يرسم الشاعر المغربي محمد بلمو سيرة شعرية لطفلة تعيش صراعا مريرا بين الحياة والموت، ولارتباط وجداني خاص، استطاع الشاعر أن يحول لحظة اليأس والخذلان والمرض الى حالة للانعتاق والأمل. هذا الضوء هو ما يرسمه الشاعر كنداء إنساني أقرب الى "مونولوج" يتردد صداه في محاولة لاستنهاض همة "أريج" وهي تصارع لآخر رمق أملا في الحياة.

عُودِي أَرِيجُ كيْ نَرْقُصْ

محمد بلمو

شَقْشَقاتُ سِرْبِ العصافيرِ

أَرِيجْ

فَوْقَ رَبْوَةِ رَبيعٍ

تَفوحُ

رَوائِحُكِ

أريجُ

ما أجملكِ

ما أجملكْ

تَرْضَعينَ مِنْ ثَدْيِ أمِّكِ

تَلْعَبِينَ

تَبْتَسِمينْ

تَنامينْ

مِثْلَ مَلَكْ

 

وَالآنْ

منْ سَأَحْمِلُ خَفيفٌا على كَتِفَيْ

لِنُشْعِلَ الْبَهْوَ رَقْصًا وأُغْنِياتْ

والآنْ

مَنْ يَنْتَشِلُنِي

مِنْ ضَبابِي

مِنْ عَذابِي

مِنْ غِيَابِكِ المُرِّ

وَتْسُونامِي الحَنينْ

 

والآنْ

أَينَ أَنتِ صَغيرَتِي

 

على سَرِيرِ مَشْفَى

في غَفْوَةٍ مُدجَّجةٍ

بالسِّيرومِ

والأَنينْ

 

منْ ذا الجبانُ الدَّنِيءْ

كيْ يُباغِتَكِ بِالأوْجاعِ

وأنتِ مَحْضُ بُرْعْمٍ

هشٍّ

بَرِيءْ

 منْ ذا الجَبانُ الدَّنِيءْ

 

لَيْسَ نَحْلةً تبحثُ عن رحيقٍ

ليسَ فراشةً يُغْرِيها ضَوءْ

ليسَ لُغمًا

ولا حِزامًا ناسِفًا 

يَلْهُو بِهِ الحُقَراءُ فِي الطّريقْ

 

منْ ذا الجَبانُ الوَغْدُ

اسْتَباحَ أرْضَكِ الغَضّةَ

عَبثَ بأغصانِكِ الصَّهدُ

خَبَا هَدِيلُ حَمامِكِ

انْدَحَرَ الوردُ

 

مَنْ ذا الذي لَمْ يُمْهِلْكِ

 أَرِيجُ

الْبَعِيدةُ

فِي دَمِي
فِي فَمِي

كَيْ تَفْهَمِي

كَيْ يَنْضُجَ عُودُكِ

لِتُقَاوِمِي

 

مَنْ ذا الذي لَمْ يُمْهِلْكِ

أَرِيجُ

 البَعيدَةُ

فِي القَصيدَهْ

كيْ تُطْفِئي شَمْعَتَكِ الأولَى

كيْ تَحْبوِي بِانْتِشاءْ

كيْ تَتعلَّمي المَشْيَ رُوَيْدا

كيْ تتَدرَّبِي على الُّلغةِ

كيْ تَبْتسِمي عِندَ كُلِّ حَرْفٍ

كَمَنْ يكْتشِفُ أقْمَارًا

شُمُوساٍ جَدِيدةْ

 

منْ ذا الذي لَم يُمْهِلْكِ

أَرِيجُ

البَعيدَةُ

 وَراء َالقِمَمْ

كيْ يَسْقي أَلَمِي المُعَتَّقَ

 الأبَدِيَ

بالمَزيدِ مِنَ الألمْ

كيْ يَسيحَ دُمٌ آخرْ

بَريءٌ

شَريدٌ

شهيدْ

في شَوارِعِ الأُمَمْ

 

أَرِيجُ

البَعيدةُ

البعيدَة ُ

في الضِّياءْ

مَنْ ذا الذي لَمْ تُوقِظِ

في رُوحِهِ سُؤالَ السَّماءْ

هلْ يتَحمّلُ بُرعُمُكِ

البنْجَ والّليزَرَ والكِيميَاءْ

فَلْأَبْكِ

مِلْءَ الأَرْضِ

وَلْتَبْكِ الجِبالُ

والشَّلَّالُ

والمَاءُ العذْبُ الزُّلالْ

 

كم عليكِ أنْ تَصْمُدِي

أَرِيجُ

كيْ تَحْبُوِي

كَيْفَ تَحبوِينْ

كَيْفَ تَلهُوِينْ

كَيفْ

 

كمْ عليكِ أنْ تَصْمُدِي

أَرِيجُ

كيْ تتَعَلَّمِي المَشْيَ واللُّغاتْ

كيْ تَعُودي لِلُعَبِكِ الثَّكْلَى

 كيْ تَنْسُجِي لُعْبَةً جديدةٌ

معَ الفَراشاتْ

 

كمْ عليكِ أنْ تَصْمُدِي

أَرِيجُ

كيْ تَصْمُدِي

كيْ لَا يَقتُلَنِي

كَمَدِي

كيْ لا يَسْتسْلِمَ

كَبِدِي

وَأَنَا الصَّبورُ اللَّدودُ المَنْبوذُ العنيدُ الأَجِيرُ المُؤقَّتُ

الْعَارِي

كمْ يَلْزمُكِ

أَريجُ

مِنْ قُبلَةٍ

كيْ تَنْتَعِشَ أَوْتَارُ

قِيثَارِي

كمْ يَلزمُكِ

أَرِيجُ

مِنْ بسمةٍ

كيْ تَخْبُو

نَارِي

فَلأبْكِ

مِلْءَ الأَرْضِ

ولْتَبْكِ الجِباَلُ

والشَّلَّالُ

والمَاءُ العذْبُ الزُّلالْ

 

عُودِي

أَريجُ

عُودِي

لِنرْقُصَ معًا

فِي البَهوْ

 

شاعر من المغرب