صدرت أخيرًا الترجمة العربية لرواية "الوصمة البشرية" The Human Stain للروائي الأمريكي الأشهر، وشيخ الرواية الأمريكية المعاصرة، فيليب روث Philip Roth، عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب" سلسلة الجوائز، من ترجمة الشاعرة المصرية فاطمة ناعوت. تقع الرواية في ثوبها العربي في 648 صفحة من القطع المتوسط، وتتناول حياة أستاذ جامعي أمريكي يُدرّس الكلاسيكيات الإغريقية، أطاحت بحياته قضية تمييز عنصري رفعها ضده اثنان من تلاميذه. حصدت الرواية، التي تصفها المترجمةُ في مقدمتها بـ"الرواية الداهية لروائي داهية"، جائزتي فوكنر الأمريكية، وسميث البريطانية. تتعدد مستويات الحوار في الرواية، فنجد اللغة العالية الرصين، حين يأتي الحديثُ على لسان أستاذ الجامعة "كولمن"، وزملائه، بينما ينحدر الحديثُ حتى يصل إلى السوقية المبتذلة، حين يأتي على لسان حبيبته عاملة النظافة "فونيا"، الفاتنة التي تقوم بأعمال الكنس والمسح وحلب الأبقار، أو على لسان أحد رفاقها من الحوشة السوقيين. كذلك يتبدل الحوارُ بين الفصحى الكلاسيكية التي تقترب من لغة شكسبير وشوسر، وديكينز وبين الدارجة العامية الأمريكية، أو لهجة اليانكي.
تقول ناعوت في مقدمتها: "يلعب "فيليب روث" مع القارئ لعبةً سيكولوجية مثيرة. لعبة الكرّ والفرّ في التأثير النفسي على القارئ من خلال بناء شخوص الرواية. فربما، في بدء السرد، يجعلك تمقت شخصيةً ما، لأنها خِصمُ البطل، الذي عادةً، في الإبداع القصصي كافة، ما يجعله المؤلفُ محلَّ تعاطف القارئ، وإن كان مجرمًا. وبعدما تمتلئ، أنت القارئ، بُغضًا لتلك الشخصية التي تحاول تدمير بطل روايتك، ينقلب السردُ في الفصول المتأخرة ليفتح لك كوّةً تتلصص عبرها على أسرار حياة تلك الشخصية البغيضة، فيأخذكُ التعاطفُ معها، بل ربما تنال احترامك وتقديرك، فتقع في الحيرة، وهو الشَّرَك الذي رسمه لك سلفًا "فيليب روث": أيُّ جانبٍ أختار؟ ومع مَن أنحازُ ضدَّ مَن؟ هنا تكمن الرسالةُ الفلسفية الفريدة: ليس من خير مطلق، أو شرّ مطلق. والثالثُ المرفوع حاضرٌ دائمًا بقوة في دراما الحياة. الكلُّ يحملُ دوافعَه. حتى القاتل بوسعك أن تتعاطف معه لو أحسنتَ الإنصاتَ إلى أوجاعه."
يُذكر أن ناعوت يبق وترجمت للعربية عدة روايات ومجموعات قصصية لفرجينيا وولف، وجون ريفنسكروفت، وتشيمامندا نجوزي آديتشي، عطفًا على عدة أنطولوجيات شعرية لعديد من شعراء العالم.