هنا يسجل لنا الشاعر البحريني الأشهر تجربته في مدينة برلين، يحاول أن يتستنطق ليلها، ويقرأ أسرار غاباتها، ويتعرف على ترسبات تواريخها القديمة وقد استقرت في تضاريس المدينة وجغرافياها.

ليلها

قاسم حداد

في ليلِ برلين
يُخطئ مستوحشٌ بابَ أحلامه،
كلما انتابه النومُ
أطلقَ أشباحه في الهزيع الكثيف من الوقت،
يُخطئ مستوحشٌ
عندما ينهمرُ الخوفُ من ليلها.

برلين ليستْ علي رِسْـلِها
بيتها غابة،
برلين محروسة بالكلُورُوفيل
بالأخضر الفائض المُستهام
بالبحيرات والإنسجام،

برلين تسهو قليلاً
فيستيقظ تاريخُـها في التفاصيل،
في دفتر الحرب
منسابة في ما تبقي من الحجر القرمزي
من الفرن يخبز طيناً ويرسمه للجياع
من المرتجي في ضياع الهروب الكبير
من الموت
مما تبقي لبرلين من صوتها
من الليل أطول من نومها.

يا ليل برلين
يا حارسَ الخطوات البطيئة عبرَ الممرات
قـلْ خبراً واحداً يسعفني في صباحٍ بعيد
قلْ كيف اقرأ أخبارَها

كيف أساعدها كي تري في الظلام الوحيد
احتمالاتـَها في كتابي؟

يا ليلَها قلْ لها
كيف سأقرأها في كتاب الصباح،
مثلما يصنع الخوفُ لي
ما يـلي في الخطي الراعشة
شرفتي الموحشة
سفرٌ موغلٌ في التآويل
في معجم الليل،
تاريخها، منتهاها،
لها ما يحضّ علي الذكريات
ما يجعل السورَ إرثَ الكوابيس
ما ينتهي حين يبدأ
ما يستحيل اختزالاً مُخلاّ لها

وهي في ليلها
في الهزيع السريع من الحلم.

يا ليل برلين
دعني أفسّـرُ ما سوف يبقي من الروح
في البدء والمنتهي.

شاعر من البحرين