مقدمة نظرية: علاقة الحجاج بالبلاغة:
درسنا في الفصول السابقة البنية السردية والتصوير الروائي عند عادل كامل، وهنا أدرس البعد الحجاجي المصاحب لهما لأنه يمثل المحور الأساسي لبلاغة أرسطو مع نظرية الأسلوب ونظرية تأليف الخطاب(1). إذ يجب اقتران الأسلوبية بالبعد الحجاجي، لأن"ما ينشأ في الخطاب من تناغم وإيقاع وغير ذلك من الظواهر الشكلية المحضة يمكن أن يكون لها تأثير حجاجي من خلال ما يتولد عنه من إعجاب ومرح وانبساط وحماس لدى جمهور السامعين"(2). والحجاج في اللغة هو البرهان والدليل، إذ يقول (ابن منظور): "الحُجة: البرهان، وقيل الحُجة ما دُفع به الخصم، وقال الأزهري: الحُجة: الوجه الذي يكون به الظفر عند الخصومة. وهو رجل محجاج أى جدل. والتحاج: التخاصم؛ وحاجه محاجة وحجاجاً: نازعه الحجة"(3).
وحول هذا المفهوم اللغوي دارت المفهومات الاصطلاحية منذ أرسطو الذى تحدث عن الحجاج الخطابي قائلاً: "فأما التصديقات التي نحتال لها بالكلام فإنها أنواع ثلاثة: فمنها ما يكون بكيفية المتكلم وسمته، ومنها ما يكون بتهيئة السامع واستدراجه نحو الأمر، ومنها ما يكون بالكلام نفسه قبل التثبيت" (4). ويرى هشام الريفي أن الحجاج عند أرسطو "حجاج تطوى فيه المسافة بين أركان التقاول جميعاً وتقوم الحركة الساعية إلى تحقيق الإقناع على جوانب متعددة؛ بعضها صوري (أشكال الاستدلال) وبعضها قيمي (المواضع الخاصة) وبعضها الثالث اجتماعي (أخلاق القائل)؛ وبعضها الرابع نفسي اجتماعي (انفعالات المقول إليه)"(5) وهذا يعني أن الحجاج يقصد إلى التأثير في المتلقي. وقد فُصل الحجاج عن الدرس البلاغي فترة من الزمن حتى إن البلاغة الحديثة تقتصر على درس الأسلوب، ثم عاد النقاد إلى دراسة الحجاج يستلهمون منه روح البلاغة وتأثيرها، فدرس سيمور شتمان Seymour Chatman العلاقة بين السرد والحجاج، وتناول الحجاج بٍوصفه "نصوصاً تسعى إلى إقناع المتلقي بصحة القضية؛ أي البرهنة عليها بالمعنى البلاغي الدقيق، وذلك باعتماد قواعد الاستنباط (القياس) المضمر أو الاستقراء"(6). وأصبح الحجاج روح البلاغة الجديدة عند برلمان Perelman و تيتيكاه اللذين عرفا الحجاج بأنه "درس تقنيات الخطاب التي من شأنها أن تؤدي بالأذهان إلى التسليم بما يعرض عليها من أطروحات أو أن تزيد في درجة ذلك التسليم"(7).
وحول هذا المفهوم ساق بلانتينChristian Plantin تعريفه للحجاج بأنه "هو العملية التي من خلالها يسعى المتكلم إلى تغيير نظام المعتقدات والتصورات عند مخاطبيه بواسطة الوسائل اللغوية"(8) ويرى حاتم عبيد أن بلانتين وسع التعريفات العامة للحجاج عندما أشار إلى أن المتكلم مثلما يحتج لأفكاره التي يؤمن بها، وأفعاله التي يأتيها، يحتج لانفعالاته وعواطفه، ويصطنع الحجج ويلتمس البراهين كي يحمل مخاطبه على أن يدخل في حالة انفعالية معينة(9). ويربط بلانتين الحجاج بالسياق في معرض تقديمه لتصورات للحجاج مختلفة، فيقول: "الكلام كله حجاجي ضرورة. وهذه نتيجة ملموسة للتلفظ المنزل في سياق فكل ملفوظ يهدف إلى الفعل في متلقيه وإلى تغيير طريقة تفكيره. وكل ملفوظ يجبر الآخرين على تغيير معتقداتهم وآرائهم وأفعالهم أو يحثهم عليه"(10). ويرى نجيب العمامي أن هذا التعريف يربط الحجاج بالخطاب، وأن الحجاج قد يرد متخفياً او غير مباشر، وقد يجئ سافراً أو مباشراً. ويذكر أن ورود الحجاج في هذين الشكلين قد حمل بعض الدارسين مثل " روز أموسى " على التمييز بين المقصد الحجاجي Visée argumentative والبعد الحجاجي (Dimension argumentative) المضمر وغير المباشر(11).
نخلص من ذلك إلى أن الحجاج هو خطاب يتوجه به المتكلم إلى المتلقي قصد تشكيل معتقداته وتغيير أفكاره والتأثير فيه، وأن الحجاج جزء من البلاغة، فهو كما يقول صابر الحباشة "ليس الحجاج علماً/ فناً يوازى البلاغة، بل هو ترسانة الأساليب والأدوات التي يتم اقتراضها من البلاغة"(12). وأنه يوجد تصورين للمقاربة الحجاجية المعاصرة، أحدهما تصور شايم بيرلمان Perelman الذى يركز على العلاقات المنطقية الكامنة في النص دون النظر إلى الأسلوب، وفى مقابل هذا تصور آخر منحدر من اللسانيات والتداوليات وهو تصور لسانى حجاجى تداولى ومن أصحاب هذا التصور بلانتينChristian Plantin وسوف أتبنى في هذا البحث تصور شايم بيرلمان. والتقنيات الحجاجية تنقسم إلى ثلاثة أنواع، حجج عقلية "اللوغس"، وحجج عاطفية "الباتوس" وحجج مغالطات تجمع بين العقلية والعاطفية، ولكن لن اتبع في تحليلي للبعد الحجاجي في روايات عادل كامل التصنيف حسب التقنيات الحجاجية حتى لا أجتزئ النصوص، وإنما أصنف حسب موضع المحاجة.
السرد والحجاج:
اندمج الحجاج مع السرد منذ القدم، وكان السرد في خدمة الحجاج منذ الزمن الغابر(13)، في الأمثال والحكايات الخرافية، وكذلك الحال في السرد العربي القديم "فإن ثمة نصوصاً سردية (الخبر والنادرة وقصص الحيوان) تسخر فيها الحبكة السردية لخدمة الحجاج"(14) إذ يمكن "اختزال النص السردي القديم في حكمة أو عبرة أخلاقية أو فكرة تعليمية"(15). وقد انعكست العلاقة يبن السرد والحجاج في هذا العصر، إذ تحول الحجاج لخدمة السرد، يقول شتمان: "إن توظيف الحجاج لخدمة السرد التخييلي كان أمراً شائعاً في أقوى عصور البلاغة؛ أي القرن الثامن عشر"(16). ولا شك أن في السرد الروائي الواقعي تصبح خدمة الحجاج للسرد واضحة في بعض المظاهر الحجاجية التي تعمل على نمو الحبكة وتطورها مثل "رغبة الكاتب في توصيل وجهة نظره وأحكامه التقييمية، وحجاج الشخصيات عندما تترجى وتهدد وتندب وتنهي وتحرض وتدافع وتتهم وتستحسن وتستهجن وتضرب الأمثال وتستشهد ويطوع بعضها بعضا" ً(17) حتى في السرد القائم على الأيديولوجيا يسخر الحجاج لحبكته السردية ويصبح تابعاً لها، حتى في نصوص السرد ما بعد الحداثي والطليعي التي لا تذعن بسهولة للتحديد(18).
فالسرد والحجاج من آليات البلاغة يتداخلان معاً لتشكيل النصوص وتحقيق الإقناع والإمتاع، وقد يخدم السرد الحجاج – كما في السرد الكلاسيكي القديم – مسخراً له، وقد يخدم الحجاج السرد – كما في السرديات الحديثة – تابعاً للحبكة السردية وتطورها.
