منذ زمن بعيد والكتابة النسائية والنسوية لا تؤخذ مأخذ الجد وخاصة فى المجتمعات التى لا تساوى بين المرأة والرجل، أو تعتبر المرأة كائنا ثانويا ليس له دوراً فى النهضة أو صنع الحضارة، برغم أن المجتمعات المصرية القديمة وخاصة فى عهد الفراعنة كان للمرأة دور مهم فى خلق الحضارة والبناء عليها، ولكن كان للرجل دور مهم فى جعل المرأة شريكاً وليس تابعاً. وحاكم مبدع مثل أخناتون رائد التوحيد والدين الجديد جعل نفرتيتى مساويه له فى الحكم، وأعطاها صلاحيات عديدة. هى الأخرى حافظت على هذه الصلاحيات، ولكنها لم تهمل دور الأنثى التى هى الأم والحبيبة. فكانت هناك جداريات فى تل العمارنة تحكى قصة نفرتيتى وقدرتها كشريكة فى الحكم وبالتالى ألهمت دور المرأة ووجودها كمخلوق قادر على الإدارة والتنظيم ثم جاءت حتشبسوت وحكمت مصر وسجلت تاريخها على المسلات الشهرية وبنت الدير البحرى فى وادى الملوك الذى كان محرماً على النساء وأدعت كذلك أنها من سلالة مقدسة وأن الاله" راع" باركها وأعطاها صك الملوكية. ولكن أحمس الرابع جاء ومسح كل آثارها وكتابتها على المسلة الشهيرة وشوه وجهها ومسح وأزال تسجيل رحلاتها إلى بلاد بونت.
وعلى مر التاريخ كانت علاقة المرأة بالكتابة غير واضحة ومبهمة فأحياناً كانت المرأة يحتفى بها ويسجل آثارها مثل الشاعرة "سافو" التى عاشت قبل الميلاد وكتبت أشعاراً كثيرة بقى منها ما بقى وأختفى منها ما أختفى. حتى فى الآداب الإنجليزية والإنطلوجيات العالمية لا يوجد الكثير من كتابات المرأة فهناك نورتن أنطولوجى لم يسجل فيها كتابة المرأة إلا بعد تقريباً أربعة طبعات من بداية صدوره. والتسائل هنا لماذا لم يهتم بكتابة المرأة وتسجيل أفكارها وأعمالها منذ زمن؟ فى بداية القرن التاسع عشر كانت كاتبات شارلوت برونتى وأميلى برونتى وروايتهما: جان أير Jane Eyre و ومرتفعات وزرينج Wuthering Heights "ثم كتابات جورج أليوت "طحونة على نهر الفولس" The Mill on of the Floss "
وبرغم وجود ملكات على عرش دولة إنجلترا"صاحبة الإمبراطورية العظيمة" ظلت المرأة وإبداعها فى الظل ولكن مع حلول القرن العشرين وخروج المرأة للعمل وخاصة أثناء الحرب العالمية الأولى والثانية أحتلت المرأة المكانة المنشودة دون خاطر الرجل حيث كان هناك يحارب فى الميدان. ولكن بعد أنتهاء الحرب كانت هناك أصوات ذكورية بعودة المرأة للمنزل مرة أخرى مع كلمات الشكر والأمتنان لدورها فى خدمة المجتمع ولكن المرأة لم تخضع لهذا الشكر المتردى فطالبت بحريتها وأستقلاليتها وحافظت على الدور التاريخى الذى لعبته لأنها أكتشفت قوتها وقدراتها. وكانت الكتابة والإبداع جزء لا يتجزأ من هذه الحرية وكانت كتابات النساء فى بداية القرن العشرين سبباً فى تطور وضع المرأة وكانت فرجينيا وولف Virginia Woolf من أوائل المطالبات بأستقلال المرأة المبدعة وخاصة فى كتابها A Room of One's Own" "حجرة تخص المرء وحده".. وفيه طالبت العالم بأستقلال المرأة الإقتصادى والإجتماعى، وطالبت المرأة أن يكون لها حجرة وطاولة تكتب عليها أفكارها وأحلامها وقارنت بين شكسبير الرجل وتفوقه كمبدع وبين أخت شكسبير التى أصبحت ربة منزل لا تعرف ربما القراءة ولا الكتابة وخرجت بمقولة أن الرجل بسبب جنسه و محابة مجتمعه الذكورى يتحقق له الاستقلالية والتعليم أما المرأة فلا ولذلك تظل أمية وغير قادرة على الإبداع الفكرى ولكن لو تحققت المساواة كان من الممكن أن يكون لشكسبير أخت عبقرية مثله تملء الدنيا فكر ومعرفة.
