سأنامُ الآنَ كأيِّ فَتى
أهْملَ ريشَهُ ممدوداً
إلى آخِرِ شرفةٍ في الأَقاصِي
أنامُ ـ وَ مِلءَ يَدَيَّ ـ شوارِدُ
منْ ذهبوا مثنى و فرادى
بِغَيْرِ ضَبابٍ يَحُفُّ جدائلَهُم!
سأنامُ إِلى جانبِ النَّخْلةِ
أوْ قُرْبَ الْبئرِ الْوحيدةِ في كَفِّ أُمِّي
أنامُ إلى جانبِ الْغَيْماتِ
الَّتي اخْتَبَأَتْ في لُهاثِ الطَّيْرِ
أنامُ طوالَ النَّشيدِ
لأنِّيَ أَنْهيتُ ـ تقريبا ـ كلَّ أوهامي:
كنسْتُ الأَرْضَ
و غَلَّقْتُ الأَبْوَابَ
و أَخْلَيْتُ كلَّ الممَرّاتِ
منْ لَغطِ الشُّعَراءِ
و ما أوجَعَ الشُّعَراءَ
و آويْتُ إليَّ حبيبي
شَمَمْتُ رياحينَهُ
و بقايا الثُّغاءِ على أطْرافي
غَمَسْتُ أظافرَهُ في لحْمي
إلى آخِرِ ما في لحْمي منْ زَبِيبٍ
فَامْتَلأتْ رِئَتَايَ بِشَهْقَتِهِ
و انْتَفَضْتُ طَويلاً
كأيِّ سنونو خُيِّرَ بينَ الموْجِ
و بَاقي الأَعالي
فنامَ عَلى كَتِفِي!
آويْتُ إليَّ حَبيبي و أَسْماءَهُ
خَبَّأْتُ شواردَهُ حَيثُ
يَشْتَبكُ الماءُ بالماءِ
و الْياسَمينُ بِكَيْدِ الْغبارِ
أشرتُ إليهِ أَنِ اتْبَعْنِي
فارْتابَ ـ على غَيرِ عادتِه ـ مِنْ شَر ابِي
نَشَّ الظِّلالَ على خَطْوِي
و أشارَ إليَّ أنِ الْحقْ بي
حيْثُ يتَّصِلُ الضَّوءُ بالضَّوْءِ
و الأَعْتابُ بِنَاصِيةِ المسْتَحِيلِ
هناكَ تنامُ
وَ أَحْرسُ
فَيْضَكَ
منْ وَجعِي
قُلتُ: لَبَّيْكَ يَا وَطنِي
أنامُ كما تَشْتهي أنْ أموتَ
مَلاَكاً بِنِصْفِ جَناحٍ
أطلقَ شهقتَهُ في الأَقَاصِي
وَ بَيْنَ يديْهِ سنابلُ مَنْ ذهبوا
مَثْنى و فُرادى
بِغَيْرِ رذاذٍ يَبُلُّ مَسارِبَهُمْ!
شاعر من المغرب