عن دار فضاءات للنشر والتوزيع في عمان/الأردن للعام 2008 صدر كتاب "الهرم الذّهبي المرجع في الحكمة السّريّة " لمؤلفه عامر عريقات في واقع 422 صفحة.
يقول المؤلّف في بداية كتابه إنّه بغى أن يكون جهده في كتابه هذا نافذة لكلّ باحث على الحقيقة على طوائف العالم الدينية لاسيما ذات التعاليم السّريّة، مؤكداً في السياق نفسه أنّ هذا الكتاب سابق في بعض مواضيعه التي لم تُطرح –وفق زعمه-من قبل في كتب مكتوبة باللغة العربية.مشيراً في الوقت ذاته إلى أنّ هذا الكتاب ليس بديلاً مفترضاً لموسوعة أديان أو أنّه كتاب تجميع إنّما هو على حدّ تعبيره أشبه ما يكون بسياحة من نوع ما داخل الكتب الدينية التي أسست للسلوك الراهن للبشر والدّول ونظراتهم إلى العالم القديم والحديث.
ويبدأ المؤلّف كتابه بالوقوف على الفلسفة الهرمسية التي يعدّها أقدم فلسفة في التاريخ الإنساني، وهي قد نشأت في مصر على يد الحكيم المصري الفرعوني (تحوت) نحو 4000 قبل الميلاد، الذي عُبد فيما بعد إلهاً للحكمة والكتابة وميزاناً بين النّور والحكمة. ويقال إنّ هرمس هو أوّل من اخترع أبجدية الكتابة وأوّل من اخترع فن الخياطة، لذلك يّقال عنه إنّه أوّل من خطّ وخاط.
وهذه الديانة ترى الله والد كلّ الوجود، ولذلك فهو أبو الكون والموجودات، وهو الخير كلّه، كما تؤمن بالقدر المكتوب والحتمي على الإنسان، ولا خيار له فيه. كما تضع تصوّراً خاصاً لثالوث الله والكون والإنسان. وتنادي كذلك بالخلاص بالمعرفة، وتؤمن في الوقت نفسه بالبعث والحساب. ويصدّر المؤلّف الحديث عن الهرمسية بنص مقتطع منها، ويختمه باستعراض سريع لأهم طقوس الهرمسية، وهي: الوضوء، الصلوات الخمس، وهياكل الأفلاك، والسّحر.
وينتقل المؤلّف بعد ذلك إلى الديانة الويقية التي يعدّها ظاهرة وثنية جديدة، وإن كانت ديانة قديمة، وتُدعى أحياناً بالدين القديم، وهي على تنوعاتها ترتكز على عبادة الطبيعة، والإعلاء من خصوبة وعناصرها، إلى حدّ عبادة مطر السّماء، ورحم المرأة، وتقديس فروج النساء، بوصفها رموزاً للخصب.
وتحت هذا الدين يندرج المذهب الدرويدي، والماسونية التي امتدّت وظهرت في الحاضر، واجتاحت العالم، لتوحّد كلّ هذه المذاهب في مسلمات عامة يؤمن بها كلّ أتباعها، وهي: المجال الروحي، والثتوية، وروحانية الطبيعة، والعناصر الخمسة، وتأثير العقل في المادة، والتقمّص والسمرلاند.
وجدير بالذكر القول إنّ الشريعة الويقية تقوم على مبادىء أساسية، وهي: افعل ما تشاء بشرط عدم أذية أحد، وأيّ خير يقوم به الإنسان يعود عليه مضاعفاً ثلاث مرات، وأيّ شرّ يرتكبه الإنسان بحق آخر يعود عليه مضاعفاً ثلاث مرات، وعلى أتباع هذا المذهب الالتزام بالفضائل الثمانية التالية: حفظ القسم، والقوة، والجمال، والقدرة السحرية التي تكتسب بعد عملية طويلة من التعلّم، والفرح، والاحترام، والرحمة، والتواضع.
أمّا حركة الحسيديم المسمّاة بالرحيمين، فهي حركة يهودية، تأسست في شرق أوروبا بقيادة الرّابي إسرائيل أليعازو، الذي لُقب ببعل شم هطوف، وهو نفر من الطّابع الأكاديمي لليهودية، وأكّد على الروحانية والصوفية، وعلى أنّ حبّ الله والشعور بالدفء الإلهي عبر الصلاة أهمّ من التدريس الديني. وتختصر الطروحات الروحية في هذه الحركة في الحلول الإلهي، والديفيكوت، والكافاناه، النزعة الصوفية القلبية، والتركيز على المجاعة، وعلى أنّ الصديق وسيط بين الله وشعبه، والطقوس المفرحة، ورفض الدولة.
والكابلاه هي من الحركات الدينية اليهودية كذلك، وهي حركة ذات بعد صوفي، وهي فن روحي يقوم على التفسير الباطني للتوراة، ومن ثم التأمّل الروحي وفقاً لها، وقبول سكينة الله بشكل يؤدي لنوره المفقود، وصولاً إلى خلاص العالم. وللكابلاه اهتمام شديد في التأمّل الذي يقوم على ممارسة السّحر، ومسح نص الزوهار، واستخدام التعاويذ بأسماء الله، والصّلاة الحسيدية، وتفسير الأحلام، والعمل الصالح وإشاعة الخير.
