استلهم ثمانية فنانين خليجيين من أسئلتهم التي تسبق عادة تجاربهم التشكيلية “سكتشات” متنوعة، رسمت حالة القلق والخوف، وسجّلت مناخات استدامة السؤال أثناء العمل على تكوين التجربة الفنية قبل إنجازها بالكامل، وذلك في معرض جماعي بعنوان “سكتشات” في مدينة الخبر السعودية. المهم في كل هذا أنه ومهما كانت الخامة المستخدمة (رصاص، ألوان مائية أو باستيل)، أو الطريقة في الرسم فهي جزء أساسي وحيوي في سلسلة مراحل صنع العمل الفني. وقام الفنانون حسين السماعيل، وتغريد البقشي، وهاني الحمران، ومريم بوخمسين، وعباس آل رقية، وعلي ميرزا، وأحمد عدنان، ونورا كريم بتقديم مجموعة “سكتشات” صغيرة (قرابة 100) تعبر عن أساليبهم التشكيلية، وترسم للمتلقي مناخاتهم الفنية الخاصة، وكيف يدونونها لحظة استشراق الإلهام الفني الذي يسجلونه على دفاترهم الصغيرة، قبل نقله لمساحــات الكانفاس وعوالمه الكبيـرة.
في تجربة “سكتشات” يدعو الفنانون المتلقي للاستمتاع بجميع الألوان والخطوط التي تبيّن ما بداخل أعماق كل فنان، حينما تختزل أعمالهم في قطعة “سكتش” فريدة. تنوعت الموضوعات المتناولة من قبل الفنانين الثمانية، فبينما كان عدنان يفتش عن موقع الإنسان وسط حشود الجماعة، استمرت تغريد البقشي في حالة طفو عائمة بين الأرض واستقرارها والسماء وحلمها في اشتغال لا يخلو من أسئلة فلسفية حاولت البقشي تعميقها في أعمالها الخاصة. الأمر نفسه يجده الزائر للمعرض بين تجربتي الحمران الذي يذوّب الإنسان في رحلة بحثه، وبين آل رقية الذي يبحث عنه في صفحات التراث الخليجي وتفاصيله، وبين بوخمسين التي لا ترى الحياة كلها إلاّ من خلال عيون نسائها-الطفلات الحالمات.
وطبعا بين نورا كريم التي اختصرت عوالمها في وجوه منزعجة تعلوها البشاعة، وبين علي ميرزا الذي علّق سكتشاته على حبل غسيل تاركا للمتلقي حرية التأويل. ومع هذه الرسائل المتنوعة بقي حسين السماعيل كعادته ساخرا في اشتغالاته، حين توقّف عبر مجموعة أعمال كاريكاتورية عند بعض القضايا المحلية في السعودية التي تشغل الرأي العام. ورغم هذا التنوع في جميع التجارب، إلاّ أن الفنانين كانوا متفقين جميعهم على أن الـ”سكتش” يعدّ الخطوة الصغيرة في طريق تلك الأعمال الكبيرة الخالدة.