يؤكد الباحث على أن الأطفال كائنات جنسية تنغمس في تصرفات جنسية. ومع هذا فهناك تصرفات جنسية معينة نادراً ما تلاحظ عند الأطفال الذين لم يتعرضوا للاعتداء الجنسي. ويجب حماية هؤلاء الأطفال بكيفية تسهل لهم تجاوز محنة الاعتداء الجنسي.

السلوك الجنسي عند الأطفال

هاني حجّــاج

أولاً يجب أن نعرف ما الذي يجعل الطفل يدّعي بأنه قد تعرّض للإيذاء الجنسي أو لتحرش من أحد الكبار له طابع جنسي بما في ذلك من إثارة حادة للقلق للأبوين أو للمدرس أو للوصي. في الحقيقة لا يستطيع الأطفال ابتداع حكايات من تفاصيل لم تمر بهم ولا اختلاق قصص بناءً على معلومات لم يتعلموها أو يجربونها. على سبيل المثال، لا يمكن للطفل إخراج قصة عن ساحر إفريقي إذا لم يكن قد عرف شيئاً عنه، أو رأى صورة له، أو حتى وصفه له أحد الكبار أو طفل من أترابه، ولن يقول أن شخصاً ما قد حاول لمس جزء معين في جسده أو حاول تقبيله أو ممارسة الجنس شفوياً معه ما لم يتعرض لذلك بالفعل سواء بطريقة مباشرة أو نقلاً عن آخرين.

إن الأطفال عندما يبلغون عامين أو ثلاثة فإنهم يتلذذون في الغالب بتعرية أجسامهم، ويحب الأطفال الصغار لمس ليس فقط أجسادهم ولكن أيضاً لمس الأعضاء التناسلية ونهود آبائهم وأخواتهم وأقرانهم. ويشيع اللهو الجنسي مع الأقران، والذي يتضمن بصورة نمطيّة درجة ما من التعري واللمس المتبادل، ويظل هذا الاهتمام بالجنس لدى الأطفال عند بلوغهم سن السادسة أو السابعة، ولكن التصرفات الجنسية العلنية والصريحة تقل مع التقدم في السن. ويوجد فيما بين أطفال مرحلة ما قبل المدرسة قدر كبير في الغالب من الحرية فيما يتعلق بأجسامهم وبلمس أنفسهم وأقرانهم وأفراد العائلة. وفي هذه المرحلة ينخرط الأطفال في ألعاب مثل لعبة "الدكتور" التي يمثل فيها الطفل دور الطبيب الذي يكشف على جسد زميله أو أخته مستعيداً ذكرى العيادة التي ترتبط معه بنوع من الرهبة من ابرة المحقن التي يدسها في لحمه الرجل الغريب الذي يرتدي المعطف الأبيض ممزوجة بالمكان النظيف الأنيق الذي تأخذه إليه أمه ليتخلص من الألم أو لعبة "عريس وعروس" التي يلعبها طفل وطفلة في نموذج لبيت مصغر يقلدان فيه ما يشاهدانه دون فهم من قبلات وأحضان بين الباغين من ذكر وأنثى (أي: الأب والأم) واللعبتان تتضمنان استكشافات من خلال اللمس والنظر إلى ما يسمى بالأجزاء الخصوصية لكل منهم.

وبناء على ما تقدم؛ فالأطفال كائنات جنسية وينغمسون في تصرفات جنسية. ومع هذا فهناك تصرفات جنسية معينة نادراً ما تلاحظ عند الأطفال الذين لم يتعرضوا للاعتداء الجنسي، وهي التصرفات التي تتسم بقدر أكبر من العدوانية أو تقليد السلوك الجنسي المتقدم للكبار. على سبيل المثال، من غير العادي تماماً أن تقوم فتاة أو صبي لم يتعرض للاعتداء الجنسي بوضع الفم على الأعضاء التناسلية لشخص آخر أو بتقليد الممارسة الجنسية أو بممارسة العادة السرية باستخدام أحد الأشياء أو بإدخال شيء ما (قلم أو إصبع) في فتحة الشرج أو المهبل. ويزداد القلق حول احتمال وقوع الاعتداء الجنسي عند إظهار طفل صغير لمثل ذلك السلوك الجنسي غير العادي.

