يكشف الباحث الفلسطيني هنا عن خطورة تنامي الديون السيادية في الولايات المتحدة الأمريكية وتحرير قدرتها على طبع الدولارات من كل القيود والكوابح، على الاقتصاد العالمي من ناحية، وعلى قدرة الاقتصاد الأمريكي نفسه على الاستمرار والنمو من ناحية أخرى، ويحذر من عواقب هذه الظاهرة الوخيمة.

الديون السيادية

دراسة لحالة الدين العام الأمريكي، في ظل المطالبة برفع سقفه

سالم محمد سالم

لقد كان موضوع الديون السيادية في أية دولة موضوعا خطيراً وحساسا للغاية، حيث يمكن تعريف الدين العام في الدولة بأنه: "اجمالي الأموال التي تقترضها الدولة (الحكومة) من الأفراد والمؤسسات لمواجهة أحوال طارئة ولتحقيق أهداف مختلفة"، وذلك عندما لا تكفي الإيرادات العامة لتغطية النفقات العامة التي تتطلبها هذه الأحوال الطارئة مثل الحرب وحالة التضخم الشديد، ولتمويل مشروعات التنمية ولمواجهة النفقات الجارية العادية حتى يتم تحصيل الضرائب حيث أن مواعيد التحصيل قد لا تتوافق تماما مع مواعيد النفقات الجارية، ويمكن أن يكون الدين العام على شكل سندات غير قابلة للتداول أو أذونات خزانة قصيرة الاجل لمدة ثلاثة أشهر او اكثر، أو سندات قابلة للتداول من خلال أسواق المال العالمية.

مفهوم الديون السيادية Sovereign debt concept:
هي الديون المترتبة على الحكومات ذات السيادة، وتتخذ أغلب هذه الديون شكل السندات، وعندما تقوم الحكومات بإصدار سنداتها فإنها تسلك سبيلين لا ثالث لهما:
1. طرح سندات بعملتها المحلية، وغالبا ما تكون هذه السندات موجهة نحو المستثمرين المحليين.
2. إصدار سندات موجهة للمستثمرين في الخارج بالعملة الاجنبية، والتي غالبا ما تكون بعملة دولية مثل
الدولار أو اليورو، وفي كلا الحالتين يسمى دين حكومي.
وفي جميع الحالات فان الديون السيادية تحدث بسبب فشل الحكومة في أن تقوم بخدمة ديونها المقومة بالعملات الأجنبية، وبالتالي تعجز عن سداد الالتزامات المستحقة عليها بموجب ذلك الدين السيادي، الا ان الحكومات تعمل جاهدة كي تحول دون عدم قدرتها على سداد ديونها، حيث ان مجرد وجود إشارات فقط تشير إلى ذلك، يؤدي إلى فقدان
المستثمرين في الأسواق المالية العالمية الثقة في حكومة هذه الدولة، وتجنبهم الاشتراك في أي مناقصات أو خصومات لشراء سنداتها في المستقبل، وقد لا تقتصر ردة فعل المستثمرين على أولئك الذين يحملون سندات الدولة، وإنما يمتد الذعر المالي أيضا باقي المستثمرين الأجانب في هذه الدولة والذين لا يحملون هذه السندات، وهو ما حدث في "أزمة الديون السيادية للأرجنتين في العام 2001 م، حين قام المستثمرون الأجانب (الذي لا يحملون سندات الدين السيادي للدولة) بسحب استثماراتهم من الأرجنتين في ذلك الوقت، مما أدى إلى حدوث تدفقات هائلة للنقد الأجنبي خارج الدولة، ومن ثم حدوث نقص حاد في النقد الأجنبي لدى الدولة، الأمر الذي أدى إلى نشوء أزمة للعملة الأرجنتينية".[1]

ومن الجدير ذكره وجود عدد من وكالات التصنيف الائتماني في دول الغرب تدعي الاعتدال وعدم التحييز، من أشهرها وكالة "فيتش ، ستاندرد اند بورز، و موديز... وغيرها"، حيث تقوم بتصنيف الدول بحسب قدرتها على الالتزام بتسديد سنداتها الحكومية واذونات الخزينة قصيرة الاجل في مواعيد استحقاقها، حيث اعدت لهذا الغرض درجات مختلفة تبدأ من الاقوى قدرة على الالتزام بالسداد الى الاقل فالأقل، (فعلى سبيل المثال ان كانت قدرة الدولة على الالتزام بالسداد عالية يتم منحها درجة AAA، فاذا انخفضت قليلاً تكون AA ثم A، وبعد ذلك BBB، ثم BB، وB، وهكذا ...) .

