يتأسس كتاب (إقليم المفارقات) على فرضية مفادها أن الشرق الأوسط اليوم هو إقليم إشكالي ليس فقط بسبب تهديده للسلام والإستقرار الدوليين، وإنما بسبب غيمية مستقبله ومستقبل شعوبه كذلك. هو إقليم إشكالي داخلياً لأنه مأسور بحلم سلفي وسيط على المستويين الحكومي والشعبي. هو حلم يتجسد في جبروت "الرجوعية" الشرق-أوسطية غير القابلة للهزيمة. بهذا المعنى الموسع والشامل، تخدم هذه الرجوعية، أطراً تفكيرية وأنماطاً سلوكية، أداةً لبقاء وتواصل أشكال الدولة الإستبدادية المتناغمة مع البنى الإجتماعية السكونية الراكدة؛ كما أنها تضمن رأياً عاماً متخلفاً يكمل دائرة السحر الرجوعية الوهمية التي تسكنها بلاغيات الجماعات والشبكات الإرهابية الفاعلة اليوم والتي يسهم البترودولار بتدويرها وإدارتها، بعد أن يجهزه العالم الصناعي لدول الإقليم مقايضة بالبترول. وعلى سبيل التحقق من الفرضية أعلاه يرصد الأستاذ الدعمي لقرائه تسع مفارقات تمثيلية أساس تجسد السلفية المتعامية المهيمنة على "إقليم المفارقات" هذا، إعتماداً على إستلال مناقشة موضوعات ومحكات تسع، منها (1) التسمية غير الدقيقة والمهلهلة، المقلة من شأن دول وشعوب الإقليم بعد مرحلة الإستقلال، "زي أوربا الموحد"؛ (2) بقاء أعباء التراث العثماني ضاغطاً، وخيارات شعوب الإقليم، "أي الطرق للشرق الأوسط"؛ (3) إخفاق التقدم التراكمي المتواصل في دوله بسبب التغير الحكومي المتناوب والمتكرر، "لعنة حلاق بغداد"؛ (4) الطاغية ظل للألوهية، "اي إله للشرق الأوسط؛ (5) التنافر بين سلطة الدولة وسلطة الثقافة، "الدولة نقيض للثقافة"؛ (6) الدولة مضاد للمعارضة، "لصوص بغداد"؛ (7) إخفاق نظم التربية والتنشئة، "مسيرة العقل المتعرجة"؛ (8) الغزو الأميركي للعراق، "قلب رحلة كولومبس"؛ (9) إحتلال العراق والثقافة المحلية، "إسلاميون قوميون وليبراليون"؛ وأخيراً، الخاتمة: إنتصار الماضي، "تفاعلات البترودولار والإسلام الجديد".
وينتهي البحث إلى خلاصة تحدد عمق وشائكية معضلة تارجوعية التي يحياها الإقليم عبر وضع المفارقات أعلاه إزاء خلفية قوامها عددكبير من المفارقات والعقبات الكأداء القادرة على التناسل والتوالد الى ما لانهاية.