في ظل الحراك السينمائي الذي يشهده المغرب تشكل المهرجانات السينمائية فضاء لتداول الثقافة السينمائية في صراع مع سلسلة نزيف إغلاق القاعات السينمائية في المغرب، وهو ما يشكل مفارقة صادمة يحاول السينمائيون المغاربة تجاوزها من خلال مراكمة العديد من المهرجانات التي تحتفي بالسينما وتحاول توسيع قاعدة المهتمين.

الملتقى الوطني السادس لفيلم القصير هواة بالشاون

انطلاق الملتقى الوطني السادس لفيلم القصير هواة بالشاون بتكريم الزوغي وعرض (بولنوار)

1

انطلقت الليلة الماضية فعاليات الدورة السادسة للملتقى الوطني لفيلم القصير هواة بالشاون، الذي تنظمه جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية وذلك بتكريم المخرج السينمائي المغربي حميد الزوغي.

كما تم بالمناسبة، التي حضرها وفد رسمي يقوده عامل صاحب الجلالة على إقليم شفشاون، تكريم كل من التقنيين السينمائيين محمد الرحموني، وعبد السلام بن ميمون، وذلك أيام اشتغالهما سابقا في دار السينما بالمدينة.

واكد رئيس الجمعية أحمد أشرنان في كلمة بالمناسبة، التي تقام بتعاون مع المجلس البلدي وعمالة الإقليم، وبدعم من المركز السينمائي المغربي حتى متم الشهر الجاري، على أهمية الدورة التي تتميز بتنوع فقراتها، والساعية الى الارتقاء بالعمل السينمائي لدى الشباب، من الهواية الى الاحتراف، وجعل المدينة قبلة للسينمائيين كل عام.

كما شدد على الدور الكبير الذي تعلبه سينما الهواة في تكوين الأجيال، وما يواكبها من صعوبات، وقيمة دعم الشركاء لهذا المهرجان الذي يروم خلق مزيد من الحوار والتواصل بين مختلف المشاركين وضيوف المهرجان.

وعن اللجنة المنظمة اكد محمد سطار مدير الملتقى إصرار الجميع في المسامة في النهوض بالمشهد الثقافي بالمدينة، حيث في كل دورة يكبر الأمل كما تكبر المسؤولية في تجديد الفعل الثقافي بصفة عامة والسينمائي خاصة، ليصبح حاجة عامة لدى الناس.

كما ابرز قيمة الملتقى الذي يسعى ليكون إضافة نوعية لبناء مشهد ثقافي ينبني على حس كبير بالانتماء وقابلية متجددة للعطاء، موضحا ان الدورة التي تحاول النبش في الذاكرة الشفشاونية وما تحتفظ به من ذكريات، مع السينما والفعل السينمائي بالمدنية، وذلك من خلال الاحتفاء بأسماء محلية ساهمت في خلق الفرجة السينمائية للجمهور.

وعرج سطار بالمناسبة التي أثنى فيها على كل الشركاء، ومن ساهم في دعم هذا المهرجان، على أهم فقرات الدورة الجديدة التي افتتحت بها الأيام البيئية الثامنة عشرة، والتي ستتشهد تنظيم ندوات ولقاءات وغيرها.

وشهد حفل الافتتاح ايضا عرض الفيلم السينمائي (بولنوار) لمخرجه حميد الزوغي، الذي أكد في كلمة بالمناسبة ان الفيلم، حكاية تاريخية بأحد مناطق خريبكة، أيام اكتشاف الفوسفاط، وذلك من اجل الدفاع عن حقوق العمال، فضلا عن تسليط الضوء على كثير من القضايا ساعتها.

وتشهد الدورة فقرات عدة منها تنظيم ندوة "شفشاون في السينما الوطنية والدولية"، بمشاركة عدد من الباحثين والسينمائيين، ومحاضرة "ماستر كلاس" سيشرف عليها الناقد السينمائي الحبيب ناصري بعنوان (السينما المغربية .. بين الواقع والحلم)، فضلا عن توقيع عدد من الإصدارات منها، كتاب "شفشاون .. تاريخ وحضارة" للكاتب محمد القاضي.

وتشمل الدورة على مسابقتين رسميتين الاولى خاصة بالافلام القصيرة، ويرأسها المخرج حميد الزوغي، فيما الثانية، تهم الافلام البيئية، حيث تشارك في المسابقتين 14 فيلما، من بينها اربعة بيئية تتنافس للظفر بجوائز الملتقى القيمة.

