أصدر المركز القومي للترجمة النسخة العربية من موسوعة أكسفورد في البلاغة. والموسوعة هي الأضخم والأشمل من بين الموسوعات الحديثة المخصصة لعلم البلاغة، وقد صدرت في نسختها الورقية في العام 2001، وفي نسختها الإلكترونية في العام 2006.
شارك في تأليف الموسوعة نخبة من أبرز البلاغيين في العالم المعاصر. وضمت قائمة المترجمين العرب الأساتذة د. بدر مصطفى د. حجاج أبو جبر، د. حسام أحمد فرج، د. خالد توفيق، د. مها حسان، د.عزة شبل، د. عماد عبد اللطيف، د. محمد الشرقاوي، د. محمد فوزي الغازي، د. محمد مشبال، د. مريم أبو العز. وأشرف على ترجمة الموسوعة وقدَّمها الدكتور عماد عبد اللطيف، أستاذ البلاغة وتحليل الخطاب بجامعة القاهرة وجامعة قطر، واشترك في مراجعتها مع د. مصطفى لبيب.
تقع الترجمة العربية للموسوعة في ثلاثة مجلدات وتتضمن أكثر من مائتي مدخل، وتقدم معلومات وافرة عن آلاف المفاهيم والمصطلحات والظواهر والكتب والمدارس والشخصيات وثيقة الصلة بالبلاغة. وتعالج مدىً واسعًا من الموضوعات التي تقع في صلب علم البلاغة أو تتقاطع معه أو تتماس به. تقدم الموسوعة صورة دقيقة ومفصَّلة وطازجة للبلاغة في ماضيها وحاضرها، موليةً اهتمامًا متميِّزًا للآفاق التي ترتادها في الوقت الراهن، وتلك التي يمكنها ارتيادها في المستقبل.
ذكر الدكتور عماد عبد اللطيف في مقدمته للموسوعة أن الفترة الزمنية التي تغطيها تمتد لأكثر من ثلاثة آلاف عام؛ ويتوازى هذا الامتداد الزمني الشاسع مع امتداد جغرافي مماثل؛ فقد مُثِّلت البلاغة في قارات العالم القديمة والجديدة، كما شارك في تأليف الموسوعة باحثون من أقطار العالم المختلفة.
تقدم الموسوعة دراسات معمَّقة لأبرز المفاهيم والمصطلحات والتوجهات البلاغية التقليدية. فهناك مداخل خاصة بمبادئ البلاغة أو قوانينها (الابتكار، والترتيب، والأسلوب، والحافظة والإلقاء) وأنماط الأدلة المستخدمة في الإقناع، وأنواع الخطابة، والمحسنات البلاغية، والعلوم التقليدية ذات الصلة؛ مثل الفلسفة والمنطق والشعر والنحو والقانون والسياسة. وقد حافظ المؤلِّفون على الطابع الأصلي لهذه المعرفة الكلاسيكية، فاحتفظوا بأصول المصطلحات اليونانية واللاتينية..، ووضعوا بعضها في صدارة عناوين مداخل الموسوعة. كما تضمنت الموسوعة مداخل عن أنواع بلاغية غير تقليدية، مغايرة على نحو كبير للأنواع التقليدية التي درستها البلاغات القديمة. من هذه الأنواع: الحملات الانتخابية؛ والأجناس الأدبية المهجنة؛ والنصوص المدمجة؛ والحركات الاجتماعية؛ والاتصال التقني؛ وبلاغة العرض والإيضاح. كما خصصت الموسوعة مقالات لبلاغات المهمشين؛ فأفردت مدخلاً للبلاغة الأفرو-أمريكية، عالج بلاغة السود في المجتمع الأمريكي، ومدخلاً للبلاغة النسوية؛ تناول ملامح بلاغة حركات الدفاع عن المرأة في العصر الحديث.
كذلك اهتمت الموسوعة اهتمامًا كبيرًا بظواهر معاصرة مثل الجماهير الغفيرة والجمهور الافتراضي وبلاغة صفحات الإنترنت وبلاغة الصورة والفكاهة والموسيقى والفن والألوان. وفي الحقيقة فإن الاهتمام براهن الدرس البلاغي في العالم أحد نقاط التميز الأصيلة لموسوعة أكسفورد في البلاغة؛ فهي تقدم لنا معرفة فاحصة حول مسائل بلاغية راهنة، تهمُّ القارئ العربي، وتكاد تحظى من الدارسين العرب باهتمام محدود أو نادر. ويُتوقع أن تُحدث الموسوعة تأثيرًا كبيرًا في واقع الدرس البلاغي العربي الراهن.