عاصفة الديون السيادية:
هل تسير امريكا على خطى اليونان وديون منطقة اليورو؟ وهل ما حدث منذ فترة وجيزة من عجز دولة اليونان عن الالتزام بسداد ديونها السيادية سيتكرر بشكل ربما أقوى مع الدولة الامريكية في قادم الايام؟ وسوف احاول استعراض بعض الحقائق التي ربما تعطينا اجابة على هذه الاسئلة ، فلقد كانت "اليونان أولى ضحايا "اللانظام" العالمي في القارة الأوروبية"[2]، فخلال أقل من عامين، تحولت مشاكل الديون السيادية اليونانية إلى أزمة حادة، تكاد تعصف بالنظام الاقتصادي والسياسي لهذه الدولة، وتثير مخاوف متصاعدة حول مستقبل العملة الأوروبية الموحدة، واستمرار مشروع الوحدة الأوروبية ذاته، كما تمتد تداعياتها لتهدد باندلاع أزمة مالية عالمية جديدة، قد تفوق في قسوتها أزمة عام 2008.

وبمقارنة الديون السيادية مع الناتج القومي للدول، نجد بأن الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة، أوروبا واليابان تعاني مستويات مرتفعة من الدين الحكومي الذي بلغ في العام 2007 46% من اجمالي الناتج القومي للدول المتقدمة مجتمعة، ثم الى 70% عام 2011 م ويتوقع خبراء الاقتصاد ان تصل مستوى 80% من الناتج القومي الاجمالي في العام 2016. من جهة أخرى فان الاقتصادات الصاعدة (Developing Economies) وعلى رأسها الصين، حدث معها العكس، حيث كان نسبة الدين العام الى اجمالي الناتج القومي 28% عام 2007، وانخفض الى 26% عام 2011 م، ويتوقع الخبراء ان ينخفض الى 21% بحلول العام 2016 م.[3].

لقد فسر بعض الخبراء ذلك الانقسام والحالة العكسية في مؤشر الديون السيادية بالمقارنة مع الناتج القومي بين الاقتصادات الصاعدة والمتقدمة، بأنّ النموذج الرأسمالي الغربي، الذي صنع موجة الرخاء الاقتصادي بين عامي 1980 و2008، قد تحطم، حيث إن قدرته على إنتاج وبيع السلع والخدمات قد تجاوزت بمراحل بعيدة قدرة المستهلكين على الاقتراض والإنفاق، وهو بذلك عاجز عن تحقيق النمو، وتوفير فرص العمل وتحقيق مستويات معقولة من الدخل لمواطنيه، هذا ناهيك عن زيادة الانفاق العام بشكل واضح بعد عام 2001 م، بسبب الحرب على الارهاب (الاسلام) من جهة، ومن جهة أخرى اندلاع ازمة المال العالمية في العام 2008 م وما تم ضخه من أموال طائلة في محاولة لمعالجتها، ولهذا ... ليس مستبعدا في قادم الايام أن تقع الدولة العظمى بما وقعت به دولة اليونان.