فى مصر الكتابة النسائية تدرجت بين صعود وهبوط: تارة نسمع أصوات النساء مجللة فى السماء وتارة تختفى ولا تعرف أين هن؟ تبعاً للمزاج السياسى والدينى والاجتماعى ولكن تظل المرأة تحارب من أجل التواجد والتحقق. فمن عائشة التيمورية، وملك حفنى ناصف، ود. سهير القلماوى وبنت الشاطئ، ثم لطيفة الزيات، ورضوى عاشور، وميرال الطحاوى وسلوى بكر، ونورا أمين وسحر الموجى وشيرين ابو النجا و هويدا صالح و عفاف السيد و نجلاء علام وأبتهال سالم و هالة فهمى وصفاء عبد المنعم و عزة دياب و منى سالم وغيرهن أصبحت الكتابة هى الهم الرئيسى للمرأة العربية. وتجئ كتابة علياء البنهاوى لتكمل مشوار الكتابة فقد أصدرت علياء البنهاوى مجموعتان قصصيتان هما: "ثمار الثلج" و "دم الفروالة".
تحاول الكاتبة فى ثمار الثلج تقديم عالم الطفولة مجربة محل أنماط السرد المتاح إليها مستغلة أصواتاً سردية تتعمق فى وعى الذات الكاتبة والذات الأنثوية والعالم المحيط بها. وبذلك تحقق لنا رؤية شاملة عن العالم الخارجى وعن العالم الداخلى الخفى للأنثى وخاصة فى عالم يعتبر المرأة سراً وعالم خفى لا تقرب منه إلا بعذر ورخصة فى عام 2009 أصدرت علياء مجموعة ثمار الثلج طبعة خاصة وقد أصدرت المجموعة "إلى الروح المحتضرة فى مسحية الجسد"، وهذا الإهداء هو المفتاح الرئيسى لعالم الحكى القصصى والسردى لدى علياء فالروح هنا مسجونة فى الجسد (الجسد الأنثوى، الجسد الذكورى) فهى محاطة بأغلال وهذا الجسد يجب أن يكبت وأن يحاط بكثير من الحواجز والموانع لكى يمنع تحرره وتحركه وهكذا. وهذا يذكرنا بالدراسة الشهيرة لميشيل فوكو الفيلسوف الفرنسى ودراسته الشهيرة "الجسد والسجن" وأيضاً دراسته عن تاريخ الجنون. فهو يرى أن المجتمع يقهر المرأة فى جسدها خوفاً من الفضيحة والعار والقهر يؤدى بالمرأة إلى الجنون أو قهر المرأة وكبتها فكان الجنون والنزوق والهستيريا هما المعادل الموضوعى لرفض القهر عند المرأة واصبحت الكتابة هى الحرية والخروج والانشقاق عن مفهوم الجسد والعبودية. وفى دراسة مهمة لساندرا جلبرت وسوزن جوبر "نساء مخبولات فى الصندرة" The Madwoman in the Attic by Sandra M. Gilbert and Susan Gubar" أخذتا تحلال الجنون فى روايات القرن التاسع عشر وعلاقته بالكتابة و الخيال الانثوى كخروج المرأة الكاتبة عن النمط السائد ذلك الوقت وهى ربة المنزل ومصباح البيوت وبين المرأة الجديدة التى تريد أن تتساوى وتحرر من براثن الرجل.
فى مجموعة "ثمار الثلج ، صدرت 2009 " وفى العنوان الذى يرتكز على التناقض نرى عالم الطفولة والبراءة والبحث عن المعنى للحياة والعلاقات الأسرية وترصدها علياء ببلاغة سردية فائقة وتستمد قوتها من معرفتها بعلم النفس وخاصة لقراءتها لنظريات سيجموند فرويد على ما أعلم حيث درست التربية وعلم النفس والأدب الانجليزى فهى حاصلة على ليسانس الآداب والتربية جامعة الاسكندرية. وتجرب الأنماط السردية لتعكس ما بداخل النفس البشرية وخاصة عند المرأة. والصراع ما بين الهو والأنا والأنا العليا الذى يؤدى أحياناً للعصاب والهستيريا عند المرأة. ففى قصة ربيع آخر تتماشى الطالبة الرواية مع أستاذها وتعترف فى صمت بحبها له ولكن لا تجد منه غير الصدود.
