في شَوَارِعِ ذاكِرَتي يَمْتَدُّ نَهْرٌ
على نوَاصِيهِ تَسْتَلْقِي بَضَائِعُ أَفْكَارٍ شِرّيرَة ،
فَأُجَرِّبُني لَئيمَةً ،
مرَّةً أُرْخِي المَاءَ كَيْ لاَ تَعْبُرَ خِرَافُ الرَّاعِي
وَ مَرَّةً أُخْفِيهِ لِكَيْ تَتَعَرَّى الأسْماكُ ،
وَكثيرًا ما أطْوِي الطَّريقَ في جَيْبِي
لتِتُوهَ السّلاحِفُ عنْ مواسمِ بُيُوضِهَا ،
أحْيانًا أُجَرِّبُ مَكْرِي
فأُدْلِي سِتَارًا أمامَ وَجْهِ القمرِ لِيَكُفَّ عن إبتزازِ الشّمْسِ
أوْ أَرْسُمَ نَوَاِفذَ في السَّمَاءِ
ثُمّ أُغْلِقُهَا عمْدًا لِتَعْجَزَ النُّجُومُ عن فَهْمِ مَجَازِهَا
و إِنْ لَزِمَ الأمْرُ أقْتَلِعُ أزْهَارَ ثَوْبِي
أُسَمِّمُهَا فَتَرْكُضُ مَجْنُونَةً نحْوَ أَحْشَاءِ الأرْضِ،
و بِوِشَايَةٍ كاذبَة أُحَرِّكُ دَعْوَى لِصَالِحِ قُطَّاعِ الطُّرُقِ
فَيَنْتَصِرُونَ كَالطَّفْحِ الجلْدِيِّ وَيَظْلِمُونَ الحَصَى
وَ النّهرَ
و الأشجارَ
و الأفكارَ
والحبَّ
و الصّمتَ
و الشِّعرَ
ويحتفلُونَ بكَنْسِ كلِّ جُثَثِ الأحْلامِ التّي سَقَطَتْ مِنْ رَحِمِي
أَوَانَ تَبَادُلِ الأدْوارِ مع الوهمِ،
و شمَاتَةً في المنطقةِ الوُسطى، أينَ لا رُجوعَ لِورَاءٍ ولا ضوْءَ لأمامٍ،
أُجَرِّبُنِي لَئِيمةً أكثرَ
وأصْنَعُ قارِبًا من ورَقِ قصِيدَةٍ لمْ تَكتمِلْ .
القارِبُ يَغْرَقُ فِي حَلْقِي
وامْرَاَةُ ذِهْنِي تَلْعَنُ النّهرَ والشِّعْرَ،
مُمْتَلِئَةً بالكذِبِ، شَاسِعَةً كَخَيَالِ سمكةِ أَوّلِ إبْرِيل .
( تونس )