تقرير من فلسطين

الكرمل يكشف عن نساء مغريات في التوراة!

آمال عوّاد رضوان

منتدى الحوار الثقافي عقد لقاءه الثقافي في مركز تراث البادية في عسفيا الكرمل، وذلك بتاريخ 15-3-2012 لمناقشة كتاب "نساءٌ مغرياتٌ في التوراة"، لمؤلفه الأديب العبري يومي عيني، وقام بترجمته الكاتب الصّحفيّ نايف خوري، وأصدرته "مكتبة كلّ شيء" لصاحبها الاستاذ صالح عبّاسي حيفا، والغلاف للفنانة العبريّة نعومي فوكس، وقد حضر اللقاءَ عددٌ من الشعراء والأدباء والمهتمّين بالثقافة المحليّة، والمؤلف يومي عيني ومجموعة من أصدقائه، والفنانة نعومي فوكس صاحبة المعرض والغلاف. بعد زيارة معرض الرسومات واللوحات للفنانة نيتسا نعر الذي أقامته في جاليري البادية في نفس الأسبوع بلوحاتٍ تختص بالحياة البدوية، تحدثت عن لقائها بالأستاذ أمين القاسم مدير مركز البادية في أحد معارضها، وتعرّفت إليه وإلى نشاطاته الفنية والتنظيميّة، وشكرت الجميع لزيارة معرضها.

ثمّ افتتح اللقاء الأديب رشدي الماضي بكلمة ترحيبيّة وأخرى جاء فيها:

الترجمة جسر تواصل الحضارات، ولا تقلّ الترجمة أهمّيّة كعمل نسقيّ عن باقي العلوم الإنسانيّة الأخرى كالنقد والادب، والمعروف أنّها ليست عمليّة نقل آليّ ميكانيكيّ من لغة إلى أخرى، بل هي عمليّة إبداعيّة لا تخلو من مياسم الجَمال والشعريّة والجدّيّة والابتكار، هذا ناهيك غلى ما تحمله من رؤية للعالم، شأنها شأن الفنّ الإبداعيّ إن لم نقل إنّها تتجاوزه، حين تجمعُ بين البُعدِ الجَماليّ والبُعد التخييليّ.. لماذا؟

لكونها عمليّة إبداع ثان لنصّ مبدع بلغة معيّنة لها اساليبها وتراكيبها الخاصّة، إلى لغة ثانية تشذّ عنها في التراكيب والتعابير والأساليب، لذلك يتحتم على المُترجم المحافظة على نفس المعاني ونفس التأثير باختيار الصّيغ المناسِبة، وإذا عدنا إلى تاريخ هذا المنجز الإبداعيّ، نرى بأنّ الترجمة إبداعٌ قديم، من الإغريق والفراعنة وصولا إلى تشييد صرح نظريّ متكامل عنها أواخر القرن العشرين.

هذا ومن الترجمات المعروفة قديمًا ترجمة الحدَث الذي يتضمّنه الكتاب المقدس "سفر التكوين"، وظهور أهمّ ترجمة أدبيّة وهي "ملحمة جلجامش"، الباحث عن عشبة الخلود. لذلك لا بدّ ان نُثمّن ونشدّ على يد مبدعنا نايف خوري، لقيامه بترجمة كتاب كاتبنا العبريّ المعروف يومي عيني "نساء مغريات في التوراة".

بورك جهدك لأنك أذكيت جذوة التوقّد الفكريّ في مجال الترجمة، وأبقيت شبابيك التثاقف المتبادل مشرّعة على مصاريعها، كما نُحيّي الأستاذ صالح عباسي صاحب "دار الكتاب الكبرى" مكتبة كلّ شيء، على قيامه بطبع ونشر مؤلّف كاتبنا يومي عيني بصورة فنيّة راقية، وهو بذلك يكون قد ساهم في تعميق التفاهم الحضاريّ بين شعبي البلاد.