الحجاج في روايات عادل كامل:
وقد اتخذ الحجاج في الخطاب السردي لدى عادل كامل صورتين:
1. حجاج في خطاب الشخصيات: في روايتي "ملك من شعاع"، "مليم الأكبر."
2. حجاج في خطاب الراوي مع المروي له في رواياته الأربع.
أولا الحجاج في خطاب الشخصيات:
ورد الحجاج في خطاب الشخصيات في روايتي "ملك من شعاع" و"مليم الأكبر" فقط، ولم يرد في روايتي "الحل والربط" و"مناوشة على الحدود". ولعل غيابه عن رواية "الحل والربط" يرجع إلى طبيعة الرواية التي تتناول الشعوذة في الريف الذى يسوده الجهل ويؤمن بالأسياد، فلا يجرؤ أحد أن يجادل أو يحاج في أمر الأسياد، حتى تأتي عايدة من القاهرة، ولا تحاج الشيخ فليفل والدكتور معتز المشعوذين، وإنما تسخر منهما فقط. ويغيب أيضا من رواية " مناوشة على الحدود "لأن البطل يسمع من العلماء عن العقل الباطن وماهيته ويفكر فيما يقال له دون أن يجادل.
محاجة الشخصيات في رواية "ملك من شعاع":
جاء الحجاج في هذه الرواية تابعاً للصراع بين إخناتون وكهنة الآلهة، فكل طرف يريد أن يقنع الناس بنفعه وفساد الآخر. والأمثلة على المحاجة بين الشخصيات كثيرة في هذه الرواية، وسنقتصر على بعضها.
1. محاجة الزواج:
انفصل إخناتون بالتدريج عن عالم تعدد الآلهة، وعجز عن التكيف مع عبادة آمون ورع، وفقد إيمانه بالحياة، فاستغل أبوه الملك (أمنحتب الثالث) حالته ونفسه الحائرة، وحاول إقناعه بالزواج من الأميرة الآسيوية بحجة أنها علاج له وخروج من أزمته النفسية. ولأن فرعون يعلم أن ابنه عنيد يحلو له التصوف والتفكير العقلي، عمد إلى تنويع الحجاج ليقنع ابنه بالزواج.
أ- سلطة الحكيم:
يقول أمنحتب الثالث لابنه: "إلا أن ثمة علاجاً لدى أرجو أن أقنعك بأن فيه نجاتك مما أنت فيه.
- حقاً يا أبتاه...
.. هل قرأت تعاليم "بتاح – حتب"؟
... أجل.
-هل أنت مؤمن بها؟
- لا أملك الآن أن أبدي رأياً في أى شئ.
- حسناً. هل تذكر قول هذا الحكيم "إذا كنت رجلاً ذا مكانة فأسس لنفسك بيتاً، وأحبب زوجتك في البيت كما يجب، واتخذها قرينة لنفسك، لتكون سيدة قلبك.
- أذكر هذا القول يا أبى.
- أمنحتب.. لقد كنت تسائل نفسك منذ لحظة عن الشئ الذى ينقصك ولا تعرفه. هذا الشئ هو الزواج. إنه الشئ الوحيد الذى سيصلح ما بينك وبين نفسك"(19).
استهل فرعون حجته بسؤال ابنه عن تعاليم بتاح حتب، وهو يستخدم السؤال تقنية للتواصل مع ابنه، ويسند حجته إلى سلطة الحكيم بتاح حتب لتدعمها وتجعلها مقبولة عند ابنه(20)، وقد قصد الأب أن يتخذ من قول بتاح حتب قدوة، والقدوة تعد مثالاً قوياً ما دامت تتقدم بوصفها معياراً يستوجب الاحتذاء(21) ثم أفضى الملك إلى النتيجة وهى أن الزواج هو الأمر الوحيد الذى يُصلح بين الأمير ونفسه، ولعل فرعون قد كسب هذه الجولة، واستطاع أن يقنع ابنه بالزواج، لكن تظل المحاجة مستمرة.
ب - الحجاج بسلطة المثال:
فرعون يريد أن يقنع ابنه بالزواج من أميرة آسيوية (تاود خيبا) والأمير يحب نفرتيتى. لذلك يحاول الملك أن يقنعه بالزواج منهما معاً فيقول: " فما أظنك فقيراً يا أمنحتب حتى لا يسعك التزوج بمن تشاء من النساء..
سأل الأمير وهو مقطب قائلا:
- هل يقصد مولاى أن أتزوج الأميرتين كلتيهما؟
ضحك الملك ضحكته الفضية ثم قال:
- أتجده صعب المنال يا أمنحتب؟ وفى وسعك كذلك أن تتسرى بمن تشأ من الحظايا. هل نسيت أن الملكة "تى" ليست بزوجتى الوحيدة، وأننى سبق لي أن تزوجت أيضا والدة الأميرة التي أرسلها إليك الملك "داشراتا" اليوم؟ أنت ترى التاريخ يسعى لأن يعيد نفسه"(22)، فالملك يستخدم حجة المثال ليقنع ابنه بالزواج من الأميرتين، إذ باستطاعة الأمير الزواج بعدد من النساء مثلما فعل والده الذى تزوج الملك تى وأم الأميرة التي يريد من ابنه أن يتزوجها.
جـ - الحجاج بالترغيب والترهيب:
ولكن إخناتون يرفض، لأن حب نفرتيتى يستأثر بكل وتر في نفسه. فيحاججه والده مستخدماً تقنيتي التغريب والترهيب، والحجاج بالترغيب والترهيب من الحجاج المتعلقة بالباتوس عند أرسطو، وهو حجاج عاطفي يعمل على إثارة مشاعر المتلقي، فيقول الملك لابنه:
"ألا يشعرك قربك من امرأة جميلة بسعادة حارة؟"(23) الأمير خصم قوى حر له حق الاختيار في الاقتناع أو عدم الاقتناع، إذ يقول بروطون: "ليس نادراً أن يحمي المتلقون أنفسهم غريزياً أو إرادياً من كل محاولة للإقناع وخاصة عندما تكون حجاجية على نحو مشروع"(24) فيحاج والده بأن زواجه من نفرتيتى يفرحه ولكن لا يشعره بالسعادة، فليست السعادة في مباهج الحب ولكنها في الانسجام الرفيع للروح الذى يؤهلها للاتصال بسر الخليقة.
ويحاول فرعون أن يبطل حجة ابنه، فهو لم يسمع بها من أكثر كهنة (رع) اعتكافاً ونسكاً، فهى لابد روح خبيث أوحت إليه بهذه الأفكار السود. وكانت حجج فرعون السابقة قائمة على الترغيب (امرأة جميلة – سعادة – فرحاً). وهنا عمد إلى تقنية أخرى وهى الترهيب، فيقول له: "ألا تخشى حين يحضرك الموت أن تعرض حالك، فتجد أنك قد قضيت عمرك هباءً منثوراً في الهواء، وتجري وراء الإحساسات الشاذة وتبحث عن شئ غير موجود؟"(25) ثم يعدل عن الترهيب من عدم جدوى حياته إلى التواصل معه مرة أخرى بالاستفسار عما ينقصه وما يشقيه، إذ إنه يجد في الزواج سعادته الجسدية، وفى ديانة رع وآمون سعادته الروحية، فعلام يبحث؟ الأمير خصم عنيد لا ينفع معه الترغيب ولا الترهيب، فيرد على والده: "إننى أبحث عن شئ ليس برع وليس بآمون، لقد وصلت إلى أسرار معابد هاته الآلهة؛ وأريد أن أقفز فوقها. إن روحي حبيسة وتريد أن تنطلق"(26).
د - حجة التأطير بالتقديم:
يستغل فرعون قول خصمه "روحى حبيسة وتريد أن تنطلق" حجة على الأمير نفسه، فيطلب منه أن تنطلق روحه إلى مصر الوطن، ولتكن مصر هى الدين. ويأتى بحجة التأطير بالتقديم من خلال تشبيه التصاقه بمصر بأشجار الجميز الجاثمة على شط النيل. وحجة التأطير من الحجج التي استعملت بوصفها وسيلة بلاغية في العصر القديم، وفيها تعرض الوقائع عن طريق تفخيم بعض المظاهر وتلطيف مظاهر أخرى(27). والتشبيه شكل من أشكال التأطير بالتقديم بشرط أن تقام علاقة بين أطراف متقاربة تنتمي إلى العالم نفسه (28).
