المسرح المغربي يتكلم بآداب بنمسيك
في لقاء مفتوح مع محمد بهجاجي وعبد الواحد عوزري:
نظم ماستر الدراسات الأدبية الثقافية بالمغرب ومختبر السرديات بكلية الاداب والعلوم الانسانية بنمسيك بالدار البيضاء مائدة مستديرة ونقاشية حول أسئلة المسرح المغربي اليوم في لقاء مفتوح استضاف خلاله محمد بهجاجي وعبد الواحد عوزري. ويأتي هذا اللقاء، كما أشار إلى ذلك شعيب حليفي الذي ترأسه، في إطار فتح جسور التواصل بين الطلبةالباحثين والمنشغلين بالأدب والثقافة المغربيين وفي إطار فتح الجامعة على محيطها الثقافي.
* تحولات في المشهد المسرحي
وكان أول متدخل هو محمد بهجاجي (كاتب مسرحي وباحث)، الذي أكد في البداية ان المسرح يطرح ثلاثة أسئلة تتمحور حول علاقة المسرح بالثقافة المغربية، وكذا علاقته بالسياسة الثقافية للدولة، و النظر إلى المسرح كعملية إبداعية.
بالنسبة للسؤال الأول: وضع المسرح داخل الثقافة المغربية، فتتولد عنه مجموعة من التساؤلات؛ هل المسرح ضروري أم لا؟ ما علاقته بالمجتمع المغربي؟ هل هناك حاجة اجتماعية للمسرح؟ كما تحدث عن الإرهاصات الأولية التي مهدت للمسرح في الثقافة المغربية. كما طرح مسألة المسرح بين التأصيل والتأسيس. وانتهى إلى السؤال التالي: هل ترسخ بالفعل المسرح عندنا أم مازال غريبا عنا؟
أما السؤال الثاني فقد ناقش فيه نظام دعم المسرح المغربي في اطار علاقة المسرح بالدولة، أي التدبير السياسي للمسرح، فأكد أن الدولة لم تهتم بالمسرح بشكل منظم إلا ابتداء من سنة 1998، التي توجت حركة التفكير حول قانون العمل المسرحي بصدور قرار وزاري خاص بدعم المسرح، ثم تبعه مرسوم وزاري سنة 2000. وهذا لا يعني أن الدولة لم تكن تدعم المسرح من قبل، وإنما كان هناك دعم، لكن كان يتم عبر قنوات غير مؤطرة تشريعيا، أو عبر شراء مسرح محمد الخامس ووزارة الثقافة للعروض المسرحية.
أما السؤال الثالث الذي عالجه محمد بهجاجي، فيتعلق بالتفكير في المسرح إبداعيا، سواء على مستوى الكتابة المسرحية(النص) او على مستوى العرض(الإخراج). وأكد أن المسرح المغربي على امتداد وجوده أنتج مجموعة من التجارب ... لخص ، في العموم، مسارها في اتجاهين:
- مسرح يراهن على الجمهور الواسع، يعتمد كتابة خطية، ويهتم بقضايا اجتماعية كالأسرة والانحراف العائلي، يهدف إلى الإضحاك والإمتاع، ويحظى بدعم التلفزيون. ومثل له بالمسرح الوطني. - مسرح يفكر في الصور يشاغب على الشكل التقليدي(تجريبي)، ويعتبر الانخراط في المسرح قيمة وطنية، ومثل له بتجارب كل من الطيب الصديقي ومسرح اليوم وتجربة عبد الحق الزروالي..وغيرها.
وانتهى في الختام إلى التأكيد على حاجتنا إلى المسرح بكل أشكاله، لأننا- يقول محمد بهجاجي - ما زلنا في مرحلة تأسيسية متواصلة، ولم نحسم في شكل مسرحي ما.
* المسرح خدمة عمومية
المداخلة الثانية كانت لعبد الواحد عوزري(باحث ومخرج مسرحي) واقترح فيها أربعة محاور للنقاش وهي:
المحور الأول وضع فيه المسرح المغربي في مراحله، وأكد على وجود تطور في الحركة المسرحية؛ فبعد أن كان المسرح في بدايته مجرد وسيلة من وسائل المقاومة، ثم صار المسرح في ما بعد يركز على قدرات الممثل وطاقاته الإبداعية، أصبح المسرح اليوم أكثر نضجا نظرا لوجود وعي بشروط واسس ممارسته كفعل إبداعي.
أما المحور الثاني فقد خصه لعلاقة المسرح بالدولة والمجتمع، وذلك انطلاقا من التأكيد على أن المسرح لا يمكن أن يشتغل إلا من داخل هياكل تنظيمية. فعلى مستوى علاقة الدولة بالمسرح لم تكن بريئة إذ اتخذت وجهين متباينين وهما: علاقة تنافر مع المسرح الذي ينتقد سياستها، وعلاقة مهادنة مع المسرح الذي يدافع عن سياستها.
أما المحور الثالث فأشار فيه عبد الواحد عوزري إلى سياسة الدولة بخصوص المسرح، مؤكدا أن اهتمام الدولة بالمسرح بدأ منذ سنة 1973 من خلال الظهير المنظم الصادر آنذاك، وهو نص يغطي كل المطالب القانونية لكن مشكلته كونه لم يطبق. ثم تطرق إلى تأسيس المعهد سنة 1986 والذي أكد على أن المسرح لا يمارس إلا بعد الدراسة، ولم يعد المسرح مقتصرا على الموهبة والعصامية. وفي سنة 1998 تبلور اهتمام الدولة بالمسرح في إطار قرارات متماسكة. مع الإشارة إلى تخوفه من عدم تطبيقها في الحكومات المقبلة.
أما المحور الأخير الذي عنونه ب: في انتظار المسرح، فقد أكد فيه، انه على الرغم من التراكم الكمي والكيفي كتابة وإخراجا، فإننا لم نصل إلى المسرح الذي نريد ونطمح إليه. وأشار إلى انه بدل الاهتمام بأمور بعيدة عن المسرح مثل التغطية الصحية وقانون الفنان من الأفضل أن نهتم بالمسرح كتجربة استيتقية.
وقد اختتم هذا اللقاء بحوار مفتوح مع الباحثين في محاور تهم بعض انشغالات الثقافة المسرحية بالمغرب في علاقاتها بالفني والتاريخي والاجتماعي والسياسي وأيضا بالتلقي....وكانت ردود الباحثين بهجاجي وعوزري تنطلق من تجربة ميدانية طويلة وتجربة أكاديمية أعطت لخطابهما بعدا معرفيا يربط المسرح بالثقافي العام.