فإذا انخرط طفلك في سلوك جنسي يدعوك إلى القلق يمكنك التحدث مع طبيب أطفال. بالإضافة إلى ذلك تستطيع تدوين ملاحظات تصف سلوك الطفل ووقت حدوثه وعدد المرات التي تكرر فيها، ونعني بذلك أي تصرّف يبدر منه خلاف أسلوبه الطبيعي أو المعتاد بالنسبة له، كأن يكون أكثر انطواء مثلاً، أو تصبح ردود أفعاله عدائية أو صادمة على غير المعتاد منه أو مبالغ في حدتها أو حتى في طاعة غير منتظرة منه؛ هذه المدونة سوف تفيدك في ترتيب متابعتك لطفلك وبالتالي في تقديم صورة صحيحة لحالته، إذ أن زيارتك لطبيب طفلك أو طفلتك سوف يشوبها الكثير من التوتر الذي تضيع معه التفصيلات الهامة، هنا سوف تكون مدونتك التي كتبت فيها بيانات مثل: (لمدة ثلاثة أيام وحتى الآن يرتعد ابني كلما حاولت لمسه.) أو (أصبحت طفلتي فاقدة لشهيتها وتنتابها نوبات قيء كل مساء مع خلو جسمها من أي مرض معروف حسب تقرير طبيبها الباطني) أو (بدأ طفلي يتحسس جسد شقيقته بفضول كلما سمحت لهما بالبقاء معا بمفرديهما)، سوف تكون هذه المدونة شديدة الأهمية وقتها لأنها سوف تحدد إلى أقرب ما يكون تأثير الاعتداء الذي وقع على الطفل وإمكانية التعامل معه ومدى ما هو منتظر من علاجه. وربما تثبت قيمة ملاحظاتك التي تصف ذلك السلوك الجنسي غير العادي إذا أصبح من الضروري أن تثبت للمحكمة أن طفلك قد تعرض للاعتداء الجنسي.

ولأن الاعتداء الجنسي "يعلم" الأطفال معلومات جنسية لا يجب عليهم تعلمها، فإنه يجب على الآباء الذين يخامرهم الشك في وقوع اعتداء جنسي على أطفالهم أن يعلموا أنواع التصرفات الجنسية التي تعتبر عادية أو غير عادية. وقد درس العالم النفسي (وليام فريدريك) وزملاءه السلوك الجنسي لدى أطفال لم يتعرضوا لاعتداء جنسي. وتوصلوا إلى أن الأطفال من سن سنتين إلى سن الثانية عشرة يبدون عدداً كبيراً ومتنوعاً من التصرفات الجنسية بصورة متكررة جداً نسبياً. على سبيل المثال، تبدأ ممارسة العادة السرية بصورة عرضية في مرحلة مبكرة وتشيع – إن لم يكن بشكل عام – بين الصبية والبنات.

لقد كتب عالما النفس وليام ميرفي وتيموثي سميث قائلين أن أغلبية ضحايا الاعتداء الجنسي لا يتحولوا إلى معتدين. وأفادت الدراسات المتعلقة بالمتحرشين بالأطفال أن حوالي 30% منهم تعرضوا للتحرش في طفولتهم. ومع ذلك يقول ميرفي وسميث بشكل عام أن الأبحاث التجريبية لا تؤيد وجود صلة قوية بين كون الشخص ضحية ومعتدي. ولكن بعض هؤلاء الأطفال لا يعتدون. والواقع أن النسبة كبيرة من مرتكبي الاعتداءات الجنسية بما فيهم غشيان المحارم يظهر عليهم الانحراف الجنسي في مرحلة البلوغ بل يبدأ حتى في مراهقتهم. وتعتبر المسألة الجنسية موضوعاً ملائماً للحديث مع طبيب الأطفال. والنقطة الهامة هنا هي وجوب رفض آباء الأطفال المعتدى عليهم فكرة أن المصير الجنسي لطفلهم قد طبع عليه الاعتداء.