هـ - الحجاج بسلطة الشعراء:
ويتساءل فرعون كيف لا يعبدون مصر... كيف لا يموتون من أجلها ليحيوا بها فيبعثون فيها. ويحتج بقول الشعراء "إن الموت من أجل مصر حياة" ويرى أنها " حقيقة وليست خيالاً ". فحجته بالزواج من أجل مصر تستمد قوتها من سلطة الشعراء الذين يرون أن الموت من أجل مصر حياة، وحجة الموت تترقى أعلى السلم الحجاجي في التضحية، ولذلك فإن مادونها وهو الزواج يلزم عنها. إذ يقول ديكرو: "إن أى حقل حجاجي ينطوي على علاقة تراتبية لحجج نسميه سلماً حجاجياً"(29) ويقول طه عبد الرحمن "كل قول يقع في مرتبة ما من السلم يلزم عنه ما يقع تحته بحيث تلزم عن القول الموجود في الطرف الأعلى جميع الأقوال التي دونه"(30).
الأمير خصم يحلو له الجدل والنقاش، فيجادل والده، ويسأله كيف يخدم مصر بتزوجه من أميرة ليست مصرية؟ فيحتج والده بأن الأمير ما زال طفلاً في فن السياسة، ويشرح له كيف فتح المستعمرات وكون الإمبراطورية بمعاملة أمراء المستعمرات معاملة حسنة، وطلب الزواج من بعض بناتهم، وليس بحد السيف كما فعل أجداده. ولعل فرعون أحس بأن الأمير ما زال غير مقتنع بالزواج من الأميرة الآسيوية، فلعب على وتر الحماسة الوطنية، فحدثه حديثاً طويلاً عن مصر واصفاً إياها (بزهرة العالم المنوعة الألوان، وسجل العالم، وضمير العالم) ويسأله في النهاية: "هل يستكثر الأمير المصري بعد ذلك أن يتزوج بالأميرة الآسيوية من أجل مصر؟"(31) فيجيب الأمير بأنه لم يعد يستكثر. وهذه إشارة إلى اقتناعه وقبوله الزواج بعد هذا الجدال والنقاش الطويل.
هذا الحوار الحجاجي يصور لنا إخناتون وفتوره عن عبادة آمون ورع، كما يصور سوء حالته النفسية وفقدانه الأمل في الحياة قبل هبوط الوحي عليه. وسنعمد إلى حوار آخر يصور لنا إخناتون بعد مناداته بالتوحيد وانتقاله إلى مدينة الأفق مع شعبه الموحد. وسيوضح الحجاج فيه الهوة التي تتسع بالتدريج بين إخناتون وشعبه الثائر بسبب الحرب.
2 - محاجة الحرب:
وتأتي محاجة إخناتون لرفض الحرب على مرحلتين؛ في المرحلة الأولى يحاج وزراءه الذين يرغبون في الحرب، وفى المرحلة الثانية يحاج شعبه في خطبته التي ألقاها معلناً عدم الحرب.
المرحلة الأولى: محاجة وزرائه:
ففي محاجته مع وزرائه يستهل حديثه أن امتناعه عن شن الحرب ليس جبناً ولا ضعفاً منه، فهو لو أراد الحرب لغزا من البلدان ثلاثة أضعاف ما فتحه جده تحتمس، ولكنه يفضل أن يفقد النطق ولا ينطق بإعلان الحرب، وأن تقطع يده قبل أن يسمح لها بإهدار دم بشري.
أ - حجة التأطير بالتعريف:
ويعتمد إلى حجة التأطير بالتعريف، فيصف لهم الحرب من وجهة نظره، وحجة التأطير بالتعريف هى بناء الواقع قصد المحاجة، ويروم التعريف بلوغ "النهاية(32) يقول إخناتون معرفاً الحرب " فالحرب أ يها السادة الحرب ليست الشجاعة، بل هى جبن الخائف المذعور يهم بالقتل والتحطيم خشية أن يقتل أو يحطم. إنها ليست تهاوناً بالموت بل هى الخوف أشد الخوف من الموت، وليست الحرب هى الشرف بل هى الغدر والاغتيال والخديعة." (33) فأخناتون يعرف الحرب بأنها جبن الخائف المذعور وبأنها الغدر والخديعة حتى يتراجع وزراؤه عن قرار الحرب.
ب - حجة المثال المستند إلى سلطة القيم المشتركة:
ثم عمد إلى حجة المثال "فمن يحب وطنه يسيئه أن يسلب وطن غيره، كما أن من يحب زوجته لا يرنو إلى زوجة جاره"(34) وهنا يستند المثال إلى القيم المشتركة، فالفضيلة والغيرة على المرأة من القيم المشتركة بين أفراد الشعب المصري.
ج - الحجة بالتكرار:
ويرغب إخناتون في التواصل مع وزرائه إلى النهاية، فيذكر أنه يعبر عن شعورهم في رفض الحرب، ويستخدم التكرار لإبراز خطورة الحرب وشناعتها، والتكرار "ليس مجرد تقنية أسلوبية، فهو طريقة في تقديم أطروحة تسمح بإنتاج تأثير البروز ورؤية الفكرة الواحدة من زوايا عديدة"(35) فالحرب ليست أقبح شئ في الوجود وحسب بل هى أكبر خطر يهدد مدينة البشر.
د - حجة المثال العملى:
لاحظ إخناتون أن وزراءه لم يقتنعوا بعد، فعمد إلى ضرب مثال عملى لوزرائه، والمثال العملى هو المثال الذى يحدث فعلياً أمامهم في الواقع، فقال أخناتون لوزيره نخت: "لو تعهدت لك بأن أعلن الحرب غداً إن قمت الآن فقتلت "توت عنخ آتون" هل تفعل؟ "(36) فرفض نخت محتجاً بأن الأمر مختلف، فيوافق إخناتون على حجة وزيره بأن الأمر مختلف متلمساً أسباب الاختلاف؛ ففى الحرب سيقتل بدل الواحد ألفا، وإنه سيذبح عشرات من الناس لا جريرة لهم على الإطلاق، ويتساءل: "من منا أشنع جرماً من صاحبه.. أنا إذ أعلن الحرب أم أنت إذ تقتل توت؟!"(37). ولم يجد إخناتون من وزرائه رداً صريحاً عن سؤاله، وإنما وجد عدم إقتناعهم برفض الحرب، بعد كل هذه الحجج. لذلك أصروا على الحرب، وتسرب الخبر إلى الشعب، فثار الشعب وأصر على الحرب، وتأتي المواجهة، ويجتمع الشعب في الساحة الفسيحة المواجهة لشرفه قصر إخناتون، فيخطب في شعبه مستخدماً الحجج والبراهين حتى يقنع شعبه بجرم الحرب وشناعتها.
المرحلة الثانية: محاجة شعبه:
خطبة إخناتون في شعبه تتكون من كل مكونات الخطبة، من مقدمة ووسط وخاتمة، وتهدف إلى إقناع شعبه برفض الحرب، فالحرب هى نقطة الارتكاز والاتفاق المسبق بين إخناتون وشعبه، فالاتفاق المسبق "يتحقق بواسطة تحديد "نقطة ارتكاز" انطلاقاً من موضوع مقبول من المتلقى سلفاً "(38).
إخناتون يخطب في شعب ثائر لا يعرف غير الحروب، شعب يؤمن بأن الحرب شرف وفضيلة، وأن الانتصار فيها والاستيلاء على ممتلكات الأمم الأخرى مجد يفتخر به، فينوع إخناتون الحجج والتقنيات الخطابية حتى يؤثر في شعبه ويهدئ من روعه، فيعمد في البداية إلى التهوين من قضية رفض الحرب، ويجعلها قضية كآلاف القضايا التي تطرح على محاكمهم،وهى يسيرة في جوهرها،واضحة في مدلولها، فهي هينة عادية، وليست خطيرة مثلما أوحى إليهم من بعض الشخصيات (39).
