في المكان الذي التقى فيه سلمان رشدي العام الماضي مع الجمهور في مدينة كولن بعد ترجمة روايته " شاليمار المهرج " الى الالمانية حضر الكاتب التركي و الحائز على جائزة نوبل في الادب لعام 2006 الى بيت المسرح للحديث عن سيرته الذاتية التي تضمنها كتابه " استامبول " التي لاقت ترجمتها الى الالمانية ترحيبا كبيرا من قبل القراء و مناقشة ذلك مع الذين حضروا الى بيت المسرح، في كولن أجرت معه جريدة " كولنر شتات أنتسايكر " هذا اللقاء الذي نشرته على صفحتها الثقافية:
* هذه أول مرة تلتقي بالجمهور الالماني بعد فوزك بنوبل، ما هو إحساسك ؟
_ وجودي هنا بمثابة نزهة، اني في ربيع مرة ثانية مع جمهوري و أصدقائي نتحدث بصراحة و أنا سعيد لذلك،لقد كان لغاية قبل فترة قصيرة في تركيا توتر سياسي و حالات اغتيال ولهذا السبب فقد رحلت الى أمريكا لأجد بعض الهدوء النفسي و الروحي ولكي أستطيع أن أعيش بسلام بالرغم من ذلك تنتابني أحيانا بعض حالات الحزن و السوداوية و الانطواء وربما هذا كله انعكس على كتابة روايتي الجديدة.
* هل تغيرت حياتك بعد الفوز بنوبل ؟
ـ لم تتغير طريقتي في العمل و لا تصوراتي في الادب، أنا أحتاج الى الادب مثل من يحتاجون للدواء كي تستمر حياتهم، بالطبع نوبل زادت من عدد قرائي وجعلت الصحافة تنتبه لي أكثر من السابق، أصبح ما أقوله مثيرا للصحافة، أحيانا أرى ان في ذلك تملقا من قبلهم، عندما وصلني الخبر و أنا في نيويورك أنني حصلت على نوبل قلت لجميع أولئك الذين سألوني مثل هذا السؤال أن حياتي لن تتغير، لكن هذا غير صحيح بالطبع، ويمكنني توضيح ذلك، لقد أصبحت شخصية عامة ولهذه التزامات معينة، لكني نفسيا و روحيا لم أتغير و أريد أن أبقى هكذا.
* في " استامبول كتبت لنا مذكراتك،و عندك الان رواية جديدة تكاد تنتهي منها، ما هو مدى الاختلاف في الكتابة بين الاثنين في تقديرك ؟
ـ الفرق كبير جدا، في الرواية علي أن أخترع و أتخيل المشاهد و المواقف و علي دائما أن أصحح من وضع الشخصيات و الاماكن و المناخات و هذا يأخذ مني وقتا طويلا، أكثر بكثير من كتابة المذكرات، ففي المذكرات و السيرة الذاتية ما على الكاتب الا أن يتذكر ليكتب و يوضح، ولكن الشيء الذي يأسف له كاتب المذكرات هو أنه قد يترك أشياء كثيرة بفعل النسيان ولم يذكرها وهذا ما حصل في " استامبول "وهي الان تخطر على بالي، استطيع الان أن أكتب عشرة أضعاف ما كتبته عن طفولتي و صباي من قصص و أحداث، أما بالنسبة للرواية فبمجرد أن تدفع الى الطبع يكون الأمر قد انتهى.
* هل تجد صعوبة في تقليب تفاصيل الاحداث في ذاكرتك ؟
ـ أحس و أنا أعمل على تقليب الأشياء في الذاكرة بمرح كبير، لكن على المرء أن يعترف أن ذاكرته بعد بلوغه الخامسة و الخمسين بدأ نورها يخفت نوعا ما، لذلك أعتقد أن كتابتي ل " استامبول " جاء في وقته، كما ذكرت هناك أشياء تبرز في الذاكرة فجأة فأعرف أني عبرتها، على سبيل المثال دوامي على الذهاب الى مباريات كرة القدم وكيف أن المدخنين من حولي على المدرجات كانوا السبب في جعل عينيّ تدمع في كل مباراة وكان علي أما أن أنسى أمر الدموع و أنا أتابع المباراة أو أن أغير اتجاه الدخان بكل مهارة من خلال تحريك طرف العلم الذي أرفعه للتشجيع.
* " استامبول " كتابك الشخصي بكل تأكيد، ماذا كانت ردة فعل العائلة تجاهه ؟
ـ بعد صدوره غضب أخي الذي يكبرني بسنتين و ثار، ليس بسبب ما جاء في محتوى الكتاب بل لما جاء في الصحافة من مبالغات و إسرافها في التركيز على ما كان يحدث بيننا أيام الطفولة من خصومات و ضرب بالأيدي، لدرجة أنها أعطت انطباعا أن مثل هذه الأمور لا تحدث في تركيا و اذا حدثت ففي أوساط معينة، لكني أقول أن هذا يحدث و طبيعي جدا أن يضرب الأخ الأكبر أخيه الأصغر، كما أن موقف والدتي كان أيضا ضد سرد مثل هذه الأشياء عن طفولتي حتى لو أنه وقع لي بالفعل لأنه في النهاية ليس في صالحي.
