تعود "الكلمة" لافتتاحية مجلة "الطليعة" الصادرة في دمشق سنة 1935. وقدّمت من قبل رئيس تحريرها فؤاد الشايب على أنها "رسالة التحرر الفكري"، و"تبحث في الأدب والاجتماع". وشارك في تحريريها كامل عيّاد، وصلاح الدين المحايري، وميشال عفلق. فكانت منبراً للأدباء والمفكرين التقدميين حينئذٍ.

افتتاحية مجلة «الطليعة»

إعداد وتقديم اثير محمد علي

 

مقدمة

ضمن أجواء مشبعة بفكرة التقدم والضرورة الثورية والكفاح الوطني ضد الاستعمار، عُقِد "مؤتمر زحلة" سنة 1934، وشاركت فيه شخصيات هامة من أهل الثقافة والفكر والسياسة في كل من سورية ولبنان.

دارت في جلسات المؤتمر سجالات تناولت مفهوم "الوحدة العربية"، ونوعية الفعل الثقافي الذي تحتاجه المرحلة التاريخيّة، ودور الثقافة العربية في تمكين الواقع الحداثي وتثوير النهضة الأدبيّة، وكيفية توطيد النضال القومي والتحرري، إلى ما هنالك من قضايا تتمحور حول مصطلح "الالتزام" والعمل على تحقيق مستقبل عربي مغاير ثقافياً واجتماعياً وسياسياً.

صدر عن هذا المؤتمر ما عُرِف بـ"رسالة إلى المثقفين"، ووثيقة "من أجل الوحدة العربية"، وفيهما يؤكد المؤتمر على عميق القول بالحق العربي في العلمانيّة والعقلانيّة الكونيّة، والتحرر من الاستعمار، وبناء الدولة الوطنيّة وتحقيق الوحدة العربيّة، إلى جانب ربط النضال الوطني بالعالمي من خلال الوقوف في وجه التخلف والفاشيّة والفكر العنصري.

كما صدرت عن المؤتمر توصية بإنشاء مجلة فكرية ثقافية تنطق بهذا التوجه القومي التقدمي. من هنا رأت مجلة "الطليعة" النور في دمشق يوم الجمعة 16 آب 1935.

عُرّفت مجلة "الطليعة" من قبل رئيس تحريرها فؤاد الشايب بأنها "رسالة التحرر الفكري"، وبأنها تبحث في الأدب والاجتماع. وشارك في تحريريها آن صدورها كل من كامل عيّاد، وصلاح الدين المحايري، وميشال عفلق. فكانت منبراً لصفوة الأدباء الشبان والشابات والمفكرين العرب التقدميين حينئذٍ.

بتقليب صفحات مجلة "الطليعة"، يخلص الباحث إلى أن المجلة شكلت ما يمكن أن نرى فيه حلقة تاريخية هامة من حلقات تطور الصحافة العربية، حتى أنها تبدو وكأنها البراكسيس المعرفي، أو الرديف الاجتماعي السياسي الثقافي، للمجلتي "العصور" القاهرية (الصادرة سنة 1927) لمحررها اسماعيل مظهر، و"الدهور" البيروتية (الصادرة 1930) لمحررها ابراهيم الحداد.

أولت كل من "العصور" و"الدهور" عنايتهما للقضايا التنظيرية والفلسفية والعلمية، ونقد الخطاب الديني والسرديات الميتافيزيقية، لتأت، من ثمة، مجلة "الطليعة" وتربط هذا التوجه التنظري بهموم الواقع الثقافي المعيش، بلغة تقدمية ثورية تحضّ على التفكير النقدي، وتختبر جدوى الفكرة جدلياً بالحوار مع القارئ المتلقي.

بالمقابل، كان تواصل ما نشر في الطليعة، من مقالات سياسية واجتماعية وأدبية وتاريخيّة، مع الواقع العربي يعني، بمقاربة أخرى، انفتاح هذه الدورية على البعد التقدمي لقضايا العالم أجمع، من حيث حرصها على تحقيق ملفات تناولت الحدوث الثورية العالميّة، والكفاح ضد الدكتاتورية والفاشية، إلى ما هنالك من نصوص صحفية بحثت في الفكر التحرري، وحركات التمرد في التاريخ العربي عامة وتاريخ القرن التاسع عشر خاصة.