أ - الحجة بالاستقراء:
يعلم إخناتون أن حجة المثال حجة لها تأثير كبير في النفوس، فيستغلها ويمزجها بالاستقراء(40) وهو إثبات الحكم لثبوته في جزئياته(41)، فيدرج الأمثلة من الخاص إلى العام، ويبدأ بمثال: إذا أتى شخص يتظلم من باغ وسلبه ملكاً له، ويتساءل إخناتون هل يأمر به فيجلد ويقر الغاصب على ما غصب أم يرد عليه ملكه. وهنا تستمد حجته قوتها من استنادها إلى الآراء المشتركة، فالشعب أجمع على أن يرد عليه ملكه،ما جعله يعطى مساحة أوسع لحجته، يتساءل إذا جاءت قرية تشكو من قرية أخرى سلبتها هل يرد القرية إلى أهلها أم يشردهم في الصحاري؟ فيحكم الشعب أيضاً برد القرية إلى أهلها.
وإخناتون بسؤاله و تركه الحكم للشعب يخلق بهذا موقفاً تواصلياً يهيمن فيه على أمر العلاقة بينه وبين شعبه، إذ "لا يوجد في الحقيقة حجاج إلا عندما يضطلع الخطيب المهيمن على اللحظة الخطابية حتى النهاية، بوظيفة تدبير العلاقة مع المتلقى، ويبذل كل ما في وسعه ليخلق موقفاً تواصلياً يكون فيه حراً بالفعل" (42).
وبعد أن اطمأن إخناتون إلى حكم الشعب في أمر الشخص الواحد وأمر القرية، أعطى حجته شكلاً أعم وهى الأمة، فسألهم هل يقر الأمة الغاصبة على غصبها، لمجرد دعواها أنها سفحت دم أبنائها وهى تغتصب، أم ينصر الأمة المسكينة التي تطلب رد أرضها.
ب - حجة المعتقد الشعبي «حجة بسلطة آراء الشعب»:
وهنا علم الشعب ما استدرجهم إخناتون إليه فلم يجيبوا بغير همهمة، مما يدل على عدم اقتناعهم. فلعب إخناتون على وتر العصبية وحب الوطن وسألهم" هل كنتم غير محقين إذن حين طردتم الرعاة من أرضكم ووطنكم؟ " فيرد الشعب محتجاً "بل كنا محقين". وهنا يصل إخناتون إلى نتيجة حجه مستندة إلى آراء الشعب وحكمه فيقول: "إذن أنتم تسلمون معى بأن من حق المستعمرات التي غزاها أجدودنا أن تطالب اليوم بحريتها" (43).
ج - الحجاج بسلطة الحكماء:
ولا يقف التواصل عند هذه النتيجة بل يستمر ويسألهم إخناتون " فلم تريدون اليوم إعلان الحرب عليها؟" فيحتج الشعب بأن الوطن في خطر، ولكن فرعون سريعاً ما يدحض حجة شعبه، فالوطن ليس في خطر، وحتى إن كان في خطر فلن يعلن الحرب، ويستشهد بحكم أجداده الحكماء الذين ينصحون من يسير في الصحراء ويقابله ذئب بأن يمضى في طريقه هادئاً غير عابئ، وهذا يقتضى منه كل شجاعة لأن الهرب جبن، والهجوم جبن لأنه هرب معكوس ينبئ عن الخوف.
د –عَوْدٌ إلى الحجاج بسلطة المعتقد الشعبي:
لذلك يطلب إخناتون من شعبه أن يلتزموا الهدوء ولا يمضوا إلى الحرب، ويلجأ إلى معتقد شعبي يؤكد كلامه وهو أن "المعتدى والسارق لا يقربان الناسك المتعبد". ويجادله الشعب " وإن غزونا بالرغم من ذلك" فيجيب إخناتون بمبادئ صوفية سامية لا يقبلها الشعب الذى عاش على تعدد الآلهة والحروب، بأنهم " إذا غزوا مصر فإنهم لابد جياع مساكين يجب إكرامهم، ويحتج الشعب "أو كاللص الفاجر ينهب البيوت؟".
ر - الحجاج المضاد:
فيستخدم إخناتون الحجاج المضاد، وهو "الذى يبدأ بملخص يختاره المتكلم من رأى خصمه، يتبعه برأى مضاد، ثم البراهين التي تحدد أسس المخالفة، وفى النهاية يأتي الاستنتاج"(44).
فيبدأ إخناتون بجزء من رأى شعبه ويقول: "أو كاللص" ويتبعه برأيه المضاد "اللص ليس بفاجر أيها الرفقاء، بل محتاج أيضاً، فإذا ما أشبعتم حاجته أصبح صالحاً مثلكم وعاش معكم في وئام"(45) ثم يذكر البراهين المنطقية لعدم فجور اللص، وهى أن "النفس البشرية ليست شريرة في جوهرها، إنما تقسو عليها الملابسات فتحيد عن الطريق". ويأتي الاستنتاج بأنه لو نزل الآسيويون أرض مصر، فعلى المصريين إكرامهم حتى تناديهم أوطانهم، فيعودوا إليها. هل يقبل الشعب الثائر هذه الحجج؟! لا، لن يرضى أبداً بغير الحرب، ويرى أن هذه الحجج قصص أطفال.
س - الحجاج بسلطة الآلهة:
يؤكد إخناتون لشعبه أنه أصدق معبر عن نفوسهم عندما رفض الحرب، ويكسب حجته قوة بإسنادها إلى سلطة الإله (إن قلب الملك بيد الله).
ص - حجة التأطير:
ويلجأ إخناتون إلى حجة التأطير بالتعريف، فيصف الحرب ويعرفها من وجهة نظره بالعمى والعرج، والأشلاء تملأ الساحات، والمجاعة والذل والمرض، وهو في هذا الوصف يُرهب أفراد الشعب المصري من الحرب، وينفرهم منها بالتركيز على مساوئها.
هـ - الحجة البراجماتية:
ثم يسألهم ماذا يكسبون من الحرب؟ ويصنع مفارقة بين حاله وحالهم معتمداً على الحجة البراجماتية، وهى " الحجة التي يحصل بها تقديم عمل ما أو حدث ما باعتبار نتائجه الإيجابية أو السلبية"(46) فهو حين يدفع بهم إلى الحرب ومخاطرها يقبع في وساده المبطن بالحرير، ومن يعود منهم إلى بلده سالماً من الحرب لن يستفيد شيئاً، لأن الملك هو الوحيد المستفيد، لأنه هو وحده من سيملأ خزائنه بأموال الجزية لينفقها فيما يريد، ويتوج هامته بإكليل المجد الزائف، فالحرب ليست إلا استغلال الحكام للشعوب فيملأون أسماعه بألفاظ زائفة مثل الشجاعة والشرف والوطن. ويرى إخناتون أن الشجاعة والشرف والوطن تقتضي تحقيق السلام للشعوب، لا إغراءها على هلاك أسود، وما الهلاك الأسود إلا الحرب التي ينفرهم منها، لذلك ينتهي إلى النتيجة الأخيرة لكل هذه الحجج، وهى أنه لا يريد الحرب، ولن يعلنها ما عاش.