ثمّ كانت مداخلة الدكتور الشاعر فهد أبو خضرة ول اهميّة الترجمة وخاصة ترجمة أدبنا العربي المحلي للغات العالم، والمطالبة بإنشاء مؤسسات تهتم بهذا الجانب، كما تحدّث عن بداية بلورة الفكرة في كلية القاسمي بالترجمة الى العبرية والانجليزية، وأهمية تجنيد الكوادر المناسبة لهذا العمل الهامّ!

وفي مداخلة الشاعر جورج جريس فرح بعنوان جولة في كتاب "نساء مغريات في التوراة" جاء:

يستعرضُ الكاتبُ يومي عَيني قصصَ الإغراءِ الواردةَ في العهدِ القديم، بِدءًا من آدمَ وحوَّاءَ، وينتهي باستخدام الموساد  لهذه الوسائل من أجل تحقيق أهداف عسكريّة وسياسيّة.

يقول الكاتب، في الفصل الخامس عشر "الموساد والشريعة": "إنّ ممارسة الجنس مع العدوّ من أجل تحقيق هدف قوميّ هو "الدّليل التوراتيّ" للعامِلات في جهاز الموساد، وإِنَّ رجالَ الشريعةِ اليهوديةِ قَد أفتَوْا بأنّ مثل هذه الممارسات تُعتبر فضيلةً بل فريضةً"!

خصّص الكاتب فصلاً منفردًا لكلّ شخصيّة، في كتابٍ أنيقٍ يمتدُّ على مائةٍ وسبعٍ وأربعينَ صفحةٍ، من القياس المتوسط، مزدانةٍ برسوماتٍ رائعة بريشة الفنانة نعومي فوكس.

الفصل الأول:

الحيّةُ، التي يفسِّرُها بعضُ رجالِ التلمودِ على أنّها رمزٌ لِقُوى الخيال، تُغري حوَّا، فتقومُ هذه بإغراءِ آدمَ ليأكلَ من الشجرةِ المحرَّمَة، فيخْسرَ بذلكَ الفِردَوسَ.

الفصل الثاني:

بنتا لوط، اللتانِ تعتقدانِ أنَّ البشريةَ كلَّها قد أُبيدَت، ولم يبقَ سواهُما وأبيهما، تُسكِرانِه وتضاجعانِه وتَلِدانِ منه موآبَ وبن عامي.

يذَيَّل الكاتبُ هذا الفصلَ بقولِهِ: إن بعضَ المفسرينَ يقولونَ إن الشَّهوةَ تكونُ على انفرادٍ، ولذا فإن لوطَ هو الذي اشتهى ابنتَيهِ، لا هما منِ اشتهتاهُ.

الفصل الثالث:

سيسرا قائدُ الكنعانيّينَ، الذي انهزم أمام جيشِ النبيَّةِ دبورا، يلجأ إلى خيمةِ ياعيلَ، يطلب ماءً فتُسقيهِ لبنًا وتغطِّيه! واللبنُ هنا نوعٌ من الخَمرِ، إذ كانوا يضعون اللبنَ في وَطْبٍ مِنَ الجِلدِ فيختمر. أمّا الغِطاءَ فيرمزُ إلى المضاجعَة. ويقول الكاتبُ في ص 35 إنّ الحكماءَ يُجْمِعونَ على حتميةِ وقوعِ المضاجعة. وبعد أن يغفو سيسرا، تتناول ياعيل وتدَ ﭐلخيمة وتغرِسهُ في صَدغِهِ فتقتله.

الفصل الرابع:

راعوثُ الأرملةُ الموآبيَّة، نسبةً إلى موآب ابنِ لوطَ من إحدى ابنتيه، وراعوث هي جدّةُ جدةِ الملكِ داود لأمّه، بعد أن تغتسلَ وتتطيّبَ، تدخلُ خيمة بوعز وتستلقي تحت أقدامه، فيتزوّجها بوعز مخالِفًا تعاليمَ التوراةِ القائلة:

"لا يأتِ عمونيُّ وموآبيٌ مَعًا أمامَ الرّب".

وبعد أن يتزوجَها، يجدونَ فتوىً ومخرَجًا لهذهِ المخالفةِ، بقولهم إن المقصود بالآيةِ همُ الموآبيونَ وليسَ الموآبياتِ!!

