رحيل المسرحي الجزائري الكبيـر “محمد بن قطــاف”

توفي الممثل القدير ومدير المسرح الوطني محمد بن قطاف، ليترك فراغا كبيرا في الفضاء الابداعي الجزائري، وتمتد تجربة الراحل الإبداعية عبر أكثر من خمسة وثلاثين عاماً من المسرح... هو ممثل ومؤلف، ومقتبس ومترجم ومخرج، كانت بدايته في المسرح الوطني الجزائري عام 1966 عبر المسرح الاذاعي، حيث ساهم بجزء كبير في هذه الدائرة إلى حين انصرافه منها عام 1989، هذه التجربة لم تزده إلا إصراراً على مواصلة العمل فترة أبرزت فيه “الممثل”... وسُمي آنذاك “بوحش الخشبةبالمعنى الإيجابي للكلمة، بعدها وبسنوات قليلة اشتغل على الاقتباس والترجمة، قد يكون ذلك بسبب قلة أو غياب النص المحلي، فقدم “ايفان ايفانوفيتش هل كان موجوداً؟” لمؤلفها ناظم حكمت “البدلة العجيبة ذات لون الجوز الهندي” لمؤلفها “راي براد يوري”، كما قدّم لمؤلفين جزائريين أعمالاً منها: “الرجل ذو النعال المطاطية” لكاتب ياسين و«باب الفتوحات” لمحمد ذياب، وهو كمخرج قام بإخراج العديد من الأعمال نذكر منها: “الرجل الأحدبلمحمد التوري و«جحا والناس” و«إلهي لقد رُفع الستار” وهما من تأليفه، كما أنجز “حسناء وحسن” 1975 و«قف” 1979 و«عقد من اللؤلؤ” 1984 و«جيلالي زين الهدات” 1986 و«الصرخة” 1989 و«فاطمة 1990” و«التكرار” 1994 و«الواقعة الثانية” 1996 و«صباحات السكينة” 1998... بالإضافة إلى نجاحه في الاقتباس المزدوج الى العربية والفرنسية في رواية “الشهداء يعودون هذا الأسبوعللأديب الطاهر وطّار و«باية” لمؤلفها عزيز شواكي... ثم جاءت “العيطة” فكانت الصرخة المحررة التي خلصته من الرقابة الذاتية والاستيعاب الذي كان ناقصاً لخفايا اللسان المسرحي، حيث تغلبت اللغة الغنائية على الجانب المسرحي وسيطر اللفظ والكلام على الفعل والحركة، العيطة وسعت ذاكرة فضائه وانتبه الكثير إليه إلى ما وراء المتوسط وبالضبط في مهرجان غرونوبل 1989 ثم في مسرحية “فاطمة” التي قُدّمت في العرض السنوي الأول للمسرح الجزائري، وتألقت معه آنذاك الفنانة القديرة صونيا، والعمل كان “مونودراما” وهي تجربة حديثة آنذاك في الجزائر، وأجمع الجمهور والنقاد على نجاحها.. ويرى الكثير من متتبعي مسيرة بن قطاف أن ثلاثة عوامل ساعدته على الابداع وهي، تحرر أفكاره وانعتاق كلمته من القيود بعد أحداث أكتوبر 1988 وتجربته الفنية عبر ربع قرن من العطاء، ثم علاقته مع المخرج زياني شريف عياد والفنانة صونيا... فكان ميلاد مسرح “القلعة”، حيث قدموا أعمالا شهد لها الجميع بالنجاح وكان فيها نوع من الرقي والابداع شكلاً ومضموناً.

شارك محمد بن قطاف في مهرجان دمشق المسرحي بمسرحية “التمرين”، وقصة “التمرين” وإن كانت تبدو بسيطةً في شكلها العام...  اليوم أكمل بن قطاف الخمسينية من المرحلة الكبرى لمسيرته، أحرز خلالها رصيداً هاماً من الأعمال تطبعها المهارة المهنية، أعمال تُقّدم على خشبة مسارح باريس وبروكسل، وباماكو وتونس ودمشق.