فى قصص أخرى "مثل عتمة" و "أكلة سمك" نرى العلاقة المضطربة بين الرجل والمرأة فلا يوجد تواصل وهناك دائماً سوء تفاهم يصل إلى حد القطيعة فى النهاية. الذات الأنثوية فى هذه القصص والتى تطرمها علياء البنهاوى فى سردها غير قادرة على الإندماج مع الآخر – الرجل – العالم. وقصصها مليئة بالتساؤلات والإحباطات نظراً لتعقد العالم وعدم وضوحه وأحياناً عدم قبوله للمرأة الحقيقة التى تعرف ماذا تريد ولكنه عالم يريد المرأة اللغز الغامضة التى تقبع خلف المشربيات والخيام. فى قصتى "حمام مشوى وثمار الثلج" يتناول السرد فيها عالم الطفولة والحرمان الجسدى (يتمثل فى الجوع فى حمام مشوى) والروحى فى محاولة فهم الطفولة لأفعال الطبيعة فى ثمار الثلج وحوار الطفلة مع أمها وعدم فهمها لظاهرة الثلج. السرد والحكى القصصى عند علياء البنهاوى فى ثمار الثلج ودم الفراولة لا يقتصر فقط على صوت الأنثى الساردة ولكنها تتماهى مع صوت الرجل السارد (أى الذى يحكى أحياناً ذكر) وبالتالى تفتح عوالم السرد لديها على البشر وليس على الذات الأنثوية وربما تريد أن تطرد عن نفسها فكرة الأدب النسائى كأدب أعترافى أو ذاتى منغلقاً على هواجس وهموم شخصية لدى الكاتبة. ولكن فى هذه الحكايات والقصص وعياً بمفهوم ووظيفة الحكى والسرد الذى هو تعبير عن العالم بكل تفاصيله وعناصره من شخوص (أطفال – رجال – نساء) وبيئته / مكانه / البحر – الحقل – الشارع – المدرسة – الورشة. حيث نرى بحضور البحر والإسكندرية حضوراً ملحوظاً فالقصص التى يكون حدثها فى الإسكندرية تأخذ عالم مفتوح حيث البحر والسماء والموج والبرد والوحدة والرغبة فى الإندماج مع الآخر على سبيل المثال قصة بحر صغير. (ثمار الثلج ص – 93)
فى مجموعة ثمار الثلج التى تحتوى على سبعة عشرة قصة منها سلة التوت – البوابة السوداء – زجاج أزوة القارب – خارج على القانون – عتمة وغيرهم. تستفيد علياء البنهاوى من عالم السينما وقراءتها ربما للنماذج العالمية للأدب وتريد أن تناص من الكتبات الأخرى. وتقدم لنا فى ثمار الثلج مقدمة مهمة عن عوالمها السردية وعن ذاتها كأمرأة ورؤيتها لهذا العالم. ثم تكتب علياء وتنشر مجموعتها الثانية دم الفراولة التى تظهر نضوجاً واضحاً ورؤية عميقة لمعرفتها بالعالم وأدوات السرد. وأيضاً تحاول أن تقدم جديد فى عالم القصة كنوع أدبى قل الأهتمام به نظراً لتصدر الرواية المشهد الأدبى. فتحاول فى هذه القصص أن تقدم رؤية حقيقية لعالمها وتثبت أنها كاتبة قادرة على تجسيد العالم وتشخيصه من خلال قصص محكمة البناء . وتحتوى دم الفراولة على مجموعة من القصص منها "فريسكا، زهرة الصبار، آخر ماء شتوى، مياه راكدة، فردة حذاء حمراء، لدغة عجوز" وغيرها.
