استمرارا لأنشطته الثقافية داخل فضاء كلية الآداب بنمسيك ،عقد مختبر السرديات بتنسيق مع ماستر السرد الأدبي الحديث والأشكال الثقافية ،مائدة مستديرة جمعت ثلة من الباحثين المغاربة والجزائريين حول موضوع "المحظور الاجتماعي في الأدب "بحضور طلبة ماستر السرد الأدبي الحديث والأشكال الثقافية وعدد من الباحثين والمهتمين ،حيث افتتح اللقاء ميلود العثماني الذي أشار إلى أن موضوع الرقابة أو الحظر ،يتميز بطابعه الإشكالي لكونه ملتقى للخطابات والمجالات ،الأدب ،السياسة الدين الأنثربولوجيا ،التحليل النفسي،الأدب ،اللغة ،الإيديولوجيا ،إلى جانب ذلك طرح عددا من الأسئلة اعتبرها بمثابة مداخل للتفكير في الموضوع المنفلت ،من قبيل: هل المحظور خطاب ثقافي ؟ ما المحظور في الأدب ؟ وما هي تجلياته اللغوية والسردية في الخطاب الأدبي ؟ .
أما الباحث عبد السلام بوشيبة الذي تناول في مداخلته علاقة الخطاب السردي بالمحظور ،فقد وقف عند مجموعة من الإشكاليات التي يستلزمها نقاش المحظور ،من مثل (جمالية المحظور في الرواية الجزائرية التي،هل يكن الاستغناء عن المحظور ؟هل استطاع المحظور إحداث تغيير في حركية المجتمع ؟ثم هل يوظف المحظور كآلية لمكاشفة الواقع أم أنه يوظف بغاية الثورة والتمرد على القائم؟.
المداخلة الثانية قدمها الباحث سالم الفائدة تحت عنوان "الرواية العربية ونقد المحرمات " ،حيث تناول فيها جزءا من التجربة التاريخية للصراع بين الثقافة والحظر مشيرا إلى ما شهدته المجتمعات القديمة الغربية والعربية من صراعات أرخت بظلالها على عالم الفكر والأدب ،قبل أن يتناول تجربة الرواية العربية التي طرقت واقتحمت أبواب المحظورات الاجتماعية والسلطوية ،فقد ذكر الباحث من خلال ثلاث محاور، تجربة الرواية العربية عبر أعلامها الكبار (نجيب محفوظ /صنع الله براهيم / عبد الرحمن منيف /أحلام مستغانمي /شريف حتاتة /حيد حيدر/ يوسف زيدان...) في اقتحام موضوعات (الدين والجنس والسياسة) بجرأة كانت الغاية منها المساهمة في تطوير تثوير البنى الفكرية والسلطوية التقليدية داخل المجتمعات العربية . وقد أكد الباحث في نهاية كلمته إلى ضرورة التفكير في موضوع المحظور الاجتماعي في الأدب من خلال استحضار التجربة التاريخية والمعرفية والنصية لملامسته في عمقه الفكري والسياسي والديني.
بعد تقديم الورقتين تناول الكلمة عدد من الأساتذة الباحثين ، حيث تطرق الباحث يوسف يوسفي إلى سؤال حضور العقل خلال المراحل التاريخية التي شهدت قمع الخطابين الفكري والأدبي عند العرب ،مشيرا إلى أن بروز المحظور الاجتماعي مرتبط بغياب العقل عن الساحة وإلا كيف يمكن تفسير ما تعرض له أهل الفكر والأدب من تنكيل ؟
كما تناول الكلمة بعده الباحث محمد بولخراص،متسائلا عن الكتابة النسوية وعلاقتها بالمحظور وعن سبب إخفاء المرأة العربية لكتابتها ،فميز بين ثلالثة أشكال من الكتابة ميزت كتابة المرأة الجزائرية ،كتابة الوأد ،كتابة التخفي ،وكتابة التمرد.
أما الباحث عمر حذاورة، فقد أعاد سؤال المجتمع والحظر إلى الشروط والمحيط، بينما توقف الباحث صلاح الدين منقور عند العلاقة بين أزمة الهوية في ظل مجتمع العولمة والمحظور الاجتماعي مبرزا تمظهر مجموعة من الثنائيات التي يمكن من خلالها إبراز التناقض القائم بين المحظور والأدب .
فيما أكد ابراهيم أزوغ أن الروائي العربي يعتمد بلاغة الإخفاء في سرد المحظور الاجتماعي معتبرا أن الكتابة عن الجنس وتوظيفه في استراتجيات الحكي وموضوعاته لم يعد محظورا وإلا أفاد الحضور الواسع للجنس في الرواية العربية دليلا عن اتساع مساحات التعبير في العالم العربي والحال أن العكس هو الصحيح، واعتبر الباحث أن المحظور لا يمكن تجسيمه وحصر موضوعاته كما لا يمكن تجسيم الرقابة ولا حصر آلياتها، فالمحظور هو كل خطاب يتوارى خلف تضاعيف النصوص ليشيد رؤى الروائي، المختلفة مع الأنماط الثقافية السائدة والمهيمنة في مجتمعه.
فيما ذهبت الباحثة سلمى براهمة إلى الحديث عن تاريخ الكتابة النسائية والنسوية وانتقالها من كونها موضوعا للحظر الاجتماعي حيث كانت المرأة تكتب باسم مستعار في العالمين العربي والغربي، إلى مرحلة ملامسة المرأة في كتاباتها للمحظور الاجتماعي، كما أكدت الباحثة على ضرورة التمييز بين ما يدخل ضمن المحظور الاجتماعي وما يمكن عده مصادرة لحق من حقوق الإنسان.