و - الحجة المادية:
بعد كل هذه التقنيات الحجاجية المختلفة التي تنفر من الحرب وتدعو إلى الهدوء والسلام، لم يقتنع شعب مصر الثائر، وهذا ليس بسبب تقصير إخناتون في حججه أو أساليب إقناعه، بل استطاع إخناتون أن يصهر عقول سامعيه ويأسر نفوسهم" فما إن سكت عن الكلام حتى انطلقت حناجرهم تدوي بصياح مرعد (الأمر لك أيها الملك ليحيا فرعون العادل، ليحيا ملكنا الرحيم.. (47) وبذلك استطاع إخناتون أن يرفع المسافة بينه وبين سامعيه، فـ "الحجاج الخطبى يرفع المسافة بين السامع والحكم الذى يريده الخطيب أن يقتنع به"(48) ولكن هزيمة إخناتون وعدم نجاحه، رغم ذلك، كانت بسبب حجج مادية وليست صناعية، والحجج المادية هى التي ليست بحيلة منا، لكن بأمور متقدمة، كمثل الشهود والكتب و والاعترافات المستخلصة بالتعذيب، وما أشبه ذلك (49)وقد كانت هزيمة إخناتون بسبب ظهور بتاح موس الذى استطاع أن يكذب على الشعب وإقناعه بأن إخناتون رفض الحرب لأنه باع المستعمرات مقابل توليه على عرش مصر وفلسطين، ودلل على صدق قوله بأوراق بيضاء قال إنها عقود البيع، مما جعل شعب مصر ينقلب على إخناتون وديانته، ويرجع إلى عبادة الآلهة المتعددة، ويهرع إلى الحرب.
محاجة الشخصيات في رواية "مليم الأكبر":
كثرت محاجة الشخصيات في هذه الرواية نتيجة الصراع بين بعض الشخصيات، مثل صراع خالد مع أبيه، والصراع الضمنى الفكري بين خالد ونصيف.
1. محاجة من أجل تبرئة مليم:
نشبت خصومة بين خالد وأبيه بسبب دخول مليم السجن في تهمة هو برئ منها. وأثبت خالد بالأدلة المادية لوالده أن عمر هو السارق وليس مليم، وحاول أن يقنع والده بتبرئة مليم مستخدماً الحجج والبراهين، وأولها حجة منطقية.
أ - الحجة المنطقية:
الحجة منطقية هى التي تستند إلى المنطق والعقل وليس إلى إثارة المشاعر، فعمر إن اعترف بجرمه لن يناله عقاب، لأن القانون ينظر بعين الرعاية إلى الأبناء الذين يسرقون آباءهم ويعفيهم من العقاب.
ب - الحجة بالشاهد:
يتعجب أحمد باشا خورشيد، لماذا يدنس سمعته؟! ويعمد إلى التهوين من شأن مليم فيقول: "من يكون مليم هذا ؟ "(50)، ويعلن استعداده لبذل ألف مليم في سبيل المحافظة على سمعة طفل من أسرة خورشيد، فيستعين خالد بحجة الشاهد وهى" ذكر حالة خاصة لتأكيد قاعدة معلومة وتوضيحها، حيث تتولى الحالة الخاصة تقوية حضورها في الذهن"(51). فيؤكد خالد لوالده أن الإطاحة بألف في سبيل واحد مجرد ألفاظ لأنه سمع هذا القول على لسان ناظر ضيعته القديم عندما نما إليه أن عمر يتودد إلى ابنته.
ج - الحجاج بالهجوم على الشخصية:
يثور أحمد باشا خورشيد، ويستخدم الحجاج بالهجوم على الشخصية؛ وهو نوع من الحجاج لا يفند فيه الشخص رأى الآخرين بمناقشة الرأى نفسه، بل بواسطة مهاجمة شخصية صاحبه(52)، فيهاجم أحمد باشا شخصية خالد ويصفه بالغباء.
د - الحجة بالتعليل:
الحجة بالتعليل تبرهن لصالح الفكرة التي يدافع عنها بطريقة لا تنم عن فرض أو قوة(53). فيعلل أحمد باشا خورشيد سجن مليم والإطاحة به بدلاً من عمر، بأن المجتمع لا يقوم على أفراد العامة، ولكن على الأسر الكبيرة. ويسند حجته إلى سلطة تدعمها ليجعلها مقبولة وهى سلطته بوصفه قاضياً عادلاً، فيقول له:"لقد جئت تحدثنى باعتبارى قاضياً عادلاً، وأنا بهذا الاعتبار أرى أن العدالة الحقة لا الظاهرة – العدالة التي تكفل سلامة المتجمع وتقدمه، هى في التجاوز عن مليم في سبيل المحافظة على أسرة كبيرة كأسرتى(54).
يجادل خالد والده بأن هذه فلسفة عهد الإقطاع، وأنهم يعيشون في عهد الحرية والمساواة، ثم يدحض حجة والده (الأسرة الكبيرة)، لأن وصف الكبيرة إذا انصرف إلى العدد فإن أسرة سائق سيارة أحمد باشا تفوق عدداً، وإذا أراد الأصالة والنسب، فإنه لا يعرف إلا إلى الجد الثالث، ولعل عميد العائلة الأول قد يكون بائع بصطرمة، في حين تعرف أسر الفلاحين الجد السابع لهم، وبعد هذا الدحض لحجة أحمد باشا يأتى استنتاج خالد الصريح، وهو "أما ونحن لم نعد في عهد الإقطاع، وكما أن أسرتنا ليست بالكبيرة، فرجائي إليك أن تسعى إلى تبرئة مليم"(55).
هـ - الحجاج بإثارة الشفقة:
يوافق أحمد باشا خورشيد أن يبرئ مليم شرط أن يرد عليه نقوده، لذلك أيقن خالد أنه خسر قضيته بالإقناع، فرأى أن يجرب وسيلة الاستعطاف وإثارة شفقة والده على مليم، والحجاج بإثارة الشفقة من الحجاج العاطفية " الباتوس "، ويرى حاتم عبيد أن الحجة القائمة على إثارة الشفقة تكون معقولة عندما يستدر المتكلم شفقة السامع من خلال استدعائه قيمة يفترض أنها تتنزل في حيز المشترك بينهما(56)، والقيمة التي يلجأ إليها خالد هى تأنيب الضمير من ظلم أحد، فيسأل والده " ألا يشعر بالألم يحز في قلبه عندما يتذكر أنه كان السبب في سجن مليم في حجرة قذرة مظلمة بدلاً من عالمه الرحب؟"، فيدحض أحمد باشا حجة ابنه مستخدماً عنصر السخرية والاستهزاء، قائلاً: "أكنت تظن فتاك المظلوم يسكن في الكونتنتال؟". ويحتج بأنه من هذه الناحية خدم مليم لأنه ينام في مكان أنظف من الذى كان ينام فيه، ويأكل طعاماً أفضل من الذى كان يأكله، وهكذا يخسر خالد إقناع والده بتبرئة مليم، ويقف منه موقف الخصم في المحكمة، وتتوالى بينهما القضايا.
وقد كشفت هذه المحاجة عن صراع ضمنى بين الطبقات، فطبقة الأغنياء دائمة الإطاحة بالفقراء وظلمهم وسلبهم حقوقهم. كما أنها تكشف عن صراع ظاهر بين الأجيال.
2. محاجة ابتزاز مليم النقود:
يتقابل خالد ومليم صدفة بعد خروج مليم من السجن، ويلجأ مليم إلى حيلة لابتزاز بعض النقود من خالد، فيقول له إنه رسول فتاة أجنبية إليه تريد أن يحدد لها موعداً للاتصال ثم للمقابلة، وتنجح الحيلة أول الأمر، ويحصل مليم على النقود، ولكن خالد يشك في مليم ويتبعه إلى القلعة، وهناك يقع خالد فريسة لجدال رفاق القلعة الذين يرون أن حيلة مليم ليست سرقة، ويراها خالد سرقة، وتبدأ المحاجة بينهما، كل منهما يدافع عن رأيه.
ينقل لنا الراوي هذه المحاجة، قائلاً: "قبل أن يفتح فاه، التفت إليه نصيف، وقال له إنه يعلم الغرض من زيارته، وأن عليه ألا يجهد نفسه في إثبات اتهاماته، فهى جميعاً صادقة، وإن ما فعله مليم معه ليس إلا حيلة لابتزاز بعض النقود، بيد أن هذا لا يعتبر سرقة، لأنه – وإن كان قد دفع عشرين قرشاً – فقد استمتع يوماً كاملاً بخيالات لطيفة ورؤى بهيجة، كما أنه قد سعد بالاستماع إلى صوت نسوى رقيق"(57).