نجد أنفسنا نتساءل حيال هذه المواقف أسئلة من نوع: ما الخطأ في نظام تربيتنا؟ وما هو الشيء المختلف الذي كان من الممكن أن نفعله؟ ولماذا لم نرى العلامات التي كانت توحي بوجود خطب ما؟ وكيف نترك هذا يحدث لأطفالنا الذين هم الأقرب إلينا من أي شيء آخر؟ عنده يجب أن تتذكر أنك لست الذي اعتدى على طفلك، وإنك الشخص الذي يحاول حمايته. بالطبع يحتمل دائماً تقريباً أن نرى كيف أن الأشياء كان من الممكن أن تصبح مختلفة كما هو دائما أسلوب تفكيرنا عند حدوث متاعب. ومع ذلك فالأغلبية الكبيرة من الآباء لم يخطئوا. وأنهم اتخذوا إجراء عندما علموا بإمكانية وقوع الاعتداء. هذا هو كل ما يستطيعوا أن يسألوا أنفسهم.

ونلتمس سد الفراغ الذي يخلقه القلق في نفوسنا بمحاولة استشعار الذنب القائم من جانبنا، وكأن إلقاء اللوم على الذات ليس كافياً، ينتاب القلق كثيراً من الآباء من أن يلومهم أطفالهم بسبب الاعتداء الذي تعرضوا له سابقاً. ويتساءل بعض الأطفال: "لماذا لم يتدخل أبي (أمي) ليصد عني هذا الأذى؟". ما سبب عدم تدخل الأب أو الأم لمنع الاعتداء عندما ظهرت بوادره. هنا نجد أنفسنا في مأزق فنحن بحاجة إلى من يدعّمنا نفسياً أولاً، فليس من الهيّن أن نتعامل ببساطة وبسعة صدر في حالة تعرض أطفالنا للاعتداء أو التحرش الجنسي بالكيفية ذاتها التي نواجه بها إصابتهم البدنية الطفيفة أو استطالة فترات مرضهم أو زلاتهم الأخلاقية المعتادة، وهنا يجب أن يتجه التفكير أولاً نحو الاستعانة بمتخصصين وخبراء في علم نفس الأطفال لمساعدة أطفالنا على إدراك أن الخطأ في الاعتداء الجنسي يقع كلياً على المعتدى وليس على الضحية أو آبائهم الذين يمثلون جانب الحماية بالنسبة لهم.

يدرك المتخصصون الأثر الذي تتركه حوادث الاعتداء الجنسي على الطفل وعلى والديه، ولابد للعلاج من أن يتناول أيضاً الاختلافات الجنسية في كيفية معالجة الاعتداء الجنسي على الأطفال بأسلوب معرفي متفق عليه. فان الأولاد أي الأطفال الذكور معرضون لمضاعفات نفسية أخطر مما قد تصيب البنات بسبب الإيذاء الجنسي في فترة مبكرة من أعمارهم، وبسبب توقع اتسام الأولاد والرجال بالقوة والعدوانية فإن الواقع ضحية للاعتداء الجنسي قد يعني لهم انتهاكاً للدور الجنسي أكثر مما هو بالنسبة للبنات والنساء. وهذا الجرح الإضافي من الممكن أن يؤدي نوعاً ما إلى استجابات سلوكية وردود معرفية متباينة على الاعتداء بالنسبة للذكر والأنثى. فالذكور المعتدى عليهم جسدياً – على سبيل المثال – يظهرون في الغالب مشاعر عدم الرضا والرغبة في التعويض، وكان عدم قدرة الصبي على رد المعاملة السيئة يعكس عدم الرجولة بالنسبة للمراهقين والكبار. ويصاب كثير من الذكور الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي بمخاوف جنسية مرتبطة بالاعتداء عليهم أو التحرش بهم. وقد يعتقد رجال وأولاد طبيعيين أن اعتداء ذكر آخر جنسياً عليهم في طفولتهم جعلهم لوطيين بصورة مستترة، وهو خوف ربما يؤدي في ظل ثقافة رجولية مثل ثقافتنا إلى مغالاة رجولية تعويضية أو إفراط في النشاط الجنسي. وبالعكس ربما يصاب اللوطيون الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي من قبل ذكور آخرين بالقلق والخوف من أن يكون توجههم الجنسي قد تسبب نوعاً ما في اعتداء رجال آخرين عليهم، أو أن الاعتداء الجنسي عليهم جعلهم لوطيين. وهي استنتاجات من الممكن أن تؤدّي إلى شعور بالذنب والخجل وخداع النفسي.

