نظمت جمعية القلم لنساء ورجال التعليم بمدينة الصويرة حفل توقيع كتاب "ابريد ن تزوري" (مسلك الفن: صالح الباشا نموذجا) بمشاركة الأساتذة: محمد المستاوي ومحمد أوبيهي وخديجة بريجة وتقديم الاستاذة نعيمة مارس وبحضور الفنان صالح الباشا، وذلك يوم السبت 26 دجنبر في الساعة الخامسة بعد الزوال بمتحف سيدي محمد بن عبد الله بمدينة الصويرة.
يشير الأستاذ المصطفى أدجان في مقدمة الكتاب إلى أن هذا الإصدار يساهم في إبراز أهمية الفن الأمازيغي داخل فسيفساء الثقافة المغربية ورسوخه في سفر التاريخ منذ الأزل، بالإضافة إلى مساهمته في التوثيق لهذا الفن في الكتب حتى لا يطاله النسيان.
ويضيف قوله: إن هذه التجربة الرائدة للأستاذ حسن هموش في عالم التأليف حول الأغنية الأمازيغية، من خلال كتابه "اَبْرِيدْ نْ تْزُورِي" (مسلك الفن) بصفة عامة، ودراسته لمسار صالح الباشا الفني نموذجا خاصا، تجعله ينفض الغبار عن الأغنية الأمازيغية، ويعرفنا عن قرب، بهذا الفنان "صالح" الذي شكل أيقونة بارزة في عالم الأغنية الأمازيغية، من خلال تناوله لقضايا متنوعة العاطفية منها والقومية، حيث يعتبر صالح الباشا من الفنانين الكبار في المغرب، وإذا لم أبالغ، في شمال إفريقيا، إذ لا يخلو بيت من بيوت المغاربة من أسطوانة غنائية لهذا الفنان، مرفقة بصورته كشاهد على مدى حبهم له، بل إن أسطوانات صالح تعد من المقتنيات الضرورية عند جل العائلات المغربية، خاصة في منطقة حاحا، حسب احد الباحثين.
ويؤكد المصطفى أدجان أن هذا العمل الإبداعي جاء ثمرة مجهود جبار، من خلال البحث الميداني والنظري الذي قام به حسن هموش حول الأغنية الأمازيغية عامة، ونبشه في حياة الفنان صالح الباشا الشخصية والفنية خاصة، كي يخرج وثيقة فنية وتاريخية تضاف إلى الخزانة الأمازيغية المكتوبة.
ويكشف المؤلف الأستاذ هموش في كلمته الاستهلالية عن جوانب من سر تعلقه بالثقافة والفنون الأمازيغية عموماً وبأغاني صالح الباشا خصوصاً، فيقول: "استهوتني البادية منذ نعومة أظافري، وتعلمت اللغة الأمازيغية على ٳثر زياراتي المتكررة للعائلة بمنطقة حاحا بــ"ٳداوكرض"، وطبيعي جدا أن أعشق فن الروايس الرواد الذين كانوا بعد عصر كل يوم يؤلفون حلقات لهم بباب مراكش بمدينة الصويرة بداية سبعينيات القرن الماضي، وغير بعيد عندما تلقت مسامعي أغاني الشاعر صالح الباشا، ربما لقرابتي معه، فأعجبت بها، لأن روائعه تجمع بين البساطة والبلاغة، بين الأصل والحداثة، بين الواقع والخيال. يرتكز لحنه على أسلوب غاية في الروعة والجمال؛ أما شعره فيندهش له كل ممعن للنظر فيه، لما يحمل من أغراض الشعر المتعارف عليها، فمنه ما هو ديني ووطني، وجله غزلي تنصهر فيه كل المعاني والقيم الإنسانية، يستحضر فيه يومياته وتجاربه العاطفية، ليمدها بسخاء حاتمي لكل عاشق لهذا الفن العريق والأصيل، فيجد هذا الأخير ذاته قد اندمجت معه اندماجا تاما.
ويتابع قوله: "دعاني كل هذا، لآخذ قلمي، وأكتب هذه الشذرات التي بين يديك، أخي القارئ لتوثيق السيرة الذاتية للباشا صالح، لعلك تجد في هذا السفر الفني ما يستفزك ويشعرك بانتمائك أو ربما ليفسح لك المجال للتقرب من الثقافة الأمازيغية."
أما عن منهجية الكتاب وأسلوبه، فيقول موضحا: "لقد اعتمدت في هذا البحث المتواضع أسلوبا حواريا استهدفت من ورائه استعراضا كرونولوجيا تاريخيا لحياة هذا الشاعر المتميز، وقد قسمته بعد هذه المقدمة إلى مدخل يتحدث بعجالة عن أهم مصادر الشعر الأمازيغي، يليها محور ثان يتحدث عن سيرة الفنان الشاعر الذاتية، بعدها بعض من روائعه كنموذج للشعر الأمازيغي المؤثر والهادف، وذيلت كل هذا بخاتمة."
الجدير بالذكر أنه كان للكاتب والفاعل الجمعوي حسن هموش الفضل في إخراج بعض الأعمال القيمة إلى حيز الوجود فكرة وإنتاجا، منها: "الامتداد الأزرق" الذي أرّخ لرحلة المغامر العربي بابامار، فضلا عن الديوان الشعري "رَابْ الحِيطْ عَلَى ظَلُو" للشاعر الزجال عبد الرحمان الحامولي، ناهيك عن أعمال في مجالات متنوعة أخرى.