وفيما يلي يعرض "باب علامات" عينة موجزة من أسماء أهم كتاب "الطليعة" (من سوريا ولبنان، ومصر، والعراق)، والعناوين الدالة لموادهم الأدبية ومقالاتهم النقدية، بغية إطلاع قارئ "الكلمة" على طيف الاهتمامات الواسع الذي غطته هذه المجلة إلى حين توقفها عن الصدور سنة 1939:

-       سليم خياطة: الولي الحي (قصة قصيرة)، ع2-3، س3، شباط وآذار/ فبراير ومارس 1935.

-       عفيف طنوس: 15 يوماً بين فلاحي عكار (حكاية رحلة تعاونية ثقافية إلى بعض قرى لبنان)، ع9، س2، تشرين الثاني/ نوفمبر 1936.

-       شبلي الشميل: الدكتور شبلي الشميل والاشتراكية، أهم ما كتبه فيلسوفنا العربي الكبير في سنة 1908 لشرح النظريات الاشتراكية والدفاع عنها، ع8، س2، تشرين الأول/ أكتوبر 1936.

-       شاكر العاص: سوريا المتيقظة، ع8، س2، تشرين الأول/ أكتوبر 1936.

-       علي الناصر: حماد (قصة قصيرة)، ع2-3، س3، شباط وآذار/ فبراير ومارس 1937.

-       عصام حفني ناصف: غيرة النساء على الرجال، ع8، س3، تشرين الأول/ أكتوبر 1937.

-       الدكتور منصور فهمي: تطورنا الاجتماعي، ع9، س3، تشرين الثاني/ نوفمبر 1937.

-       جميل صليبا: الاعتقاد. أسبابه وعوامله، ع3، س4، آذار/ مارس 1938.

-       ايفا بدر: البيت العربي (1،2)، ع8-9، س4، تشرين الثاني/ نوفمبر 1938.

-       عصام حفني ناصف: على هامش نظرية التطور، ع9، س4، تشرين الثاني/ نزفمبر، 1938.

-       نقولا فياض: ذكريات أدبية (1،2)، ع1+2، س5، كانون الثاني وشباط/ يناير وفبراير 1939.

-       اسماعيل أحمد أدهم: قضية مصر الاجتماعية والاقتصادية، ع2، س5، شباط/ فبراير 1939.

-       عصام حفني ناصف: ما هي رسالة الأزهر، ع2، س5، شباط/ فبراير 1939.

-       إحسان بهاء الدين الجابري: نقابات العمال والمعضلة الاجتماعية، ع2، س5، شباط/ فبراير 1939.

-       قلم التحرير: هذا التكبر والتحاسد في أدبائنا، ع2، س5، شباط/ يناير 1939.

-       مارأيك في "الطليعة" استفتاء القراء، ع2، س5، شباط/ يناير 1939.

-       هيئة التحرير: المادية التاريخية – دور الجماهير والعوامل الاقتصادية في التاريخ، ع2، س5، شباط/ يناير 1939.

-       هيئة التحرير: روسية بين ثقافتين، ع2، س5، شباط/ يناير 1939.

-       بشارة الخوري: جهاد فلسطين (قصيدة)، ع2، س5، شباط/ يناير 1939.

-       جورج سلستي: الأدب والفن في لغة الشعب، ع6، س6، حزيران/ يونيو 1939.

-       نسيب الاختيار: فن غوته، ع6، س6، حزيران/ يونيو 1939.

-       عصام حفني ناصف: مهزلة الخلافة، ع6، س6، حزيران/ يونيو 1939.

ومن الملفات الأدبية التي نشرتها "الطليعة" اخترنا لهذا العرض ملفين. الأول خصصته المجلة للمتنبي (915-965م)، والثاني لمكسيم غوركي (1868-1936) بمناسبة وفاته.

