لك النقطة ُ
ولنا النكتة ُ
وعبيرُ هديل يتهادى بين شرفة وأخرى
لك الصمتُ
ولي الصوتُ
والثرثرة ُتقتل مللاً شتويّا حول موقد النار.
لك البهجة ُ
ولهُ ضجيجُ العُرس في مساء صيفي،
لنا ماكنة ُ القهر.
ولهم أيضاً صداعُ الرأس
أتركُ وراء خطوي زوبعة غبار فقيرة، وعيني كُحل ٍ تتبعان قامتي، كنتُ استبسلُ لأخرج من الفرن الصيفي الى بقعة ظلّ في دارتنا الفقيرة .
أحملُ تعبَ النهار كلما يستقبلني ذا الدربُ أوانَ عودي الى مثواي، ثمة في انتظاري كنزُ الراحة ولقمة ُ المساء. وأناملُ أمي العجوز تمسح عرقي.
ومدائنُ الحلم المفتوحة أمامي.
لكنّ الفجرَ بدءُ الجحيم والجنون والأعذبة الواناً وأشكالاً،
تُضيفني من السادسة حتى السادسة .
وأعود ...
نائماً عائماً في أهوية الوجع، من النسغ حتى مسام الجلد .
غادرني الفرحُ وغشي كفيّ والأصابع القرَحُ.
وحين غيّب الزمنُ هسيسَ أمي أكلتني وحدتي، وتلقّفني الصمتُ والخوفُ .
لهمُ العيشُ، ليله ونهارُه ،غنىً وترفاً
ولنا النكدُ الزقومُ كلّ فصول السنة
تُرى، تلك هي العدالةُ تتمفصلُ فيها الكتبُ والدساتيرُ
لنا اللعنة ُ والشناعة ُ والنبذُ والآقصاء والقمعُ
ولكلّ محظوظ كيلٌ من رغد وسعد .
المساءُ الصمغي يصحبني ويودّعني حتى باب المنزل وكذا... تلكما العينان،
فلمَ لم التفت الى الشعاع النازل عليّ من قاعهما ؟
هذه المرّة لن تكون كسابقاتها.
سأقف أمام فتحة الباب أرنو الى القمر الذي يشيّعني كلّ مساء.
في هذا الدرب الضيق المهجور من كلّ أحد، سافجّرُ مجرى حياتي.
احتضنتني فتحة ُ الزقاق، تجاوزتُ بابين ، وثلاثة، وأرخيتُ زمامي أمام الباب السادس.
هي في انتظاري رميتُ كلّ شوقي عليها ، توارت ، لكنّ نبضات قلبها تهادت وراء الباب. طالت غيبتُها ، واستطال مكثي، ثمّ ... عنّ القمرُ، ما أنورَها يختزنُ كلّ أسرار الكون :
- أتسكن قربنا ؟ تساءلتْ
- اتنتظرين عودي كلّ أمسية ؟
تهزّ رأسها ..نعم
- اتعرفينني ؟
تهزّ رأسها : نعم .
- كيف ؟
- لا أعرف .
- اتنتظرين آخرين من المارة ؟
رفعت يدها بعصبية :
- لا..
ثمّ اختفى القمرُ.
تمرّ اسابيعُ ولم تظهر . لكني اكتشفتُ أنها ترقبني من وراء النافذة العلوية .
توسلتُ اليها أن تنزل فسحبت الستارة وانطفأ الأملُ الانور .
......
تجيءُ أيام قابلة نتخاطبُ ونتحاور. وغبّ أنهيتُ الجامعة. كانت اختفت.
تزوّجت وانجبت، ولم أرها كرّة أخرى .
غادرني الزقاقُ، فتسربلتُ بمدينة بعيدة كانت حلماً مستحيلاً من أحلامي.
هي في مُنتهى المجهول وأقاصي الجنوب.
شاعر وتشكيلي عراقي