نداء من أجل اللغة العربية

أطلق الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية مبادرة جديدة جمع فيها عددا من المثقفين والعلماء والسياسيين والفاعلين المدنيين لتوقيع نداء تاريخي من أجل اللغة العربية.  المبادرة التي حملت عنوان "علماء ومثقفون وسياسيون من أجل اللغة العربية" وقع عليها أكثر من 200 من رموز الفكر والسياسة والثقافة وفي مقدمتهم عدد من الوزارء السابقين. وشددت الوثيقة التي قدمت أمس في ندوة صحافية عقدها الائتلاف؛ على أن إدارة الوضع اللغوي لصالح اللغة العربية أمر موضوعي وحتمي، ولا يمكن تصور بديل عقلاني عنه، لا في اللغة الأجنبية، ولا في العاميات، مجددة دعوة الهيئات التشريعية والتنفيذية إلى إصدار قانون حماية اللغة العربية، وتنمية استعمالها، وإخراج "أكاديمية محمد السادس للغة العربية" إلى الوجود، وتمكينها من الشروط المادية والمعنوية، ووضع آليات مؤسسية وقانونية لمراقبة التزامات الدولة بحماية اللغة العربية باعتبارها لغة رسمية؛ على الصعيدين المحلي والوطني. ووقع على النداء التاريخي وزراء سابقون من بينهم سعد الدين العثماني، وبنسالم حميش، وعبد الحق التازي، وامحمد خليفة، وعبد الكريم غلاب، وعبد الله ساعف إلى جانب عدد من الشخصيات الفكرية والثقافية ومن أبرزها طه عبد الرحمان، مصطفى بنحمزة ومصطفى المرابط، نجاة المريني، وعبد الرحيم العلام، عبد القادر الفاسي الفهري ، وأحمد الريسوني، واحمد بوزفور، وعبد الرحيم شيخي، وعبد الله كديرة، وعبد الحي عمور، والعربي بوسلهام، وفاطمة النجار، وعبد الكريم برشيد، وكمال عبد اللطيف، ومبارك ربيع، ومحمد الحناش، ومحمد بلبشير الحسني، ومليكة العاصمي، وحسن الجندي، وخالد السفياني، وسعيد بنكراد، وحماد القباج.. من كل الأطياف الفكرية والسياسية والإيديولوجية والأكاديمية.

واستعرض محمد بلبشير الحسني الرئيس الشرفي للائتلاف عددا من الوقائع التاريخية والمواقف الرسمية لملوك المغرب خاصة محمد الخامس والحسن الثاني ومحمد السادس الواقفة دائما إلى جانب التمكين للعربية واعتبارها عاملا من عوامل الوحدة والسيادة والوطنية. واستشهد بلبشير خلال الندوة التي احتضنها مقر النقابة الوطنية للصحافة المغربية؛ بأحد الدساتير الشاهدة على ذلك منذ ما قبل الاستقلال حيث ينص دستور قدم لمولاي حفيظ سنة 1908  على أنه لا يجوز أن يتولى أمي وظيفة من وظائف المخزن على الاطلاق وعلى الموظف أن يكون عارفا باللغة العربية حق المعرفة، كما ينص على أنه يجب على كل من ينتخب في مجلس الأمة أن يكون عارفا بالعربية قراءة وكتابة.

من جهته قال عبد الرحمان الخالدي نائب رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية إن الرسالة الموجهة من النداء هو التذكير بالاجماع الشعبي وبنبض الشعب المغربي الذي يؤكد أن اللغة العربية ومكانتها المقدرة مسألة أمة وهوية وتاريخ وليست محل نقاش أو تجاذب فئوي أو إيديولوجي.

وينطلق النداء التاريخي من كون حضور اللغة العربية في المغرب بوصفها مكونًا من مكونات الهوية الوطنية ورمزا للوحدة الحضارية للشعب المغربي وحاضنة لفكره وثقافته وإبداعه، هو حضور ملازم لمفاهيم الانتماء والسيادة، وأن أي اعتداء على مكانتها الرمزية والمادية هو اعتداء على السيادة الوطنية، يوازي في الجرم الاعتداء على الثوابت السياسية والعقدية.

الوثيقة التي ركزت على أهمية القرار السياسي الواضح الذي يترجم في خطط وتشريعات؛ اعتبرت أن مخرجات النقاش داخل المؤسسات الدستورية المختلفة ومن بينها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، لا يمكنها أن تصادم عناصر التوافق الوطني في رسمية اللغة العربية، مع ما يتبع ذلك من إلزامية التعامل والتواصل العلمي والتربوي بها ، وأي تحريف لتنزيل النصوص القانونية يعد انقلابا على الدستور والوطن والمجتمع.

وعلاقة بالسجال الدائر حول لغة التدريس؛ يؤكد الموقعون على النداء أن نسبة الفشل في التعليم إلى لغة الضاد هي مغالطة إيديولوجية وليست نقاشا علميا، مؤكدين أن استعمال اللغة العربية لغة للتدريس-وإن كان منقوصا لأنه لم يشمل المستوى الجامعي- قد ساهم في إشاعة المعلومة والثقافة الجماهيرية وساعد على نشر التعليم في الأوساط الشعبية، ومكن من تعميم العلم والمعرفة، وحارب الهدر المدرسي.

وبهذا الصدد تعتبر الوثيقة التي أعلن الائتلاف استمرار التوقيع عليها؛ (تعتبر) أن كل عودة إلى الوراء، سواء بفرنسة التعليم، أو تلهيجه أو تنويعه، هي رهان على نخبوية الثقافة، وحصر التقدم في فئة قليلة تمتلك نواصي المعرفة وما يتبعها من استفادة مادية ومعنوية، وتهديد للأمن الثقافي واللغوي للمغاربة، وتسطيح للوعي الشعبي، بغية القضاء على كل إمكانيات التقدم التي تتيحها اللغة العربية.