احتضن المركب الثقافي بني ملال في إطار مشروع توطين فرقة مسرح أرلكان، ضمن البرنامج الفني والثقافي والتنشيطي للفرقة والحلقة الثانية لسلسة الندوات المركزية، السبت الماضي (24 شتنبر) ندوة "المسرح والإعلام" وهي الندوة التي عرفت مشاركة لفيف من الأساتذة ينتمون لحقل الاعلام والمسرح (عبدالحق ميفراني، عبدالله المعاوي، سعيد غيذا، رشيد آيت عبدالرحمان). الندوة حاولت على امتداد المداخلات تفكيك هذه العلاقة المركبة بين المسرح والإعلام، من خلال تقديم أوجه التفاعل التي صاغت هذه العلاقة عبر امتدادها التاريخي.
كما سعت هذه الندوة تأمل مسارات وتقاطعات حضور المسرح في الإعلام، وقدرته على تحقيق وتداول الفرجة المسرحية وتشجيعها والتأثير في الرأي العام الوطني. كما توقف المتدخلون عند طبيعة الممارسة المسرحية في بلادنا في علاقتها بالمشهد الإعلامي المغربي، على ضوء التطورات والتحولات التي حدثت مؤخرا.
وقد تناول الكاتب والمسرحي عبدالله المعاوي علاقة النقد المسرحي بالإعلام، من خلال جرد لتشكلات الخطاب المسرحي المغربي على امتداد الممارسة المسرحية، وأيضا من خلال تقديم وثائق وصور للعديد من خزان الذاكرة الإعلامية التي واكبت الحركة المسرحية المغربية. غير أن المسرحي المعاوي حدد زاويتين لمعالجة موضوعه، الأولى ترتبط بالإعلام المناضل والمكافح الذي أسهم في مرحلة حددها المعاوي في 70 و80 من القرن الماضي، وزاوية تتعلق بتجربة مسرح الهواة الخصبة بروافدها والتي أصلت المسرح في الحياة المغربية.
حدد الناقد المعاوي اتجاهات النقد المسرحي بمرجعياته (الانطباعية والايديولوجية والنقد الصحفي والتاريخي)معتبرا أن تجربة مسرح الهواة هي الموطن الأساسي لهذا النقد، بل ذهب المعاوي الى الحديث عن توقف حراك هذا النقد لحظة خروج مسرح الهواة من جلباب الشبيبة والرياضة. الكاتب رشيد آيت عبدالرحمان تناول علاقة المسرح والتلفزيون، وانطلق من تعريفات تحدد مفهوم المسرح والإعلام والتلفزيون من خلال جرد نشأته. كما قدم البرامج التلفزيونية التي تخصصت في المسرح، بدء من برنامج "أنفاس مسرحية"، و"مسارح"، و"على الخشبة" بموازة حضور برامج ثقافية متنوعة ك(مشارف، صدى الإبداع، الناقد، 60 دقيقة للفن).
وذهب الصحفي سعيد غيدة الى تحديد العلاقة الملتبسة بين المسرح والإعلام العمومي، هذا الأخير التي ينطلق من أجندة محددة. معتبرا أن الإعلام العمومي يسهم في تقديم صورة نمطية عن المسرح، من خلال اختياره لعروض تنتصر للانهزامية والنكوص. وإذا كان المسرحي يسوق لمجموعة من القيم الإنسانية، فالإعلام العمومي يذهب في اتجاه تشجيع المسرح "الشعبوي القائم على التهريج".
وسيتواصل برنامج التوطين فرقة مسرح أرلكان بالمركب الثقافي بني ملال بسلسلة توقيعات ولقاءات، حيث يلتقي جمهور دار الثقافة ببني ملال يوم السبت1 أكتوبر 2016 على الساعة السابعة مساء، مع حفل توقيع كتاب المسرحي محمد بن إدريس الكاتي "دارها البوعزيزي". في استعادة لأولى شرارة ثورة الياسمين التونسية المجيدة والتي شكلت انطلاق "الربيع العربي". ويلتقي الجمهور يومي 30 شتنبر و1 أكتوبر على الساعة الثامنة والنصف مع عرضين جديدين لمسرحية "برلمان النساء"، المسرحية من تأليف أرسطوفان إعداد وإخراج الدكتور ابراهيم الهنائي وتعرف مشاركة نخبة الوجوه الفنية المعروفة: عبداللطيف خمولي وعبدالرحيم المنياري وسعاد خيي الى جانب رشيدة نايت بلعيد وابتسام كمال وصرح الحمليلي.
المسرحي عبدالمجيد شكير يرسم ملامح مسرح بيتر بروك
ويؤطر ورشة الإخراج المسرحي
في إطار مشروع توطين فرقة مسرح أرلكان بالمركب الثقافي بني ملال، يتواصل البرنامج الفني والثقافي والتنشيطي من خلال مواصلة التكوين المسرحي وتقديم حلقات تجارب رائدة وتقديم لعروض جديدة من مسرحية "برلمان النساء". فضمن سلسلة تجارب عالمية رائدة، قدم المسرحي الدكتور عبدالمجيد شكير برنامج الحلقة الثانية والذي خصص لتجربة مسرح بيتر بروك، وذلك يوم السبت 17 شتنبر 2016 على الساعة الثامنة مساء بدار الثقافة بني ملال. هذا اللقاء الذي حضره نخبة من الفنانين والوجوه الفنية والجمعوية والاعلامية بالمدينة، شهد مداخلة للمسرحي شكير التي لامست السمات والملامح الكبرى لتجربة هذا المسرحي العالمي الرائد والذي أثر بتجربته الخصبة في المسرح العالمي.
تجربة بيرت بروك الرائدة والملهمة للعديد من التجارب المسرحية العالمية، شكلت على الدوام "ظاهرة" مسرحية ومشروع متواصل في البحث المسرحي يتجدد باستمرار. ويعتبر بيتر بروك، صاحب "نظرية المساحة الفارغة"، من أهم المسرحيين اليوم في العالم، لدرجة أن الكثير يعتبرونه أخر عمالقة المسرح العالمي الأحياء ومن المخرجين الذين امتلكوا الأدوات الفعلية لإعادة التفكير في العرض المسرحي وتقنياته الى حد الذي دفع بمفهوم المسرح الى أقصى درجاته.
وضمن برنامج التكوين المسرحي، أطر المسرحي عبدالمجيد شكير ورشة الإخراج المسرحي، والتي تندرج ضمن سلسلة ترسيخ للثقافة المسرحية بالمنطقة وتنمية للمهارات وصقلها والدفع بها الى مرحلة الإبداع. وهكذا انفتحت الورشة بدار الثقافي بني ملال يومي 17 و18 شتنبر 2016، للمستفيدين الذين انخرطوا برغبة تنمية مهاراتهم في تقنيات الإخراج المسرحي.