ويقدّم المؤلّف بعد ذلك الديانة الغنوصية التي يقول إنّها حركة انتشرت ضمن الكنيسة الأولى، وبالانشقاق عنها، وهي ترى أنّ خلاص الإنسان يكون بالمعرفة، وأنّ المادة شرّ، وأن خالق العالم شرير، بينما الرّوح خيرة، وذات أصل إلهي نوراني انبعث من مملكة النّور. وكذلك حركة المتجددين نشأت ضمن الكنائس التقليدية مع انفصال بعضها، واتخاذ خط منفصل. وما يجمع أفراد هذه الحركة إيمانهم بالتجديد الرّوحي الذي يقوم به الرّوح القدس في حياة المؤمن، ويطلق عليه( الولادة الثانية).ويمتدّ اسم المتجددين أحياناً ليشمل المعمدانيين وكنيسة الناصري.
وتأتي الكنيسة الروسية لتقدّم شكلاً مختلفاً للدين المسيحي والكنيسة، إذ تتنوّع الممارسات الكنسية الروسية الأرثوذسية كثيراً، وهي تعبّر عن مدى التصاق الشّعب الرّوسي بالمسيحية، لاسيما أنّ المسيحيين الروس الأرثوذكس متمسكون بالمجامع الكنسية السبعة، ويقولون بتجسيد الله في يسوع المسيح، وبصلبه فداءً للبشر، وبأسرار الكنيسة مثل العمّاد، والزّواج، والميرون وغيرها.في حين أنّ لهم ممارسات خاصة مثل: الهيسكازم، والتألّه، وإكرام الإيقونات، وتأمّل التجلّي.
ويبدو أنّ الحديث عن المسيحية والكنيسة يستدعي عن المؤلّف التطرّق إلى موضوع التبشير في العالم الإسلامي ، وذلك في فصل مستقلّ عن هذا الأمر.وهو يطرح هذا الأمر عبر مقدّمة تاريخية لبدايات التبشير في العالم الإسلامي، مروراً بإحصائيات مثبتة في جداول مستقلة في الكتاب لهذه الظاهرة في كثير من الدّول الإسلامية، انتهاءً بالتطرّق إلى وسائل التبشير، وهي: توزيع الكتب التبشيرية، والتعليم، والطّب، والفضائيات، ومواقع الإنترنت.
وبعد طرح هذه القضية الشائكة ينتقل المؤلّف إلى فكرة جديدة في كتابه، وهي عرض للغيرية العرفانية في فلسفة العلاقة بين الرجل والمرأة في الطبيعة، ويبدأ بتفصيل هذه الثنائية عبر طرحها من أكثر من منظور أو وجهة نظر، فيبدأ بطرح رؤية الوثنية القديمة والماسونية لثنائية الرجل والمرأة، مروراً بتشريح الحبّ عند الرجل والمرأة في الكاماسوترا الهندوسية، انتهاءً بتفسير ظاهرة الحبّ برؤية وجودية.
ويجعل المؤلّف من ثنائية الرجل والمرأة معبراً ليطرح قضية جنسية باتت تؤرّق العالم ، وهي المثلية التي غزت الغرب بشكل خاص، وإن كان لها جذور تاريخية قديمة قدم الإنسانية ذاتها، فقد عرف اليونان والرومان المثلية، كما دعا محاربو الساموراي اليابانيون إلى المثلية، وفي الهند نجد الأمر ذاته، بل إنّنا نجد أتباع المذهب العلوي والإباضي في الإسلام يبيحون نكاح الرجل للرجل، ويعدونه من كمال الخلق.
وفي إزاء الحركات الدينية المطروحة تأتي الفلسفة السّوداء لتقدّم نفسها فكراً وديناً ومنهجاً في الحياة. وهي تؤمن بأنّ الإنسان ليس سوى حيوان من حيوانات الطبيعة، كما ترى أنّ الدافع الأساسي للإنسان في الحياة هو تحقيق اللّذة، وتجنب الألم، وأنّ الفردية هي الواقع الحقيقي، وما المجتمع إلا واجهة أو أكذوبة اخترعها أفراد هم بالطبيعة وبالضرورة أعداء لبعضهم البعض، وأخيراً ضرورة تلبية نداء الطبيعة، وعدم كبحه. وأهل الفلسفة السّوداء عموماً ملحدون أو حلوليون يرون أنّ الله هو الطبيعة.
ويستعرض المؤلّف في الجزء الأخير من كتابه أبرز الحركات الدينية في خضم القرن الحادي والعشرين التي يختزلها في الهندوسية، والماسونية، والثيوصوفية، والإلحاد الذي يتمثّل بقوة في المدرسة الماركسية، والمدرسة الوجودية، والمدرسة النيتشوية.