وقد حوى هذا المقطع السردى شروط الخطاب الحجاجى التواصلى(58)، وهى أن يعلم المتكلم المخاطب بموضوع الحجاج (ابتزاز مليم بعض النقود)، والموقف الذى اختاره (ما فعله مليم ليست سرقة)، ثم إقامة الدليل (إن كان قد دفع عشرين قرشاً فإنه استمتع يوماً كاملاً بخيالات ورؤى بهيجة، بالإضافة إلى استماعه إلى صوت نسوي رقيق).
ويجادله خالد مستنكراً: كيف لا تكون فعلة مليم سرقة؟ إنه لم يعطه مالا للاستماع إلى صوت نسوي، وإنما لشئ آخر يعلمه نصيف. وهنا يعمد نصيف إلى حجج تتناسب مع أفكار رفاق القلعة وثقافتهم، وتنم عن الصراع الطبقى بين الفقراء والأغنياء، يحتج نصيف بضرب مثال لخالد، قائلاً:"إننى لو افترضت أن مليم قد صادفك في الطريق، فنشل حافظة نقودك، فما أعتبر هذا سرقة، فإن مليم فقير وليس الفقراء هم الذين يسرفون الأغنياء، إنما الأغنياء هم الذين يسرقون طعام الفقراء وسعادتهم، وصحتهم، بل وبشريتهم أيضاً"(59) خالد يؤمن بهذا الكلام ويقتنع به، وقد يكون هذا الكلام هو سبب تعاسة خالد وصراعه مع والده، لذلك وقعت هذه الكلمات موقع القبول لدى خالد، ولكنه استشاط غضباً عندما قال له نصيف "كفى مليم تجربته الأولى، فإن أخاك هو السارق وأباك هو المنتفع، ومليم هو الذى دفع"(60).
أحس خالد أن نصيف يجعله في زمرة أخيه وأبيه، لذلك دافع عن نفسه بأن مليم استخدم حيلته مع خالد، وليس مع أبيه أو أخيه، خالد نصيره الوحيد الذى ترك أسرته من أجل مليم، فهل تجرد مليم من كرامته؟! وهنا تأخذ المحاجة بينهما قضية أخرى، وهى قضية الكرامة التي يظن خالد أنها صفة الفقراء. وينكر رفاق القلعة ذلك، ويقولون له إن معجم الفقراء يخلو من ألفاظ الكرامة والشرف. وعندما يتساءل خالد أين يجد هذه الصفات؟ يقولون له أن يذهب إلى دور الآثار فسيجدها هناك مع جثث الفراعنة ومخلفات الحروب.
هكذا تكشف المحاجة في خطاب الشخصيات في رواية " مليم الأكبر" عن الصراع الضمني بين الطبقات والأجيال،وقد يكون هذا الصراع هو أيضاً نقطة التواصل والمحاجة بين الراوي والمروي له كما سنرى.
السجال:
السجال هو "نمط من أنماط الخطاب الحجاجي يقوم على المواجهة العنيفة بين متخاطبين يعتقد كل منهما أنه يملك معلومات أو حججاً حاسمة لا بل الحقيقة، وينكر ذلك على الطرف المقابل "(61).
ومن أبرز الأمثلة على السجال في روايات عادل كامل، خطبة حور محب في رواية "ملك من شعاع". خطب حور محب في شعب مدينة الأفق قبل خطبة إخناتون بيوم واحد، وأعتمد في هذه الخطبة على الحجاج" الخلاف فيه من الثوابت، والاتفاق فيه إن حصل لا يكون إلا ظرفياً أو وسيلة إلى إيهام الطرف المقابل بموافقة لا تتجاوز نقطة من النقاط الفرعية أو رأياً من الآراء الثانوية"(62) فكان يسرد حجج إخناتون داحضاً إياها واحدة تلو الأخرى(63)، رغبة أن يثور الشعب على إخناتون ويصر على الحرب، الحرب التي تمناها حور محب من سنين ليثبت قوته وبطولته، فهو قائد الجيش الأعظم.
ثانياً الحجاج في خطاب الراوي والمروى له :
ورد الحجاج في خطاب الراوي ضمنياً، فالراوي يسعى إلى التأثير في المروى له وإقناعه بأطروحة الرواية بطريقة ليست صريحة وغير مباشرة، فراوية " ملك من شعاع " تصور الصراع بين عالمين متناقضين: عالم صوفى روحاني يتمسك بالفضائل والمثل العليا والدعوة إلى التوحيد، وعالم واقعي نفعي مادي تتعدد فيه الآلهة (آمون – رع..)، والراوى مؤمن بالعالم الأول ويفضله، وينفر من العالم الثاني.
لذلك يحاول الراوى التأثير في المروى له وإقناعه بالتوحيد والأخلاق الفاضلة، من خلال تصوير روح إخناتون الجميلة السامية التي تهرب من الواقع المزيف الملئ بالحقد والشرور والمعبودات الزائفة إلى عالمه الخيالى والتأمل في الطبيعة قبل هبوط الوحى عليه، وتصوير تعبده ومناداته بالتوحيد وعمله الدائم بعد هبوط الوحى عليه.
وكذلك سعى الراوي إلى إقناع المروى له بنبذ العالم المتعدد الآلهة المادي النفعي عن طريق تصويره لشخصية بتاح موس الشريرة ونفوره منها، فهو خدعة كبرى، وثعبان متلون، وذئب مخادع، لا يعرف سوى الخيانة والغدر والمكائد.
ويرى نجيب العمامي أن "الحوار بين الشخصيات مندرج في حوار أوسع طرفاه الراوي والمروى له، إلا أن الحجاج المضمر في خطاب الراوي لا يستهدف المروى له إلا بقدر ما هو معبر أو حلقة وصل بين الكاتب والقارئ"(64) ويقصد بالكاتب المؤلف الواقعى للعمل وهو هنا عادل كامل الذى أعجب بشخصية إخناتون، فقرأ عنه في كتب التاريخ والأدب ثم جعله موضوعاً لروايته.
نخلص من كل هذا إلى أن الحجاج لعب دوراً مهماً في "رواية "ملك من شعاع" وأنه تقنية بلاغية تتفاعل مع السرد والوصف لتؤثر في المتلقى وتحمله على الاقتناع بفكرة الرواية، إلى جانب الإمتاع.
أما رواية "مليم الأكبر" فهى رواية واقعية تهدف إلى نقد المتجمع وتصوير مساوئه خلال الحرب العالمية الثانية فالراوى يحاول أن يقنع المروى له بالفساد المتغلغل في كل أنظمة الدولة السياسية والاجتماعية والثقافية، من خلال التركيز على صراع ضمنى بين الطبقات، وصراع صريحاً بين الأجيال. فقد صور لنا الراوي كفاح طبقة الفقراء من خلال مليم الذى كان راضياً عن حياته "كان مليم راضياً عنها كذلك، لأنها تيسر له حرية مطلقة وتعفيه من مزاولة الأعمال المرهقة التي يضطر إليها أمثاله من الصبية. أشد ما كان يسخر ويرثى لهؤلاء المساكين الذين يرسلهم آباؤهم وراء عربات متهالكة، عليها بضاعة هزيلة من الترمس أو الفول السوداني، فيجوبون بها الطرقات في الحر اللافح وفى البرد الذى يجمد الأطراف، ثم يرجعون في نهاية المطاف بدريهمات قليلة، لا تشبع معدة ولاتكسو جسداً، هذا إلى ما يصيبهم عادة من عنت رجال الشرطة، واستبداد اللوائح والقوانين، التي كأنها لم تسن إلا لسد كل منفذ يمكن أن يجد فيه الفقير باب رزق. لهذا كان حتماً على الفقير – في تصور مليم – أن يخرج على القانون وأن يعصى ما تقتضي به النظم واللوائح. أما الغنى فإنه يملك أن تكون له صحيفة تحقيق شخصية خالية نظيفة"(65).
يتضح من هذا المقطع السردي أنه "لا تعارض بين السرد والحجاج، ما داما يرومان تحقيق نتيجة واحدة وهى إثبات موقف السارد والمحاجج"(66)، وهو حمل المروي له على التعاطف مع طبقة الفقراء الكادحة من أجل رزقها والإشفاق عليها من تعنت رجال الشرطة واستبداد اللوائح التي لا تطبق إلا على الفقراء أما الأغنياء فهم يملكون تغير اللوائح بنفوذهم ورشوتهم لرجال الشرطة.
