تضمنت الندوة التي أقامتها جمعية الدراسات والبحوث في اتحاد الكتاب العرب بعنوان "فلسفة ابن رشد والواقع الراهن" قراءة منهجية في حياة وفلسفة ابن رشد ومؤثراتها العلمية والاجتماعية من منظور ابن رشد الفلسفي والفكري والديني وذلك بمشاركة كل من الدكتور خير الدين عبد الرحمن والباحثين محمد الحمد ومحمد جدوع. وقال الباحث جدوع في محور بعنوان /بين الغزالي والاكويني/ إن ابن رشد وفلسفته العقلية التي توفق بين الدين والفلسفة جوبهت من طرفي الغزالي وتوما الاكويني موضحا أن ابن رشد دافع عنهما بكل حيادية وموضوعية في كتابه /تهافت التهافت/ مع أنه لا يتبنى لا مذهبهما ولا فلسفتهما.وبين جدوع أن دور ابن رشد لم يكن مقتصرا على الفلسفة بل اهتم بالسياسة حيث شن هجوما لاذعا على سياسة التفرد والتسلط ما جلب عليه النقمة إضافة إلى كره حساده من الفقهاء آنذاك مشيرا إلى أن أهمية فلسفة ابن رشد تتجلى في التصدي للدعوات المذهبية واللاعقلانية في التفسير الديني لأنه أراد للمذاهب جميعها ألا تعادي بعضها بعضا.من جانبه استعرض الباحث الحمد سيرة ابن رشد من خلال حياته مبينا أنه درس على يد كثير من العلماء الأوائل كابن سمحون والمازري وابن طفيل إضافة إلى براعته بالفقه المالكي والتفسير العقلي.وأضاف الباحث أن ابن رشد اتجه إلى إثبات الذات الالهية معلقا على ما جاء في كتاب الغزالي /تهافت الفلاسفة/ محاولا إظهار أن الغزالي خلط الأمور الفكرية والدينية ببعضها متطرقا إلى حوارات ابن رشد مع الأمراء والسلاطين وكيفية خروجه من المآزق التي كانت تواجهه خلال اسئلتهم له.أماالدكتور عبد الرحمن فافتتح محوره /تراث ابن رشد ومأزقنا الراهن/ بعبارة لابن رشد /أكبر عدو للإسلام جاهل يكفر الناس/ مبينا خطورة الحال التي آلت إليه الأمة العربية من خلال الرياح التي عصفت بها من جوانب عدة مؤدية بذلك إلى التجزئة والهزائم والجوع والاستباحة التي تمارسها القوى الخارجية سرا وجهرا وصولا إلى الحديث عن تحول سياسة العرب من سياسة فاضلة إلى سياسة غايتها المجد والشهرة.وبين الباحث رؤية ابن رشد السياسية في العالم العربي والإسلامي المركبة من فضيلة وكرامة وحرية تختلف عن رؤية ابن خلدون المتحدثة بلغة العمران أو الاجتماع التي قوامها أحكام شريعة وآداب خلقية وقوانين طبيعية في الاجتماع موضحا أن رؤية ابن رشد انطلقت من تجربة الدولة الإسلامية في الأندلس والمغرب.ولفت الدكتور عبد الرحمن إلى رؤية ابن رشد عن المدينة الفاضلة التي تتحقق من خلال العدالة والحرية والمعرفة والنزاهة موضحا أن على أهل كل زمان إيجاد الحلول لمشاكلهم وأن على رئيس مدينته الفاضلة أن يكون ملما بالفتاوى والأحكام والشرائع التي ترتكز على الأعمال الصالحة والآراء الحسنة والإرادة والقرار السياسي السليم.وأوضح الباحث أن العلم الطبيعي في منظور ابن رشد يعتمد الحس والعقل معا عبر المشاهدة والملاحظة الذي يؤسس لعلم النفس الذي بدوره يؤسس لعلم الأخلاق الذي يؤسس للسياسة التي تدير نفوس الجماعة مبينا أن النفس تتألف من ثلاث قوى هي العاقلة وفضيلتها المعرفة والحكمة والقوى الغضبية وفضيلتها الشجاعة والشهوانية وفضيلتها العفة.بدوره قال الدكتور مأمون الجنان في مداخلته إن عنوان الندوة لم يتناسب كثيرا مع البحوث المقدمة حيث أن ابن رشد يستحق أن يدرس بشكل أفضل ليناسب الواقع الراهن وجبروت المرحلة القاسية لذلك لم تكن هذه الدراسات على المستوى المطلوب متمنيا أن يدرس هذا الفيلسوف في وقت لاحق من جوانب عديدة ترسخ تجربته الفكرية والنفسية لتكون مثالا يحتذى للأجيال القادمة.من جانبه اعتبر الباحث زبير سلطان مقرر جمعية البحوث والدراسات أن أغلب المحاور في هذه الندوة اقتصرت على السرد التاريخي لآراء ابن رشد وعلاقته بالعلماء والسلاطين دون اللجوء إلى مداخلات بحثية وروابط من شأنها أن تؤسس لإسقاطات تؤدي دورها في العلاقة بين فلسفة ابن رشد وحياته وبين العصر الراهن الذي غاب في أكثر محاور هذه الندوة نظرا لسيطرة الدخول في التاريخ وعلاقة ابن رشد بسابقيه ومعاصريه.
{عن العرب اللندنية}