يقترح علينا القاص عماد الورداني مجموعة قصصية باذخة موسومة بـ«عطر الخيانة» صادرة عن منشورات اتحاد كتاب المغرب. المجموعة الفائزة بجائزة اتحاد كتاب المغرب للأدباء الشباب في دورتها الجديدة تتسم بمتخيلها السردي المخصوص وبتعدد الفضاءات، وبتجريب طرائق جديدة في السرد القصصي عبر مساحة هذا العمل القصصي الذي يتكون من 74 صفحة من الحجم المتوسط، ويتكون أرخبيله السردي من القصص التالية: عطر، كانت إلى جانبي، حذاء الرافيا، رائحة الموت، سأرفع يدي، عطر الخيانة، سفح الخطيئة، الطريق إلى النور، سيدي المخفي، السيجارة التي بداخلك لا تنطفئ، ولادة اضطرارية، وجها لوجه، جاذبية وردة، لحظة مستعادة، رائحة لا يقبلها أحد، أنت هو أنت، حلم مؤجل. المجموعة تقدم مقترحها الجمالي عبر تعدد أشكال البناء السردي، وتنوع سماته الأسلوبية، مما ساهم في كشف شروخ الذات واختلالاتها وأعطابها خاصة منها الإدراكية والنفسية، من خلال علاقة الذات بالآخر وما يتخللها من اختلالات سلوكية عبر فعل الحب والخيانة الذي يجسد تحولا في القيم. فضلا عن السمات المشكلة لهوية الذات الساردة في علاقتها بفضاء مخصوص مثل القرية والمدينة، وفي علاقتها المتشابكة بحاضر الحاضر ، وحاضر الماضي- ذاكرة الطفولة – وهو ما يسمح باقتناص لحظات زمنية لتتحول عبر جماليات السرد القصصي على عوالم مختلفة تنماز بلغتها الدقيقة والعميقة التي جسدت أبعاد الذات الإنسانية في مختلف تمظهراتها السيكولوجية مما ساهم بتشكيل الهوية السردية بعمل يكشف جماليات الفعل القصصي المرتبط بإمكانات الفعل الإنساني وقدرته على تكريس الاختلاف في الوجود والسلوك. من قصته " رائحة الموت نقرأ:
" لم يعد في القرية سوى العجائز أثقلهن الحزن.المرض الذي حار فيه أهالي القرية، يحصد كل من يصادفه، ويجعل جسمه يترهل، ثم ينتهي ببطء.في كل نهاية تنعي العجائز فقدانها للآخرين، ليس هناك من يأخد العزاء.رائحة الموت تزور البيوت، وما ان تخرج منها حتى تحصد أفرادا، وتغادر حزنهم ترقبا للريح المقبلة." ص 19