يمر هذا الشتاء
لا كانون لا قانون لا رماد
في المنسي
أشباح تمر كالسراب
لا حزنها يعنيكِ، ولا ألمها، ولا طيب الرضاب.
لا عضلة قلب ترتجف
لا نبض ذاكرة يُسمَع له رنين.
* * *
في المنسى
يتلاشى الحب الكره الحقد. . .
فما من ذاهب الى إياب
فقط بعض ومضات مُجرِّحة تنوس بعتاب
* * * *
يمر هذا الشتاء وقد خلا المراح من الخراف والعجول.
هرولوا فرادى. . .
خطفهم بريق نجمات تلمع في الأفق البعيد.
كم أقلقكِ تيههم!...
كم تخوفت عليهم من غراب ناعب
وشراك ذئب منصوب في الطريق.
كم أسهدك قلق،
كم دققت صدراً
كم تضرعت ونذرت بخوراً ليأوبوا سالمين!..
* * * *
جاء شتاؤك فخففي الوطء على هذا الخافق الوجيب
مَرِّني القلب على عض الوجع
مرِّني العين على التخلي
مرِّني السمع على صد الصراخ والأنين.
* * * *
جاء شتاؤك فتدثري بصقيعه فليس بعده من ربيع.
إحملي اعوامكِ التسعين
وما نسجته من حب وعشق وود وعطاء جميل،
إلى كهف الصقيع
دَثِّري بها جسد وَهَنَ وذهن تراخى
وغصة خفتت
واستريحي من كل عبءِ حبٍ، توقٍ، لهفةٍ، قلقٍ، حزنٍ، خيبةٍ
في قطيع تخلى
* * * *
مرّني النفس على صبر الانتظار
حَصِّني النفس من وباء المقابل
أقصري اليد عن قبض البديل.
صلي،
إن كان في الصلاة عزاء،
كي يكون فصل شتاؤك
أقل صقيعاً،
أقل حسرة على غبن السنين
وأرحم وخزا في الضمير
* * * *
أنتِ لسْتِ وحدك في كهف المنسى المعتم العقيم
كانوا قبلك وسيكونون بعدك
أنتِ مثلهم لهثْتِ خلف لامع
جَنَيْتِ عسل نحل ولسع دبابير
وسهَوْتِ عمن سبقوك إلى فصل الصقيع...
سدني استراليا
الأربعاء، 10 آب، 2016