كرست الشاعرة المغربية مكانتها الإبداعية في المشهد الشعري عبر مجموعة متلاحقة من الدواويين الشعرية، وها هي تواصل هنا في تلك القصيدة مسيرتها مبلورة خصوصية تجربتها وصوتها الشعري الفريد.

رحلة التيه

مليكة العاصمي

 

ـ 1 ـ

عــزيزتي

دعي لقلبي حمل حزنه الثقيل

إلـى مرتع جـذاب

للإغتراب في  الشعــاب

أضيـع يــا عزيزتي

أتبع في الأفق السحـاب

لقد رحـل

لا تدركيـن

معنى رحـل

معناها يا عزيزتي أني أضيع

في لا مكـان

خلـفه

أراه

أو ظلا لـه

أصير روحا حائمـا

و هائـما

أضيع فـي المـدى

لعلني أضمـه

أغدو دخانا شـاردا

و ما الدخان يـا عزيزتي

سوى احتراق جسمي الـذي

يبدو عليه باردا

ـ 2 ـ

كتلتي التي ترين

وهم كبيـر

لقد تبخرت لتقطع التـلال

تمضي بدون و جهـة

و لا مال

تبحث عن نسائمـه

عن غيمة من تبغه

تحضنـها

تلمـها

تشمها   فتستكـن

عن خيمة سـوداء

مثل لـون بذلتـه

تربض عندها كعابد حزين

تبحث عن قطرة ماء في غدير

تمسحت بشعره ذات شتـاء

حيــن رحـل

وغيمة ترسل دمعة الرحيـل

كالمـطر

عن قشة مكومة

لعل فيها

أحرفا صغيرة

كـاحرفه

ـ 3 ـ

أنا أضيـع

ليس باختياري اغترابـي

يشدني شعاع

من أشعتـه

يفتنـني

ينثرني

يفقدني صوابـي

إذا رحـل

يرحل خلفه قلبي كطائر

غريب

تلفحه الرياح

و اللهـيب

من العصافير الصغيرة

الرغيبـة الجنـاح

تتعبها المسافات الطوال

و الرياح

يجري وراءه عقلي

و في دوامة يتيه

عزيزتي

ليتك لملمت سنابل الدخان

منذ رحل

ليتك شددت الحصار

ـ 4 ـ

أنا أضيع

ليس باختياري اغترابي

أنا رياح فاريه

أجوب قطبي الشمال و الجنوب

أهيم

ليس لي اتجاه أو دروب

حزني ثقيل

لعله في لحظة يشدني

فأنحـدر

كالصخرة العاتية الصمـاء

غارقة في المـاء

حزني عميق كالبحار

كالأغـوار

كالآبار

يهدني

يهدني

يهدني

مراكش