يقربنا الناقد الفلسطيني المرموق من آليات صناعة الرأي العام اليوم في عالم تقوده الكثير من المتغيرات، من خلال كتاب يضم العديد من الدراسات والبحوث حول «المعركة من أجل الرأي العام في أوروبا، وتغير المواقف تجاه الصراع الفلسطيني ـــالاسرائيلي" خصوصا التحول في نظرة الرأي العام الأوروبي.

المعركة من أجل الرأي العام في اوروبا

إبراهيم درويش

تشير التصريحات الاخيرة للسفير الاسرائيلي في لندن ماثيو غولد حول تراجع دعم الرأي العام ومن هم في المؤسسة السياسية البريطانية لاسرائيل للمدى الذي وصلت اليه التحولات في الرأي العام الاوروبي خلال العقد الماضي والحالي من وعي بالمأساة الفلسطينية التي شاهدوها على شاشاتهم ان من خلال عملية الرصاص المسكوب ما بين 2008 2009 ومواصلة الحصار الدولي على غزة او استمرار بناء المستوطنات في الضفة الغربية وبناء الجدار العازل وغير ذلك من السياسات العنصرية التي طالت ايضا المواطنين الفلسطينيين داخل اسرائيل من تهديدهم بسحب الجنسية منهم ان احتفلوا بذكر النكبة وتجريمهم لو انتقدوا اسرائيل.
فقد وصف غولد تغير المزاج البريطاني بالعودة الى القصة التوراتية جالوت وداوود التي تبودلت فيها الاطراف فأصبحت اسرائيل جالوتا وأصبح الفلسطينيون داوود. ولاحظ السفير تحولا في صف الوسط من البرلمانيين البريطانيين وليس البرلمانيين التقليديين على الهامش وهم الذين ظلوا يصرخون ويطالبون بمقاطعة اسرائيل. ويقول ان عدم التقدم في العملية السلمية هو سبب التحول في مواقف هذه الطبقة من نواب الوسط بشكل لم تعد فيه استراتيجية «الهاسبرا» التي تستخدمها اسرائيل لتوضيح ودعم اجندتها في الخارج ومواجهة التغطية الاعلامية السلبية لاسرائيل في الاعلام الغربي قادرة على المواجهة.

تغير المزاج الاوروبي
ولعل تصريحات غولد التي رفضتها الخارجية الاسرائيلية تعبير عن التغير في المواقف والأفكار حول اسرائيل والدولة اليهودية الملاحظة في اوروبا والتي كشف عنها استطلاع قامت مؤسسة الاستطلاعات "اي سي ام" لصالح كل مركز رصد المعلومات "ميمو" في لندن مركز دراسات المسلمين الاوروبيين ومركز الجزيرة للأبحاث حيث قام الاستطلاع بدراسة مواقف الرأي العام الاوروبي من القضية الفلسطينية واسرائيل. وفي هذا السياق تقوم دراسة شارك فيها عدد من الباحثين والإعلاميين بتقديم منظور للنتائج التي توصل اليها الاستطلاع، فقد حللت الدراسات في الكتاب المعنون «المعركة من اجل الرأي العام في اوروبا: تغير المواقف تجاه الصراع الفلسطيني الاسرائيلي" عددا من القضايا. وما يجمع هذه الدراسات هو الاتفاق على ان الممارسات التي قامت وتقوم بها اسرائيل في الاراضي الفلسطينية المحتلة خلال اكثر من اربعين عاما خاصة بين الانتفاضتين 1987ـــــ2000 كانت عاملا من عوامل التحول في نظرة الرأي العام الأوروبي فقد شهدت هذه الفترة حرية في اختيار المعلومات والتعرف على مصادرها الحقيقية بدلا من انتظار الاعلام المكتوب والمرئي لتشكيل افهام المواطنين وبالتالي تحديد مواقفهم بما يتوافق مع وجهة نظر واحدة عادة ما تدعي الحيادية والتوازن. فالقنوات الفضائية التي بدأت توصل الصور والحروب الى غرفة جلوس المواطنين ونومهم تعمل بشكل تدريحي على التغيير في فهم الرأي العام، فعلى الرغم من استمرار الاعلام التقليدي في الدول الاروبية ـ يقصد به اعلام ما قبل ثورة الانترنت والفضائيات ـ يواصل تغطيته المتحيزة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية كما اشارت دراسات مسحية اعلامية مثل دراسة غيرغ فيلو "اخبار سيئة من اسرائيل" في طبعتيه الاولى والمعدلة الثانية، فقد تم تلقيم المشاهد والقارئ البريطاني جرعات من الاخبار والمعلومات التي لم يتم تسييقها في سياق الصراع في الارض المحتلة، مما أدى لتحول الضحية الى قاتل، وبهذه المثابة ظل المواطن البريطاني العادي غير واع بطبيعة الصراع وأسبابه الحقيقية، وكما اظهرت الدراسة تباينا وتحيزا في مجال اختيار الصورة واللغة المستخدمة في وصف طرفي النزاع
.