وربما تخشى الإناث اللاتي تعرضن للاعتداء الجنسي عليهن في الطفولة من أنهن أغروا مغتصبيهم بطريقة ما دفعتهم للاعتداء عليهن. وهو خوف يبدو أنه يعكس فكرة نمطية لدى الإناث من أنهن موضوعات للجنس وأن الغواية هي شيء متأصل فيهن. هذا الخوف من الممكن أن يتفاقم إذا كانت الفتاة المعتدى عليها قد تعلمت قبل الاعتداء أن تتصرف بطريقة "فاتنة" أو "مغرية" لكي تجتذب انتباه الذكور. ونتيجة لذلك ربما تفسر خطأ سلوكها الجنسي المزيف على أنه هو الذي تسبب في التحرش بها أو الاعتداء عليها. وبسبب هذه الادراكات التالية المختلفة ربما يجد المتخصصون أن من المفيد التقرب من ضحايا الاعتداء الجنسي من الذكور والإناث بطريقة مختلفة قليلاً أثناء العلاج.

من الناحية العضوية، يمر الطفل بمرحلة نضج سريعة حيث تصبح حركاته رشيقة ومنسقة وهو يسيطر عليها لدرجة أن عمليات التوصيل والمشي والتسلق والإمساك والترك لم تعد أنشطة أو أهداف في حد ذاتها، بل هي وسائل لمحاولات جديدة. ويجد الطفل صعوبة بالغة وعدم رغبة في البقاء داخل حدود فراغ النشاط المحدد له، أنه يريد أن يستطلع عالمة بنفسه، ويحقق إنجازات من نوع جديد. تساعده على ذلك عضلاته التي أخذت تنمو وتتطور قدرتها على العمل والتحكم فأصبحت تساعد الطفل على تنظيم عمليات التخلص من فضلات الجسم، ويصبح بإمكانه التحكم في عضلات الشرج ومجري البول. وهذا النضج يزداد بالغذاء-ولم يعد الآن يتكون من الأغذية اللينة- الأمر الذي يساعد على تكوين براز أكثر قابلية للتحكم فيه. وفي هذا الوقت، تصبح منطقة الشرج مركزاً لجهود الطفل الجسمية والاجتماعية والنفسية. ويواكب النضج البدني زيادة في طاقة الليبيدو وتوجيه هذه الطاقة من خلال أشكال تعبيرية: الهو والأنا والأنا العليا البدائية. ويمكن تتبع أثر الرغبة في الاستقلال الذاتي أو عدمه إلى مظاهر الاندفاعات العنيفة للهو وفي بعض الأحيان تكون هذه الاندفاعات أقوي من قدره الطفل على مواجهتها، وأيضاً على قدرة الوالدين على مواجهتها. غير أنه، وبصفة عامة، تتفق زيادة اندفاعات الهو وزيادة النمو في الأنا. فالزيادة في خفة الحركة، وزيادة الحساسية في الإدراك، وتحسن الذاكرة وزيادة القدرة على التكامل العصبي والاجتماعي، كل ذلك يشير إلى زيادة قوة الهو. وهذا التوازن الدائم والتذبذب بين عمليات الهو والأنا يزداد تأثراً بظهور عمليات الأنا العليا. ورغم بدائية هذه العمليات، إلا أنها تزداد مع اكتساب الطفل لاستقلاله الذاتي واستخدامه لهذا الاستقلال وعندما يصبح الطفل على درجة نسبية من الاستقلال الذاتي في بعض جوانب حياته، فإنه يندمج مع تلك الإرشادات المتحكمة والموجهة التي كانت فيما مضي، في فترة اعتماده الكلي على الغير، تعطي إليه. النمو السوي للأنا هو الذي يبعث بالنمو الصحي أساساً؛ فالأنا هي التي تسمح بإدراك الحياة وتكامل تجربة الاستقلال الذاتي. وعندما يستطيع الفرد أن يري نفسه "الحدود" بين نفسه وبين والديه أو من ينوب عنهما، فإنه يوسع حاسة الثقة داخل نفسه الآخذة في الامتداد. ومع أن هذه الثقة، في الظروف العادية، لم يعد بالإمكان تدميرها بسهولة بواسطة جهوده الشخصية نحو الاستقلال الذاتي، أو متطلبات بيئته الخاصة إلا أن الفرد يحس في نفسه وفي عالمه بخطر الانزلاق إلى مواقف تفوق قدرته في التغلب عليها. وهذا الخوف يخلق بعض الشك في نفسه وفي احتمال فشله.