فى قصة "الكنبة العارية" (ص 44 )فى مجموعة دم الفراولة نرى الراوية تحكى قصة ذهابها إلى عزاء شقيق أحدى صديقاتها وهنا نرى تمكن الكاتبة من رسم صورة العزاء وخاصة فى الريف المصرى حيث الحزن المطبق على الصدور والقتامة والشجن. ونرى أيضاً صورة المعزبين وهم وهن فى حزناً شديد. تستغل علياء البنهاوى دراستها بكتابة السيناريو فى إعطاء صورة حية وحقيقية للموقف ولكن المثير للإعجاب هى كيف تنهى القصة بحيث تختلط صورة الميت وطريقة دفنه بحالة الراوية وتتخيل نفسها فى هذان الموقفان الغُسل ثم الموت. تقول: دخلت فى طور آخر... وفجأة وجدتنى منزوعة الثياب ممددة فوق الكنبة الخشبية الرطبة. حولى نساء بغير لحمى يعقدن شعرى وصوت الماء المصبوب، يضمضن أطرافى الباردة ببعضها ويربطنها بقسوة... ثم يلففن جسدى فى لفافة بيضاء... حتى وجهها أقحمن عليه الشاش والقطن... كدت أختنق... فككت زرى البلوزة الأول والثانى... نهضت فى ارتباك، والقيت نظرة طويلة على كفها المطبق على الجنيه (ص 46)
فى قصة إيستريا (ص49) تتجلى مهارة علياء البنهاوى فى الحكى فمن تصف علاقة حب غير مكتملة بين رجل وأمرأة يسيران على البحر وينزلقان تجاه قعلة قيتباى وهنا تحدث المواجهة هو متزوج وهى لا تزال وحيدة. تتخذ القصة شكل الحوار والمراوغة ويبدأ الحديث عن البحر والفراغ والبرد والوحدة ثم الحيوان المتمثل فى أنثى الكلبة والقطة التى تتجول بجوارهما. هى تفضل أن يشبهها بالقطة وهو يفضل أن يشبهها بأنها أنثى الكلب. الحوار والمنولوج الداخلى هو المسيطر على الحكى فى هذه القصة. التى تتضافر فيها كل آليات السرد المعرفة فى الكتابة لتصنع مزيجاً من التناغم والتوافق بين عناصره لتكتمل به القصة القصيرة عند علياء البنهاوى.
فى قصص علياء البنهاوى نستطيع أن نرى الذات الأنثوية ماثلة ومتحققه بدرجة عالية فهى ترى الكون من بشر وبيئة بدرجة عالية وغاية فى الدقة. وتلمس حساسيتها على التقاط عناصر الدراما الحياتية بكل تفوق فهى توظف حواسها فى رسم صورة كلية للحدث معتمدة على لغة حية وحقيقة لكى تمثل الموقف المعاش أو المتخيل أحياناً. وخاصة فى مجموعتها الأخيرة" دم الفراولة" التى من عنوانها ترمز إلى لون يعرف بأنه يرتبط دائماً بالدم وبسؤال الإنسان وخاصة المرأة المرتبط بدورتها الشهرية وعذريتها وخاصة مجتمعاتنا الشرقية. فأخذته الكاتبة رمزاً لتحكى عن أسرار المرأة التى تعيش بينا وتفتح عالم الأسرار المخفى عن أنظارنا. القصص تميل إلى رسم صورة بكل أبعادها فتستخدم اللون والحركة ثم يأتى الحوار الذكى التلقائى الذى يشجعنا بحوارات لطيفة الزيات فى الباب المفتوح أو الكاتبة الإنجليزية جان أوستن فى (كبرياء وتحامل Pride and Prejudice) الكاتبة هنا تستخدم السرد الداخلى من منولوجات واعترافات لتكشف اللثام عن ذات المرأة وكيفية علاقتها بالعالم من حولها. هل هو عالم تخيلى مفرط فى التأمل أم هو عالم حقيقى متحرك؟ السرد هنا فى المجموعتان يوظف وفقاً لطبيعة الموقف الإنسانى وطبيعة التجربة. فتارة يكون داخلى يعكس بواطن النفس وتارة أخرى يكون واقعياً محايداً يقول فقط ما هو مطروح. السادر والمسرود إليه فى علاقة دائمة متحركة ليعكس دراما الموقف وتعقده.
