ينسج الشاعر السوداني مشهدا يتكرر كل مرة، مرارة ووجع الزمن العربي الكسيح حيث اختلطت أوراقه ولم يعد ممكنا التمييز بين الشيء وضده. زمن يعري بويلاته ومآسيه صور النكسة المتجددة والتي تبدو وكأنها مآل قدري لذواتنا المتعبة بالانكسارات المتواصلة.

غايات

محمد الخير حامد

نَحْس غايات المَـآل

اعلم تماماً .. سيدي

لن تستريح خطاك

فوق جماجم الآهاتِ ..

أو يخبو النضال ْ ..  

أتظن أنك مُهلكي ؟؟..

لن تغفر السنوات ما أفسدْته

وجنيت أنت حياله دهراَ و أوثقت الحبال ْ   

لن تفر من الحقائقِ

من أوارِ  المَـدِّ

من كبدِ الإسارِ

ونحْسِ غاياتِ المآل ْ   

لتعودَ أنت وتاجُك الموسوم

بالتحليقِ فوق مآثرِ الضعفاءِ

مرفوعاً على قممِ البيوت

وناطحاتِ الذُّلِّ أو فوقِ الجبال ْ  

 ******

لن تمُر علينا غايتُك النبيلةُ ..

والموشحةُ ..

بإطراءِ الكلام ومزج آيات الجلال ْ   

بالحزنِ ..

مدفوعاَ بوحي تغلغل المأساةِ

بالوخزِ الهُـلامِي السؤال ْ   

بالرِّقةِ الفياضةِ ..

.. الشكوَى

وتسويف التحدي .. بالدلال ْ   

لن نشتكِي ؟؟

بالبوحِ للنفس بمكنوناتِ أشجانٍ

وندفن رأسَنا تحت الرمال ْ   

أوَ تُرجِعُ الأيامُ

ما قد مات فينا وانقضى ..

وهماً فحال إلي خيال ْ؟؟

******

هل بالدموعِ ..

نصادقُ الأحزانَ والأوهامَ

نغرقُها بدفقِ الحرفِ

ثم نُهادِن التَحْراقَ والألم الطويل ْ    ؟؟

لن نبْني َ الأمجاد َ

أو وطناً..

يدغدغُ مشتهانا

يستفيضُ تعاظماً

ويُعيد فينا المستحيل ْ   

******

ليست خطانا كالتي سبقتْ

وظِلُ السَعْدِ يتبعها نَشَاوَى

على مداراتِ الطريق ْ   

الزهو والتصفيقُ زيّن جيدها

فمشتْ وجُرحُ أساكَ يلعقُ سَعْدَها

يلتذُّ بالولَهَِ الطليق ْ   

والكون منها

في براءةِ طفلةٍ خجْلَى

تحاور حلم لحظاتٍ مضتْ

أو ثدي أمٍ حانيةْ

قد مَدّ طوقاً للنجاةِ

وضاءَ سَوْسَنهُ بريق ْ    

يا أنتَ ..

يا مغروسَ..

في جناتِ أفراحٍ  زهَتْ ..

ضنّتْ.. خبتْ .. 

               رقّتْ ..

                   وحالتْ لحريق ْ  

 يا أيها الإنسان

يا وجعاً يهز جوانحَ الإشفاقِ

يا إرهاصتي الثكلى..

ويا دمعي الدفيق ْ   

متى جراحُكَ تندملْ ؟؟..

تستنفرُ اللحظات ، ثورتُها دِماك

فتنجلِي سُدَف الظلامِ

ومن سُباتِكَ قد تَفيق ْ؟؟..

 

 

سُــقني اليـــك

(وطني حبل غسيل لمناديل الدم المسفوك في كل دقيقة )

                                                         محمود درويش

 

سُقْني اليك ... وضُمَّني

وصْلاً وتَحْنَانا ً يخففُ من جراحات النَوَى

واملأ حقائب قلبيَ المسكون بالنجوى ...

                                         .. هوى

وطناً غرسْتُكَ في دمي

فنميتَ وجداً ...

                   .. وسَنا

عشقاً نسجتك للانامِ

وذُقتُ طعمَكَ روعةً

تحكي أصالةَ عشقنا

متجاوزاً  صمتي ومَـدَّ بصيرتي

بيني وبين سعادتي تبقى مآسٍ ..

                                ..مُحزنهْ

خبئني يا عمريَ وانقشني عليك

أوعِز الىّ بساحرٍ

يُغري لياليَ الكئيبة ..

                    .. بالهنا

واغمر فؤادي غبطةً

بل هبني منك نضارةً

تنسابُ من روحي وتصدح ..

                             .. بالمُنـى

*****

سُقني إليك ...

وضُمَني

واهنأ باصداءِ المساءْ

دعني أُزَيِّنُ مرةً ..

وجهَ العروبةِ بالأسى

دعني أغبِّر أرجلي

من أجل حسْنِكَ يابلدْ

كيما تراهُ تألُـمي

ما قلت شيئا يستبيح شهامتي

جسدي انا يا سادتي ...

مُلقىً ويطفحُ بالدمِ

جرحي أُغطيِّهِ فيظهر من هنا

وجعي أُخبِّيه فتصرخ أعظمي

حولي أراكم ..

.. هكذا ..

تتماوجون ..

وتصرخُ الأفياءُ بالشكوى

بكل توجعٍ ..

             ..وتظلمِ

وقلوبكم شتـى غدتْ.....

ليس التطرفُ في الحياةِ شريعةً

كي تُعلنوها للورى

مقرونةً بهويةٍ .. أو مُسلمِ

*****

عِشْ للمعالي .. للهوى

نجماً على أُفقِ المدى

لك دهشتي .. وشقاوتي

عَلِّى أُمَدِّد قامتي بين العدا

لك من بشاشتِك إستفاقةُ أُمَّةٍ

لك كلُّ بوحٍ خالدِ

لك كل مافي الكونِ من أملٍ مَشي وتمددَ

لك كل عصفورٍ غدا متحررا يشدو و بات مغردا

*****

نحن الذين ترجلوا عن مجدهم

فقدوا  جلالتَهُم ... تَفرَّق شَملُهم

أوطانهم ضاعتْ سُدى

صِرْنا نقوشاً في الزمانِ ...

.. وقصةً ..

نمضي كما جئنا

وما لحـفيفِ دعوانا صَدى

ماتت بصيرتُنا ..

الفؤادُ عفا عليه الدهرُ

جفّ مَعينُ غضبتِه .. وباتَ مُقيَّدا

يارب هل ستطولُ غفوتُه ؟

أم الأيام قد تَتْـرَى ..

           فيضحي مثلما قد كان بالأمسِ

                                          عظيماً ..

                                                .. مارداً ..

                                                     .. متمردا ؟؟

 

السودان - الخرطوم