تبدأ جسور الثقة والأمان من اليوم الأول، عندما يكتسب الرضيع ثقته بأمه، وبيئته، وأسلوب حياته، يبدأ في اكتشاف أن سلوكه أمر خاص به؛ أنه يؤكد أن إحساسه بالاستقلال الذاتي ويحقق إرادته، وفي نفس الوقت، يتسبب اعتماده المستمر- على غيره- في خلق إحساس بالشك في قرته وحريته في تأكيد استقلاله الذاتي، وأنه يوجد كوحدة مستقلة. ويصبح هذا الشك ممتزجاً بشيء من الخجل لثورته الغريزية ضد تبعيته الاعتمادية التي كان يتمتع بها كثيراً، وبالخوف من احتمال تجاوزه حدوده الخاصة أو حدود بيئته. وتعتبر هذه العوامل المتضاربة من عوامل الشد في الطفل- (ليؤكد ذاته، وليحرم نفسه من الحق والقدرة على هذا اليقين)- تقدم الموضوع الأهم في المرحلة الثانية. وفي هذا الصراع، يطمح الطفل الصغير بدافع داخلي لإثبات إرادته الخاصة وقدرته العضلية على الحركة، كما أنه يشعر بأحجام غريزي لتجربة قدراته الكامنة. والطفل يحتاج لإرشاد عطوف ومعاونة متدرجة في هذا الوقت حتى لا يجد نفسه في حيرة قد يضطر للسخط على نفسه ويصبح دائم الخجل من وجوده أو كثير الشك في ذاته. والطفل "... يجب أن يتعلم أن يحب ويرغب فيما يستطيع عمله، وأن يقنع نفسه أنه ما أراد إلا ما كان يجب أن يكون". عندما يجد الولد أو البنت تعلقاً عاطفياً بأحد الوالدين من الجنس الآخر، فإنه-إنها-يميل للتعبير عن عدم الثقة بكل من يتدخل في هذه العلاقة الجديدة. ومرة أخرى، تبعث المشاعر القديمة بعدم الثقة عندما يحس الطفل بالطابع الرقيق لهذه العلاقة الجديدة. وبالطبع ينشأ إحساس بالتنافس مع أحد الوالدين من الجنس الآخر، يؤدي إلى نتيجتين مترابطتين تتضمن أحداهما: الإحلال التدريجي "للمرغوب فيه" (أي: الأب أو الأم) بموضوعات حب أخرى أقرب مثالاً، أي الأشخاص الذين يمكن أن يكونوا أمن استقبالاً لهذه الطاقة الانفعالية، ذلك لأن الطفل عادة يجد والديه أبعد من أن يتوصل إليهما عاطفياً.

لابد لنمو الطفل من أن يتناول أيضاً الاختلافات الجنسية بطريقة إدراكية معرفية. وبسبب توقع اتسام الأولاد والرجال بالقوة والعدوانية فإن الواقع ضحية للاعتداء الجنسي قد يعني لهم انتهاكاً للدور الجنسي أكثر مما هو بالنسبة للبنات والنساء. وهذا الجرح الإضافي من الممكن أن يؤدي نوعاً ما إلى ردود إدراكية مختلفة على الاعتداء بالنسبة للذكر والأنثى. فالذكور المعتدى عليهم جسدياً مثلا يظهرون في الغالب مشاعر عدم الرضا والرغبة في التعويض، وكان عدم قدرة الصبي على رد المعاملة السيئة يعكس عدم الرجولة بالنسبة للمراهقين والكبار. ويصاب كثير من الأولاد الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي بمخاوف جنسية مرتبطة بالاعتداء عليهم أو التحرش بهم. وقد يعتقد رجال وأولاد طبيعيين أن اعتداء ذكر آخر جنسياً عليهم في طفولتهم جعلهم لوطيين بصورة مستترة، وهو خوف ربما يؤدي في ظل ثقافة رجولية مثل ثقافتنا إلى مغالاة رجولية تعويضية أو إفراط في النشاط الجنسي. وبالعكس ربما يصاب اللوطيون الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي من قبل ذكور آخرين بالقلق والخوف من أن يكون توجههم الجنسي قد تسبب نوعاً ما في اعتداء رجال آخرين عليهم، أو أن الاعتداء الجنسي عليهم جعلهم شواذ. وهي استنتاجات من الممكن أن تؤذي إلى شعور بالذنب والخجل وخداع النفسي.