* انتهت سيرتك الذاتية هذه مع قرار الصبي الذي كنته أن يصبح كاتبا روائيا، هل هناك أجزاء مكملة ؟
ـ نعم ستليها أجزاء أخرى و كل جزء يكمل الآخر، في الجزء الثاني سأكتب عن استامبول أيضا و في الجزء الذي يليه سأكتب عن الادب.
* هل تفتقد استامبول عندما تكون غائبا عنها ؟
ـ لا، لأنها موجودة في رأسي، لقد عشت فيها أكثر من خمسين عاما، الذي أفتقده هو عائلتي، أصدقائي، مكتبتي، العادات التي أكون عليها و أنا هناك، المنظر الذي أراه كل يوم من نافذتي.
* ذكرت في " استامبول " أنك تختلف عن كتاب آخرين مثل كونراد، ناباكوف، نايبول،وانك لا تحتاج الى التحول الحضاري.
ـ ربما أنا أرصد التغيرات التي حصلت في حياتي أكثر من التغيرات الحضارية، السفرات الكثيرة التي أقوم بها لها أثر، جائزة نوبل عملي في التعليم في نيويورك، العلاقات الجديدة التي تحيط بي الان.
* لقد تحدثت مبكرا مع والدتك عن السفر وهي متفقة معك على ذلك، أمنية باموك: الارتحال.
ـ هذا صحيح، قبل أن أغادر تركيا بشهرين قالت والدتي أنها سعيدة لأني سوف أعيش الحرية و الا لماذا أرحل، أنها تحاول دائما اكتشاف الجوانب الإيجابية في الحياة.
* في "استامبول" أوضحت لنا أن هناك جملة من العادات التي كنت تؤديها،هل تأخذ عاداتك هذه معك عندما تسافر ؟
ـ نعم انني أكتب دائما في الصباح،هذه عادتي سواء كنت في استامبول أو في مغارة أو في باريس،ورضاي عن نفسي يعتمد على نوعية الجرعة الأدبية التي أكتبها وهي التي تجعلني سعيدا أو لا. أن نشاطي الأدبي يعتمد أيضا على استغلالي للوقت بشكل صحيح، أنا أتمنى أن أكتب كل ما أفكر فيه و بهذا أنا أحلم دائما، أنا إنسان سعيد وسعادتي تعتمد على مواصلتي كتابة مؤلفاتي.
* يعدك البعض كاتب سياسي أيضا، هل يعجبك أن تلصق بك هذه الصفة ؟
ـ لا، أنا كاتب روائي ولست سياسيا وليست عندي أجنده سياسية و في الحقيقة عندي وجهة نظر أخلاقية و أنا اعتقد أن مستقبل العلاقات بين تركيا و أوربا يجب أن تكون مشتركة،في بعض الاحيان أقول آراء سياسية ولكن لا أريد أن تغلبني السياسة.
* سؤال أخير، ماذا تنتظر من الانتخابات الوشيكة للرئاسة في تركيا ؟
ـ أنا عشت طويلا في هذا البلد و أستطيع القول أنه ليس بإمكان أي شخص لمجرد وجود انتخابات أن يكون متفائلا، ومع أن الانتخابات شيء جيد لكن الديمقراطية في تركيا هي ديمقراطية منهوكة و ناقصة و الشيء الآخر هناك انتهاكات لحقوق الانسان و للحريات العامة و حرية الرأي، لا يوجد إمكانية في المدى المنظور لتغيير هذا الواقع.
* * * *
"ماجدولينا زادلون" تفوز بجائزة " شاميسو " للإبداع الروائي:
من الجوائز الأدبية التي تحض بالاهتمام لاعتبارات عدة هي جائزة " شاميسو " و تنحصر المنافسة فيها بين الكتاب الذين ليست الالمانية لغتهم الام فقط، و لعل أهم سبب لإنشاء هذه الجائزة هو الاعتراف بدور الكتاب الذين نشأوا في كنف لغتين أو ثقافتين مختلفتين، أي أبناء المهاجرين الذين توافدوا من الدول الفقيرة في القدوم على المانيا منذ نهوضها الاقتصادي بحوالي عقدين من الزمن بعد الحرب العالمية الثانية و لفترة امتدت الى الان، وفيها تعلم أولادهم و كبروا و ترعرعوا في أحضان الثقافة الالمانية، و يتجلى ذلك في ما أصدره هؤلاء الذين اصبحوا كتابا فيما بعد من كتب، بالفعل حدث إثراء كبير للأدب الالماني ليس فقط في الموضوعات التي يطرحونها بل في الصياغات الوافدة التي تسللت الى اللغة.