اجمع نقاد سينمائيون وباحثون ومهتمون، اليوم الخميس، على ان مدينة شفشاون بشمالي المغرب، تعتد بحق صورة سينمائية رائعة، ومشاهد سينمائية تقدم للملتقي المتعة البصرية المبتغاة.

واكد الناقد السينمائي الدكتور يوسف ايت همو في مداخلة له خلال ندوة(شفشاون في السينما الوطنية والدولية)على انه بالرغم من السحر الطبيعي الذي تمتاز به هذه المدينة، الا ان السينما والتلفزيون لم ينصفانها، وذلك بالنظر الى وداعتها، وسحرها المبهر، وديكورها الطبيعي الأخاذ.

واضاف ايت همو في مداخلته(شفشاون في المتخيل السينمائي)، ضمن فعاليات الملتقى الوطني السادس للفيلم قصير هواة، التي انطلقت امس وتتواصل حتى السبت، ان الشاون تعتبر شريطا سينمائيا متكاملا ثلاثي الأبعاد، راق وغير مبتذل، يزيده تشويقا تلك المنحدرات والألوان الزاهية، التي يرقصها اللون الأزرق الأرجواني على كل القبب والشرفات والحدائق والباحات.

واستحضر بالمناسبة التي اطرها الناقد حسن مجتهد، العديد من الأفلام والاعمال التي صورت بالشاون، او بالمنطقة ومن أبرزها سلسلة (بنات لالة منانة) و(امودو)، فضلا عن اعمال اجنبية عدة، منها(عاشقة من الريف) و(السلاحف لا تريد ان تموت)، مؤكدا على ضرورة الحاجة الى سوسيولوجية الافلام والصورة من اجل فهم أعمق للخطاب السينمائي بشكل عام.

وابرز ايت همو الذي قدم توصيات عدة للاهتمام أكثر بالشاون في السينما، ان الاعمال التلفزيونية عكس السينمائية، احتفت كثيرا بالشاون، وكان وقعها اكثر، وذلك بالنظر الى القيمة الجمالية والشاعرية والطبيعية التي تقدمها المدينة والنواحي الى المخرجين بسخاء، موضحا ان المبدعين السينمائيين الهواة كانوا أكثر انتاجية وتكريما للمدينة من المحترفين، وان الافلام التسجيلية اكثر خصوبة من الروائية، والتراجيدية اكثر من الكوميدية، رغم سحر ووداعة وبهجة المنطقة.

من جهته قدم الاستاذ محمد القاضي مداخلة حول موضوع(شفشاون وعلاقتها بالسينما الكولونيالية)، سلط فيها الضوء على العديد من الأعمال السينمائية وبخاصة الاسبانية، ايام فترة فرانكو الاستعمارية، بدء من 1919 الى 1956 م.

واشار القاضي الى ان السينما لعبت دورا كبيرا خلال  تلك الفترة، في تهدئة الجنود، وتقوية حماسهم، والترفيه عنهم، وتعداد بطولاتهم وأمجادهم، مضيفا ان السينما الاجنبية ساعتها قدمت الآخر، من الجانب الفلكلوري دون الحضاري، وهو ما اساء للعديد من الشعوب والحضارات والثقافات.

كما سلط الضوء على العديد من الأفلام الاسبانية التي اهتمت بالمنطقة منها أفلام( تطوان البيضاء) و(الرومانسي المغربي)، و(أغنية عائشة)، و(للاخدوج)، وكلها افلام حاولت التركيز على الجانب الوثائقي للمنقطة، داعيا بالمناسبة الى الاهتمام أكثر بشفشاون كفضاء سينمائي طبيعي بامتياز.

وعقب الندوة، وضمن فقرات الملتقى، الذي تنظمه جمعية تلاسمطان بالتعاون مع شركاء عدة، تم توقيع كتاب(شفشاون تاريخ، حضارة واصالة)، وهو مشروع يندرج في اطار تنمية السياحة المؤسساتية بالاقليم، الذي تنجزه الجمعية المنظمة تلاسمطان بشراكة مع المؤسسة الاسبانية للتعاون بقرطبة، والممول من قبل الوكالة الاسبانية للتعاون الدولي والتنمية.