تعبر بنا الشاعرة المغربية رصيفا لا يشبه باقي الأرصفة، حيث العمر والأحلام التي مرت ومرارة الوحدة التي يحملها الخريف في أعز العمر. وهو رصيف منتهاه تلك الرغبة الدفينة التي تحرك شعورا بالتحرر والانعتاق والانفلات الى سماء أخرى طليقة.

رَصيفُ الخرِيف

نسيمة الرّاوي

 

-1-

الـمَدُّ وَالجَزْرُ أَصَابِعٌ خَفِيَّةٌ تَعْزِفُ

تُـمْسِكُ الأَرْضَ مِنْ أَطْرَافِهَا

مَاذَا لَوْ تَصِيرُ الأَرْضُ قَارَّةً وَاحِدَةً

 

-2-

في اللَّيْلِ

كُلَّمَا رَفَعْتُ رَأْسِي إِلَى السَّمَاءِ

سَـمِعْتُ مَعْزُوفَةً صَغِيرَةً

سَـمَاءُ اللَّيْلِ بْيَانُو تَنْقُرُهُ أَصَابِعُ العُزْلَةِ

 

-3-

الشَّجَرَةُ عَازِفَةٌ سَقَطَتْ

مِنْ أُورْكِسْتَرا اللاَّنِهَائِي

في الخَرِيفِ تَعْزِفُ

إِلَى أَنْ يَتَقَشَّرَ جِلْدُ أَصَابِعِهَا

 

-4-

لَيْسَ زِلْزَالاً

أَيُّهَا الجَالِسُ عَلَى الْكُرْسِيِّ

إِنَّهَا الْأَصَابِعُ السَّجِينَة

في الخَشَبِ

تُـحَاوِلُ أَنْ تَعْزِفَ

 

-5-

رَصِيفُ الخَرِيفِ قَبْرٌ مَفْتُوحٌ

الْغُصْنُ تَابُوتٌ

وَحِيدَةً تَـمْشِي الشَّجَرَةُ في جَنَازَاتِهَا

 

-6-

الظَّلاَلُ مَرَايَا  الشَّجَرَةِ

تُبْقِي الشَّجَرَةُ رَأْسَهَا مَرْفُوعاً 

كَيْ لاَ تَنْظُرَ في وَجْهِ الـمَوْتِ

 

-7-

لَيْسَ خَرِيفاً

تَقُولُ شَجَرَةٌ عَارِيَّةٌ

تُقَشِّرُ جِلْدَهَا مِنْ فِكْرَةِ الْمَوْتِ

 

-8-

مَا الْعَلاَقَةُ بَيْنَ الْـمَوْتِ وَالـحُرِّيَةِ

تَقُولُ الشَّجَرَةُ الَّتي اكْتَشَفَتْ فَجْأَةً

أَنَّ أَغْصَانَهَا تَتَحَرَّكُ

مِنْ أَجْلِ رَغْبَةٍ دَفِينَةٍ

في أَنْ تَصِيرَ طَائِراً..

 

شاعرة من المغرب

raoui.nassima@gmail.com