الصين و"مصيدة الدولار":
يأتي الموقف الصيني، بحسب (ياو يانج)، وهو مدير مركز الصين للبحوث الاقتصادية بجامعة بكين، بناءً على رؤية مفادها أن الأزمة اليونانية لم تنتج عن مشكلة سيولة، ولكن عن غياب الإرادة السياسية الأوروبية في تحمل الأعباء اللازمة لتجاوزها. يتضح من هذا الموقف الصيني بان لها مصلحة اقتصادية في دعم الاتحاد الاوروبي وعملته (اليورو) . فاستمرار اليورو كعملة قوية في الاقتصاد العالمي يشكل مخرجا لها من "مصيدة الدولار"، الذي يقدر المحللون أنه يشكل اكثر من ثلث الاحتياطي للصين من النقد الأجنبي،  فالاتحاد الأوروبي هو ثاني أكبر شريك تجارى للصين، حيث ترى الدولة الصينية بأن على الدول الأوروبية -خاصة ألمانيا- تنحية مصالحها الضيقة جانبا، وتغليب المصلحة الأوروبية العامة قبل أن تطلب الدعم من خارج أوروبا، من ناحية أخرى، تدرك الصين أن الاستثمار في السندات الحكومية اليونانية أو الإيطالية قد أصبح محفوفا بالمخاطر، ولن تقبل عليه إلا إذا حصلت على ضمانات قوية من ألمانيا وفرنسا، وهو ما لا يبدو أن الدولتين على استعداد لتقديمه.

ومن ناحية أخرى فان الصين تحاول جاهدة منذ بضعة سنوات الانعتاق من دولار امريكا والتخلص منه من خزائنها في الوقت المناسب، وقبل فوات الاوان وقبل أن تتجاوز ديون امريكا سقفها الاقصى بل ناتجها المحلي الاجمالي، وعندها تقع الفأس في رأس الصين، ولات حين مندم، إلا ان محاولات الصين بائت بالفشل، وذلك بسبب عدم قدرة اوروبا وانشغالها بديونها، ووقوف امريكا ومؤسسات التصنيف الائتماني الامريكية لها بالمرصاد من جهة، ومن جهة اخرى لعدم وجود محور اقتصادي مستقل يعلن للعالم الانفصال والانعتاق من التبعية للدولار في النظام النقدي بين الدول، وبالتالي انقاذ الصين وغيرها من دول العالم من مصيدة الدولار.

الديون السيادية الامريكية American Sovereign debt:
لقد بلغت ديون امريكا العامة في العام 1980 م حوالي 908 مليار دولار أي اقل من تريليون دولار، أو ما يعادل 33.6% فقط من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي. لكن هذا الرقم قفز في نهاية ثمانينيات القرن الماضي الى لأكثر من ثلاثة أضعاف مستوياته في عام 1980، حوالي (3.2 تريلون دولار). وخلال التسعينيات تباطأت معدلات النمو في الدين العام الأمريكي، حيث شهدت تلك الفترة تحسنا واضحا في المالية العامة للولايات المتحدة، حتى أنه بنهاية حكم بيل كلينتون كانت الميزانية الأمريكية تحقق فائضا، وقد كانت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي عند مستويات معقولة، حوالي (57.5%)، ثم بحلول عام 2000 بلغ حجم الدين العام 5.7 تريليون دولار .

وعندما وقعت أحداث 11 من أيلول (سبتمبر) في العام 2000، كان الدين العام الأمريكي نحو 5.8 تريليون دولار، غير أن التحركات الطائشة للولايات المتحدة لاستعادة الهيبة الأمريكية عالميا والقضاء على ما يسمى بقواعد الإرهاب، كانت لها آثار مدمرة على مالية الولايات المتحدة ومستويات دينها العام، حيث أخذ الدين العام الأمريكي يتصاعد حتى بلغ نحو (9) تسعة تريليونات دولار في عام 2007 قبل انطلاق الأزمة المالية العالمية، أي ما يعادل نحو 65 % من الناتج المحلي الإجمالي، وقد تسبب نشوب الأزمة المالية العالمية، وانهيار قطاع المساكن في الولايات المتحدة إلى حدوث أكبر زيادة تحققها الولايات المتحدة في دينها العام، وذلك بسبب برامج الإنقاذ الضخمة التي تبنتها الحكومة لاستعادة مستويات النشاط الاقتصادي ومحاولات الخروج من الأزمة أو ترقيعها، حتى بلغ 14.3 تريليون دولار في العام 2011 م، ونتيجة لذلك اضطرت الولايات المتحدة إلى رفع سقف دينها العام عدة مرات، لكي تتمكن من اقتراض المزيد من الدولارات اللازمة لاستيفاء احتياجات الإنفاق لاقتصاد ضخم مثل الولايات المتحدة، بما في ذلك خدمة الدين نفسه. لقد اظهر الدين العام الامريكي نموا متزايدا في الستين عاماً الاخيرة، وبالتالي زيادة في نسبته مقارنة مع الناتج المحلي الاجمالي كما أسلفنا، حتى وصل حدود 14.3 تريليون مع نهاية العام 2011 م، وفي هذا العام 2013م، تطالب الحكومة برفع سقفه بما يتجاوز 16 تريليون دولار. والجدول التالي يوضح التزايد في ديون امريكا عبر السنين الماضة ولغاية العام 2010 م[4] :