الفصل الخامس:

يهوديت تخرج من أورشليمَ المحاصَرةِ، تتوجَّهُ إلى قائدِ جيشِ العدوِّ، فتُبرِزُ له مفاتِنَها بهدفِ الإيقاعِ به.

ملاحظة: هنا وقع الكاتب في خطأ تاريخي، إذ وَرَد في ص 46 إنّ يهوديت سارت إلى الملِكِ، لكنَّ الملكَ آنذاك كان نبوخذ نصّر الأوَّل، أما الذي خرجت إليه يهوديت فقد كان القائدَ أليفانا، كما يؤكد الأصحاح الثاني من سفر يهوديت، الذي جاء فيه:

(1)   وفي السنة الثالثةَ عشرةَ لنبوكد نصر، وفي اليوم الثاني والعشرينَ من الشهر الأولِ، تمت الكلمة في بيت نبوكد نصر ملكِ أشور بالانتقام (2) فدعا جميع الشيوخِ وكلَّ قوَّادِه ورجالَ حربِه وواضَعَهم مشورةً سِريةً (3) وقال لهم إن في نفسِهِ أن يخضع كلَّ الأرضِ لمُلكِهِ (4) وإذ حَسُنَ ذلك لدى الجميع، استدعى نبوكد نصر الملكُ، أليفانا قائدَ جيشِهِ (5) وقال له اخْرُجْ على جميع ممالكِ الغرب، وخصوصا الذين استهانوا بأوامري (6) ولا تُشفِقْ عينُكَ على مملكةٍ ما، وأَخضِعْ لي جميعَ المدنِ المحصَّنة.

خلاصة الأمر، أن القائدَ أليفانا قد فُتِن بيهوديت فدعاها إلى وليمة، ثم دعاها إلى خيمتِهِ، وبعد أن سَكِرَ وقضى وتيرتَهُ ونامَ، استلَّتْ خِنجرَهُ وقطعت رأسَهُ بضربتين، وانسلت هي ووصيفتُها تحملان رأسَهُ إلى أورشليم.

الفصل السادس:

لَم أجدْ أيَّ قاسمٍ مُشتَرَكٍ بين هذا الفصلِ وباقي فصولِ الكتاب، فلا ذِكرَ فيه للإغراءِ أو الإغواءِ أو الزِّنى، سوى أن إيزابيلَ كانت ذاتَ نفوذٍ عظيم. كانت المملكةُ العبرية في تلك الحقبةِ الزمنيةِ منقسمةً على ذاتها: مملكةُ إسرائيل في الشمالِ وعاصمتها السامرة، ومملكةُ يهوذا في الجنوبِ وعاصمتها أورشليم.

وإيزابيلُ هذه فينيقة الأصْل، وابنةُ أتْبَعْلَ ملكِ الصدُّوقيينَ، ويُروَى أنَّها لما تزوَّجها آحابُ ملكُ السامرة، أخذت معها صنمَ البَعْلِ وصنمَ عشتاروت بصحبةِ 450 كاهناً وثنيًّا، يأكلونَ ويشربون على مائدتِها، ويقيمونَ شعائرَ عبادةِ الأوثانِ خلافاً لشريعةِ التوحيدِ التي سنَّها النبيُّ موسى.

الفصل السابع:

الرّواية هنا مُقطَّعَةُ الأوصال - ومن المؤكد أنها كانت كذلك في الأصل العبري، وَحبَّذا لو أنَّ المترجِمَ حاول أن يصل بين أطرافِها عن طريق بعض التصرُّف – إذ لا يمكن لمن لا يعودُ إلى قراءة الرّواية الأصليّة في التوراة أن يربطَ الأطرافَ ببعضِها. وكلّ ما استلخصته هو أن المديانيين سلَّطوا بناتِهِم على الإسرائيليينَ لمضاجعتهم وإغرائهم بالزِّنى وعبادةِ الأوثان، وكانت في مقدمتهنَّ كُزبي ابنةُ صور.