ومن أهم أسماء الكتاب وعناوين مشاركاتهم في ملف المتنبي (ع7، س2، أيلول/ سبتمبر 1936)، نذكر:

-       عمر أبو ريشة: الشاعر الملهم (شعر).

-       أمين الريحاني: أبو الطيب رسول العروبة.

-       عبد الرحمن الشهبندر: المتنبي شاعر نهضتنا الحديثة.

-       سامي الكيالي: المتنبي في بلاط سيف الدولة.

-       نقولا الفياض: نزعة التجديد في المتنبي.

-       معروف الرصافي: حساد المتنبي وشاعريته.

-       جميل صليبا: فلسفة المتنبي.

-       ماري عجمي: أنى للموت ما زعموا! (شعر).

-       فائز الخوري: المتنبي وسجنه.

-       سليم الجندي: ثقافة المتنبي العلمية.

-       خليل مردم: لو دافع المستضعفون (شعر).

-       نجيب الأرمنازي: عصر المتنبي السياسي.

-       محمد البزم: إله القوافي (شعر).

-       عز الدين التنوخي: رؤيا المتنبي (شعر).

أما فيما يخص الملف المخصص لغوركي، والمنشور في نفس العدد الذي يُحتفى فيه بالمتنبي، فنذكر مواد كل من:

-       رومان رولان: وداع غوركي.

-       الطليعة: سيرة ماكسيم غوركي.

-       سليم خياطة: غوركي عنوان جهاد الاشتراكية.

-       غوركي، ترجمة م. سيف الدين الإيراني، حياتي وأنا صبي.

-       غوركي، تعريب م. سيف الدين الإيراني، الإنسان القديم والإنسان الجديد.

-       رئيف الخوري: غوركي الذي فقدته الإنسانية.

وأختتم ملف غوركي بفصول من رواية الأم.

في تموز/ يوليو سنة 1939 كرست الدورية العدد بكامله لمناسبة الذكرى المئة والخمسين للثورة الفرنسية. واشترك في تحريره إلى جانب الكتاب العرب أسماء من الكتاب الفرنسيين والانكيز بمقالاتهم، من مثل:

-       قلم التحرير: نحن والثورة الفرنسية.

-       بول لانجفان: رسالة إلى العالم العربي، بيان تاريخي موجز للثورة الفرنسية.

-       رئيف الخوري: فرنسا عام 1789 - عرض عام.

-       موريس تويز: االذكرى المئة والخمسون.

-       كامل عياد: الثورة الفرنسية والشرق.

-       جاك سولومون: الثورة الفرنسية والعلوم.

-       جورج الحكيم: الأساس الاقتصادي للثورة الفرنسية.

-       بيير فيلار: الثورة الفرنسية والمستعمرات.

-       عصام حفني ناصف: العالم قبل الثورة الفرنسية وبعدها.

-       روجر ه. سولتو: التقاليد الثورة في التفكير الفرنسي الحديث.

-       عباس محمود العقاد: الثورة الفرنسية.

-       شارل باران: الثورة الفرنسية والقضية الزراعية.

-       الطليعة: الثورة الفرنسية بعد انتصارها على الملك.

-       جورج كونيو: بعض أسس السياسة التعليمية للثورة الفرنسية.

-       فرج الله الحلو: الثورة الفرنسية والثورة الروسية.

واختتم العدد بنشر نص "حقوق الإنسان والمواطن" الصادر في 26 آب/ أغسطوس 1789.

ثمة، بالمقابل، ملف نود التنويه له، في معرض الحديث هنا، ويخص ملف مكافحة الفاشية (ع5، س5، أيار/ مايو 1939)، بمناسبة انعقاد مؤتمر عصبة مكافحة الفاشية في بيروت. ومن هذا الملف نقتبس أسماء الكتاب وعناوين مقالاتهم التالية:

-       قلم التحرير: مكافحة الفاشستية.

-       رئيف الخوري: تقرير اللجنة التحضيرية في مؤتمر مكافحة الفاشستية.

-       رجا حوراني: الفاشستية والثقافة العربية.

-       الآنسة مقبولة الشلق: الفاشستية عدوة المرأة.

