أمسَكَت قصائد الشاعر موسى حوامدة بأيدي حاضري أمسيته، أول من أمس قي مقهى ركوة عرب، لتصحبهم نحو بقاع فلسطينية عدة: الكنائس.. باب الواد.. جبال السموع.. قباب البهائيين في حيفا..
الأمسية، التي أقيمت في الثامنة مساء واستمرت زهاء ساعة، تندرج ضمن برنامج الفعاليات الثقافية التي نَشُط المقهى مؤخرا في إقامتها، لتتزامن أمسية حوامدة، التي تنطوي على "ثيمات" وطنية هامة، مع ذكرى استشهاد الأديب غسان كنفاني.
يقول رأفت بدران، الذي قدّم حوامدة وقرأ مقاطع من قصائده مع مجموعة من الشباب في تجربة هي الأولى على هذا المنوال "إنه الشاعر الذي قال بكل جرأة شجري أعلى"، راصدا بعض اللمحات الساخرة في قصيدته، والتي قال عنها "إنه مرح لم يُثنه عن همّه".
وكان كل من الشعراء الشبّان أحمد الخالدي وحمزة عبدالله وسلوى عيّاد شاركوا حوامدة قراءة مقاطع من قصائده الستّ، وهي القراءة التي حملت بُعداً مسرحيا، والتي قال عنها حوامدة بأنها محاولة لمغايرة المزاج النرجسي الذي يهيمن على الشعراء في أمسياتهم.
بعنوان "سأكتب وأرمي في البحر"، استهلّ حوامدة أمسيته، قائلا:
"سأكتب عن الموتى الذين يحيون، من جديد؛
عن الأموات الذين يولدون، معي، كل ليلة؛
عن أمي التي لم ترضعني جفوة البشر؛
عن أبي الذي لم يعرف كيف يغري الحليب بالنشوة،
والمندلينا بالضحك.
سأكتب عن مُشعلي الثورات؛
عن كحل الصبايا، في عيون الشفق".
ليقرأ عقب ذلك عن الفراشات اللاتي قلن له وقت الغروب "نحن متزوجات من بنات أفكارنا"، وليبوح لمستمعيه بعدها عن تفكيره بالوردة "وهي تذبل وهي تموت بين يديّ الطبيعة" وعن "الجبل الذي لم يعترض على وقاحة الغرباء".
وفي قصيدته "انشغالات"، قال حوامدة:
"أنشغل اليوم بما ينشغل به العاجز عن الكلام
أحلم ببلاد من فراش
بجنة من أنهار وطيور
بمرج واسع من خضرة
بوطن بلا حواجز أو طرق التفافية
بجبال بلا مستوطنات
وبأعداء لا يريقون دم الزيتون
ولا يخلعون جذور الكبرياء".
وتحدّث حوامدة عن رغبته بالبصاق في وجه الحياة حين يأتي الموت، كما أهاب بمستمعيه أن يهتفوا للوردة قائلين "سلاما أيتها الحمراء كلون الدم الفلسطيني".
وفي ختام الأمسية تلا حوامدة على مستمعيه قصيدته "خاوية سلال الوقت"، والتي قال فيها:
"خاويةٌ سلال الوقت
والأصدقاء يفكرون بدغدغة الحقد
وترويض النجوم
ما للنجوم ومزاج الأفق
هم يريدون إظهار المودة
حتى بزرع أشجار يابسة
في بستان النميمة".