اختلط عليَّ الأمرُ لدى قراءة هذا الفصل، فبينما نقرأ أن زمري بن سالو تزوَّج من كزبي ابنةِ صور، فإننا نقرأ في نهاية الفَصلِ أن كزبي ابنةَ صور قد زنَت مع زمري بن سالو رئيسِ قبيلةِ شمعون!

فهل نستنتج أنه تزوّجها بعد ارتكاب الزّنى؟ لكننا نعلم أن التلمودَ يحرّم الزانيةَ على من زنَتْ معهُ!

الغموض الثاني كان في نَسَبَ كزبي، فتارة هي ابنةُ ملك مِديان، وطورًا هي ابنةُ بالاق ملكِ موآب! والمعروف أن المديانيين كانوا حلفاءَ الموآبيين في ذلك الحين، ولم يكونوا شعبًا واحِدًا، فهل كان للشَّعبين ملكٌ واحد؟

الفصل الثامن:

راحاب الزانيةُ المُطَّلِعَةُ على أسرارِ الدولة، تستقبل في بيتها في أريحا جاسوسَيْن من بني إسرائيل، ثم تقوم بتهريبهما، وعندما يدخل الإسرائيليون أريحا يُبيدون كلّ سكانها، إلاّ راحابَ وأهل بيتها، وبالتالي يتزوّجها القائد الإسرائيليّ يشوع بن نون، مخالِفًا بذلك أوامر النبي موسى الذي أمر بإبادة كلّ سكان أريحا عَن بكرةِ أبيهم.

من نسل راحاب هذه تولدُ النبيَّة خولدة وسلسلةٌ من الكهنة والأنبياء.

وكأني بالله سبحانه، الذي حرّم الزِّنى في وصاياهُ العشر، وفي غيرها من الآيات الواردة في العهد القديم، وأمرَ برجم الزانية وحرقها، يكافئ الزانية ويجعل من نسلها الأنبياء والكهنة!!؟

وفي هذا الفصلِ يتطرّق الكاتبُ إلى مهنة الزنى كأقدم مهنةٍ في التاريخ، ويذكُرُ أن الزنى دخَلَ في طقوس العبادة لدى بعضِ عبَدةِ الأوثان، وأن الفرعون خوفو قد أرسل ابنته للعمل في ماخورٍ من أجل تمويلِ بناء الهرم!

الفصل التاسع:

يتحدَّث الكاتب في هذا الفصلِ عن زليخةَ، زوجةِ فوطيفار خَصِيِّ الفرعون، وكيف حاولت استدراج يوسفَ لمضاجعتِها، ويُنهي الفصل بتساؤله وقولِهِ: لا أفهم سببَ رفض يوسفَ مضاجعَةَ المرأة. هل لأنه ظنَّ أنه سيخطئ إلى الرّبّ؟ هذا غير معقول، فقد كان شابًّا يافعًا، حسن المظهر، ولم يلامس امرأة من زمن بعيد. أَيُعقلُ؟

الفصل العاشر:

إستر تستغل فتنَتها الأنثويةَ في إغراءِ الملكِ الفارسيِّ أحشويروش، تكشُف مِن جسدها أكثر ممّا تستر، فيشتهيها ولا يحتملُ الابتعادَ عنها، ويعدُها بأن يلبِّيَ لها كُلَّ ما تريد، حتى لو طلبَتْ نصفَ المملكة! تسمح له بمضاجعتها وتنتزع منه وظيفةً مرموقةً لابن عمها ومُربّيها مردخاي. ويتَّخذها الملك الفارسي زوجةً له، فتغدو مَلِكةً واسعةَ النفوذ، لدرجةِ أن الوزيرَ هامان عدوَّ اليهود، يضطرُّ إلى اللجوءِ إليها في حجرتها، يتوسّلها ويستدرُّ عطفها، فيضبطُهُ الملكُ في وضعٍ مُريب ويأمرُ بقتله.