اللوبي الاوروبي
وعليه فالدراسات في الكتاب الجديد توسع الفهم وتحلل الرؤى وتقرأ طريقة التغطية الاعلامية البريطانية والغربية، وتشير الى القوى المؤيدة لاسرائيل او اللوبي الاسرائيلي في اوروبا وملامح قوته، فنحن نعرف كثيرا عن اللوبي اليهودي في امريكا المتجذر داخل المؤسسة السياسية والإعلام والسينما، والقليل يعرف عن طبيعة اللوبي الاسرائيلي المرتبط تقليديا بالأحزاب السياسية من جماعات اصدقاء اسرائيل التي تمثل حجر الزاوية في دعم الدول هذه لاسرائيل. ولكن دراسة مشاركة في الكتاب اعدها ديفيد غرونين تظهر صورة ابعد من جماعات اصدقاء اسرائيل التي نعرفها في الأحزاب فهناك مؤسسات ومثقفون وسياسيون سابقون ومصالح اقتصادية وتجارة سلاح كلها تعمل لدعم اسرائيل اضافة لمؤسسات اعلامية خائفة من الخروج عن النص.

ويرى غرونين ان اهم ما يميز اللوبي الاسرائيلي في اوروبا انه يعمل بهدوء وعادة ما يتبعد في نشاطاته عن الاعلام ، ومن هنا فقياس درجة قوة وضعف اللوبي عادة ما تقوم على روايات وقصص. ومن هنا تقول الدراسة ان حوالى 400 نائب برلماني في معظم انحاء اوروبا تم اخذهم في رحلات لاسرائيل تماما كما هو التقليد المعمول به في امريكا حيث لا يبقى سناتور جمهوري او ديمقراطي بدون القيام برحلة لاسرائيل كي يرى وبالعين المجردة المعجزة الاسرائيلية وواحة الديمقراطية في بحر من العداء العربي. وعادة ما تنظم رحلات النواب الاوروبيين من خلال مجموعة اصدقاء اسرائيل في اوروبا "اي اف أي" والتي تقابل الى حد كبير لجنة العلاقات الامريكية الاسرائيلية في امريكا المعروفة اختصارا "ايباك". ويمكن النظر الى مجموعة اصدقاء اسرائيل الاوروبية على انها شبكة او مجموعات موجودة داخل الاحزاب والتجمعات السياسية في اوروبا، وتعبر افكار ومواقف مجموعة اوروبا هذه عن افكار المحافظين الجدد على الرغم من محاولتها الظهور بمظهر تيار الوسط، وليس غريبا ان تظهر في اجتماعاتها فكرة «الحرب على الارهاب" والتي تقف اسرائيل في المقدمة فيها او حسبما عبر النائب السويدي في البرلمان الاوروبي غونار هوكمارك، فالوقوف الى جانب اسرائيل يعني الدفاع عن حقوق حرية واستقلال كل دولة. ويقول ان قضية اسرائيل هي قضية كل دولة مستقلة وحرة. وفي المجموعة عدد كبير من اللاعبين في شبكة المحافظين الواسعة فمثلا يانا هابوسكوفا النائبة في البرلمان الاوروبي بين 2004-2009 حاولت اثناء رئاستها لاي اف اي وصف المدافعين عن الفلسطينيين بالأشرار. ووصفت تأجيل الاتحاد الاوروبي التصويت على تعزيز العلاقات مع اسرائيل عام 2008 نظرا لقلق عدد من اعضائه من استمرار حصار اسرائيل لغزة قائلة انه باتخاذه هذا القرار فقد تحول الاتحاد الاوروبي الى مكان انتصرت فيه القوى الظلامية غير الاوروبية، وتعمل هابوسكوفا مستشارة لمؤسسة الشرق الاوسط «ميمري» التي ترصد وتلاحق كل ما يكتب في الاعلام العربي عن اسرائيل. 