إذا كانت دائمة الكاتبة النسائية تتهم بأنها تهتم بالسرد الداخلى لبواطن المرأة ولا تهتم بالعالم الخارجى ومشاكله مثل بعض كتابات فرجينيا رولف وإيريس مرودوخ وكتابات هناء عطية ومى التلمسانى ولكن هناك كتابة أخرى تهتم بالهم العام وتناول القضايا الكبرى وتسليط بؤرة الحكى نحو العالم الخارجى والواقع الاجتماعى المتردى حولنا مثل كتابة صفاء عبد المنعم ، و رضوى عاشور و منصورة عز الدين ، وتجئ الكتابة الشابة عند سهى ذكى و نها حماد وشيماء حامد ثم علياء البنهاوى التى دائماً ما ترى ذاتها مرتبطة دائماً بما حولها فيتطرق السرد عندها إلى الواقع و مشاكله من أجل فرض رؤية خاصة بها فى محاولة للخروج من الأزمة فترى ذلك فى قصة " قشر البيض" ص (55) والتى تتحدث فيها عن أطفال الشوارع الذين يفترشون أرضية الحدائق وتحت الكبارى وأرصفة الشوارع. ففى هذه القصة تتناول حياة صبى تسرب من المدرسة نظراً لفقره وتفكك أسرته حيث تزوجت والدته رجل سكير فعمل فى دكان لم يشعر مع صاحبه بالعطف فهرب منه ومن والدته وهام على وجهه. وتنتهى القصة بتحوله إلى مجرم وهناك تلميح بأنه سيباع كعبد (وهنا يوجهنا السرد نحو جريمة الأتجار بالبشر وسوء الحالة الأقتصادية وأثره المتردى على المجتمع والأسرة والأطفال بشكل خاص
فى قصة "فردة حذاء حمراء" ص (20) تصل قمة الإبداع والسرد إلى ذروته ففى هذه القصة التى تحكى قصة محامى شاب وعائلته وخاصة والدته التى أبتاع أبوه لها فردة حذاء لأنه لم يستطع لفقره شراءه الفردة الأخرى (واقع سحرى وفنتازى) وكيف أن الأم ظلت تحتفظ بهذه الفردة كنوع من العزاء والإرتباط بحب زوجها والماضى الجميل ويحاول السرد أن يقارن بين حالة الأم الراضية القانعة وبين زوجة الإبن النهمة الجشعة التى تقتل الإبداع عند زوجها وخاصة عندما يحاول أن يمتهن الكتابة ويفشل بسبب طمعها وانفصاله عنها. فى هذه القصة تلعب الكاتبة حول يتيمة الظل أو الذات الأخرى Alter- ego أو الـ Shadow الظل فكلاً منا يحاول أن يجد له ظل أو قرين أحياناً يجده وأحيانا يفشل فالأبن يحاول أن يجد له ظل بالكتابة، و زوجة الابن تجد ظلها فى الأبناء؛ والأم تحاول أن تجد ظل لها، وجود الأبناء ظل ولكنها تظل تتمسك فى ظل ذكرى فردة الحذاء التى تذكرها بالحب بالماضى وبجمالها الذى أندثر. فردة حذاء حمراء هى مرثية نثرية عن الزمن والعمر والحلم الذى ضاع بسبب أشياء كثيرة فى حياتنا.
الجسد الأنثوى فى هذه القصة له حضور قوى فهى لا تتعامل مع جسد المرأة على أنه عورة يجب إخبائها ولكنه على أنه حقيقة له حيز أنسانى وروحى يتحقق بأفعال المرأة فهى لا تتاجر به على وريقات كتابها ولا تنتهكه ،ولكنها تقدسه وتقدمه للعالم كما يجب أن يكون ولكن التفاصيل الأنثوية ضرورية لفرض عالم حقيقى لشخوصها. ففى قصة "فريسكا" تتحدث الكاتبة عن قصة غواية وعلاقة جسدية لم تكتمل بين رجل وأمراءة عابرة طريق ورغم أنها تذهب معه أو ربما تتخيل لا تتم العلاقة بشكل كامل. كان من الممكن أن تشكل الكاتبة حدثاً سردياً يتحدث عن العلاقة بشكل تفصيلى ولكنها مالت إلى الإيماء والإيجاز السردى الذى نتج عنه قصة شديدة الاحكام البنائى مستخدمة فيها السرد المتقطع والتشظى والاسترجاع والمونولوج الداخلى. تحاول علياء البنهاوى أن تجرب تيمات سردية عديدة تطرح فيها عالم خاص حقيقى وحميمى. مشكلة عالم خاص بها يرى العالم من منظور أنسانى واضح. فهى ترى العالم كما هو ربما تظلله بلون رومانسى حالم ولكنها تحاول أن تقول أن هذا العالم غير سعيد وأنها غير مبتهجة بوجود ما فيها حيث الظلم والصدود والفقر والقهر هم الحالة المسيطرة عليه.