يفتح الشاعر الفلسطيني المغترب قلبه للحظة سكون فارقة في حياته، تشعره بالوحدة والعزلة وتعمق جراحه التي لم يمسسها الزمن بأي تغيير. في قصيدته يحاول الشاعر ما أمكن أن يشرك مخاطبيه في آلامه محرضا لغته على اقتناص اللحظة بعدما أعيته الكتابة والأسئلة والذاكرة من ألم عظيم لا يفارق راهنه ولا أفقه..

القناديل العارية

حسن العاصي

من أين ابدأ ؟
من الريح التي مزّقت صدري
وأدمنتها القصائد
أم من جرح الأسئلة
في جعبة الوقت المتساقط
هذا حزن مندس تحت ذاكرة الندى
وأنا أنتفض في غباري
على أرصفة الشروق الممتد
نحو الشراع
أنا السّامق على بعد خسف

                    وأحجار

فوق سطور الدهشة

أقف وحيداً
أصرخ في جوف الفراغ
فيتشظّى الوقت
ليتناسل غراس موحشة
كأنّ هذه الصرخات قديمة
كهذا الليل الموروث
وهناك كان فرحي مسجّى
بين قوافل الموت
واحتضار الأزهار

على كتف اللّيل

أقف
وحيداً

كسوسنة سوداء
والحوريات

يراقصن خيوط الماء
تنسدل العتمة على وحدتي
هذا رماد الذاكرة
منثور

فوق أجفان الخيبات
هذا العشب

حكايات تحترق
وهذا السكون

ريح
تنقل بياض الإنشطار

أرتمي

على وهج الشمع
فقاعات من تواشيح نازفة
وعند ساقية الفراغ
أقتلع

ضفاف الدهشة
ربما ينبلج الصباح
شجر أسود
كان الحلم نائم

على أجفان خائفة
لايقوى على الطعن
كان البحر ظمآن
والنوارس

تغفو على مد وانكسار

يتآلف حزني

مع النهر المتكئ على قلبي
أن يغضب البحر
على أهداب الريح
كخفق العوسج

فوق رابية الرحيق
المنسدل شرفة في الظلام
جاء الموت
أيقظ جمر الحزن ورحل
وعرش الفراغ
تسلق نصف بياض
يرتّل مرايا اللوعة
عند مغيب الأمطار

تتكسّر الزوايا في صراخي
وتتساقط الأمواج من رأسي
كساقية لاضفاف لها
مثل ماء ثَجّاج
يغرق الغبش غابة الصنوبر
تخلع الغابة تفاصيلها
ويعود العصفور مسبّل العينين
والقناديل عارية الصرير
وأوراق المطر

حفيف على ظل

               الجدار..

 

كاتب فلسطيني مقيم في الدانمرك