منذ انطلاقتها في عام 2006، أولت جائزة الشيخ زايد للكتاب، عناية كبيرة بالفنون الأدبية والإبداعية، ولا سيما السردية والشعرية منها، ولذلك خصَّصت فرعاً لها تحت عنوان (جائزة الشيخ زايد للآداب)، وهي جائزة "تقديرية تشمل المؤلَّفات الإبداعية في مجالات الشِّعر، والمسرح، والرواية، والقصَّة القصيرة، والسيرة الذاتية، وأدب الرحلات، وغيرها من الفنون".
إن ما يهدف إليه هذا الفرع هو تقدير المنجز الإبداعي بمختلف أشكاله. ولهذا، جاء اختيار فرع الآداب في دورته الأولى عام 2007 لرواية الكاتب الجزائري واسيني الأعرج (كتاب الأمير.. مسالك أبواب الحديد)، والصادرة عن دار الآداب في بيروت عام 2005، كإحدى النصوص السردية العربية المتخيلة ذات الطابع الريادي في تناولها لحياة الأمير عبد القادر الجزائري، فهي رواية لا تقول التاريخ لأنه ليس هاجسها، ولا تتقصى الأحداث والوقائع لاختبارها، فليس ذلك من مهامها الأساسية، إنها تستند فقط على المادة التاريخية، وتدفع بها إلى قول ما لا يستطيع التاريخ قوله من خلال الحوار بين المسيحية والإسلام في عزِّ أزمات القرنين الماضيين وحروبهما الدموية.
وفي دورة العام 2008، فازت رواية الكاتب الليبي إبراهيم الكوني (نداء ما كان بعيداً)، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت عام 2006، وهي رواية تستثمر طاقة المتخيل التاريخي في بناء فضاء سردي معاصر. وإذا كانت هذه الرواية تعد أقرب روايات الكوني للواقعية، فإنه يستغل أحداثاً تاريخية حقيقية عن أحد ملوك ليبيا في العصر العثماني ليمزج حياته بالأساطير الصحراوية، ويجعل اعتناقه لمبادئها أحد أسباب انتصاراته في محاولة من الكوني للكشف عن عمق الحياة الصحراوية، وأثرها في بناء الشخصية الليبية، حتى إن هذه الرواية فازت في عام 2010 بـ (جائزة الكلمة الذهبية) التي مُنحت للكوني من اللجنة الفرانكفونية التابعة لليونسكو، تقديراً لقيمتها الإبداعية.
وفي دورة عام 2009، فاز الروائي المصري جمال الغيطاني عن كتابه (دفاتر التدوين: الدفتر السادس/ رن)، الصادر عن دار الشروق في القاهرة عام 2008. والنص يروي رحلة الكاتب عبر الذاكرة إلى مصر القديمة، وسبر أساطيرها وتراثها المنسي حتى بدا البعد الروحي يتوازى مع البعد الواقعي في تلك الرحلة التي بدأت من هضبة الهرم صوب جنوب مصر.
جاءت الصياغة الأسلوبية في هذا النص على درجة عالية من التدفق اللغوي والبلاغي والجمالي، بما يؤكد ومن قدرة الكاتب الإبداعية على التعبير عن المحسوس والمجرد والروحي بلغة تصويرية أخاذة تعكس خبرة الغيطاني في كتابة هكذا نصوص، إذ يحاول نص (دفاتر التدوين: الدفتر السادس/ رن) الارتقاء بالمحسوس والمعيش إلى ما هو روحي يتخلَّص من الظرفي والعابر ليقبض على ما هو متخطٍّ للزمني والتاريخي. إن الكاتب في رحلته المتخيلة لا يحمل معه إلا تصورات عن أماكن بعينها لم يزرها، وأشخاص لم يلتق بهم، لكنه يحاول تخليقهم من خلال الاسم، ومن هنا جاء العنوان (رن) من الكلمة الشعبية (شنَّة ورنة)، حيث (الشنَّة) هي الاسم، و(الرنة) ماهيته أو كينونته.
وفي دورة عام 2011، فاز كتاب الباحث المغربي الدكتور محمد مفتاح (مفاهيم موسعة لنظرية شعرية: اللغة، الموسيقى، الحركة)، الذي جاء بثلاثة أجزاء، والصادر عن المركز الثقافي العربي في بيروت عام 2010.
يبدو هذا الكتاب دراسة موسوعية تهدف إلى صياغة رؤية نظرية في جماليات الشعر جمع فيها المؤلِّف بين الوصف والتحليل والاستنباط بمنهج علمي دقيق استند فيه إلى مقوِّمات العلوم الصحيحة، والعلوم اللسانية، وعلم النفس، وعلم الموسيقى، وهو جهد سعى به صاحبه إلى صياغة نواة مركزية لنظرية مستقلة في الشعر يربطها بتفسير الظواهر في الكون.
ويشار إلى أن جائزة الشيخ زايد للكتاب تستقبل الترشيحات في هذا الفرع حتى منتصف شهر أكتوبر القادم/تشرين الأول.