للأمل دلالات مركبة في قصيدة الشاعر التونسي، والذي يخصنا بهذا النص الشعري اللافت والذي يمثل نموذجا لحالة الانتظار المرة، بين حالتي الحضور والغياب تتأرجح مشاعر هذه الذات التي تحفر عميقا بصورها ولغتها السلسة وبنائها النثري الشعري كي تقربنا من ومضة حكاية تأبى أن تكتمل، لأن الأمل لا يأتي أمام الباب.

هذا ما غنّاه «إيكاروس»

عبد الفتاح بن حمودة

كانوا أيّام الصّقيع يَلِجون بيتي كلّ ليلة

وكنت أحدّثهم عن العذارى على صهوات الأحصنة

وأشرب معهم سجائرَ بطعم الصّنوبر

وأطبخ لهم شايا مضمّخا بالزّعتر

وقبل أن يتفرّقوا كلٌّ إلى حقلهِ في المنحدرات والسّهوب

قال الأوّل مبتسما :

سأجلب لك العامَ القادمَ أخشابا

تصنع منها مِدفأة في ليالٍ لا تنبح فيها الكلاب

 ودِنانَ خمرٍ وُضُوءً للرّوح

قال الثّاني مبتسما :

سأجلب لك العامَ القادمَ سلالَ برتقالٍ

وأغنياتٍ لنساءِ الحقول طرْدا لشَيطان الوحدة

(...........................)

وأثناء غيابهم،

ظلّ بيتي مُشْرَعًا كلَّ ليلة لضيف جديد،

أحدّثه كعادة العجائز عن العذارى على صهوات الأحصنة

وأطبخ له شايا مضمّخا بحشائش الغابات

 وأشرب معه سجائرَ بطعم الصّنوبر ......

لم أنتظر أحدا منهم،

سِلالُ التّفّاح والبرتقال وجلود الماعز تدخل بيتي كلَّ عامٍ

والأخشاب تملؤه كلَّ شتاءٍ

ونساء الحقول وأغنيات الرّعاة تتمرّغ في حلقي مُغَرْغَرَةً بالمياه

(................)

لقد صرت عجوزا بما يكفي أيّها الرّفاق

لأنّي انتظرتكم ألفَ عامٍ فوق جبل «الأولمب»

مصباح الزّيت مازال مُضيئا

فراشي من جلود الذّبائح كعادة أسلافي

غطائي من وبَر النُّوقِ

وعشائي

لحمُ إحدى الطّرائد..........                

 

(حركة نص) 

شاعر من تونس