-       خالد بكداش: الفاشستية والشعوب العربية.

-       الياس أبو شبكة: الفاشستية قاتلة الفكر.

-       توفيق يوسف عواد: حقيقة الفاشستية.

-       الياس خليل زخريا: الوثنية الجديدة.

-       سليم خياطة: مقدمات الفاشستية.

-       عادل حموي (تعريب): الفاشستية في طريق الانهيار.

-       الطليعة: حملة غوبلز على المفكرين الألمان.

-       الطليعة: شكل الثقافة في إيطاليا.

إضافة للمقالات السابقة المختلفة، نشرت "الطليعة" مواد ألقيت في مؤتمر مكافحة الفاشية، ضمن ملفها هذا حول الفاشية، من قبيل:

-       مقررات مؤتمر مكافحة الفاشستية.

-       كلمة رئيس عصبة مكافحة الفاشستية أنطون ثابت.

-       جبران تويني:الفاشيست تسلب الإنسان تفكيره.

كما لم تغفل المجلة عن نشر رسائل النواب للمؤتمر المذكور، والموقعة باسم كل من: لطفي الحفار، فائز الخوري، شكري القوتلي، أحمد اللحام، سليمان الأحمد.

ومن رسائل المنظمات والجمعيات المختلفة والموجهة للمؤتمر، نتعرف على:

-       رسالة جمعية يقظة المرأة الشامية الموقعة باسم نعيمة مغربي.

-       رسالة الشباب الوطني الموقعة باسم منير المالكي.

من كل ما تقدم، يمكن القول أن مجمل أعداد "الطليعة"، تشكل وثيقة من الوثائق التاريخية الدالة على تواشج وحدة النضال التقدمي العربي، قبل انقسامه إلى تيارات ضدية لاحوارية، متمثلة بالتيار الايديولوجي الماركسي الشيوعي من جهة، والتيار الايديولوجي القومي العروبي من جهة أخرى. ومع هذا الانقسام تقاسمت تنويعات هذا الأيديولوجيات مقاربتها المفارقة لمفهوم "الرسالة"، "الوحدة العربية"، "الأمة"، "القومية"... إلى ما هنالك من مفاهيم ومنظومات فكرية فاضت عن تلك المرحلة إلى شموليّة حاضر دام لعقود في سوريا المحكومة بالاستبداد... وعليه تثور في راهن الآن والتاريخ.

لقارئ الكلمة نترك افتتاحية مجلة "الطليعة"ـ التي كتب مقدمتها فؤاد الشايب، وتركت الإشارة إلى اتجاهها لهئية التحرير. وفيها يباح بكلمة "القلق" كإعلان عن كرب وضيق متحفز وتحفيزي لشبان وشابات واقع ثلاثينيات القرن العشرين في سوريا ولبنان.

 

افتتاحية الطليعة

هم أرسلوني (بقلم فؤاد الشايب)

"لقد أردنا شيئاً وأردناه أن يكون.

والإرادة ليست إلا المقدرة.

إننا نريد دائماً ما نقدر عليه"

كم تمخض هذا المشروع الأدبي المتواضع في ضمير الزمن! كنا نتوقع له ميلاداً قبل اليوم، ونحسب أن كل يوم مضى كان يصلح لاستيلاده كاملاً. والحق أنه كان جنيناً ناقصاً بعد. أما اليوم وقد ظهر فهو ظاهر في يومه لأن الأحشاء التي توجّعت فيه لن تستطيع أبداً أن تكتمه.

مَنْ منا لا يدرك القلق الذي يخفق في جوانحنا الملتهبة نحن الشباب؟!. يكفي الواحد منا في خلوة نفسه أن يضع يده فوق أيسره وأنه لشاعر بكل ما يشعر به رفاقه. إننا مرضى القلق ولقد كسحنا هذا المرض كما كان يكسح آباءنا الطاعون والجوع والهواء الأصفر، أولئك الرجال آباؤنا رعايا الدولة العثمانية، وعبيد الطرة الهمايونيّة الذين ربونا وسياط "السفر برلك" تأكل من جماجمهم.