ويأتى نقد الراوي للمجتمع أيضاً بتصوير الخلل في الوظائف الحكومية من خلال شخصية خالد الذى كان يجوس بين مكاتب وزارة الخارجية "فتبين له أن العمل الذى يقوم به هذا الجيش الجرار من الموظفين ينقسم إلى ثلاثة أقسام: عمل يمكن الاستغناء عنه بجرة قلم دون أن تشعر الإدارة الحكومية بأي خلل أو نقص، وعمل مقصور على تنظيم الموظفين لشئونهم الخاصة، أما النوع الثالث من العمل فيرمى إلى خلق المتاعب في حياة جمهور الناس، وإقامة العراقيل في سبيل استحواذهم على حقوقهم.. قد يغالي القائمون بهذا القسم الأخير من العمل في تأدية وظائفهم على الوجه الأكمل، فيمنعون هذه الحقوق عن أصحابها منعاً،....فاضطروا إلى الاستعانة على النجاة منه، بما يجرى العرف على تسميته بالسيد على"(67).
فى هذا المقطع يحمل الراوى المروى له على الثورة على هذه الوزارة وهؤلاء الموظفين، بل إثارة المروى له على الحكومة بأكملها لأنها السبب في إقامة العراقيل والمشاكل في وجه الناس مما أدى إلى توجههم إلى الدجل والشعوذة.
ويؤكد الراوى على عدم جدوى الأعمال التي يقوم بها الموظفون من خلال شخصية نصيف الذى يرى أن الموظفين وأصحاب الحرف " قوم متعطلون، لأنهم يصرفون أنفسهم عن الحياة بوسائل لا تختلف عن تعاطى الأفيون، وهم متعطلون لأنهم يعطلون عمل فكرهم فلا يدعونه ينطلق إلى حيث يشاء، بل يمسكون بتلابيبه ويسخرونه في البحث عن الدقائق التي يتأخرها الموظف في شهر، أو عدد المرضى الذين يجب أن يمتص الطبيب دمهم... وسوف يأتى وقت لا يتعطل فيه المرء إلا بضع دقائق في اليوم ثم ينصرف بعدها إلى حياة الكفاح الفكرى"(68) الراوى ينقد الأعمال التي تزاول في مصر، ويرى أنها لا جدوى منها، فهى لا تسد جوعاً ولا تعمل على تقدم المجتمع وازدهاره، وإنما تقييم العراقيل والمشاكل في وجه الناس فهى لا تنفع البشرية في شئ.
أثر الراوي في المروى له وحمله على التعاطف مع طبقة الفقراء الكادحة، كما حمل الراوي على نبذ أعمال المجتمع ووظائفه التي لا تقدم للإنسانية شيئاً، إنما تقييم المشاكل في وجه الناس، كذلك جاء نقد المجتمع من ناحية أخرى، وهو نقد ثقافته، من خلال حديثه عن ثقافة خالد.
"إن البضاعة الفكرية التي عاد بها، لا تهتم بما هو أبعد من أنفها، لقد هدمت بناءً شامخاً ولكنها لم تبن سوى كوخ ضعيف العماد. حقاً إنه كوخ جميل، ولكنه لم يلحظ فيه البقاء والخلود، وإنما هو منفعة جيل أو جيلين من الناس، وليكن بعدهما من أمر البشرية ما يكون"(69) فالراوى ينفر من الفلسفة المادية التي اعتنقها خالد، ويحمل المروى له على نبذها لأنها هدمت بناءً شامخاً ولم تبن سوى كوخ ضعيف.
ويحمل الراوى المروى له على الإشفاق على مكانة المثقف، فيقول:"أما أعمال الفكر فكفيلة بتشريد مزاوليها وتجويعهم، كما أنها تحلهم أدنى مرتبة من حيث احترام الناس لهم، فمرتبة الكاتب أو الفنان الفقير في أمة متوسطة الحضارة كمصر، تترجح بين مرتبة سائق السيارات ومرتبة كتبة المحامين"(70)، يطل علينا الكاتب الحقيقى – عادل كامل – من خلف الشخصيتين المتخيليتين (خالد والراوي)، فعادل كامل اقتنع أن الأدب والثقافة لا تسد حاجة العاملين بها، وأنها تحيله إلى مرتبة دنيا بعد تجربته مع رواية (مليم الأكبر) وخروجها من مسابقة "مجمع اللغة العربية" مما جعله يهجر الكتابة والأدب ويلجأ إلى مهنة المحاماة.
ويأتى نقده أيضاً للمدرسة الفنية "ما فوق الواقعية" ضمن نقد الحياة الثقافية ومساوئها، فيقول عن هذه المدرسة "هذه المدرسة الفنية الحديثة قد جعلت من العقل الباطن نبياً ضخماً عالماً بكل حقائق الكون وأسراره. وصور تلامذة هذه المدرسة ومؤلفاتهم قد تحتوى على إشراقات ذهنية لامعة، ولكنها في أغلب الأحيان تكون أشبه الأشياء بمخزن للمخلفات القديمة، أو كحانوت مخصص لبيع مختلف الأدوات المستعملة، فتنعدم فيها بذلك الرابطة الجوهرية بين عناصر العمل الفنى، فبدلاً من أن يكون الفن هو خلق عالم متسق يفسر بعضه بعضاً، إذا به يصبح على أيدي مريدى هذه المدرسة قطعة خربة من الأرض تضم في رحابها أشياء متنافرة متنابذة: سمك، لبن، تمر هندي...لا فكرة ولا غاية"(71).
لا شك أن المروى له سينفر من هذه المدرسة بعد هذه الوصف الذى يكشف عن وجهة نظر الراوى وعدم حياده، فالراوي ينفر منها ويراها حانوت بيع، وليست فناً راقياً.
وقد ينفر المروي له من مصر بأكملها ويرغب في الرحيل عنها، بعد أن حمله الراوي على الاقتناع بسوء الحياة الاجتماعية والحياة الثقافية فيها،وقد يقتنع مثل خالد أن يبحث عن سعادته بالنظر إلى الأسفل لأنه "لم يكن في مقدوره أن يرتفع بوجدان المجتمع بأسره إلى المستوى الذى وصل إليه الذكاء العالمى"(72) فمصر غارسة رأسها في الرمال ولا تتطلع إلى العلا لتتقدم وترتقى.
وقد جاء الحجاج الضمني في خطاب راوى " الحل والربط " ليقنع المروله له بتغلغل الشعوذة بين طبقات المجتمع المصري، فحتى الدكتور معتز المتعلم الثري وقع فريسة سهلة للمشعوذين والدجالين أمثال الشيخ فيلفل. كما يجعل المروى له ينبذ الشعوذة وينفر منها بسبب سخرية الراوي وشخصيات الرواية (عوضين – عايدة – الشيخ فليفل) من الدكتور معتز الذي وقع فريسة لابتزاز الشيخ فليفل، والاستهزاء منه في وصفه أثناء جلسات حل الربط.
كما ورد الحجاج الضمني في خطاب راوى " مناوشة على الحدود " فالراوي يسعى إلى إقناع المروي له بعدم يقينية النتائج التي توصلت إليها النظريات العلمية والفلسفية حول ماهية الإنسان والعقل الباطن، فالعلماء عالجوا من الإنسان جسمه، والفلاسفة أجروا بحوثهم على العقل الظاهر. أما العقل الباطن، فهو عالم المعرفة الحقة ومكمن النبوءة التي عن طريقها يصل العلماء والمفكرون إلى إكتشافاتهم، وهذه المعرفة لا يصلون إليها عن طريق الحواس بل عن طريق غير معروف، كأنما يتمدد في شعاب الكون فيشمله في نطاقه(73).
ويؤكد الراوي أن العقل الباطن هو كنز المعرفة عن طريق الحجاج بالمثال، فالتجارب التي قام بها الأطباء في مدينة لود حيث ضريح القديسة التي اشتهرت بشفاء الأمراض، كشفت أن هذا الشفاء لا يحدث إلا بعد صلاة، وما هذه الصلاة إلا وسيلة لفتح كنز العقل الباطن.
