هنا شاعر يتجلى في مختلف حالاته كي يشركنا في معرفة الأشياء وجزء من قسوتها، مع أنه يحتفظ لنفسه بقدرة على اكتشاف كنهها وهي من تسعفه على ترميم جزء من انكساراته.

مَناديلُ الْغريبِ

فتح الله بوعزة

لي وشمٌ أحرسُه من رذاذِ المساءِ

وكيدِ اللواتي نثرنَ الجدائلَ فوقَ السطوحِ

و قلنَ: تعالَ..إلى نذْرِنا


لي بحرٌ صغيرٌ

أحمله دائما في جيبي

 أغري أسماكَه بالكلامِ

عن الصيدِ و الشرفاتِ الخبيئةِ

في طياتِ اليدِ

أطرح موجَه للنِّزالِ و أهْذي

كمن كسب الحربَ

وانقبضتْ روحُه بغتةً!


لي حصان خلعتُ حوافرَهُ

وانصرفْتُ إلى أقرب حانةٍ للأعداءِ

 دون لسان واقٍ..


لي عنبٌ دائمُ الغربةِ

و عصافيرُ موعودةٌ بالوصالِ

متى أزهرتْ في البراري قاماتُ موتايَ

موتايَ كثرٌ: أبي و سلالتُهُ

من رعاةِ الغيمِ على عتباتِ الحروبِ

و سربُ غزالاتٍ عادياتٍ

 إلى عنب دائمِ الْغربةِ

حراسُ الوردِ ذووا القبعاتِ

 المنصوبةِ للرمايةِ موتايَ

لي أثرٌ من ندى و دمٍ

في معابرِهِمْ


لي أوجاعٌ أخفيها عن أمي

كي لا تكسر رغبتي في الهزيمةِ

لي عاشقاتٌ يذبل فوق أياديهن الكلامُ

وحين أغادرهنّ كظيما

لا يعتذرنَ، و لا يهجرنَ يدي!


لي وقتٌ للنخوةِ:

أكسر ما لدي من الأقداحِ

وأبكي بلادي


لي ما يكفي من الشهوةِ:

أرخي ريشي

وأشد التراب إلى ركبتي بعطفٍ شديدٍ

وتخذلني الخيلُ في الرقصةِ القُصوى


لي من الحزن ما يكفي

كي أرجَّ الأرضَ و أدفعَها نحوَ الحافةِ

في طرفةِ عيْنٍ

و لي طيشُ الشتاءِ:

أدس الوساوسَ في أكمامِ الصّبايا

الْمتَّكِئاتِ على فرحٍ غامضٍ


لي ما لا تمتلكون من الغيظِ والريحِ

و الحيرةِ و الحبِّ

و ما بعثرَ السردُ من مطرٍ

عالقٍ بشبابيك الجيرانِ

و لي بحرٌ أطرحُ موجَه للعناقِ وأعْدو 

كمن خسرَ الحربَ

و انبسطتْ يدُهُ بغتةً!

 

شاعر من المغرب