رجال مؤثرون ومجرمو حرب
وهناك مظهر اخر من مظاهر قوة اللوبي الاوروبي انه يحظى بدعم المؤثرين والاقوياء من اصحاب المصالح ورجال الاعمال من مثل انطونيو تاجاني الصديق لسيلفيو برلسكوني، رئيس الوزراء الايطالي السابق، وكان تاجاني الذي ترأس المجموعة عضوا بارزا في اللجنة التنفيذية للاتحاد الاوروبي، ومسؤولا عن لجنة الصناعة والتجارة فيه. ويشير التحليل الى تمدد اللوبي الاوروبي المؤيد لاسرائيل ما بين بروكسل ولندن وباريس وهيج وغيرها من العواصم الاوروبية، ومن هنا يشير الى حملات التشويه والملاحقة لنقده اسرائيل من قبل جماعات تقليدية مرتبطة بالصهيونية والمتعددة الاسماء ولكن اضيف اليها مؤسسة جديدة هي «المجلس الاوروبي اليهودي» والذي قام بحملة تشويه ضد اسطول الحرية ونشر شائعات من ان الجمعية التركية «اي ها ها» التي نظمت الاسطول لفك الحصار عن غزة مرتبطة بالقاعدة. ومن بين اهم المؤسسات المؤيدة لاسرائيل في لندن هي المركز البريطاني الاسرائيلي للأبحاث والاتصالات "بيكوم" والذي تترأسه لورنا فيتزمنز والتي دعمت عملية الرصاص المسكوب على غزة وبحثت عن الجنرال الذي صمم استراتيجية الهجوم وهو ميكائيل هيرتزوع المطلوب في جرائم حرب. ويدعم المركز والحالة هذه مجرمي الحرب، فهيرتزوع وستة من المسؤولين مطلوبين في اسبانيا لدورهم في قصف وقتل القيادي في حماس صلاح شحادة في منزله عام 2002.. ويتحدث عن الدور الذي تقوم به لجان اصدقاء اسرائيل في الاحزاب البريطانية خاصة حزب المحافظين، حيث تحدث ديفيد كاميرون امام مجموعة منهم 150، وقال لهم ان «ايمانه باسرائيل لن يتزعزع» والمح ساخرا الى الجماعات التي تدعو لمقاطعة اسرائيل حيث اشار قائلا «نحن فخورون بالتعاون التجاري مع اسرائيل»، وعلى الرغم من ان حزب الديمقراطيين الاحرار لديه جماعة اصدقاء فلسطين الا ان نيك كليغ الذي كتب داعيا الى منع تصدير الاسلحة لاسرائيل قبل ان يصبح نائبا لرئيس الوزراء حيث صمت منذئذ. ويشير التقرير الى مجموعة من المتقاعدين السياسيين او «الحكماء» ممن اعتنقوا افكار اليمين المحافظ في امريكا من مثل خوسيه اثنار، رئيس الوزراء الاسباني السابق وفاكلاف هافل رئيس دولة التشيك الراحل، وجون بولتون سفير واشنطن السابق في الامم المتحدة والسياسي الايرلندي الساببق ديفيد تريمبل وغيرهم ممن نصبوا انفسهم لتبرير سياسات التمييز العنصري لاسرائيل. فمن ذلك ما قاله اثنار ان اسرائيل دولة اوروبية حتى ولو لم تكن في اوروبا. ويقول غرونين ان اللوبي الاسرائيلي الاوروبي نجح بتغيير مفهوم العداء للسامية بحيث لم يعد يشير الى كراهية اليهود والتحريض عليهم بل وصار كل من ينتقد اسرائيل عرضة للتجريم. دراسة غرونين مهمة لأنها تكشف عن لوبي يعمل بصمت ويقوم بالدفاع عن اسرائيل وتغيب الشفافية عن حساباته.