يتبين من الروايات الأربع أن الحجاج جزء أصيل في بنية الرواية، وأنه مكمل للسرد، خادم للحبكة السردية، وأن السرد و الحجاج معا يحققان الإمتاع والإقناع اللذين لا تخرج البلاغة عنهما.
باحثة مصرية
الهوامش:
1- انظر: محمد مشبال: مقولة النوع، وموقع الرواية في النظرية الأدبية الحديثة، مجلة فصول، م11، ع4، شتاء 1993، ص 30.
2 - عبد الله صولة: الحجاج: أطره ومنطلقاته وتقنياته من خلال "مصنف في الحجاج – الخطابة الجديدة" لبرلمان وتيتيكاه، ضمن: أهم نظريات الحجاج في التقاليد الغربية، مجموعة باحثين، إشراف: حمادي صمود، ط،كلية الآداب بمنوبة، تونس، د0ت، ص 317.
3 - ابن منظور: لسان العرب، مادة: حجج.3-
4 - أرسطو: الخطابة، تحقيق: عبد الرحمن بدوى، وكالة المطبوعات، الكويت، دار القلم – بيروت، لبنان، عام 1979، ص 10.
5 - هشام الريفي: الحجاج عند أرسطو، ضمن: أهم نظريات الحجاج في التقاليد الغربية، م0س، ص 145 5-
6 - سيمور شتمان: الحجاج والسرد، ترجمة عبد الواحد التهامي، مجلة الصورة، القصر الكبير، المغرب، العدد الخامس، 2003م، ص 1.
7 - عبد الله صولة: الحجاج: أطره ومنطلقاته، م0س، ص 299.
8 - حاتم عبيد: الباتوس من الخطابة إلى تحليل الخطاب، ضمن: الحجاج مفهومه ومجالاته، مجموعة باحثين، الجزء الرابع، ط، عالم الكتب الحديث، الأردن، 2010، ص 78.
9 - انظر: السابق نفسه
10 - محمد نجيب العمامي: البعد الحجاجي في أقصوصة "القلعة" الجمال الغيطاني، ضمن: تحليل الخطاب السردي (وجهة النظر والبعد الحجاجي)، ط1 منشورات وحدة الدراسات السردية، كلية الآداب بمنوبة – تونس، ودار مسيكيلياني للنشر، تونس، 2009م، ص 82.
11 - انظر: محمد نجيب العمامي: البعد الحجاجي في أقصوصة القلعة، م0س، ص 82، 83
12 - صابر الحباشة: التداولية والجاج (مداخل ونصوص)، ط1، صفحات للنشر والتوزيع، دمشق، 2008م، ص 50.
13 - انظر: سيمور شتمان: الحجاج والسرد، م0س، ص 6.
14 - محمد مشبال: السرد والحجاج، ضمن كتاب " التشكيل والمعنى في الخطاب السردي،مجموعة باحثين دار الانتشار- السعودية، 2013، وقد أمدني الباحث مشكوراً بنسخة مخطوطة من دراسة " السرد والحجاج "، ص8.
15 - السابق ص 15
16 - شتمان: الحجاج والسرد، م0س، ص 3.
17 - محمد مشبال: السرد والحجاج، م0س، ص 15-16.
18 - انظر: سيمور شتمان: الحجاج والسرد، م0س، ص 5.
19 -عادل كامل: ملك من شعاع، م.س، ص69
20 - بروطون: الحجاج في التواصل، ترجمة: محمد مشبال و عبد الواحد التهامي،، المركز القومي للترجمة – القاهرة، 2013
21 - السابق ص 122
22 - عادل كامل: ملك من شعاع، م0س، ص 71.
23 - عادل كامل: ملك من شعاع، م0س، ص 72.
24 - بروطون: الحجاج في التواصل، م0س، ص 67.
25 - عادل كامل: ملك من شعاع، م0س، ص 73
26 - السابق نفسه.
27 - انظر: بروطون: الحجاج في التواصل، م0س، ص 93.
28 - السابق، ص 97
29 - انظر: خالد يعقوبي: خطبة طارق بن زياد من الإقناع العقلي إلى الاندفاع العاطفي، ضمن: الحجاج مفهومه ومجالاته، م0س، ص 335.
30 - طه عبد الرحمن: اللسان والميزان أو التكوثر العقلي، ط1، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 1998، ص 277.
31 - عادل كامل: ملك من شعاع، م0س، ص 76
32 - انظر: بروطون: الحجاج في التواصل، م0س، ص 94.32 -
33 - عادل كامل: ملك من شعاع، م0س، ص 190
34 - السابق، ص 190.
35 - انظر: بروطون: الحجاج في التواصل، م س، ص 100.
36 - عادل كامل: ملك من شعاع، م0س، ص 191.
37 - عادل كامل: ملك من شعاع، م0س، ص 191.
38 - بروطون: الحجاج في التواصل، م0س، ص 67.
39 - انظر: عادل كامل: ملك من شعاع، م0س، ص 206.
40 - انظر: هنربش بليت: البلاغة والأسلوبية، ترجمة: محمد العمرى، ط1، أفريقيا الشرق، 1999، ص 25.
41 - انظر: إدريس حمادي: الحجة في الاستعمال القرآني، ضمن: الحجاج مفهومه ومجالاته، م0س، ص 174.
42 - بروطون: الحجاج في التواصل، م0س، ص 41
43 - عادل كامل: ملك من شعاع،م0س، ص206.
44 - عماد عبد اللطيف: لماذا خسر المتناظرون، جريدة الدستور الأصلي، الثلاثاء 15/5/2012م. 44
45 - عادل كامل: ملك من شعاع، م0س، ص 207.
46 - عبد الله صولة: الحجاج: أطره ومنطلقاته وتقنياته، م.س، 332
47 - عادل كامل: ملك من شعاع، م0س، ص 27.
48 - هشام الريفى: الحجاج عند أرسطو، م0س، ص 132.
49 - انظر: أرسطو:الخطابة، م0س، ص 9.
50 - عادل كامل: مليم اأكبر، م0س، ص 176.
51 - محمد مشبال: السرد والحجاج،م0س، ص 9.
52 - انظر: عماد عبد اللطيف: لماذا خسر المتناظرون، م0س.
53 - انظر: بنعيسى أزابيط: البعد التداولي في الحجاج اللساني، ضمن:الحجاج مفهومه ومجالاته، م0س، ص 30
54 - عادل كامل: مليم مليم الأكبر، م0س، ص 178.
55 - عادل كامل: مليم الأكبر، م0س، ص 179.
56 - انظر: حاتم عبيد: الباتوس من الخطابة إلى تحليل الخطاب، م0س، ص 73.
57 - عادل كامل:مليم الأكبر، م0س، ص 255.
58 - انظر: نجيب العمامي: الذاتية في الخطاب السردي، م0س، ص 174.
59 - عادل كامل: مليم الأكبر، م0س، ص 255.
60 - السابق نفسه.
61 - محمد نجيب العمامي: الذاتية في الخطاب السردي، م0س، ص 109.
62 - السابق:ص 146.
63 - انظر: عادل كامل: ملك من شعاع، م0س، ص 196-198.
64 - نجيب العمامي: البعد الحجاجي ى أقصوصة القلعة لجمال الغيطاني، ضمن كتاب الحجاج مفهوم ومجالاته، م0س، ص 234، ضمن كتاب: تحليل الخطاب السردي، م0س، ص 126.
65 - عادل كامل: مليم الأكبر، م0س، ص 134
66 - محمد مشبال: السرد والحجاج، ص 6.
67 - عادل كامل: مليم الأكبر، م0س، ص 149-150.
68 - السابق، ص 18.
69 - عادل كامل: مليم الأكبر، م0س، ص 140.
70 - السابق، ص 168.
71 - عادل كامل: مليم الأكبر، م0س،، ص 203.
72 - السابق، ص 278.
73 - انظر: عادل كامل: مناوشة على الحدود، م0س، 184.