هذه مجموعة من القصائد المتحاورة والمتكاملة لشاعر مصري يبلور تجربته ويصوغ عبرها قاموسه وصوره واستعاراته المتميزة.

قصائد

حمدي الجابري

 

عــلاقات

أرمي حَجـَـراً صغيــراً

في النهــر

كــلُّ النجــوم التي في السمـــاء

تضطــرب.

الجحيـــم

صــارَ الجحيــمُ قابَ قوسيــن

يا سيــدتي

أو أقــل

و ستشاهــدينَ بعينيـــكِ

كــمْ أصدقــاؤنــا سعــداءُ

و مســرورونَ هنــاك

في البِــركِ الحــارقـــة.

رسالــةٌ إلى غُــراب

غنِّ

صوتُــكَ رائــعٌ أيهــا الغــرابُ

أعــدْ ما قلتـَـه مــرةً أخــرى

عن المعابــدِ التي هجرتْهــا العصافيــرُ

و المــرأةِ التي خانــتْ زوجَــهــا

بين نخلتين قريبتين منْ سجائــره

و المــلائكةِ التي تســرقُ الحنطــةَ و الفطيــرَ

حينمــا ننــــامُ

منْ دولابنــا

و العاهــراتِ اللائى يتــأرجحنَ حزينــاتٍ

آخــرَ الليــل

بينَ المرايــا و دورة الميــاه

غنِّ

و دعــكَ منَ المنشــدينَ الحكــوميين

الذينَ يروّجــونَ في بــلاهةٍ

لعدالــةِ الشمــس

و حكمــةِ الطبيعــةِ الأكيــدة

و يبشِّــرون بشاحنــات الحنطــة و الــدواء

التي ســوف تــأتي منْ وراء النهــر

و يتكلمــونَ عن جيــاد الــرّب

التي ستنقــذُ المدينــةَ منَ الصحــراء و الغبــار

و تمــلاُ المدينــةَ بالحــدائق السعيـــدة العائمــة.

لا مفـــرّ

سيحــدِّدُون مكانـَـكَ

و سيُجبــرونكَ على الاعتــراف بكــلِّ الجــرائم

التي كنــتَ تنتــوي ارتكابَهـــا

حتى لو قدمــتَ لهــم شهــاداتٍ طبيــةً

تفيــدُ أنـَّـكَ كنــتَ تحــبُّ اللــهَ

و معابـــدَهُ

و تُعــطي زجاجــاتِ الحليــبِ القليلــةَ التي لديــكَ

للفقــراء و القــطط

و سيصلبــونكَ في الميــادين و الصحــف

حتى إنْ أقسمــتَ لهم

أنـَّـكَ كنتَ دائمــاً تنــامُ

تجنبــاً للمواجهــات و المناقشــاتِ

تحــتَ الطاولـــة.

فرصــةٌ ضائعـــة

ضــاعت الفرصــةُ

و صــاحت العصافيـــرُ

و هبــط باعــةُ الجــرائد إلى شــوارعهم

و جلسَ المخبــرونَ يستمعــون إلى نشــرة الأخبــار

في المقــاهي

و نسيــتُ أنْ أســأله

قبــلَ أنْ يتــركني و يعــودَ إلى كهفــه

تحتَ أيِّ خــطٍ للطــول

أو العَــرضِ

تقــعُ تلــكَ المدينــةُ الفاضلــة.

ألاعيــبُ الشيطــان

اللعنــةَ عليــكَ أيهــا الشيطــانُ

كــلُّ النســاءِ اللائي ترسلهــن إليَّ في الحُلــم

كاهنــاتٌ و بدينــات

يـرتـدينَ عبــاءاتٍ ثقيلــةً

و لا يفعلــنَ شيئــاً طيلــةَ الليـــلِ

ســوى حَثّي على الصــلاةِ في مواقيتهــا

و أكــلِ الكُــرّاث ثــلاثَ مــرّاتٍ في اليــوم

و يثـُـرنَ في وجهــي و يشتمنني في شراســةٍ

إنْ أنــا اقتـربتُ منَ النــوافذ

و الفاكهــة.

إعــادةُ الكتابـــة

الـــرّبُ يعيــدُ كتابــةَ نفســه

بنفســـه

كلّمــا أدركَ أنهــم حــددّوا مكانــه

أو عرفــواً شيئــاً عنْ أوصافـــه

و عــادةً ما يغيّــرُ قمصانَـــه

و جواسيسَــــه

و يثيــرُ

قبــلَ أنْ يســافرَ

الغبــارَ حـولَ غرفتـــه.

ضربتــان

لــمْ يعــد إلاّ ضربتــان منَ الفرشــاة

باقيتـــان

و يكتمــلُ البيــتُ

و يــأتي اللصــوصُ منَ المقــاهي

و تــأتي من وراء التــلال

العاصفـــة.

نصيحــةٌ للــرّب

امنـحْ شياطينــكَ هدنــةً

و تُــبْ أيهــا الــرّبُ

اذهـب للنهـــرِ و اغتســلْ

تخلّــصْ منَ الجمـاجم المُخيفـةِ التي تكدِّسُهـــا تحــتَ سريركَ

منــذ مئــات العصــور

و منْ آلاف المــلائكةِ الذين يطوفــونَ حولــكَ

دونَ وظيفــةٍ محــددةٍ

و تخلّصْ أيضـــاً من حبّــكَ القــديم للتــراتيل

و الميثولوجيـــا

و منْ ألاعيبــكَ المفرطــة.

نبــوءةٌ قــدْ تحققــتْ

تأكــدْ يا صديــقي

الذي ينــامُ على أريكــةِ الصُحــف

و الإعــلانات

و الــذي لا يغــادرُ غرفــةَ التلفــزيون المحــليّ

إلاّ لتنــاولِ وجبــةٍ سريعـــةٍ

أو اصطيـــادِ غــانيةٍ ريفيــةٍ

ســوف تختــارُكَ الحقــولُ و مــزارعُ النــارنج

بلا منافــسٍ

كي تكـونَ خيــالَ مآتتهـــا الجـديد

في العصــور المقبلـــة.

لـنْ أقــولَ لــه

لـنْ أقــولَ لــه إنْ استــدعاني إلى أقاليمـــه

أنَّ جرائمــي ضئيلـــةٌ جــداً

بالقيــاس

إلى جرائمــه.