في قصائد الشاعر والفنان العراقي وعي بصري حاد، ولعل اشتغالات الشاعر التشكيلية أسعفت لغته على التقاط هذه الكيمياء البصرية وإعطائها جرعة شعرية مضافة.

قصائد

حكيم نديم الداوودي

ضفاف
شططٌ أو غُواية..

شاطيءٌ ضيّع نوارسه،

وامتهنه لصوصُ البحر..

أنا محض آية ربيّ،

 صورة انغلاق أو انبلاج..

يجرحني الماء بنصول الموج..

يُهرّبني القراصنة،

 من مرسى الى مرسى..

مِنْ متاهٍ لمتاه..

أنكرني مَهدي وفراشي، ووطني..

حينَ ألجُ ليلي،

يَسهر معي تعب جسدي،

 يؤلمني وخز وحشتي..

 أمّاه !! هذه صورتي،

 مُعلّقةٌ على جدار التيه..

يُضيئني قمرٌ وليد..

يسهر جوار سريري،

والقراصنة تنبش خناجرهم ذاكرتي ..

تقتلع مخالبهم أيام طفولتي ،

من غصون يفاعتي ..

في الهزيع الأخير من السهر،

تتفرق النجوم من ليلي..

 تُغادرني كلّ نجمةٍ الى ملجئها..

 قبالتي طفلٌ فريدٌ يقطف فاكهة الليل..

يُضيء بها أحزانه المُستعصية ..

والغُبار وطن مآربي.

غداً سأتلوّن بزي الأزاهر،

وأتلو عليكم سورة الرحيق ،

قبلَ أن تتخطفها النحل ..

حتامَ ترقد في السرير ،

 تنتظر أوبة الصُبح ..

 الفجرُ جوّال آفاق ..

 سيأتي يوماً ليدلف الفرح

 ومعه نوارسنا الشاردة ..

 

 

طيف
ينحسر طيفها  كما لو ابتلعها الأفق..

كانت جالسة لصقي هنا!،

داخل نافذة غرفتي..

 رنّما سئمت فضولي ،

 فلها من سهمٌ طائشٌ لامسَ صفوها،

كدّرَ شغفها..

أرى زهوها في متون الصباح..

أو بين ضلوع النار..

سوسنةٌ أو سِنديانةٌ،

 تبحر بلا رسوٍ

 في وهج الدهشة ..

ألعن حظي ،

كيف زماني رماني وراء ظهره؟

هي تتلاشى ولا تُرى في خضم الزحام..

 ولا يُضيّعها السوق،

 والمتاجر التي تختنق بما يُغري ،

ويسرق النظر..

 فلا أظنّ النهار نهاراً ،

 اذا غابت صورة نافذتي من قامتها ..

فيا ربَ ،

 ربّ هذا المدى ،

خذ بقوامها وأرمه في ساحة الحلم ،

واقذفيه في لُجج العشق..

أو أرسمْ صورتها فوقَ جدار القلب

فانا محض غريب ضلّ سبيله

 فلا ارضٌ  تضيّف غربته ،

ولا يجد طيفه سلُّماً للمدى الأهبل..

 

 

شرفة
أهدرُ حيائي

لا بل وقتي

في صنع مغاليق سرّي

لأسترَطنَينَ هزيمتي

في الصقع الخفي

 أتطلعُ

الى خفاياك المضمرة

عن العين الباصرة

اُوقدُ  نيراني

 في الليل  المنسيّ

كنتَ جادتي

 لا تُضيّفني أنتَ اليها

أيّ طريق

          يُفضي اليك

المعالمُ

       والمعجماتُ

                والأبجديات..  

 

 

ارتقاء
لي قدمان من القش أخشى عليها،

من الجمرات المبثوثة على الدرب .

لي ولعٌ في تسلّق السلالم،

والإرتقاء الى علوٍّ شامخ.

لي في أصقاع حُلمي وطنٌ وفيّ،

لا يبعيني لسماسرة المنافي،

ولا كرامتي برخص التراب..

لي فيه ملاذٌ أسترخي فيه ملْ عيني..

أتأمل زهرات طفولتي،

وما وراءها من تلال الذكريات.

حيث يشحب الأفقُ،

ويسترخي تحت زرقة السماء وبين ملاذي..

هنا يشبّ الفرح في ذاكرتي،

تهمي عليّ خصلات صور،

 وجوهٌ تخطر ببالي لأول وهلة..

 

شاعر من العراق