التعتيم والتغطية الكاذبة
الدراسة الثانية والجديرة بالانتباه وكل ابحاث الكتاب مهمة لأنها تكشف عن ملامح مهمة في صورة اسرائيل والقوى الداعمة لها - هي حديث الصحافي المخضرم والذي حاول الدفاع عن القضايا العربية وهو تيم ليلوين الذي اشار في عنوان ورقته الى تجاهل الرأي العام من خلال التغطية الكاذبة للصراع الاسرائيلي- الفلسطيني، والذي تحدث عن تجربة جيله ممن حاولوا الخروج على النص وتحدي الخط السياسي لصحفهم التي عملوا فيها، واشار تحديدا الى مؤسسة بي بي سي وهي المؤسسة التي تحظى باحترام الجميع حيث تم فيها قولبة مفهوم الحيادية في التغطية. ويقول انه ركز على المؤسسة التي عملها ليس من اجل تصفية حسابات بل لانها المؤسسة المهمة لحياة البلد وسمعته الثقافية في الخارج. ويشير انه وجيله لقموا في المدارس معلومات عن المنطقة العربية اكتشفوا انها خطأ عندما بدأوا يعملون منها، كما يتحدث عن شيطنة الاعلام لعبدالناصر الذي صور على انه «هتلر» او مثل شخصية «افاغين» في رواية ديكنز « اوليفر تويست». ويذكر بالأصوات الاولى التي حاولت الاحتجاج على تحيز الاعلام ضد العرب مثل محاولة كريستوفر ميهو ومايكل ادامز النائب العمالي «لا تنشره ..التعتيم على الشرق الأوسط حيث كشف عن رفض الاعلام البريطاني ومنه «الغارديان» نشر اية تفاصيل عن عمليات التدمير وهدم القرى في الضفة الغربية عمواس وبيت نوبا ويالو- وتظهر قراءة ليلوين الشاملة والحافلة بالمعلومات الجو الساخر في مواقف المسؤولين في المؤسسات الاعلامية من مثل تفسير بعض المسؤولين التحيز لاسرائيل نظرا لقوة الرواية الاسرائيلية والضعف الاعلامي الفلسطيني، وعندما قيل لهم ادعموا الفلسطينيين كانت الاجابة :لماذا نقوم بما يجب عليهم انفسهم فعله. وعلى الرغم من تغير المزاج اليوم ومحاولات المؤسسات الاعلامية التعلم ومعرفة الاخر الا ان الصورة لم تتغير، فلا زال هناك نوع من التردد او الخجل من تقديم الخبراء الذين يتحدثون عن قضايا المنطقة، فمثلا ، تحب بي بي سي استضافة دينس روس- الذي كان وسيطا بين الفلسطينيين والاسرائيليين ومبعوثا خاصا لاوباما في المنطقة، حيث يقدم على انه صوت عقلاني ومحايد مع انه صهيوني طوال حياته ويعمل في المعهد الصهيوني «ثينك تانك» معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى وعلى علاقة وثيقة مع ايباك.

ليس صديقا لاسرائيل
ويرى ان محاولته لتغطية الاحداث في المنطقة من وجهة نظر محايدة جعلته في نظر الاخرين «مؤيدا للعرب»، ويذكر قصة ذكرتها له امه حيث كانت مسافرة في الثمانينات من القرن الماضي في قطار وجلست امامها سيدة اخذت تتحدث اليها، وكانت هذه الزائرة قادمة من اسرائيل عندما قالت امه، ابني يعمل في الشرق الاوسط، صحافي في «بي بي سي»، «ما اسمه؟» «تيم ليلوين اجابت الام، فكان رد الزائرة «هو ليس صديقا لاسرائيل». ويكتب ليلوين عن الجو المتغير الان حيث يقول ان احداث العقود الثلاثة والاربعة الماضية والتعلم المستمر عن المنطقة اضاقة للتقدم الذي حدث في بريطانيا عنت ان الكثير من البريطانيين لم يعودوا يصدقون النظرة التبسيطية التي يصورها الاعلام عن المنطقة، وهذا التغير ليس مقتصرا على غير اليهود بل هناك عدد منهم بات قلقا من ممارسات اسرائيل ويشك براوية الاعلام البريطاني عن الاحداث، حيث قال ان صديقة يهودية له قالت انها لم تعد تشاهد بي بي سي وتفضل الجزيرة الانكليزيةـ ويشير الى جيل من المثقفين العرب والمتحدثين بالانكليزية ممن صاروا قادرين على توصيل الرسالة من مثل غادة كرمي واهداف سويف.

