. إنها إعادة بناء تشمل أسس حياة تلك البلاد، والتنظيم الاجتماعي، ونظام الادارة، والايديولوجيا، وذهنية السكان. هذه التحولات هي الوسائل لغربنة العالم. غربنة العالم، برأي زينوفيف، تقود إلى جعله خالياً من أية "منابت" يمكن أن ينمو فيها شيء قادر على اتخاذ شكل جديد من التطور يختلف عن التطور على قاعدة الغربوية. وفيما يُخضع الغرب العالم لسلطانه يُبيد جميع ما يُمكن احتمالاً أن يكون أجنة حضارات قادرة على منافسته. العالم يتحول إلى صحراء عقيم أمام التطور!
اللحظة فارقة إذن! غير أن حضارتنا بما آلت إليه من وهن وافلاس ليس لها أن تطمح، على الأقل في هذا القرن، إلى لحاق الغرب وكسر هيمنته، فالقوى غير متكافئة، على نحو هائل! كل ما يمكن أن نطمح إليه هو السعي لتجنيب نفوسنا التمييع والتجريف! ولن يكون ذلك ميسوراً، سوى بالاعتراف بافلاسنا الحضاري، واتخاذ تدابير لكسر دائرته الجهنمية، على نحو شجاع، لا يخلو من مُخاطرة وألم! الذاكرة لا تُمحى، وإنما يُعاد بنائها! فلتسمح حكومات دولة "ما بعد 11سبتمبر"، في عالمنا العربي الخامل، بتربية نقدية ثورية للنشء، تجعلهم سيئي التكيف بشكل نقدي أنسني، فنرحمهم من أثقال الخوف، ونُجنبهم فخاخ الحروب الباردة الثقافية! نريد جيلاً يُحطم الدروع الواقية للأكاذيب في حضارتنا إلى الأبد، جيلاً لا تردعه عن حب الحقيقة ونُشدانها صواعق من قبيل: نظرية المؤامرة، كلام مستشرقين، جلد الذات،..الخ! جيلاً لديه الرغبة والقدرة على القراءة النزيهة والمُنظمة للأمور! ولهذا الجيل الناقد "المُنتظر"، بغية تعريفه بإدوارد سعيد، أهدي هذه الترجمة.
بعض اقتباسات النص الأصلي مأخوذة من ترجمة فواز الطرابلسي لكتاب: الأنسنية والنقد الديمقراطي. أيضاً استفاد المترجم من الكشاف المصطلحي الموجود في ترجمة كمال أبو ديب لرائعتي سعيد: الاستشراق & الثقافة والامبريالية.
(**) ستاثيس جورجوريس أستاذ الأدب المقارن بجامعة كولومبيا. من أعماله المنشورة دولة الحلم: التنوير، والكولونيالية، وتأسيس اليونان الحديثة (1996)، وهل يفكر الأدب؟ الأدب كنظرية لحقبة لاأسطورية (2003). أما مقالته هذه: "أسلوب إدوارد سعيد في المرحلة الأخيرة"، فهي منشورة باللغة الانجليزية في العدد ال25 ، 2005، من مجلة البلاغة المقارنة (ألف). خُصص للإحاطة بفكر إدوارد سعيد، وعنوانه "إدوارد سعيد والتقويض النقدى للاستعمار". مجلة ألف تصدر عن قسم الأدب الإنجليزي والمقارن، الجامعة الأمريكية يالقاهرة. (المُترجم)
(***) فوزي المعلوف[1899-1930مٍ]: وُلد في زحلة – جارة الوادي – يوم 21 أيار(مايو) 1899. وفي 17 أيلول(سبتمبر) 1921 هاجر من بيروت إلى سان باولو، حبث انصرف إلى تأسيس مصانع الحرير مع شقيقيه إسكندر وشفيق وذوي خؤولته من آل معلوف، بيد أن عمله الحر هذا لم يلهه عما فُطر عليه من شغف بالأدب. اشتُهر بشاعر الطيارة، وتوفي عام 1930. راجع: البدوي الملثم، شاعر الطيارة/فوزي المعلوف، (القاهرة: دار المعارف بمصر، 1953). بيت الشعر في صدر هذه المقالة، أضافه مُترجمها حازم خيري، وليس ضمن الأصل. (المُترجم)
(1) Edward W. Said, "Thoughts on Late Style", The London Review of Books 26.15 (August 5, 2004): 3-7. Henceforth, cited in the article as TLS. Citations here are from the London Review of Books's website:
http://www.lrb.co.uk/v26/n15/said01_.html (2) Edward W. Said, Humanism and Democratic Criticism, (NY: Columbia UP, 2004), 16-21. Henceforth, cited in the article as H.
(3) Edward W. Said, "On Genet's Late Style", Grand Street 36.9 (1990): 38.
(4) Edward W. Said, From Oslo to Iraq and the Road Map, (NY: Pantheon, 2004), 111.
(5) Edward W. Said, "The Future of Criticism", Reflections on Exile and Other Essays, (Cambridge: Harvard UP, 2000), 165.