معرض العمارة الدّوليّ الرّابع عشر

في معاينةٍ للخارطة العربيّة من خليجها إلى محيطها، شاركت وزارة الثّقافة للمرّة الثّالثة على التّوالي في معرض العمارة الدّوليّ الرّابع عشر من خلال جناحها (Fundamentalists and Other Arab Modernisms)، والذي انطلق الأربعاء الماضي في مدينة فينيسيا بالجمهوريّة الإيطاليّة، حيث استلهمت الثّقافة في مشاركتها المعمار العربيّ وتحوّلاته خلال مائة عام، وذلك بالاتّساق مع موضوع المعرض لهذا العام، والذي يحمل عنوان (أساسيّات– Fundementals). وقد دشّنت معالي وزيرة الثّقافة الشّيخة ميّ بنت محمّد آل خليفة يوم أمس الأوّل (الخميس، الموافق 5 يونيو2014م) جناح وزارة الثّقافة في بينالي فينيسيا 2014م، والذي شكّل قراءة معماريّة عامّة وشاملة لدول الوطن العربيّ، في دراسة للعلاقة بالمستعمرات الأوروبيّة في المنطقة والنّموّ العمرانيّ اللّاحق بما شكّله من انصهار ما بين الحضارات، واستيعاب للطّارئ الذي فرضته التّغيّرات السّياسيّة والحِراك الاقتصاديّ وما طرأ على تركيبة المجتمعات المدنيّة.

وقد أوضحت معالي وزيرة الثّقافة بهذه المناسبة: (تجربتنا هذه المرّة فريدة أيضًا، فبعد أن كنّا نجيء بما تملك البحرين من جمال معماريّ وخصوصيّة مدنيّة فريدة اليوم نختار الوطن العربيّ بأكمله لنعرّف العالم على هويّتنا والعلاقة التي ربطتنا بالعالم كلّه عبر المعمار)، مشيرةً: (نحاول من منامتنا الجميلة أن نشارك العالم ما يوثّقه من إنسانيّات ومعمار، لذا فإنّنا من مائة عامٍ من تاريخ الحداثة انتقينا 100 معمارٍ عربيّ بكلّ تفاصيله وهندساته لنتشاركها مع القادمين). وأردفت: (هذه الأرشفة لا تبحث عن شخوص بعينهم ولا عن وقتٍ على وجه التّحديد، بل تختار المعمار في مدى هذه المئويّة لنتوقّف أمام مفاصل تاريخيّة مهمّة، ولنتتبّع هذا الأثر وكيف شكّلته التّحوّلات التّاريخيّة والمعيشيّة والسّياسيّة وغيرها). وقد جسّد جناح مملكة البحرين الذي تابعت تفاصيله المهندسة نورا السّايح رئيسة المشروعات الهندسيّة بوزارة الثّقافة، ونفّذه قيّما المعرض د. جورج عربيد وبرنار خوري صاحبا (المركز العربيّ للعمارة – ACA)، مكتبة دائريّة ضخمة وثريّة صُمّمت بواسطة مكتب (DW5) للمعماريّ برنار خوري، وتتشكّل من خارطة ضخمة للعالم العربيّ واتّصاله بخارطة المستعمرات.تتضمّن المكتبة العديد من الكتيّبات التّوثيقيّة والمراجع المعماريّة التي تقدّم مائة معمارٍ ومشروع معماريّ عربيّ في القرن ما بين (1914 – 2014م). وتلتحق بالجناح قبّة بشاشات عرض صمّمها (Safar Studio) لترديد الأناشيد الوطنيّة لاثنين وعشرين دولة عربيّة.

إلى جانب ذلك، يقدّم الجناح مواضيع بحثه ودراساته من خلال مجموعة مكوّنة من 7 مقالات وأبحاث مختلفة تكوّن المحتوى العلميّ للمعرض، وتقدّم لمحة تاريخيّة عن تطوّر العمران في الوطن العربيّ من خلال تناول المكوّنات الجغرافيّة للمنطقة، والتي تشمل: العراق، شبه الجزيرة العربيّة، مصر، بلاد الشّام، شمال القارّة الأفريقيّة العربيّ وجنوب القارّة الأفريقيّة العربيّ. ويقدّم كلّ مبحث فيهم مجموعة من الوثائق لأهمّ المعالم المعماريّة في تلك المنطقة خلال الفترة من 1914م وحتّى 2014م، جُمِعت كلّها في إصدار وثائقيّ يتوافر في القاعدة المعلوماتيّة الإلكترونيّة للمركز العربيّ للعمارة، كما أنّها متاحة خلال بينالي فينيسيا في جناح البحرين، تحت عنوان (مختارات من عمارة العالم العربيّ 1914 - 2014م).

تمثّل مشاركة وزارة الثّقافة لهذا العام في معرض العمارة الدّوليّ الرّابع عشر فرصة لدعم (المركز العربيّ للعمارة) في تشكيله قاعدة بيانيّة لتوثيق وتأريخ العمارة العربيّة في كلّ الوطن العربيّ، كما يجسّد جناح مملكة البحرين (Fundamentalists and Other Arab Modernisms) رحلة اكتشاف وتعمّق في خارطة المعمار والعلاقات ما بين:المستعمرات والوصايات الأوروبيّة على المنطقة، الهويّة الأصيلة والحداثة المعماريّة، في محاولةٍ لمعاينة تلك التّقاطعات وأثرها على الأنماط التّصميميّة والعمرانيّة. بالإضافة إلى ذلك، يستشفّ المعرض كيف أثّرت كلّ تلك المتغيّرات بالنّسبة للمنطقة على إرث مشروع القوميّة العربيّة.

الجدير بالذّكر، إنّ بينالي فينيسيا لهذا العام، يقوم عمومًا على فكرة (استيعاب الحداثة في الفترة ما بين 1914 – 2014م) والتي تهتم برصد مائة عامٍ من التّاريخ المعماريّ الحديث وعناصره لتكون مرجعًا للمعماريّين وللعلاقة من جهة أخرى مع المجتمع والعملاء. وقد شاركت فيه 65 دولةً من مختلف أنحاء العالم، تقدّم جميعها اشتغالاتها في ذات الحقل الموضوعيّ، وللمرّة الأولى تنضمّ 10 دول، هي: كوستاريكا، الجمهوريّة الدومينيكيّة، الإمارات العربيّة المتّحدة، أندونيسيا، ساحل العاج، كينيا، المغرب، موزمبيق، نيوزلندا وتركيا.

تُعتَبر هذه المشاركة هي الثّالثة بالنّسبة لمملكة البحرين، إذ حصدت في مرّتها الأولى في العام 2010م جائزة الأسد الذّهبيّ في معرض (ريكليم) الذي انتقل لاحقًا لدول أخرى، أتبعتها مشاركة مميّزة في العام 2012م من خلال معرض (خلفيّة).