يجب أن يكون وعي الطفل أكثر ملاءمة للواقع. فلا يزداد اعتقاده بعدم المساواة بينه وبين منافسة الأب (أو الأم) في النواحي البدنية والاجتماعية والجنسية. وهنا تفرده هذه العوامل للعثور على تجارب واقتناعات جديدة بالاتصال بمن هم أقرب إلى سنة. وبينما يتم استبدال الأب أو الأم بنجاح كموضوع حب، يصبح موقفه أو موقفها أكثر وضوحاً كذات مثالية للجنس الآخر. ويصبح الأب أو الأم، من نفس الجنس، النموذج للذات العليا. وهو يحاول أن يحقق طموحات هذا الأب أو الأم، من نفس الجنس، النموذج للذات العليا. وهو يحاول أن يحقق طموحات هذا الأب أو الأم، ولكنه قلماً ينجح في ذلك. والأهم من هذا أنه يستخدم الأب أو الأم، من نفس جنسه، كمحقق أكبر للذات.

يبدي الأولاد والبنات اهتماماً بالغاً بأعضاء التناسل للجنس الآخر ويؤدي إدراك الفروق، وخاصة في حالة عدم رؤية الأعضاء في حالة البنات، إلى قلق محدد. ويتصور الجنسان أن شيئاً ما قد حدث لأعضاء تناسل الأنثى، وأن هذا الشيء يمكن أن يحدث لأعضاء تناسل الذكر. ويولد هذا الخوف عدم ثقة ويقدم دوافع لكل أنواع الخوف أو الذنب التخيلي بالنسبة لهذه الحالة وغيرها ن الأحداث التي لا يوجد لها تفسير. وفي فترة المراهقة، تكون الأنا بالتدريج تركيباً من الماضي والمستقبل. وهذا التركيب هو التحدي الأساسي لهذه المرحلة الأخيرة قبل الرشد الاجتماعي النفسي. ويمكن وصفة بأنه فترة تقنين ذاتي بحثاً عن الذاتية الجنسية والسنية والوظيفية. أن الشاب يبحث عن إحساس بالنفس، الالتزام بمهام محددة منتقاة من بين بدائل عديدة، ذلك لأن التصرف مع الأنا المثالي أو الشخص المثالي لم يعد يستطيع تقديم فادته الكاملة. وفي هذه الفترة من حياته، يقوم الشاب باستكمال كل التحقيقات السابقة. وهذا التكامل التدريجي والكامل يتضمن هوية الذات. وعندئذ يحقق الشاب ولاءه لوضعه الجديد كشخص في مجالاته الأساسية النفسية الاجتماعية الاقتصادية والثقافية. وهو يجد أملاً في مستقبل يمتد بمساعدة ذاتية أكثر عمومية.

وبانتهاء مرحلتي الطفولة والشباب، نجد أن الفرد في المجتمع الغربي يبدأ الحياة كعضو كامل في المجتمع. ويحين الوقت لكي يستقر استقراراً جاداً للقيام بمهمة المشاركة الكاملة في مجتمعه، أنه الوقت الذي  يبدأ فيه الاستمتاع بالحياة وبكل الحرية التي يتمتع بها الراشد ومسئوليته. يتطلب تحقيق النضج النفسي نمواً مستمراً اجتماعياً نفسياً يكرس للدراسة أو للعمل كمهنة خاصة، وتطلب أيضاً ألفة اجتماعية مع الجنس الآخر ليتمكن من اختيار شريكاً في العلاقة الزوجية الممتدة باعتباره أنساناً، وكائناً اجتماعياً ومواطناً. تبلغ هوية الأنا ذروتها، وقوتها النهائية في التقاء القرينين اللذين تكمل هوية الأنا في إحداهما الأخرى في بعض النقط الأساسية ويمكن أن تنضج بالزواج دون خلق عدم استمرارية خطيرة بالنسبة للتقاليد ولا تماثل فحشي بالمحارم-لأن كلاً منهما يمكن أن يضر بنمو الأنا في الأجيال التالية.

 

hany_haggag@hotmail.com