الفصل الحادي عشر:

يُفهَم من هذا الفصل أنه كان للملك داود ثماني عشرةَ زَوجةً، وأنه إذ شاخَ وفقد مقدرتهُ الجنسيَّة، أوصى الأطباءُ بأن يُحضروا له فتاةً عذراءَ لتدفِّئ سريرَه، أحضَرَ الكثيرون مِن رجال إسرائيل بناتهم إلى داود لينتقيَ مَن يشتهي. وكانت أبيشاج من بين العذراواتِ الحسناوات. لكنَّ داودَ لم يعرِفْها، بِمَعنى أنّه لم يضاجِعْها. منهم من فسَّر أن داودَ امتنع عن مضاجعتِها لأن لَديهِ ثماني عشرةَ زوجةً، وقد حُظَر على الملكِ إضافةُ أخرى. ومنهم من عزا ذلك إلى ضعفِه الجنسي، وأنه خَشيَ أن يُخفقَ كما أخفقَ من قبلُ مع باتشيبع.

وهنا أيضًا واجَهْتُ المتناقِضاتِ واحترتُ في الأمر، فبينما نقرأ أنه أخفق مع باتشيبع، نقرأ في موضع آخر من الفصل ذاته، أنه عندما اشتكت أبيشاج من عجزهِ الجنسي، دعا داودُ باتشيبع فأتى عليها ثلاثَ عشرةَ مرّة! فما هي إذَن حقيقةُ أمرِ داود؟

يعودُ الكاتب إلى ذكر أبشياج الشونمية في صفحة 142 ليعلمَنا أن القائد أوريّا رَغبَ بالزّواج منها، وليوضح لنا أن تقليدًا غريبًا سادَ آنذاك وهو أن من يضاجعُ حَظِيَّةَ الملكِ أو عشيقتَه يحقُّ له أن يرثَ المُلكَ! ومن الأمثلة التي يوردها، حكايةٌ رؤوبين ابن يعقوب الذي ضاجع بلهة حَظِيَّةَ أبيه. لكن هذا المثل لا ينطبق على الممثّلِ به. فهل فات الكاتب أن يعقوب لم يكن ملكًا، وأن رؤوبين قد حُرِمَ من بَرَكةِ أبيه وهو على فراش الموت، رغمَ أنه كان بكرَ أبيه، وكان من حق البكر أن يحصل على نصيبٍ مضاعَفٍ من الميراث.

الفصل الثاني عشر:

شمشون وهو آخرُ قضاةِ بني إسرائيلَ الإثنَيّ عشر، يمارس الزنى مع ثلاثِ نساءٍ فلسطينيات، آخرُهنَّ دليلةُ التي أفضى لها بسرِّ قوَّتِه الكامنَةِ في شَعْرهِ الطويلِ. فبعد أن أسكرته قامت بقصِّ شَعرِه، وأسلمته للفلسطينيين الذين أسَروهُ وفقأوا عَينيه. وحين أحضر الفلسطينيون شمشونَ الأعمى إلى احتفالٍ ليسخروا منه، كان قد استعاد شَعْرَهُ وقوَّتَهُ، فدفع بالعمودين اللذَين يرتكز عليهما البناءُ، فسقط البيت على من فيه.

الفصل الثالث عشر:

داودُ الملك، أثناء تمشِّيه على سطح بيته، يلمح باتشيبع، زوجةَ القائدِ أوريا الحثّي، تستحمُّ عاريةً فيشتهيها. وتَعْلَمُ باتشيبع أن داودَ يراها، فتتعمَّدُ إغراءَه. يستدعيها ويضاجعُها. ويرسل داودُ زَوجَها أوريا إلى الجَبهَة ليُقتَل فيها. في هذه الأثناء تُخبِرُ بتشيباع داودَ بأنها حاملٌ منه، فيقوم باستدعاءِ أوريا من الجبهة، ويطلب منه مضاجعةَ زوجته بتشيباع للتمويه. لكنَّ أوريا لا يفعلُ، بل إنه يرفُضُ الدخول إلى بيته. وإذ يقنطُ داودُ من إقناعِه، يُعيده إلى الجبهةِ ويحمّلُه رسالةً إلى يوآب قائدِ الجبهة. ويا للسخرية، فَإنه حمل أمرَ موته بيده. كان مضمون الرسالة: «اجْعَلُوا أُورِيَّا فِي وَجْهِ الْحَرْبِ الشَّدِيدَةِ، وَارْجِعُوا مِنْ وَرَائِهِ فَيُضْرَبَ وَيَمُوتَ». وهكذا قُتلَ أوريا، فأعلنَ داودُ الحدادَ عليه، وبعد انتهاءِ فترةِ الحدادِ، تزوّج من بتشيباع.