إننا مرضى القلق! وإنه ليتداخل فينا من أعماق ماض مظلم، ويهفو إلينا من أبعاد مستقبل أظلم. ونحن بين ذاك الماضي وهذا المستقبل كسائرين في تيه لا يُدرك أزله من أبده. إننا نخاف، ونحذر، وتهمس ضمائرنا المحمومة: ما هو مصيرنا؟! المصائب، التشرد، الجوع، الموت. فنحن عبيد هذه الأوهام وهذه الأسرار، التي تأخذنا قيودها وتجرّنا من أكبر قلب متحسس إلى أصغر دماغ متلبد، طفرة واحدة، وموكباً واحداً إلى جبهة واحدة تجاه مصير واحد!

كلهم حولي شباب من أطفال رعايا السفاح، نلتقي كل يوم في زوايا المقاهي، نأكل الحمص ونعبّ من الدخان التركي. إنني أسمع صرير أسنانهم وأحس بثورة قلوبهم على أمعائهم. وهم يتحدثون ويبنون معي قصور الأمل كعلب الكبريت، ويقولون لي: متى؟! إنهم يختلجون في إهاب محموم ويقضمون أظافر أناملهم، كأنهم يقضمون في صميمي، وعندما قدموني وقالوا لي لنبدأ؛ لا تحسبوا أنهم زيّنوا لي وجوه الحياة وبيّضوا صفحة الأمل، وأغروني وأطمعوني، ليدغدغوا فيّ أنانية الإنسان؟! لا! لقد قدموا سواعدهم المتقلصة، وتكشيرة مرة على شفاههم الصفراء! خسئت كل يد ناعمة بيضاء، تستطيع أن تحبوني ما حبته هذه اليد اليابسة الشعثاء، وكل ابتسامة عذبة تدعي الايحاء كما توحي هذه "التكشيرة" الحاملة ألماً صاخباً، وإرادة تمزق عن سواعدها أطمار البلى تمزيقاً.

كم قال لنا الناصحون وهم مخلصون: سيموت العمل كما ماتت قبله الأعمال! غير أن هذا المشروع ولدته الضرورة، ولم تشترك في وضعه أي نزعة إنسانية أخرى. إن ما تأتي به الضرورة المجردة لا يموت إلا بموتها.

دائماً القلق!!

إن الأخوة لا يدّعون الكبائر، ولا يتبجحون بخلق الخوارق. إنهم يبتغون خيطاً من النور يستلهمونه من نعمة الفكر، في حلوكة التيه الذي يتخبطون فيه بقلقهم، وذعرهم.

من أجل هذا أرسلوني... ومنذ زمن كنت أحمل الرسالة في صدري.

اتجاه أدب الطليعة (بقلم هيئة التحرير)

تحرص هيئة تحرير المجلة على أن تكون الصبغة السائدة في أكثر أبحاث المجلة، صبغة اجتماعية عامة. نطلع القراء على أخص الحوادث العالمية التي تؤثر في سير المجتمع الحاضر الغني بحوادث الاضطراب والقلق. وهكذا يلاحظ القارئ غلبة النقل على الوضع في محتويات هذا العدد: أمر لا محيد عنه ولا غنى عنه أيضاً، لأننا لانزال في دور الانتقال بعيدين عن كل استقرار، وفي هذا الدور نحن بحاجة إلى مؤونة كافية من شتى منابع الثقافة العامة، نستعين بها على اجتياز طريقنا على ضوء من التفكير الصحيح، المنزّه عن كل ما يفرض عليه من كابوس الأوهام والايحاء الشخصي الأناني.

تبرئ المجلة نفسها من أي التحاق إلى طائفة دون طائفة وجماعة دون جماعة وفي هذا البلد أم في سواه، وقد تجمع في وجه واحد بين متناقض الآراء ومتباين النزعات لأن هدفها الوحيد خلق جو التفكير ونشر المعرفة ما استطاعت.

(الطليعة، دمشق، الجمعة 16 آب 1935 الموافق لـ17 جمادى الأولى 1354)