هي لحظة مفعمة بالعديد من الأحاسيس المركبة، تلك التي يشكلها الشاعر الفلسطيني المغترب حسن العاصي في قصيدته هنا.. ولأنها كذلك، فالشاعر يبحث عن طريقة للخلاص من هذا الأرق المتواصل جاعلا من إحساس الحب توقا للنجاة.

سهد يستعذب الأرق

حسن العاصي

أسدلت رمشها بمكر
كمن شاقه الظمأ

قالت
هل جفَّ نبع غزلك
ونال السّهد قافيتك
أين غرامك يا وليفي
فيمن شُدَّ عليك هواها

قلت
لم يزل قلبي
رغم سقم العشق
كحصان جامح
كطير واسع الجناحين
مفتون يقطف جذوة الحب
تقطر ولها
قالت
رفقاً بقلبي
فإنه يعلل الصبر بالصبر
قلت
رغم تسامري والغرام
بين زهرة و زهرة
كأنِّي ربَّان البساتين
لكنَّني بين الحسناوات بيدق

أنا الذي عهدي والهوى وثيق
ولي منه ثلاث
وجد كطوق الجمر يضيق
وسهد يستعذب الأرق لصيق
وكأس مرّ الشوق يريق
وثلاثون صوماً متّقدة بالظمأ
تُقيدني بأغلال التشويق
وتُسقيني من كرز الحُسن
شراب عذب
كأنه الخمر العتيق

قلبي كالماء
قالتها مبتسمة
وأدارت وجهها نحوي
احترت أنا في التفسير
كمطر محلّى هي...
أم مثل ظمأ الحقول
أو تشتاق لقبلة بيضاء
قلتُ معتداً
مزاجي لون الزهر
تلونت عيناها
امتلأ بالعشب وجهها
اقتربت نحوي
لم يبقى من الوقت
سوى احتراق وقطاف
وقاب غواية أو أدنى
التحفت لهفتها
أوصدت الدائرة علي
ومضت

حين تتلو بلونها الغجري
تعاويذ الأغصان
وتثمل المرايا
في خرائب الانتظار
أفتح نافذة في جسدي
وأبحث عن بساط الوقت
وحين تصطفي النهر
فانوساً فوق ضفاف المقام
أفتح نافذة في الجدار
كي يمر الصباح
ثم أغفو..

 

كاتب فلسطيني مقيم في الدانمرك