يتضح من الجدول السابق أن اجمالي الدين العام الامريكي بلغ 13.7 تريليون دولار مع نهاية العام 2010 م، ويشكل ما نسبة 93.2% من الناتج المحلي الاجمالي لأمريكا، ومن الجدير ذكره بانه تعدى سقف 14 ترليون دولار في العام 2012 م، مما يثبت انه في تزايد كبير ولا يقف عند حد معيّن. أما من حيث الديون التي عقدت من قبل الجمهور، فإنها تشكل ما نسبته 62% من الناتج المحلي الاجمالي لأمريكا بقيمة تجاوزت تسعة (9) تريليون دولار كما يظهر في الجدول السابق والمخطط البياني اللاحق.

وهو ما يؤكد التزايد المستمر في نسبة الديون السيادية لما يسمى بالدولة العظمى بالنسبة الى اجمالي ناتجها المحلي ، مما يجعلنا نتوقع ان يأتي يوم مستقبلاً يتساوى فيه الدين الامريكي مع الناتج المحلي الاجمالي لها ، وربما يتجاوزه ببضعة مليارات وبالتالي لن تستطيع الدولة الامريكية اطلاقا الوفاء بديونها والتزاماتها تجاه مواطنيها والعالم بأسره .

·                    يمثل المنحنى باللون الاحمر، نسبة اجمالي الدين العام الامريكي الى الناتج المحلي الاجمالي، حيث يظهر تجاوزه نسبة 85% بين العامين 1950 و 1960 ثم انخفاضه لغاية العام 2004 ، وزيادته حتى وصل 93% مع نهاية العام 2010 م كما اسلفنا .

·                    يمثل المنحنى باللون الازرق، الديون الامريكية التي عقدت من قبل الجمهور، والتي ظهرت في الربع الثالث من العام 2010 م بنسبة 62% من الناتج المحلي الاجمالي.

أزمة رفع سقف الدين العام الامريكي في العام الحالي 2013 م واسبابها:
لقد تفجرت هذه الازمة في هذا العام خلال اعداد الموازنة العامة الامريكية للعام القادم 2013 – 2014 م والتي تبدأ بحسب السنة المالية الامريكية في 1/10/2013 ، حين عرض اوباما مشروعه للرعاية الصحية المسمى "أوباما كير"، وذلك بهدف معلن وهو توفير الضمان الصحي لملايين الموطنين الامريكيين من ذوي الدخل المحدود، لكن الحزب الجمهوري أدرك ان المشروع يقصد منه شعبية انتخابية لأوباما وحزبه الديمقراطي، حيث رفض الحزب الجمهوري تخصيص ميزانية لمشروع "أوباما كير" ، ثم طالبوا بوضع تصور مشترك للمشروع ليصدر باسم الحزبين، كي لا يكسب أوباما أي رصيد انتخابي، كونهم يملكون الاغلبية في مجلس النواب.

لقد كانت تلك الازمة هي الشرارة الاولى بل المدخل لازمة "مطالبة الحكومة برفع سقف الدين" التي حدثت في منتصف شهر تشرين اول 2013 ، وذلك بسبب تجاوز الدولة الامريكية في استدانتها السقف الاعلى المسموح به للدين وهو 16.7 تريليون دولار، وهو السقف الذي أقرّه الكونغرس وأوجب على الحكومة أن لا تستدين اكثر منه، ويرفضه الجمهوريون بشدة، حيث قال رئيس مجلس النواب الجمهوري: "لن يسمح للكونغرس برفع سقف الدين الا اذا قدّم أوباما تنازلات بشأن برنامجه الرعاية الصحية (أوباما كير)، فلا يمكن أن نرفع سقف الدين بدون أن نتعامل مع ما يدفعنا لاقتراض مزيد من الاموال".

