هي صور من شجون، يتقاطع فيها ألم الغياب مع الرغبة الجامحة للتوحد، تشكلها الشاعرة المغربية شذرات قصيرة لأنه أساسا تأبى الاكتمال، بل ولأنها صور تستدعي الشاعر شجونا موازية للوطن وللطغيان ولألم البعاد المرير..

و يسألُـني حُسنَ الإيّـاب

سعيدة تاقي

دفء صوتِــك رغيفُ يومي.
أرجوك لا تتركه يخْتَمِر.
===

تسألني حُسنَ الإياب
أنا لم أُغادِر بَعدُ.
===

الشوقُ إليكَ ليسَ قاتلي.
حُبُّكَ سجَّاني العتيد.
===

و أنتَ مِلء العينِ، غائبٌ.
و أنتَ طيّ القَلبِ، بعيد.
===

لا تكِلْنِي لِحبِّكَ بمُفردي.
يا قلبي كم أخشى فيكَ الغرق.
===

جنوحُ العِطر للرَّحيل، يقول سرّاً للوردة:
عِشقُكِ لم يكُن قَدَري.
===

العُمرُ لَيسَ مُتاحاً قبل الميلاد.
والميلادُ ليس متاحاً، بعد انصِرامِ العُمر.
===

أدمنتُكَ، و كفى.
لا بأسَ في جرعات مضاعفة.
===

السَّيْرُ نحو الغُروب مُتعِب.
قد تنمو للأوراقِ أجنحة ٌ.
===

الخِياراتُ لا تصنَعُ إنساناً.
الخياراتُ إنسانٌ يمشي.
===

الحُلمُ شاسِعٌ و الأوطانُ ضيِّقة.
===

سَنحكي الحكاية بِـبُـتُورِها، كاملةً.
===

القفَصُ ذهبيُ الأضلُع و الحنينُ للتُّراب.
===

حُثَّ الخُطى نحوكَ.
دربكَ منكَ إليكَ شائِكٌ عسير.
===

ثَلجُكَ حارق.
و الصحراءُ لم تَعُد تستجدي ماءً.
===

الخريفُ ليسَ مُداناً.
الأوراقُ الصّهباء كانت ستسقُط دون شك.
===

نحيبُ السَّنابِل قَـدْ يُثمِرُ العَسَل.
===

لم يعُد "الإسقاط" كافِياً.
الكراسي تتلقَّفُ مؤخِّرات جديدة تَـنْشُدُ استقراراً على مَقاسِها.
===

حين يُزيحُ الحُلم عن كاهله أوجاعَ الوطن، تستوي لليَقَظَة خيالاتٌ و أشباح.
===

إرهابُ الدُّول المتعدِّد ليس جمعاً مباركاً.
إنّه جُنونٌ بصيغة المفرد.
===

قد لا يكون تَكرار المحاولة ممتِعاً.
ذاكِرةُ الإخفاق بدورها لم تتعلَّم يوماً حروفَ المُتعة.
===

لا تتراجع نحو الخلف كثيراً،
أنت على بعد ملمترات عن الحافة.
===

لا تلتَمِس لهم الكثيرَ من الأعذار.
لن يعذُروا طيبتَك في الخِتام.
===

نَنْقَعُ الأيّامَ، مِن جديد، في صهيل الحنين.
عذراً أيها الأمس.
الغدُ ينتظِر على أُهْبة الفَرَح.
===