الفصل الرابع عشر

أمّا الملكُ سليمانُ ابنُ داودَ فقد ضاجع الملكةَ مَكْدَةَ ملكةَ سَبأ، التي جاءت لزيارته إعجابًا بحِكمتِه. لكِنَّه أوقَعَها في كمين رومانسي نصبه لها. ففي اليوم السابقِ لليوم المقرَّرِ لعودتِها إلى مملكتها، دعاها إلى مأدُبة وقدَّم لها الطعامَ المتبّلَ بقصدِ إعطاشِها للماء. ثم دعاها لتقضيَ الليلةَ في قصره، متعهدًا بأن لا يَمَسَّها شريطةَ ألأَّ تأخذَ شيئًا من القصر. لكنها عطِشَت أثناءَ الليل، فقامت لتشربَ الماءَ، وكان لها بالمرصادِ. قال لها إن الماءَ أثمنُ شيءٍ في مملكتِهِ، وقد أخذته دونَ استئذانٍ، وعليها أن تدفع المقابل. وكان المقابلُ مضاجعةً، فحمَلَتْ منه، فأعطاها خاتَمَهُ ليتعرَّف من خلالِه على ولدِهِ في المستقبل.

***

في الكتاب أيضًا حكايتان لطيفتان عن سليمانَ والنحلةِ وسليمانَ والهدهد، لن أتطرق إليهما، وأترك للقارئ المعنيِّ أن يعودَ إليهما.

ويقول الكاتبُ إن هذا النوعَ من الإغراءاتِ يسمُّونه باللغة المهنية "مصيدةَ العسل" وكان آخرَ مَن اصطيدَ بهذهِ المصيدةِ محمودُ المبحوح في دُبَي في شهر يناير 2010.

ويُضيف: إن الأسبقيةَ تُعطى للعزباوات للقيام بمثل هذه المَهمَّات، وأمّا المتزوجة فيوصى بأن يطلِّقَها زوجُها ريثما تنجزُ المَهمَّةَ، ثم يستعيدُها بعد ذلك، لئلاّ تُعتَبرَ أنها خانتْ زوجَها ومارستِ الزِّنى وهي في ذمَّتِهِ.

بقي أن أقول إنه لم يتسنَّ لي قراءةُ الأصلِ العبري، فلا يمكنُني إبداءُ رأيي في الترجمَةِ من حيثُ الدقَّةِ والشمول، لكنَّ أسلوبَ النصِّ والصياغةِ يبدو أنه متأثرٌ بالأصْلِ العبري، الذي يناسبُ القارئَ العبريَّ الملِمَّ بتلك الأحداث أكثرَ من غيره، بينما يبدو للقارئ العربي مُختَزَلاً مَبْتورًا وغيرَ مستَرسِلٍ.

مع ذلكَ لا بدَّ من كلمةِ شكرٍ وتقديرٍ لما بذلَه المترجمُ من جَهْدٍ، لينقلَ إلينا هذا العملَ المُفعَمَ بمعلوماتٍ، ربما كانت خافيةً عن الكثيرينَ.

سَلِمَت يداك يا أبا الياس، ووفقك الله لتُطلِعَنا على المزيدِ من ثمارِ أعمالكَ المشكورة.

ثمّ كانت محاورة أدارها المترجم نايف خوري والكاتب يومي عيني والحضور، حول الهدف من هذا الكتاب وسبب ترجمته وفائدته للمجتمع العربي، وما يمكن أن يضيفه، وفي نهاية اللقاء كانت قراءات شعرية.