انه لمن الواضح من تجاذبات الحزبين أن كليهما يريد رفع سقف الدين واقرار قانون الرعاية الصحية بعد تعديله لتكون صبغة الحزب الجمهوري فيه، لكن المستهجن في هذه الحالة الامريكية والذي يجدر الوقوف عنده ، هو أن الوضع الطبيعي للدول يجب ان يرتكز على اساس ضبط شؤونها الاقتصادية والمالية لخفض ديونها السيادية وليس لزيادتها ، لكن أمريكا هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا تعبأ في أن تغرق نفسها في الديون، فهي تصدر سندات كما تشاء وتضمن سدادها في الظروف المناسبة ، وذلك بسبب تربُع دولارها على عرش النظام النقدي الدولي ومراهنتها على قوة اقتصادها من ناحية، ومن ناحية أخرى قدرتها على طبع المزيد من الدولارات دون قيد أو شرط ، ودون وجود رصيد من عملات صعبة في خزائنها كما في بقية دول العالم ، خصوصاً وأن دولارها يتحكم بنسبة كبيرة في احتياطي الدول الاخرى الصناعية.

ثم ان الدولة الامريكية لا تلقي حساباً عند طباعة الاوراق النقدية لا لصندوق النقد الدولي كونها صاحبة النفوذ الاكبر فيه ، ولا للانخفاض في سعر الدولار او تضخّم الاسعار ما دامت ترى مصلحتها في ذلك ، فلقد قامت أمريكا بطباعة اكثر من 2 تريليون دولار ابان الازمة المالية التي انطلقت في العام 2008، مما ادى الى ارتفاع المضاربات على اسعار النفط حتى وصل سعر برميل النفط قرابة 150 دولار، فكان لطباعة تلك الاوراق هدفاً يمكًن امريكا من شراء اكبر كمية من النفط لتضعها في مخزونها، وهي رأت في ذلك مصلحة لها تفوق انخفاض سعر الدولار وتصاعد الاسعار.

ان انهيار الاقتصاد الامريكي بناءً على تلك المعطيات، هو في أن تظهر دولة لا تقيم وزناً لدولار أمريكا اطلاقاً، بل تتعامل معها اما مقايضة بسلع مقابل سلع أو بالعودة الى قاعدة الذهب في التبادل النقدي ، وفي كلا الحالتين نعتقد بان دولار امريكا عندها يصبح لا يساوي قيمة الحبر الذي طبع فيه ، ثم انه من الواضح ان زعيمة المعسكر الرأسمالي اثبتت فشل نظامها، بعد أن مكنت الفئة الرأسمالية الحاكمة من رقاب الناس وخاصة عامة الناس و الفئة الوسطى. فكما أسلفنا فان الحزبان لا يهمهما الرعاية الصحية للناس بدليل انه يوافق على إقرار المشروع بعد التفاوض عليه لينسب الى الحزبين ، فالعبرة ليست في محتواه كما نرى بل في مدى جدواه الانتخابية ، ومما سبق يتبين ان الرأسمالية تفتح المجال للرأسمالي لاستغلال العامة لزيادة رأسماله وثروته خاصةً من الفئة الحاكمة.

وفي الختام ... فلقد تناسى العالم النظام الذي يكفل سد الحاجات الاساسية لجميع أفراد الرعية ، ثم توزع فيه الملكية العامة على الناس لحفظ أمنهم وعيشهم ، هذا النظام الذي يحقق حياه اقتصادية آمنه وعادلة تصلح شأن الناس بل المخلوقات بأسرها، فالخالق جل وعلا هو أدرى بما يصلح الناس ، حيث قال جل من قائل:"ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير"[5] .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله

كلية فلسطين التقنية/ العروب

 



[2]عنوان مقالة للكاتب: كارن أبو الخير

[3]  انظر المرجع السابق

[5] سورة الملك ، آية ( 14  )