معوقات السلام
يشتمل الكتاب على تحليل لعدد من القضايا، فالباحثة حنان شحادة حللت ملامح من الاستطلاع والتي تتعلق بالمعوقات التي تقف امام السلام، من مثل عدم استعداد الطرفين لتقديم تنازلات، فالاستطلاع يشير الى نسبة 53 بالمئة من المشاركين الذين قالوا انها العقبة الوحيدة والكبرى التي تقف امام السلام، وتضع الباحثة النسبة في سياقها حيث تشير الى ان الطرف الفلسطيني، عبر عن استعداد لتقديم تنازلات و«الاوراق الفلسطينية» دليل واضح. ومن القضايا الاخرى وهي اضطهاد الفلسطينيين حيث اشارت نسبة 41 بالمئة الى اسرائيل ومعاملتها للفلسطينيين كعقبة تعوق السلام.

هل اسرائيل ديمقراطية؟
ويقدم الباحث الاسرائيلي ايلان بابيه قراءة في مفهوم الديمقراطي وان كانت اسرائيل دولة ديمقراطية حيث يحاول فهم الفكرة من منظور الحركة الصهيوية وتاريخها وان المؤرخين المنشغلين بالفكرة هم من الليبراليين. كما يشير الى الطريقة التي تعاملت فيها الحركة الصهيونية التي ولدت من رحم الحركات القومية الاوروبية مع الفلسطينيين حيث عملت في البداية على السيطرة على سوق العمل المصدر الرئيسي للفلسطينيين وشراء اراضيهم التي عاشوا فيها الاف السنين. ويعتقد المؤرخ المعروف ان فكرة الدولة الاقتصارية سيطرت على الدولة منذ نشوئها، ومن هنا فدولة التمييز العنصري بدت في مراحلها الاولى واضحة في تعاملها مع السكان الفلسطينيين فيها حيث اعتبرتهم طابورا خامسا وطبقت عليهم قوانين الطوارئ التي تعود للفترة الانتدابية والتي كانت الصهيونية تقارنها بقوانين نيورنبرغ النازية لو قام الانتداب بتطبيقها عليها. ويتساءل بابيه في سياق الاراضي المحتلة ان كانت دولة محتلة جديرة بوصف ديمقراطية. 

على العموم فالكتاب مهم خاصة أن طبيعة المشاركين فيه من المتخصصين في مجالاتهم وهناك اوراق اخرى مهمة عن القدس والموقف الاوروبي منها لداوود عبدالله مدير ميمو، واخرى حول الاخطار التي تمثلها اسرائيل على السلام العالمي لكورنينا مولين، والموقف الاوروبي من حماس من ناحية اشراكها او عدم اشراكها والحديث معها، ودراسة مهمة لماريا هولت عن التغير في المفاهيم حول الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وأخرى عن العلاقة بين المتطرف في اوروبا باسرائيل ودعمه لها لروبرت لامبارت. والمشكلة في قراءة كهذه انك امام خيارات تعرض بشكل عام او تركز على بعض المفاهيم، وكما قلنا فالبحوث جميعا تشترك في المعنى العام لكن التركيز يختلف من ناحية اختيار الزواياـ وهذا لا يقلل من اهميتها ومن اهمية جهد المحررين داوود عبدالله وابراهيم هيويت. وهذه الاهمية تبرز في مقدمة المفوضة السابقة للانروا كارين ابو زيد، حيث قالت «آمل ان يشجع كتاب المعركة من اجل الرأي العام في اوروبا القراء على تحسين معرفتهم بصراع غير متساو عمره 64 عاما، صراع ادى خلال العقود السابقة الى سوء الاوضاع السياسية والمادية للفلسطينيين، وكمفوضة سابقة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين اناشد بضرورة الاهتمام بحوالى خمسة ملايين فلسطيني في الشرق الاوسط ثلثهم يعيش تحت الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة وثلث اخر لا يزالون يعيشون في 58 مخيما في عموم المنطقة».


ناقد فلسطيني من أسرة "القدس العربي".


The Battle for Public Opinion in Europe: Changing Perception of Palestinian Israeli Conflict
MEMO Publishers, Editors:Daud Abullah and Ibrahim Hewitt. London – 2012