القبر ليس بيتا صالحا لشهيد
كلما أخرجتم جثتي
من قبري البعيد
لكي تقتلوني من جديد
لم تجدوني فيه
لماذا تطلبون الحي بين الأموات؟
فتشوا في الغمام
في الزحام
في الشوارع والحارات
في المكتبات
في الشعر
في الموالد
بين منشدي الأناشيد
فالقبر ليس بيتا صالحا
لشهيد
لمن سيكون الهتاف الآن؟
قد أقفر الميدان
وصارت المدينة
ثكنة عسكرية
فنسأل نحن الذين خرجنا
نحمل أرواحنا
ونهتف للحرية
لمن سيكون الهتاف الآن؟
علي سور مدينتي
لي جناحان
جناح أطير به إلي عاشقتي الغيمة
وجناح آخر
للذل والرحمة
لي جناحان مكسوران
جناح أسندته علي سور مدينتي
ينتشل الشهداء واليتامي
وجناح أخفيته في بيتي
لأطير به ذات ليل
نحو مقصلتي
دم الأصيل
لا أريد لظل المدينة أن يرتمي
فوق وجهي فلا أبصر النصل
يهوي لينهل من دمي
أينما تلفت أصابتني طعنة
وكل حرف أقول
يجرح لي فمي
لا أريد لسور المدينة أن يرتفع
فوق رأس النخيل
كلما طار سرب حمام وقع
وغاص في كبد الشمس سيفٌ
فسال دم الأصيل
لا تهيض الجناح ولا تمتنع
عن عناق رسائلنا يا حمام
ولا تكف عن الهديل
فالنخل مازال أعلي من السور
وما زال يجري بأجمل أحلامنا النيل
كف بلادي
قلبي محبرة
ودمي مدادي
أكتب إسمي مرتين
مرة
علي لوح مقبرة
ومرة
علي كف بلادي
الميدان
الميدان - الثورة
الميدان - القدرة
الميدان المحبوب المكروه
لن يقدر طاغية أن يمحوه
سيظل الميدان قلادة مصر الحرة
حتي لو هدموه
ليس الميدان مكانا، بل فكرة
نصائح في زمن القتل
صعبٌ أن تبقي في زمن القتل
ظلاً أو بعضاً من ظل
ولكي تهرب من أوزار المسئولية
لك أن تتخيل
أنك ممسوحٌ بالحق
وأنك منطوقٌ للمنطق
وأنك عنوانٌ للشرعية
لا لوم إذن
لا بأس ببعض القتل وبعض خيال الظل
وبعض الرقصات الشعبية
مادمت ستطلع في الشاشات الفضية
تشجب بعض القتل وتصمت عن آخر
وتحارب في معركة وهمية
إلبس ما شئت من الأقنعة اليومية
وتلون ثم تبدل
صعبٌ أن تبقي في زمن القتل بغير هوية
لك أن تختار
إما أن تقتل أو تقتل
فلتسقط في الميدان شهيدا
أو فلتصبح مأجورا عربيدا
أو فلتحمل فوق الرأس بضاعتك الأصلية
دم الشهداء وشارتك المفضوحة
وتتاجر في الأسواق المفتوحة
وتبيع لصاحب أي قضية
شهادتك المجروحة
لا أحد اليوم يدقق
في التزوير بأوراق رسمية
صعبٌ أن تبقي في زمن القتل نقيا
إن حاولت ستكشف عنك خطاياك
وخباياك الفائحة المفضوحة
لا جدوي من أن نستدعي أقوال الشاهد
أو تضييع الوقت لمعرفة الفاعل
إما أن تقتل أو تقتل
فإذا مت فأنت شهيدٌ
وإذا عشت فأنت القاتل