شكرت الرب وبللت خديها بدموع الخشوع الرباني. رفعت يديها إلى السماء وتضرعت إلى الله وسألته الأكل والشرب الحلال الطيب والزوج التقي والذرية الصالحة. وطلبت من الله أن يحفظ والديها ويرحمهما كما ربياها صغيرة. أنهت طقسها الروحي اليومي وغيرت ملابسها وحركت خصرها لتتأكد أنه مازال تحت خدمتها. تأنقت ووضعت بوجهها ماكياجا بألوان قوية و مثيرة. همهمت بكلمات" اللهم يسر وسهل" قبل أن تطأ رجلاها خارج منزلها وهي ترسم في مخيلتها صورة زبون ملحاح وسكير عربيد عنيف لا يتوانى عن الصراخ والاستفزاز المجاني. تركب سيارة أجرة صغيرة وهي تردد المعوذتين خوفا من الحسد ومن "تقويسة" الحضور الذي يأتي من كل فج عميق ليتناسوا همومهم اليومية ووجوه نسائهم البومية. تصل إلى المكان وتلجه دون أن تزم شفتيها اللتان تهمسان بسورة ياسين التي تعتقد أنها ستبعد كل سحر وحسد عن رزق خصرها وفائض صدرها ولولبية رقصتها. مبدئيا هي لا تبدأ الرقص إلا بعد أن تصلي فرض العشاء ولا تضع رأسها على وسادتها إلا والسكين من تحتها خوفا من الأرواح الشريرة ولا تنام إلا بعد قراءة ما تيسر من الذكر الحكيم. ولا تنسى دائما أن تطلب من مساعدها أن يشعل فحما في مجمر صغير ويضع به بخورا يطلقه قبل بداية السهرة. كانت تقول له أن ذاك البخور غذاء ا ل"لجواد اديالها". لا تنسى دوما أن يعينوها ببركتهم. يصرخ مقدم السهرة معلنا عن وصلة "نجمة اليوم وكل الأيام". تبدأ الموسيقى و تظهر الحسناء بلباس نصف عاري يظهر كل مفاتن جسدها الممشوق. تتحرك فوق الخشبة كأنها ريشة طائر الطاووس. يشتد شبق السكارى الذين يشتهون دقائق معدودات فوق فراشها. يرمون الأوراق المالية البنية والزرقاء وحتى الخضراء وما لا لون لها وهم يلهثون أمام جسدها وخصرها المتحرك وصدرها النافر. أنهت "نَمْرَتْها" وسارعت إلى غرفة صغيرة بالملهى خاصة بتغيير الملابس. ارتمت فوق أريكة لتريح جسدها من وخزات نظرات الجائعين. هامت بعينيها في سقف الغرفة ثم تنهدت حامدة الله الذي أنعم عليها بخصر يسر الناظرين ويهيج المشتهين.