و" شاميسو" الذي سميت هذه الجائزة باسمه هو " أدلبرت فون شاميسو" باحث في طبيعة المجتمعات وعالم في العلوم الطبيعية من مواليد 31يناير\كانون الثاني 1781 و توفي في برلين في 21 أغسطس \آب 1838 قضى معظم حياته وهو في ترحال دائم، و اذا كان هناك الكثير من الرحالة و بشكل خاص الإيطاليين قد اتجهوا الى الشرق فان شاميسو اتجه الى الغرب، وهو صبي سافر الى فرنسا و سويسرا وبعد ذلك بين عام 1815\1818سافر الى القطب الشمــالي والى اليوم هناك جزيرة على الخريطة تسـمى باسمه، من كتبه: " ملاحظات ومشاهد لرحلات الاستكشاف "1821. " أشعار " 1829. " النساء- حب و حياة" 1830. " أشعار "1831. " رحلة حول العالم في سنة 1815\1818" نشر عام 1836عن لغة هاواي ( وهو قاموس ترجم فيه الى الالمانية لغة هاواي و الجزر البولونيزية في الباسفيك، ومن هنا نتعرف على السبب الذي جعل هذه الجائزة تسمى باسمه. وهو لا شك الاقتراب من أبناء اللغات الأخرى وفهم طبيعة مجتمعاتهم، ان الفائزين بجائزة شاميسو ليسوا مجرد أدباء متميزين وان نصوصهم تعتبر جزءا طبيعيا من نسيج الادب الالماني المعاصر، لكنهم أيضا قدوة و نموذج للاندماج الاجتماعي، لا سيما بالنسبة الى أبناء المهاجرين، لأنهم من نفس الشريحة التي هم عليها.
لقد تعرضوا مثلهم لنفس المشاكل و الهموم و كثير من الاحيان للتفرقة،الفرق بينهما هو أن هذا الكاتب نجح في اتقان اللغة الالمانية ببراعة للدرجة التي استطاع أن يكتب بها وانه حصل على جائزة أدبية، كانت البداية عام 1985 عندما أنشأ معهد " الالمانية كلغة غريبة "في جامعة ميونخ بالاشتراك مع " أكاديمية بايرنيشه للفنون الجميلة "، وقد فاز بها في ذلك العام " آراس أورن " وهو كاتب روائي من أصل تركي مولود في استامبول عام 1939 وفاز بالتشجيعية بجانبها التي هي 3 ألف أورو رفيق شامي وهو من أصل سوري مولود في دمشق عام 1946 وهو نفسه فاز بالجائزة عام 1993، من الكتاب الذين العرب الذين فازو بالجائزة عادل قراشولي 1992 وهو من أصل سوري، مواليد دمشق عام 1936،و فاز بالتشجيعية المغربي Abdellatif Belfellah وفاز بالتشجيعية أيضا عام 2003 حسين الموزاني وهو كاتب من أصل عراقي، من مواليد مدينة العمارة عام 1955، ومنذ ذلك العام الى هذه السنة فاز بها من غير الكتاب العرب و الأتراك الذين كانت لهم حصة الأسد كتاب من جمهورية التشيك و إيطاليا و إيران و منغوليا و اليونان و اليابان و كرواتيا وبلغاريا و المجر ورومانيا وبولونيا و أثيوبيا و الصين و فيتنام.
لقد فازت بها هذا العام البلغارية "ماجدلينا زادلون" وقيمة الجائزة 15 ألف يورو. وهي من مواليد سلوفاكيا عام 1956 عن روايتها " جميل مدى الحياة Solange es schönist ist، وكان لها من قبل عام 1999 رواية " الدروب العجيبة Wunderbaren Wege، في عام 1968 انتقلت عائلتها الى النمسا فدرست في جامعة فينا لغتها الام كما درست فن التمثيل و منذ عام 1984 و هي تمارس الكتابة وتعمل مترجم متنقلة في حياتها بين سلوفاكيا و فينا أما التشجيعية فقد فازت بها الصينية" لو لينك " التي ولدت في الصين و التي تعيش منذ عام 1980 في برلين و التي تقول أن كل لغة تفتح لي في الكتابة أفاقا جديدة و مغايرة و لذلك حسب تعبيرها أنها لا تستطيع الاستغناء عن اللغة الصينية و لا عن اللغة الالمانية و أنها ستواصل الكتابة مستفيدة من غنى ما في اللغتين من امكانيات.
أما روايتها التي فازت بها فهي "الوفد الصيني" الصادرة عام 2007، لقد درست الصحافة و علوم الكمبيوتر و هي تعيش منذ عام 19990 في برلين،و الكاتبة الثانية التي فازت بالجائزة التشجيعية هي الفيتنامية" كو دو لو " التي ولدت عام 1973 في فيتنام و هي في عمر الثالثة قدمت مع والديها المتحدرين من الصين،درست في المانيا علوم اللغة الالمانية و الفلسفة ومنذ عام 2002وهي تنشر مقالاتها في المجلات المتخصصة، وبالنسبة لها لا تستطيع القراءة و الكتابة بالصينية لكنها تتحدث لغة والديها و هي تشعران وقوفها بين ثقافتين أثرى حياتها الثقافية، و الرواية التي فازت بها هي " ضرر شامل Totalschaden الصادرة عام 2006.